الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلمة "عن" توصل بكلمة "ما"، إلّا قوله سبحانه:{عَنْ مَا نُهُوا عَنْه} .
وكلمة "إن" بالكسر، توصل بكلمة "ما" التي بعدها، إلّا قوله سبحانه:{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّك} .
وكلمة "أن" بالفتح، توصل بكلمة "ما" مطلقًا من غير استثناء.
وكلمة "كل" توصل بكلمة "ما" التي بعدها، إلّا قوله سبحانه:{كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَة} ، {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوه} .
وتوصل كلمات "نعمَّا، وربما، وكأنما، ويكأن" ونحوها.
قاعدة ما فيه قراءتان:
خلاصتها: إن الكلمة إذا قرئت على وجهين، تُكْتَب برسم أحدهما، كما رُسِمَت الكلمات الآتية بلا ألف في المصحف، وهي:
"مالك يوم الدين، يخادعون الله، وواعدنا موسى، تفادوهم"، ونحوها.
وكلها مقروءة بإثبات الألف وحذفها.
وكذلك رسمت الكلمات الآتية بالتاء المفتوحة، وهي:
{غَيَابَةِ الْجُبِّ} ، {أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ} في العنكبوت.
{ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} في فصلت.
{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} في سبأ.
وذلك لأنها جمعاء مقرءوة بالجمع والإفراد.
وغير هذا كثير، وحسبنا ما ذكرنا للتمثيل والتنوير.
مزايا الرسم العثماني وفوائده:
التمس العلماء مزايا لخروج الصحابة عن الخط المألوف في كتابه المصاحف إلى خط آخر يختلف عنه بعض الشيء في نسخ المصاحف التي أرسلوا بها إلى الأمصار، ونقَّبوا عن الحكمة من هذا الصنيع المتقن الذي يدعو إلى الإعجاب، وحاولوا أن يتعرفوا على فوائد هذا الرسم في خدمة القرآن والقرَّاء، فذكروا بعد التحري والبحث فوائد كثيرة، أذكر منها هنا ما أراني مقتنعًا به، فأقول:
الفائدة الأولى: إن هذا الرسم قد اشتمل في جملته على القراءات الصحيحة بوجوهها المتشعبة.
فقد حاول الكُتَّاب رضي الله عنهم قدر طاقتهم أن يكتبوا الكلمة إذا كان فيها قراءتان أو أكثر بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو الأكثر.
فإن كان الحرف الواحد لا يحتمل ذلك -بأن كانت صورة الحرف تختلف باختلاف القراءات- جاء الرسم على الحرف الذي هو خلاف الأصل، وذلك ليُعْلَمَ جواز القراءة به وبالحرف الذي هو الأصل.
وإذا لم يكن في الكلمة إلّا قراءة واحدة بحرف الأصل رُسِمَت به.
"وقد مثَّلَ الزرقاني بعد أن ذكر هذه الفائدة للكلمة تكتب بصورة واحدة، وتقرأ بوجوه متعددة، قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَان} .
رُسِمَت في المصحف العثماني هكذا: "إن هدن لساحران" من غير نقط ولا شكل، ولا تشديد ولا تخفيف في نوني "إن، وهذان" ومن غير ألف ولا ياء بعد الذال من هذان.
ومجيء الرسم، كما ترى، كان صالحًا عندهم لأن يقرأ بالوجوه الأربعة التي وردت كلها بأسانيد صحيحة.
أولها: قراءة نافع ومن معه، إذ يشددون نون "إن"، ويخففون "هذان" بالألف.
ثانيها: قراءة ابن كثير وحده؛ إذ يخفِّفُ النون في "إن"، ويشدد النون في "هذان".
ثالثها: قراءة حفص إذا يخفف النون في "إن" و"هذان" بالألف.
رابعها: قراءة أبي عمرو بتشديد "إن"، وبالياء وتخفيف النون في "هذين".
فتدبَّر هذه الطريقة المثلى الضابطة لوجوه القراءة؛ لتعلم أن سلفنا الصالح كان في قواعد رسمه للمصحف أبعد منَّا نظرًا، وأهدى سبيلًا" أ. هـ.1.
وقد أورد صاحب اللآلئ الحسان على ما ذكره صاحب المناهل سؤالين فقال:
1-
هل كان سلفنا الصالح، كُتَّاب مصحف عثمان، يعرفون النقط والشكل، فآثروا تركهما لتصح القراءات؟.
وإجماع المؤرخين كما نقل الشيخ الزرقاني نفسه أنهم لم يكونوا يعرفون عن الشكل شيئًا.
2-
هل اتبعت هذه القاعدة في الرسم العثماني في المصحف كله، أو في بعض الكلمات دون بعض؟
الواقع هو الثاني: وإلّا لكتبت كلمة "الصراط" بغير الصاد.
فلو أنهم يقصدون هذه الفائدة لعمَّموها"2.
1 انظر مناهل العرفان ج1 ص366، 367.
2 ص75، 76.