المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الجمعة ‌ ‌الحديث الأول 129 - عَنْ سَهْل بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ: أَنَّ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌بابُ الأَذانِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌بابُ استقبالِ القبلةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الصُّفوفِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌بابُ الإِمامةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني والثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌بابُ صفةِ صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالثَ عشر

- ‌الحديث الرابعَ عشر

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصَّلاةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب ترك الجَهرِ ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌باب سجود السَّهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المرور بينَ يديِ المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الزكاة عقب الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌باب الجمعة ‌ ‌الحديث الأول 129 - عَنْ سَهْل بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ: أَنَّ

‌باب الجمعة

‌الحديث الأول

129 -

عَنْ سَهْل بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ: أَنَّ نَفَرًا تَمَارَوْا في المِنْبَرِ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَيْهِ، فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَنَزَلَ القَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ في أَصْل (1) المِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِه، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي"(2).

وَفي لَفْظٍ: صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْها، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ

(1) في "ت": "آخر".

(2)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (875)، كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر، ومسلم (544)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأبو داود (1080)، كتاب: الصلاة، باب: في اتخاذ المنبر، والنسائي (739)، كتاب: المساجد، باب: الصلاة على المنبر.

ص: 607

نزَلَ القَهْقَرَى (1).

* * *

* التعريف:

سَهْلُ بْنُ سَعْدِ بنِ مالكِ بنِ خالدِ بنِ ثعلبةَ بنِ حارثة (2) بنِ عمرَ (3)

(1) رواه البخاري (875)، كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر. والحديث رواه أيضًا: البخاري (370)، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، و (1988)، كتاب: البيوع، باب: النجَّار، و (2430)، كتاب: الهبة، باب: من استوهب من أصحابه شيئًا، وابن ماجه (1416)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في بدء شأن المنبر.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 247)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 477)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 153)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 33)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 107)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 671)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 463)، و"التوضيح" لابن الملقن (7/ 527)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 397)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 214)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 138).

* تنبيه: قال ابن الملقن في "الإعلام"(4/ 113): هذا الحديث كذا هو في محفوظنا. وكذا أورده الفاكهي في "شرحه"، وأورده الشيخ تقي الدين، وتبعه ابن العطار، بلفظ عن سهل بن سعد قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام على المنبر، الحديث. ولم يذكراه كما أسلفناه، وتوبعا على ذلك.

(2)

في "خ": "خارجة".

(3)

في "ت": "عمرو" بدل "عمر".

ص: 608

ابنِ الخزرجِ بنِ ساعدةَ (1) بنِ كعبِ بنِ الخزرجِ، الساعديُّ، الأنصاريُّ، المزنيُّ.

يكنى: أبا العباس، وقيل: أبو يحيى، كان سنُّه يومَ مات النبي صلى الله عليه وسلم خمسَ عشرةَ سنة، وتوفي سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين، بالمدينة، وهو آخرُ مَنْ ماتَ من الصحابةِ بالمدينةِ (2)، ومات وله مئةُ سنة (3)، وأَحْصَنَ سبعين امرأةً، و (4) شهدَ قضاءَ النبي صلى الله عليه وسلم في المتلاعِنَيْنِ، وأنه فرق بينهما، كان اسمُه حَزْنًا، فغيَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم اسمه، فسمَّاه سَهْلًا.

روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مئة حديث، وثمانية وثمانون حديثًا، اتفقا منها على ثمانية وعشرين، وانفرد البخاري بأحد عشر.

روى عنه: الزهريُّ، وأبو حازم (5) سلمةُ بنُ دينار، وسعيدُ بن المسيب، وأبو زُرعةَ عَمْرُو (6) بنُ جابر الحضرميُّ، وبكر بن سوادة، وغيرهم (7).

(1) في "خ" و"ق": "مساعدة".

(2)

في "ت": "مات بها من الصحابة" بدل "مات من الصحابة بالمدينة".

(3)

في "ت": "له مئة ولد" بدل "وله مئة سنة".

(4)

الواو ليست في "ت".

(5)

في "خ": "وابن حازم".

(6)

في "ت": "عمر" بدل "عمرو".

(7)

وانظر ترجمته في: "الثقات" لابن حبان (3/ 168)، و"الاستيعاب" لابن =

ص: 609

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: النَّفَر -بفتح النون والفاء-: عِدَّةُ رجال من ثلاثة إلى عشرة، وكذلك النَّفِير (1)، وكذلك النَّفْر (2)، والنَّفْرَة (3)، بإسكان الفاء.

قال الفراء: نَفْرَةُ الرجلِ، ونَفَرُه: رَهْطُه (4)، واللَّه أعلم.

وقوله: "تَمارَوْا": مأخوذ من المماراة؛ وهي في اللغة: الاستخراج، مأخوذ من مَرَيْتُ (5) الناقةَ: إذا مسحتُ ضَرْعَها لتدرَّ، ومَرَيْتُ الفَرَسَ:(6) استخرجتُ ما عندها من الجَرْي بضرب (7) أو غيرِه (8)(9).

= عبد البر (2/ 664)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (26/ 261)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 575)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 227)، و"تهذيب الكمال" للمزي (12/ 188)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 422)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 200)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (4/ 221).

(1)

"وكذلك النفير" ليس في "ق".

(2)

"وكذلك النَّفْر" ليس في "ت".

(3)

"والنفرة" ليس في "ق".

(4)

انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 833)، (مادة: نفر).

(5)

في "ت": "مرية".

(6)

في "ت" زيادة: "إذا".

(7)

في "ت": "بصوت".

(8)

في "خ": "ما عنده من الجري بصوتٍ أو غيره".

(9)

المرجع السابق، (6/ 2491)، (مادة: م ر ا).

ص: 610

وقال ابنُ الأنباري: يقال: أَمْرَى فلان فلانًا، إذا استخرجَ ما عنده من الكلام (1).

قلت: فكأن (2) كلَّ واحد من المتمارِيَيْنِ -وهما المتجادِلان- يَمْري ما عند صاحبه؛ أي: يستخرجه.

ويقال: مَرَيْتُه حَقَّه: إذا جَحَدْته، ويقال: المِراء: جُحودُ الحقِّ بعد ظهوره، واللَّه أعلم.

الثاني: قد تقدَّم ذكرُ الخلاف فيمن عَمِلَ المنبرَ، هل عمله غلامُ المرأة الأنصارية؛ كما ذكره البخاري، أو غلامُ العباسِ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم؟ وتقدم أيضًا: أصلُ اشتقاقه، وأنه من النَّبْر، وهو الارتفاع، بما يُغني عن الإعادة.

وقد أجمعت العلماء على استحباب اتخاذ (3) المنبر للخطيب إذا كان هو الخليفة، وأما غيره من الخطباء، فهو بالخيار، إن شاء خطب على المنبر، وإن شاء خطب على الأرض.

قال ابن بزيزة: واختلفوا إذا خطب على الأرض أين يقف؟ فمنهم من استحب أن (4) يقف عن يسار المنبر، واستحبَّ بعضُهم أن يقف عن

(1) انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري (1/ 350).

(2)

في "ت": "وكان".

(3)

"اتخاذ" ليس في "ق".

(4)

في "ت": "قال" بدل "استحب أن".

ص: 611

يمينه، قال مالك: وكل ذلك واسع.

مسألة: اختلف العلماء في الخطبة يوم الجمعة في أربعة مواضع:

الأول: هل هي فرض، أم لا؟ وفي المذهب في ذلك قولان، والمشهور: الفرضيةُ.

وروى ابن الماجشون عن مالك (1): أنه (2) تجزىء (3) الجمعةُ دونَ خطبة، وهو قولُ الحسنِ، وأهلِ الظاهر.

وقد روي عن مالك: أن الخطبة فيها سنة.

الثاني (4): هل القيام فيها مشروع، أم لا؟ والجمهور على مشروعيته، والقائلون بأنه مشروع اختلفوا -أيضًا-، هل هو من شروط صحة الخطبة، أم لا؟

فمنهم من قال: هو من شروط صحتها، إلا أن يكون ثمَّ عذرٌ؛ وهو قولُ مالكٍ، والشافعى.

وأجاز أبو حنيفة الخطبةَ جالسًا.

وأصلُ مذهب الشافعي: أن القيامَ والجلسةَ فرضٌ، فمن لم يفعل ذلك، فخطبتُه باطلة.

(1)"عن مالك" ليس في "ت".

(2)

في "ت": "أنها" بدل "أنه".

(3)

في "ت" زيادة: "في".

(4)

"الثاني" ليس في "ت".

ص: 612

وأصلُ مذهب مالك: أن القيام سنة، فمن لم يقم في خطبته، أساء، والخطبةُ مجزئةٌ.

الثالث: هل تشترط فيها الطهارة الصغرى، أم لا؟ والمشهورُ: أنه إن خطب على غير وضوء، فقد أساء، وخطبتُه صحيحة.

وكذلك اختلفوا أيضًا: هل تُشترط فيها الطهارة الكبرى، أم لا؟

وإنما يتصور ذلك إذا كانت في غير الجامع عندَ من لا يشترط الجامعَ في الجمعة؛ وهو مذهب الشافعي، وآخرين.

ويلزم على قول من يقول: إن الخطبة بدلٌ من الركعتين، اشتراطُ الطهارتين جميعًا.

الرابع: هل يجزىء فيها أَيْسَرُ ذِكْرٍ، أو لابدَّ مما يقع عليه اسمُ خطبةٍ (1) عند العرب؟

فقال أبو حنيفة، وحكاه ابنُ عبد الحكم عن مالك: يجزىء من (2) ذلك التكبيرةُ الواحدة، أو التحميدةُ، أو التهليلةُ.

وفي "مسلم" وغيرِه، عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّه، قال: كانت خطبةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يَحْمَدُ اللَّه، ويُثْنِي عليه (3).

وقال ابن القاسم: لا يجزىء إلا ما ينطلق عليه اسمُ خطبة في كلام

(1) في "ق": "الخطبة".

(2)

في "ت": "في" بدل "من".

(3)

رواه مسلم (867)، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة.

ص: 613

العرب؛ من الكلام المشتمل على حمد اللَّه، والثناء عليه.

قال بعض متأخري أصحابنا: ويردُّ على أبي حنيفة ما خَرَّجه البزارُ عن أبي بردة (1)، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ"(2).

قلت: ويرد عليه، أيضًا (3): ما روي عن أم هشام بنتِ حارثة: أنها قالت: ما أخذتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] إلا من لسان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كلَّ يوم جمعة (4) على المنبر إذا خطبَ الناسَ (5).

فقراءته صلى الله عليه وسلم أثناء (6) الخطبة، ومواعظهُ، ودوامُه على ذلك يقضي (7) ببطلان ما قاله أبو حنيفة وغيرُه في ظاهر الحال؛ إذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما بعثَ مُبَيِّنًا للأحكامِ، ولو كانت التكبيرةُ الواحدة، أو التحميدةُ

(1) في "ق": "أبي برزة".

(2)

ورواه أبو داود (4841)، كتاب: الأدب، باب: في الخطبة، والترمذي (1106)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في خطبة النكاح، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 343)، وابن حبان في "صحيحه"(2796)، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)

"أيضًا" ليس في "ت".

(4)

"جمعة" ليس في "ت".

(5)

رواه مسلم (873)، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة.

(6)

في "ت": "بعد".

(7)

في "ت" و"ق": "يقتضي".

ص: 614

تُجزِىءُ من ذلك (1)، لَبينَهُ صلى الله عليه وسلم؛ إِمَّا بالقولِ، أو بالفعلِ، ولو مرةً واحدة، ولم ينقل ذلك عنه صلى الله عليه وسلم (2)، فبطل ما قال، واللَّه الموفق (3).

الثالث: (القهقرى): أصلُها أن تكونَ مصدرَ قَهْقَرَ: إذا رجعَ إلى ورائه، وهي من المصادر الملاقية للفعل في المعنى دون الاشتقاق، فإنهم قالوا: رجعَ القهقرى، وفي هذا الحديث: نزلَ القهقرى؛ كما قالوا: قتلتهُ صَبْرًا، وحَبَسْتُه مَنْعًا (4).

واختلف النحاة في نصبها على ثلاثة مذاهب:

فقيل: إنها منصوبة بفعل مقدر من لفظها، والتقدير: رجع فقهقر (5) القهقرى.

وقيل: إنها صفةٌ لموصوف محذوف؛ أي: رجعَ الرجعةَ القهقرى.

والثالث: ما تقدم من أنها من المصادر الملاقية في المعنى دون الاشتقاق؛ ومثله: قعدَ القُرْفُصاءَ، واشتملَ الصمَّاءَ، الخلافُ (6) في الكلِّ واحدٌ.

(1)"من ذلك" ليس في "ت".

(2)

في "ق": "ولم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم".

(3)

وانظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 116).

(4)

في "ق": "معنى".

(5)

في "ت": "الرجعة"، والصواب ما أثبت.

(6)

في "ق": "الحال" بدل "الخلاف".

ص: 615

الرابع: في هذا الحديث: جوازُ صلاة الإمام على أرفعَ (1) مما عليه المأمومُ لقصدِ التعليم؛ كما هو مصرَّح به في لفظ الحديث، وأما إن عَرِيَ من قصدٍ صحيح، وقصد التكبر على مأموميه، فقال أصحابنا: تبطل صلاتهُ، وأجازوا الارتفاعَ اليسير؛ كعظمِ الذراعِ ونحوه.

وفيه أيضًا: دليلُ جواز العمل اليسير في الصلاة.

ق: لكنْ فيه إشكالٌ على من حَدَّدَ الكثيرَ من العمل بثلاث خطوات؛ فإن منبرَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثُ درجات، والصلاة كانت على العليا، ومن ضرورة ذلك أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض بعدَ ثلاث خطوات فأكثرَ، وأقلُّه ثلاث، والذي يعتذر به عن هذا؛ أن يدَّعي عدمَ التوالي بين الخطوات؛ فإن التواليَ شرطٌ في الإبطال، أو ينازع (2) في كون قيام هذه الصلاة فوق الدرجة العليا.

قلت: وعندي في هذا الاعتذار نظر.

وفيه: دليل على جوازِ إقامةِ الصَّلاةِ أو (3) الجماعة؛ لأجل التعليم؛ كما هو مصرَّح به في الحديث.

وأما قولُه في اللفظ الآخر (4): "ثم ركعَ وهو عليها، فنزلَ القهقرى":

(1) في "ت": "أربع"، والصواب ما أثبت.

(2)

في "ق": "أو يتنازح".

(3)

في "ت": "و".

(4)

في "ت": "الأخير".

ص: 616

ظاهرُه: أنه نزل في الركوع؛ لما تقتضيه الفاءُ من التعقيبِ ظاهرًا، ولكنَّ الروايةَ الأولى نصٌّ في أن النزول كان بعد القيام من الركوعِ، والرجوعُ إلى النَّصِّ أولى مِنَ الرُّجوعِ إلى الظَّاهِرِ، وباللَّه التوفيق (1).

* * *

(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 108).

قال ابن الملقن في "الإعلام"(4/ 118): وصوابه: أن الرواية الأولى قد توهم ذلك بخلاف الأخيرة عكس ما ذكره -يعني: الإمام ابن دقيق والفاكهي-؛ فإن الأولى هي بالفاء، والثانية بثم. وهذا من سبق القلم، فتنبه له.

ص: 617