الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأصح -كما قلنا من قبل- ما أفتى به الأئمة الأربعة وغيرهم من السلف الصالح -رضوان الله عليهم، للأسباب التي ذكرناها، وإن كان لقول الباقلَّاني والعز بن عبد السلام وجاهته من حيث إن المصلحة العامة تقتضيه في العصور التي انتشر فيها الجهل، ولكن الأولى أن نتمسَّك بما تمسَّك به السلف الصالح؛ لأنهم أعلم منَّا بمصالح العباد وسنن الاتباع.
وإن رسم المصحف على هذا النحو الذي كان عليه في عهد عثمان رضي الله عنه يمثِّلُ لونًا من ألوان التراث الديني، ويُعْتَبَرُ برهانًا صادقًا على مدى عناية المسلمين بكِتَاب ربهم نطقًا وكتابة.
وهو ظاهرة يتميز بها المصحف من غيره، فيجب أن تبقى كما هي.
ومن يدري لعل في هذا الرسم أسرارًا خفيت علينا، ربما يظهر لنا شيء منها بالدراسة والتمحيص.
ومحو هذه الظاهرة تضييع لهذه الأسرار، ومحو لهذه الآثار التي توارثها الأجيال جيلًا بعد جيل.
موقف السلف من تفسير ظواهر الرسم
مدخل
…
موقف السلف من تفسير ظواهر الرسم:
الرسم العثماني للمصحف يختلف عن الخط الإملائي في بعض ظواهره لا في جميعها كما هو معلوم.
فقواعد الإملاء رسم قياس، يأتي الحرف فيه موافقًا للفظه، بخلاف الرسم المصحفي، فإنه لا يطَّرِدُ هجاؤه على وفق القواعد التي وضعها الكُتَّاب بعده بزمن غير بعيد، ولا يُقَاس عليه غيره.
وقد ظلت تلك الظواهر الكتابية التي لم تخضع لقواعد الهجاء المستحدثة في جميع أحوالها محل نقاش، ومثار تساؤل، فاختلفت وجهات نظر العلماء في تفسيرها، وتناقضت مواقفهم -أحيانًا- منها، حتى إن بعض العلماء حمل تلك الظواهر على خطأ الكاتب في الكتابة، وذهب آخرون إلى أنها توقيف، وأنها تخفي من الأسرار الباطنة ما لا يُدْرَك إلّا بالفتح الرباني.