الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدوات القسم:
أدوات القسم هي: الباء، والواو، والتاء، أما الباء فهو أصلها، ولهذا خُصَّ بأحكام منها:
1-
ذكر الفعل معه، مثل:"أقسم بالله لتفعلن".
2-
دخوله على الضمير مثل: "بك لأفعلن".
3-
القسم الاستعطافي مثل: "بالله هل قام زيد؟ ".
أي: أسألك بالله مستحلفًا.
وأما الواو فإنه يجر الاسم الظاهر، ولا تتعلق إلّا بمحذوف يُقَدَّر بنحو:"أقسم، وأحلف".
وأما التاء فإنه يختص باسم الله تعالى، فلا يُقَالُ تالرب، ولا تالكعبة.
وورد قليلًا قولهم: تربى، وترب الكعبة، وتالرحمن، ولا يقاس عليه. والقسم بالواو في القرآن أكثر من القسم بالباء والتاء.
"وقد نبَّه ابن هشام في المغني على قاعدة يجب وضعها في الاعتبار عند الإعراب إذا ورد القسم بشيء عُطِفَ عليه مثله فقال: إن تلتها واو أخرى نحو قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} .
فالتالية واو العطف، وإلّا لاحتاج كلٌّ من الاسمين إلى جواب". أ. هـ1.
1 انظر ج2 ص361.
مقاصد القسم ومواطن العبرة فيه:
اعلم أن الله عز وجل لا يقسِمُ بشيء إلا وفيه موضع للعبرة، وموطن للعظة والذكرى، ومجال رحب للتأمُّل والنظر، وكان من ورائه مقصد يطلبه المؤمن المتدبِّر والعاقل المستبصر.
وكثيرًا ما يحمل المقسم عليه خصائص المقسَم به وسماته، فتكون المناسبة بينهما جدّ قوية، على ما سيأتي بيانه.
فقد يقسِمُ الله بالشيء لتعظيمه، أو للتهويل من شأنه، والتحذير من شره، أو للتذكير بنعمه، أو لدعوة العقلاء إلى التأمُّل فيه، والتعرُّف على أسراره، وقد
تجتمع هذه الأغراض كلها في القسَم، وقد يجتمع بعضها دون البعض الآخر، ولكن المقصد الأصيل من القسم هو توكيد المقسَم عليه وتقريره وتثبيته في قلوب العباد ليستيقنوه حق الاستيقان، على أن توكيد المقسَم عليه بالمقسَم به يُعَدُّ ضربًا من الإيجاز، فهو دائمًا يأتي بالدعوة مصحوبة بدليلها، فيوفر للقارئ منطلقًا رحبًا، ويفتح له أبوابًا واسعة للتأمل والنظر.
فلو وقف القارئ أمام آية من آيات القسم، وأخذ في تدبرها وتفهُّم معانيها، لاستطاع أن يستخرج منها عشرات، بل مئات الأدلة على صحة الدعوى وصدق المقسَم عليه، فإن المقسَم به دائمًا ما يحمل السامع على الإيمان بالمقسَم عليه قبل أن يرد على مسامعه ذكره.
فإذا قرأ المتأمل مثلًا قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} .
إلى قوله -جل شأنه: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} .
أيقن أن من بيده تصريف هذه الآيات الكونية قادرًا على كل شيء.
فالمشركون لما أنكروا الرسالة والوحدانية، والبعث والجزاء، واستبعدوا ذلك كله أيما استبعاد، اقتضى توكيد ما أنكروه، وتقرير ما جحدوه بشتَّى أنواع التوكيد، ولا شكَّ أن القسَم من أقوى هذه الأنواع، وقد جرت عادة العرب توكيد عظائم الأمور به، فجاء القرآن الكريم على وفق ما جرت به عادتهم من جهة، وللأغراض التي ذكرنا بعضها من جهة أخرى.
ففي الذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات، عظات بالغة، وآيات ناطقة بوحدانية الله تعالى وعظيم قدرته على تصريفها، وإرسالها نعمة على قوم، ونقمة على آخرين، وجعل فيها الحياة للإنسان والحيوان والنبات، وصنَّفَها وفق حكمته أصنافًا شتَّى، وجعل لكل صنف منها وظيفة كونية خاصة.
فمنها ما يذرو النبات ويحركه لينمو ويزدهر، ومنها ما يحمل السحب المثقَلَة بالماء.