الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر
87 -
عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيِّ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: جَاءَنَا (1) مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا ، فَقَالَ: إنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ (2) ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي ، فَقُلْتُ لأَبِي قِلابَةَ: كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ قَالَ: مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا ، وَكَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ (3). أَرادَ بشيخِهمْ، أَبا يزيدَ، عَمرَو بنَ سَلَمَة الجَرْميَّ.
(1) في "ق": "جاء".
(2)
في "خ": "لكم".
(3)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (645)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: من صلَّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، و (769)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، و (785)، باب: المكث بين السجدتين، و (790)، باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة؟ وأبو دواد (842 - 844)، كتاب: الصلاة، باب: النهوض في الفرض، والنسائي (1151)، كتاب: التطبيق، باب: الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين، و (1153)، باب: الاعتماد على الأرض عند النهوض من السجود. =
* التعريف:
أبو قلابة هذا تابعي، واسمه عبد الله بن زيد بن عمرو، الجرمي، الأزدي البصري.
سمع أنس بن مالك، وثابت بن الفحال، ومالك بن الحويرث، وعائشة.
روى عنه: أيوب (1) السختياني، وخالد الحذاء، ويحيى بن أبي كثير، وأبو رجاء، وقتادة، وعاصم الأول.
وكان أبو قلابة هذا من عباد البصرة وزهادها، طلب للقضاء بالبصرة، فهرب إلى الشام، فمات بها سنة أربع، وقيل: سنة خمس ومئة في ولاية يزيد بن عبد الملك.
أخرج حديثه في «الصحيحين» - رحمه الله تعالى- (2).
= قلت: والحديث من أفراد البخاري، فلم يخرجه مسلم في "صحيحه"، كما يدل عليه صنيع المصنف رحمه الله، وسيأتي تنبيه الشارح رحمه الله على ذلك. * مصَادر شرح الحَدِيث:
"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 82)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 233)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 479)، و"فتح الباري" لابن رجب (4/ 115)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 97)، و"التوضيح" لابن الملقن (6/ 492)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 163، 301)، و"عمدة القاري" للعيني (5/ 200)، و"كشف اللثام" للسفاريني (2/ 381).
(1)
في "خ": "أبو أيوب" وهو خطأ.
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 183)، و"المصنف" لابن أبي شيبة (7/ 185)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (5/ 92)، و"الجرح =
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: هذا الحديث مما انفرد به البخاري عن مسلم، فهو خارج عما شرط المصنف من اتفاق الشيخين على الحديث الذي يذكره، وقد تقدم عكسه، وهو حديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرنا أنه من أفراد مسلم، وقد أخرجه البخاري من طرق؛ منها: رواية وهيب، وأكثر ألفاظ هذه الرواية التي ذكرها المصنف هي رواية وهيب، وفي آخرها في كتاب «البخاري»:«وإذا رفع رأسه في السجدة الثانية، جلس، واعتمد على الأرض، ثم قام» ، وفي رواية خالد عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث الليثي: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذ كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعدا (1).
الثاني: قوله: «مثل صلاة شيخنا هذا» ، الشيخ المشار إليه هو عمرو بن سَلِمَةَ -بكسر اللام- الجرمي -بفتح الجيم وسكون الراء
= والتعديل" لابن أبي حاتم (5/ 57)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 2)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 282)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (28/ 287)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (3/ 238)، و"تهذيب الكمال" للمزي (14/ 542)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (4/ 468)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضا (1/ 94)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (5/ 197).
(1)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 233)، وعنه نقل الشارح رحمه الله هذا التنبيه. وكذا نبه الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "الجمع بين الصحيحين"(1/ 334)، والحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 164) وغيرهما على انفراد البخاري بهذا الحديث عن مسلم.
المهملة-، وهو: أبو بُرَيد -بالباء الموحدة المضمومة والراء المهملة-، واسمه: عمرو -بفتح العين، وـ (1) بواو أيضا-، وهو معدود فيمن نزل البصرة، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت له سماع منه، وقد وفد أبوه على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي من وجه غريب: أن عمرا -أيضا- وفد على النبي صلى الله عليه وسلم.
روى له أبو داود، والنسائي، وروى البخاري قصته هذه، وصلاته بقومه (2).
الثالث: قوله: «وما أريد الصلاة؛ أي: وما أريد صلاة الفرض في هذا الوقت، إنما أريد صلاة التعليم خاصة، ونظير هذا الحديث ما تقدم من حديث عبد الله بن زيد، وحديث عثمان في الوضوء، ويشبه أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتقدم: «قوموا فلأصلي لكم» من هذا الباب، وأنه قصد به التعليم.
ففيه دليل على جواز ذلك على الإطلاق، لكن من فعل ذلك هل يكون له أجر الصلاة التي قصد بها التعليم زائدا على أجر التعليم، أو
(1) الواو ليست في "خ".
(2)
انظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 89)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 313)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1179)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 222)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 344)، و"تهذيب الكمال" للمزي (22/ 50)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 523)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 643).
لا يكون له إلا أجر التعليم خاصة؟ والظاهر: أن له أجرهما جميعا.
وفي الحديث: دليل على ابلبين بالفعل، وإجرائه مجرى القول، وإن كان القول قد يكون أقوى من البيان بالفعل عندما يكون القول نصا لا يحتمل التأويل.
الرابع: هذا الحديث يدل للشافعية على جلسة الاستراحة عقب الفراغ من الركعة الأولى والثالثة، لقوله:«وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض» .
وقد اختلف في ذلك: فاختلف قول الشافعي فيها، وكذا بعض أصحاب الحديث، ولم يقل بها مالك، ولا أبو حنيفة، وغيرهما.
ووجه ما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة: أنها بسبب (1) الضعف للكبر؛ كما قال المغيرة بن حكيم (2): أنه رأى عبد الله بن عمر يرجع من السجدتين من الصلاة على صدور قدميه، فلما انصرف، ذكرت ذلك له، فقال: إنها ليست بسنة الصلاة، وإنما أفعل ذلك من أجل أني أشتكي (3).
وفي حديث آخر غير هذا، في قول (4) وائل بن حجر: إن
(1) في "ق": "لسبب".
(2)
في "ق": "حكم".
(3)
رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 89).
(4)
في "خ": "فعل".
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من السجود، استوى قائما (1).
فيكون هذا في حال الصحة، والحديث الآخر في حال الضعف، وبذلك يجمع بين الحديثين، وهو أولى من اطراح أحدهما (2)، والله أعلم.
* * *
(1) قال الحافظ في "التلخيص الحبير"(1/ 258): هذا الحديث بيَّض له المنذري في الكلام على "المهذب"، وذكره النووي في "الخلاصة" في فصل الضعيف، وذكره في "شرح المهذب" فقال: غريب، ولم يخرجه. قال الحافظ: وظفرت به في سنة أربعين في "مسند البزار" في أثناء حديث طويل في صفة الوضوء والصلاة. وقد روى الطبراني عن معاذ بن جبل في أثناء حديث طويل: أنه كان يمكن جبهته وأنفه من الأرض، ثم يقوم كأنه السهم. وفي إسناده الخصيب بن جحدر، وقد كذبه شعبة ويحيى القطان، ولأبي داود من حديث وائل: وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه.
(2)
قلت: تعقبه ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(3/ 129) بعد أن ذكر قوله هذا، فقال: وهذا كلام فقيه صِرف، فالحديث الذي استدل به لنفيها لا يعرف مخرجه البتة.