الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
66 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: اسْتَقْبَلْنَا أَنَساً حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّامِ ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ ، وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ - يَعْنِي: عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ-، فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ، لَمْ أَفْعَلْهُ (1).
* * *
_________
(1)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1049)، كتاب: تقصير الصلاة، باب: صلاة التطوع على الحكمار، ومسلم (702)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
«إكمال المعلم» للقاضي عياض (3/ 29)، و «شرح مسلم» للنووي (5/ 210)، و «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 193)، و «العدة في شرح العمدة» لابن العطار (1/ 403)، و «النكت على العمدة» للزركشي (ص: 79)، و «التوضيح» لابن الملقن (8/ 500)، و «فتح الباري» لابن حجر (2/ 576)، و «عمدة القاري» للعيني (7/ 141)، و «كشف اللثام» للسفاريني (2/ 215)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (2/ 126).
* التعريف:
أنس بن سيرين: أمو محمد، ويحيى، ومعبد، وخالد، وحفصة (1)، أولاد سيرين، كنيته: أبو حمزة.
قيل: إنه لما ولد، ذهب به إلى أنس بن مالك، فسماه: أنسا، وكناه: أبو حمزة، ويقال: أبو موسى، وقيل: أبو عبد الله، مولى أنس بن مالك الأنصاري، تابعي، سمع ابن عمر، وأنس بن مالك.
روى عنه: ابن عون، وخالد الحذاء، وهمام (2)، وحماد بن زيد.
مات بعد أخيه محمد، سنة عشر ومائة، ونهو ابن ست وثمانين سنة.
أخرج حديثه في «الصحيح» (3).
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: ح: قوله: «فلقينا أنس بن مالك حين قدم الشام» ، هكذا هو في جميع نسخ مسلم.
قال: وكذا نقله ع عن جميع الروايات ل «صحيح مسلم» .
(1) في (خ): "خالد بن حفصة" وهو خطأ.
(2)
في (ق): "وهشام".
(3)
وانظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (7/ 207)، و «التاريخ الكبير» للبخاري (2/ 32)، و «الثقات» لابن حبان (4/ 48)، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (2/ 287)، و «تاريخ دمشق» لابن عساكر (9/ 314)، و «تهذيب الكمال» للمزي (3/ 346)، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (4/ 622)، و «تهذيب التهذيب» لابن حجر (1/ 328).
قال: وقيل: إنه وهم، وصوابه: قدم من الشام؛ كما جاء في «صحيح البخاري» ؛ لأنهم خرجوا من البصرة للقائه حين قدم من الشام.
قال: ورواية مسلم صحيحة، ومعناه: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام، وإنما حذف ذكر الرجوع؛ للعلم به (1).
ق: وقوله: «من الشام» ، هو الصواب في هذا الموضع، فاتفقا على ذلك.
الثاني: قوله: «لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، لم أفعله» : هو راجع إلى الصلاة إلى غير القبلة فقط، وهو الذي سئل عنه لا غير (2).
فعلى هذا: لا يؤخذ منه: أنه عليه الصلاة والسلام صلى على الحمار، بل قد غلط الدارقطني وغيره مَن (3) نُسِبَ ذلك إليه، قال: وإنما المعروف في صلاته عليه الصلاة والسلام على راحلته، أو على البعير.
والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس؛ كما ذكرهع مسلم، ولذلك لم يذكر البخاري حديث عمرو بن يحيى المازني المشعر بصلاته -عليه السلاة والصلام- على الحمار (4).
(1) انظر: «شرح مسلم» للنووي (5/ 212)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (3/ 29).
(2)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 194).
(3)
في (ق): "ممن".
(4)
انظر: «شرح مسلم» للنووي (5/ 211).
الثالث: قوله: «من ذا الجانب» : فيه: العمل بالإشارة، وكأنه أمر متفق عليه -والله أعلم- في مسائل شتى، منها: طلاق الأخرس، وما يفعم عنه في بيعه وشرائه، وغير ذلك، وكذلك غير الأخرس إذا قال: أنت طالق، وأشار بثلاث أصابع، أو اثنتين بالنسبة إلى ظاهر أمره، أما إذا كانت له نية، فأمر آخر، وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
الرابع: قوله: «رأيتك تصلي لغير القبلة» : فيه: التلطف والرفق في إنكار ما خفي على المنكر، حتى أخرج في معرض الخبر المحض.
وفي جواب أنس: بيان مشروعية الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أفعاله وأقواله، وهكذا كانت عادة الصحابة في الغالب أن يجيبوا باتباعه عليه الصلاة والسلام من غير إبداء معنى؛ إذ إبداء المعنى عرضة للاعتراض؛ كما تقدم في قول عائشة رضي الله عنها حين سألتها معاذة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1)، فأجابتها بالنص دون المعنى، والله أعلم.
* * *
(1) تقدم تخريجه.