المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 62 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌بابُ الأَذانِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌بابُ استقبالِ القبلةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الصُّفوفِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌بابُ الإِمامةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني والثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌بابُ صفةِ صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالثَ عشر

- ‌الحديث الرابعَ عشر

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصَّلاةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب ترك الجَهرِ ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌باب سجود السَّهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المرور بينَ يديِ المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الزكاة عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 62 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله

‌الحديث الثالث

62 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ؛ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (592)، كتاب: الأذان، باب: أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، و (595)، باب: الأذان بعد الفجر، و (597)، باب: الأذان قبل الفجر، و (2513)، كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى، و (6821)، كتاب: التمني، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم، والفرائض، والأحكام، ومسلم (1092)؟، (2/ 768)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطكلوع الفجر، واللفظ له، والنسائي (637، 638)، كتاب: الأذان، باب: المؤذن للمسجد الواحد، والترمذي (203)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الأذان بالليل.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

«الاستذكار» لابن عبد البر (1/ 405)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (4/ 27)، و «المفهم» للقرطبي (3/ 150)، و «شرح مسلم» للنووي (7/ 200)، وانظر:«شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 180)، و «العدة في شرح العمدة» لابن العطار (1/ 318)، =

ص: 36

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: الحديث دليل صريح على مشروعية الأذان لصبح قبل طلوع الفجر، وهو حجة على أبي حنيفة، ومن قال بقوله؛ من أنه لا يؤذن لها إلا بعد طلوع الفجر، ومن جهة المعنى: أنها تدرك الناس على حالة يحتاجون فيها إلى التهيؤ الزائد على تهيؤ سائر الصلوات؛ لأنهم حينئذ إما نيام أو من آثار النوم، ومنهم الجنب وغيره، هذا هو الغالب من حال العموم، فلو لم يؤذن لها إلا بعد الفجر، لفات أكثر الناس فضيلة الوقت، أو الوقت كله، لا سيما من يعسر عليه الاستبراء أو الوضوء، أو من يحتاج إلى الاغتسال حينئذ، فكان تقديم الأذان قبل الفجر منبهة للمصلي (1) للاستداد والتهيؤ بالطهارة حينئذ؛ ليطلع الفجر وقد تهيؤوا للصلاة في أول الوقت، والله أعلم.

وقد تقدم ذكر الأقوال الثلاثة في مذهبنا في وقت الأذان للصبح في أول حديث من هذا الباب.

وفيه: دليل على جواز أذان الأعمى.

= و «فتح الباري» لابن رجب (3/ 498)، و «التوضيح» لابن الملقن (6/ 351)، و «طرح التثريب» للعراقي (2/ 205)، وانظر:«فتح الباري» لابن حجر (2/ 102)، و «عمدة القاري» للعيني (5/ 129)، و «كشف اللثام» للسفاريني (2/ 178)، و «سبل السلام» للصنعاني (1/ 124)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (2/ 34).

(1)

في (ق): "للمصلين".

ص: 37

وفيه: جواز تقليد الأعمى للبصير في الوقت، أو جواز اجتهاده فيه؛ فإن ابن أما مكتوم لا بد له من طريق يرجع إليه في طلوع الفجر، وذلك إما سماع من بصير، أو اجتهاد، وقد جاء في الحديث:«وكان لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت» (1)، فهذا يدل علىى رجوعه إلى البصير، ولو لم يرد ذلك، لم يكن في هذا اللفظ دليل على جواز رجوعه إلى الاجتهاد بعينه؛ لأن الدال على أحد الأمرين مبهما (2)، لا يدل على الواحد منهما معينا (3).

وفيه: دليل على اتخاذ مؤذنين في مسجد (4) واحد، والحديث غير مشعر بالزيادة على ذلك، ونقل بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه: أن الزيادة على أربعة تكره، واستضعفه بعض المتأخرين، وكأن وجه الكراهة (5) عند القائل بها: أنه عليه الصلاة والسلام لم يزد على أربعة مؤذنين: بلال، وابن أم مكتوم، وسعد القرظ، وأبي محذورة، إلا أن بلالا كان الملازم (6) له في القيام بوظيفة الأذان حضرا وسفرا، فكره الزيادة على ذلك لهذا المعنى، والله أعلم (7).

(1) كما تقدم تخريجه عند البخاري برقم (592) في حديث الباب.

(2)

في (ق): "منهما".

(3)

انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 182).

(4)

في (ق): "لمسجد".

(5)

في (ق): "الكراهية".

(6)

في (ق): "الملازمة".

(7)

انظر: «شرح مسلم» للنووي (4/ 82).

ص: 38

وفيه: دليل على تكرار الأذان لصلاة الصبح قبل الوقت، وبعده.

وفيه: ترجيح الترتيب إذا اجتمعوا، دون التراسل، على ما مر.

الثاني: (الباء) في «بليل» بمعنى: (في)، وهو (1) أحد معانيها العشرة، ومنه قولهم: زيد بالبصرة؛ أي: في البصرة، هذا في ظرف المكان، وذاك (2) في ظرف الزمان.

الثالث: قوله: «فكلوا واشربوا» إلى آخره: اعلم: أن أكل، وأمر، وأخذ، ثلاثتها حذفت العرب في الأمر همزاتها على غير قياس، هكذا قال أهل العربية، ولا يبعد عندي أن يكون لذلك وجه من القياس، وذلك أن إثبات الهمزة فيها يؤدي حالة الأمر إلى اجتماع همزتين: همزة الوصل التي في مثل اضرب، والهمزة التي هي في الكلمةن واجتماع الهمزتين مستثقل أو مرفوض، ويوضح ذلك أنه إذا سقطت همزة الوصل، ثتت فاء الكلمة، قال الله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: 132]، لما استغني عن همزة الوصل؛ لاتصال الهموة الساكنة التي هي فاء الكلمةبما قبلها، وهو الواو، ثبتت فاء الكلمة، ولم تحذف، فليعلم ذلك.

ومعنى الأمر بالأكل والشرب هنا: أن المراد به الصائمون لرمضان، أو غيره، والصائم يحل له الأكل والشرب ما لم يطلع

(1) في (ق): "وهكذا".

(2)

في (ق): "وذلك".

ص: 39

الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم ذلك عليه، ولما كان بلال يؤذن قبل الفجر، جاز الأكل والشرب حينئذ، ولما كان ابن أم مكتوم لا يؤذن إلا بعد انفجار الفجر، جعل النبي صلى الله عليه وسلم أذانه غاية للمنع من الأكل والشرب، ومن هذا قوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فجعل (حتى) غاية للتبيين.

قال ابن عطية: والمراد به فيما قال جميع العلماء: بياض النهار، وسواد الليل، وهو نص قول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم في حديثه المشهور (1).

قلت: الحديث: أن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: عمدت إلى عِقالين أبيض وأسود، فجعلتهما تحت وسادي (2)، فكنت أقوم من الليل، فأنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحت، غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فضحك، وقال:«إن كان وسادك لعريضا» (3)، وروي:«إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياض النهار، وسواد الليل» (4).

(1) انظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (1/ 258).

(2)

في (ق): "وسادتي".

(3)

رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 215) بهذا اللفظ.

(4)

رواه البخاري (4240)، كتاب: التفسير، باب:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، ومسلم (1090)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصونم يحصل بطلوع الفجر.

ص: 40

قال ابن عطية: واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك، فقال الجمهور -وبه أخذ الناس، ومضت عليه الأمصار والأعصار، ووردت به الأحاديث الصحاح-: ذلك الفجر المعترض الآخذ في الأفق يمنة ويسرة، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك، وهو مقتضى حديث ابن مسعود، وسمرة بن جندب.

وروي عن عثمان بن عفان، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش، وغيرهم: أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال.

وذكر عن حذيفة: أنه قال: تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع (1).

وروي عن علي بن أبي طالب: أنه صلى الصبح بالناس، ثم قال: الآن تبين (2) الخيط الأبيض من الخيط الأسود (3).

قال الطبري: ومما قادهم إلى هذا القول: أنهم يرون أن الصوم

(1) رواه النسائي (2152)، كتاب: الصيام، باب: تأخير السحور، وابن ماجه (1695)، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في تأخير السحور، والإمام أحمد في «المسند» (5/ 400)، وغيرهم. قال الحافظ في «الفتح» (4/ 136): وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة.

(2)

في (خ): "يتبين".

(3)

رواه ابن المنذر بإشسناد صحيح، كما قال الحافظ في «الفتح» (4/ 136).

ص: 41

إنما هو في النهار، والنتهار عندهم من طلوع الشمس؛ لأن آخره غروبها، فكذلك أوله طلوعها (1).

وحكى النقاش عن الخليل بن أحمد: أن النهار من طلوع الفجر، ويدلك (2) على ذلك قوله تبارك وتعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، والقول في نفسه صحيح.

قال: وقد ذكرت حجته في تفسير قوله تعالى: وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: 164].

قال: وفي الاستدلال بهذه الآية نظر، ومن أكل وهو يشك هل طلع الفجر أم لا؟ فعليه عند مالك القضاء، انتهى (3).

واختلف في اسم ابن أم مكتوم، فقيل: عمرو بن قيس، وقيل: عبد الله (4)، والله تعالى أعلم.

* * *

(1) في (ق): "طلوعه".

(2)

في (ق): "ويدل".

(3)

انظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (1/ 258).

(4)

انظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (4/ 205)، و «الاستيعاب» لابن عبد البر (3/ 1198)، و «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي (2/ 567)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (4/ 600).

ص: 42