الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المرور بينَ يديِ المصلي
الحديث الأول
102 -
عَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لا أَدْرِي قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْماً، أَوْ شَهْراً، أَوْ سَنَةً (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (488)، كتاب: سترة المصلي، باب: إثم المار بين يدي المصلي، ومسلم (507)، كتاب: الصلاة، باب: منع المار بين يدي المصلي، إلا قوله:"من الإثم"؛ فإنه ليس من حديثهما، وسيأتي تنبيه الشارح عليه. ورواه أيضا: أبو داود (701)، كتاب: الصلاة، باب: ما ينهى عنه المرور بين يدي المصلي، والنسائي (756)، كتاب: القبلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته، والترمذي (336)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي، وابن ماجه (945)، كتاب: الصلاة، باب: المرور بين يدي المصلي. =
* التعريف:
أبو جهيم: اسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة -بكسر الصاد المهملة- بن حارثة بن الحارث بن زيد مناة بن حبيب بن حارثة، الأنصاري، الخزرجي.
وقيل: هو عبد الله بن جهم.
قال الحافظ عبد الغني المقدسي: لا أعرف وجه هذا القول، ولا أعرف اختلافا في اسم أبيه، فإن أباه الحارث بن الصمة من مشهوري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم في اسمه اختلافا.
اتفقا له على حديثين، روى عنه بسر بن سعيد، وعمير مولى ابن عباس.
روى له الجماعة، ولم أر أحدا ذكر له توفاة. والله أعلم (1).
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 277)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 130)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 421)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 106)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 224)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 39)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 546)، و"فتح الباري" لابن رجب (2/ 677)، و"التوضيح" لابن الملقن (6/ 64)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 584)، و"عمدة القاري" للعيني (4/ 293)، و"كشف اللثام" للسفاريني (2/ 488)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 142)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 8).
(1)
وانظر ترجمته في: "الكنى والأسماء" لمسلم (1/ 195)، و"الاستيعاب" =
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: "المار": مفهومُه: أن القاعدَ، والقائمَ الثابتَ، والنائمَ بخلافه، وأنه لا إثم عليه إذا كان ممن تسوغ الصلاة إليه (1).
الثاني: قوله: "بين يدي المصلي": فيه: التعبير بالبعض عن الكل، عكس ما (2) تقدم قريبًا في قول الراوي:"فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ"، قيل: وإنما عبر باليدين لما كان (3) أكثر عمل الإنسان بهما، حتى نُسب الكسبُ إليهما في نحو:(بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ)(*) ، وأشباهه.
وقوله: "من الإثم": (من) فيه لبيان الجنس.
الثالث: قوله: "لكان أن يقفَ أربعين خيرًا له": يقتضي الوعيدَ الشديدَ في المرور بين يدي المصلي.
وقد رواه أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، عن أبي هريرة، بلفظ آخر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا لَهُ في أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي
= لابن عبد البر (4/ 1624)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (6/ 58)، و"الإصابة في تمييز "الصحابة" لابن حجر (7/ 73).
(1)
"إليه" ليست في "ق".
(2)
في "ق": "كما".
(3)
في "ق": "كانتا".
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، وليس هذا نص الآية
ومما هذا سبيله قوله تعالى: {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10]، {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41]، {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]
مُعْتَرِضًا، كَانَ لَهُ أَنْ يَقِفَ مِئَةَ عَامٍ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَا" (1).
ولم يختلف أحد من أهل العلم في كراهة المرور بين يدي المصلي.
وروي عن عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص: أنه قال: لأن يكونَ الرجلُ رمادًا يُذْرَى خيرٌ من أن يمر بين يدي رجل يصلِّي (2).
وذكر (3) ابنُ عبد البر: أن إثمَ المارّ أشدُّ من إثم الذي يدعُه يمرُّ بين يديه (4).
وما أحسنَ قولَ الشيخِ أبي عمرِو بنِ الحاجبِ وألخَصَه: ويأثمُ المصَلِّي إِن تعرَّض والمارُّ وله مَنْدوحةٌ، فتجيء أربع صور (5).
ومعنى هذا الكلام عندَ البسط: أن الإثم تارة يتعلق بالمار وحده، وتارة يتعلق بالمصلي وحدَه، وتارة يتعلق بهما، وتارة لا يتعلق بهما.
فإن تحصَّن المصلِّي عن (6) المار، فقصد المارُّ المرورَ بين يديه
(1) ورواه من طريق ابن أبي شيبة: ابن ماجه (946)، كتاب: الصلاة، باب: المرور بين يدي المصلي. ورواه ابن حبان في "صحيحه"(2365)، وغيره.
(2)
رواه ابن عبد البر في "التمهيد"(21/ 149).
(3)
في "خ": "وذكر أن".
(4)
انظر: "التمهيد"(21/ 148).
(5)
انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 115).
(6)
في "ق": "من".
لغير ضرورة، فالإثمُ على المار وحده.
وإن قصد المصلِّي الموضعَ المحتاجَ إليه، وتركَ غيره من المواضع التي لا يُحتاج إليها، ولا يمر فيها أحدٌ بين يديه، فالإثمُ على المصلِّي وحدَه.
وإن اشترك الأمر، اشتركَ الإثمُ، وذلك إذا كان المصلّي (1) بحيث لا يأمن المرور، ووجد المارُّ مندوحةَ عن المرور بين يديه، فإن صلَّى بحيث يأمن المرور، ولم يجد المارُّ مندوحة، لم يأثما جميعًا، وهذا التقسيم لا ينبغي أن يُختلف فيه، والله الموفق (2).
تنبيه: هل هذا النهي عامٌّ في كل مصلٍّ، أو في الإِمام، والمنفرد دون المأموم؟ فيه نظر، وظاهر اللفظ العمومُ، وهو عند بعضهم مخصوصٌ بالإمام، والمنفردِ، وأما (3) المأمومُ، فلا يضره من يمر بين يديه، على كراهة في ذلك (4).
قال بعض متأخري أصحابنا: والصحيح: عمومُ حكم الكراهة، والله أعلم.
* * *
(1) في "ق": "صلى المصلي".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 40).
(3)
في "ق": "دون" بدل "وأما".
(4)
قال ابن الملقن في "الإعلام"(3/ 304): وهو بعيد.