الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام وما يتألف منه
(1)
ص:
8 -
كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاستَقِم
…
واسْمٌ وفِعْلٌ ثمَّ حَرفٌ الكَلِم
(2)
9 -
وَاحِدُهُ: كَلِمَةٌ وَالْقَولُ: عَمْ
…
وَكِلْمَةٌ: بهَا كَلَامٌ قَد يُؤَم
(3)
(1)
الكلام: خبر لمبتدأ محذوف على تقدير مضافين، وأصل نظم الكلام هذا باب شرح الكلام، وشرح ما يتألف الكلام منه فحذف المبتدأ -وهو اسم الإشارة- ثم حذف الخبر وهو الباب، فأقيم شرح مقامه، فارتفع ارتفاعه، ثم حذف شرح أيضًا وأقيم الكلام مقامه، فارتفع كما كان الذي قبله. وما: الواو عاطفة وما اسم موصول معطوف على الكلام بتقدير مضاف: أي شرح ما يتألف. ويتألف: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى الكلام. ومنه: جار ومجرور متعلق بيتألف، والجملة من الفعل الذيمما هو يتألف والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
(2)
كلامنا: كلام: مبتدأ، وهو مضاف، ونا مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر. لفظ: خبر المبتدأ. مفيد: نعت للفظ، وليس خبرًا ثانيًا. كاستقم: إن كان مثالًا فهو جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كاستقم، وإن كان من تمام تعريف الكلام فهو جار ومجرور أيضًا متعلق بمحذوف نعت لمفيد. واسم: خبر مقدم. وفعل، ثم حرف: معطوفان عليه الأول بالواو والثاني بثم. الكلم: مبتدأ مؤخر، وكأنه قال: كلام النحاة هو اللفظ الموصوف بوصفين أحدهما الإفادة، والثاني التركيب المماثل لتركيب استقم، والكلم ثلاثة أنواع؛ أحدها: الاسم، وثانيها: الفعل، وثالثها: الحرف، وإنما عطف الفعل على الاسم بالواو لقرب منزلته منه؛ حيث يدل كل منهما على معنى في نفسه، وعطف الحرف بثم لبعد رتبته.
(3)
وحده كلمة: مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب. والقول: مبتدأ. عم: يجوز أن يكون فعلًا ماضيًا، وعلى هذا يكون فاعله ضميرا مستترا فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى القول، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون (عم) اسم تفضيل - وأصله أعم - حذفت همزته كما حذفت من خير وشر؛ لكثرة استعمالهما، وأصلهما أخير وأشر، بدليل مجيئهما على الأصل أحيانًا، كما في قول الراجز:
بلال خير الناس وابن الأخير
وقد قرئ (سيعلمون غدا من الكذاب الأشَرّ) بفتح الشين وتشديد الراء، وعلى هذا يكون أصل (عم):(أعم) كما قلنا، وهو على هذا الوجه خبر للمبتدأ. وكلعة: مبتدأ أول. بها: جار ومجرور متعلق بيؤم الآتي. كلام: مبتدأ ثان. قد، حرف تقليل. يؤم: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب
ش:
الكلام: اسم مصدر كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى في المفعول المطلق.
وعن ابن عباس الربيع: أن الكَلام مشتق من الكِلام وهو الجراح، فلما أثرت في الجسد .. أثَّر الكَلام في النفس، إما سرورًا أو ضده.
ويطلق في اللغة على: الكتابة، والإشارة، ولسان الحال، وكلام النفس، ونحوه.
وهو في اصطلاح النحويين: القول أو اللفظ المفيد فائدة كفائدة (اسْتَقِمْ).
واللفظ: صوت يشتمل على بعض الحروف.
فـ (لفظ): جنس يشمل كل لفظ.
ومفيد: فصل أخرج:
غير المفيد وهو المهمل كـ: (ديز) مقلوب زيد.
والمستعمل الذي لا يفيد في الاصطلاح؛ كـ (زيد) أو (غلام زيد).
ومثل بتتميم الحد فاستغنى بـ (اسْتَقِمْ) عن أن يقول: (فائدة يحسن سكوت السامع عليها، أو المتكلم، أو هما)، لأن (اسْتَقِمْ) كلام تركب من فعل أمر وفاعل مستتر فيه.
وقال ابن هشام: المختار في تعريف المفيد: (ما يحسن السكوت عليه مما هو مقصود، ولم يعلم بالضرورة ثبوته ولا نفيه). انتهى.
الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود على كلام، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، ومعنى يؤم: يقصد، وتقدير البيت: ولفظ (كلمة) معنى الكلام قد يقصد بها، يعني أن لفظ الكلمة قد يطلق ويقصد بها المعنى الذي يدل عليه لفظ الكلام، ومثال ذلك ما ذكر الشارح من أنهم قالوا:"كلمة الإخلاص"، وقالوا:"كلمة التوحيد" وأرادوا بذينك قولنا: (لا إله إلا اللَّه)، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام:"أفضل كلمة قالها شاعر كلمة لبيد" وهو يريد قصيدة لبيد ابن ربيعة العامري التي أولها:
ألَا كُلُّ شَيءٍ مَا خَلا اللَّهَ باطِلُ
…
وَكُل نَعيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ
والمعتمد: اعتبار القصد كما صرح به أبو موسى الجزولي، وابن عصفور، والشيخ في "التسهيل".
ولم يشترطه ابن الصائغ.
وقدم الكلام على الكلمة؛ للاهتمام به، وإن كان تقديم الكلمة أولى؛ لأن الجزء مقدم على الكل؛ إذ التركيب فرع الإفراد.
والكَلِم: اسم جنس جمعي.
ومعنى (جمعي): أنه يدل على جماعة، وإذا زِيد عليه التاء .. صار دالا على الوحدة كـ (نبق ونبقة، وكَلِم وكلمة)، واحده: كلمة.
وهي: إما أسم، أو فعل، أو حرف.
ولا يقع إلا على ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر؛ لأنه اسم جنس جمعي كما ذكر، ولا يطلق الجمع إلا على ثلاث فما زاد.
ويقع على: المفيد، وغيره:
فالأول: يجتمع فيه الكلام مع الكلام، نحو:(ما قام زيد) فكلام: من حيث الإفادة، وكلم: من حيث تركيبه من ثلاث.
والثاني: ينفرد فيه الكلم؛ كـ (إن قام زيد).
ويجوز تركيب الكلم من:
ثلاثة أسماء، كـ (غلام زيد قائم).
ومن اسمين وفعل؛ كـ (غلام زيد قام)، إذا المقصود ثلاث كلمات، اتحد نوعها أم لا، أفادت أم لم تفد.
ولهذا قال ابن إياز في "شرح فصول ابن معط": نحو: (مِن، قد، هل) فمثل له بثلاثة أحرف.
وينفرد الكلام في نحو: (قام زيد).
وأقل ما يتركب الكلام من:
كلمتين وهما اسمان؛ كـ (زيد قائم)، وهي جملة اسميّة.
أو فعل واسم؛ كـ (قام زيد)، وهي فعليّة.
ولا يقال في نحو: (يا زيد) إنه كلام تركب من اسم وحرف، بل هي جملة فعليّة، لأن حرف النداء نائب مناب (أدعو) فالتقدير:(أدعو زيدًا)؛ كما ستعرفه.
وما سبق تركيب لفظي.
والمعنوي: كقولك: (زيدٌ) في جواب: (مَن عندك؟)؛ أي: زيد عندي.
وذهب محمد بن طلحة: إلى أن الكلمة القائمة مقام الجملة: كلام؛ كـ (نعم)، و (لا) في الجواب.
والصحيح: أنه الجملة المقدرة.
وبين الكلام والكلم: عموم وخصوص من وجه.
فالكلام: أعم من كونه يتركب من كلمتين فأكثر، وأخص: من كونه لا يقع إلا على المفيد.
والكلم: بالعكس، فهو أعم: من كونه يقع على المفيد وغيره، وأخص: من جهة التركيب؛ إذ لا يقع إلا على ما تركب من ثلاث.
والقول: هو اللفظ الدال على معنى، فيطلق على:
الكلام؛ كـ (قام زيد).
وعلى الكلم؛ كـ (إن قام زيد)؛ لأنه دل على الشرط.
فقول ابن إياز: (مِن، قد، هل) ليس قولا؛ إذ لا يدل على معنى وإن دل كل من الثلاثة على معنى في نفسه في رأي.
وعلى الكلمة؛ كـ (زيد).
وعن الأخفش: حد القول: حد الكلام.
وقد يطلق على الكلام: (كِلمة)؛ كما قال: (وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤمْ)؛ أي: (يقصد).
وهو كثير في كلام العرب، والمراد بالقلة: في قوله: (قَد يُؤمْ): أن إطلاق الكلمة على الكلام: أقل من إطلاق الكلمة على المفرد.
فالكثير: أن تطلق الكلمة على المفرد المستعمل؛ كـ (زيد، ومِن، وقد).
فخرج: (ديز) مقلوب زيد؛ فهو لفظ لا كلمة؛ لأن الكلمة عبارة: عما وضعه واضع، فعلى هذا: كَل كلمة لفظ، ولا عكس.
فمن إطلاق الكلمة على الكلام: قوله عليه الصلاة والسلام: "أصدق كلمةٍ قالها شاعر: كلمةُ لبيد، فقال:
ألَا كُلُّ شَيءٍ مَا خَلا اللَّهَ باطِلُ
…
وَكُل نَعيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ"
(1)
(1)
التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 256 وجواهر الأدب ص 382، وخزانة الأدب 2/ 255 - 257، والدرر 1/ 71، وديوان المعاني 1/ 18 وسمط اللآلي ص 25 وشرح التصريح 1/ 29، وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392 وشرح المفصل 2/ 78 والعقد الفريد 5/ 27 ولسان العرب 5/ 351 رجز، والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291، ومغني اللبيب 1/ 133، وهمع الهوامع 1/ 3، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 211، وأوضح المسالك 2/ 289، والدرر 3/ 166، ورصف المباني ص 269، وشرح شواهد المغني 2/ 531، وشرح عمدة الحافظ ص 263 وشرح قطر الندى ص 248 واللمع ص 154، وهمع الهوامع 1/ 266.
اللغة والمعنى: لا محالة: لا بد. زائل: فان.
يقول: كل شيء في هذا الوجود ماض إلى زوال إلا وجه ربك ذي الجلال والإكرام.
الإعراب: ألا: حرف استفتاح وتنبيه. كل: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. شيء: مضاف إليه مجرور.
ما: حرف مصدري. خلا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: هو على خلاف الأصل. الله: لفظ الجلالة مفعول به منصوب.
باطل: خبر المبتدأ مرفوع. وكل: الواو حرف عطف، كل: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. نعيم: مضاف إليه مجرور. لا: نافية للجنس. محالة: اسم لا مبني على الفتح في محل نصب. وخبرها محذوف. زائل: خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة (كل شيء باطل): لا محل لها من الإعراب؛ لأنها ابتدائية. وجملة (ما خلا اللَّه): لا محل لها من الإعراب؛ لأنها اعتراضية، أو في محل نصب حال تقديره: خاليا. وجملة (كل نعيم): معطوفة على جملة كل شيء لا محل لها من الإعراب. وجملة (لا محالة): لا محل لها من الإعراب؛ لأنها اعتراضية.
الشاهد: في الحقيقة أنه لا يوجد شاهد في نفس البيت، وإنما الشاهد في الحديث حيث أراد النبي صلوات ربي عليه بقوله:"كلمة" الكلام الكثير؛ فالشاعر لم يقل كلمة، بل قال بيتًا من الشعر.
واعترض عثمان بن مطعون رضي الله عنه على لبيد في قوله:
...............
…
وكل نعيم لا محالة زائل
ومنه أيضا قولهم: ("لا إله إلا اللَّه" كلمة الإخلاص)، وهو من تسمية الكل باسم البعض؛ كقولِهِ:
وَكَمْ عَلَّمتُهُ عِلمَ القَوَافِي
…
فَلَمَّا قَالَ قَافِيَةً هَجَانِي
(1)
فأراد بالقافية: القصيدة، وهي بعضها على الصحيح.
والكلمة: لفظ، بالفعل أو بالقوة، مستقل، دال بجملته على معنى بالوضع.
فلفظ: أخرج الخط ونحوه.
(1)
التخريج: البيت من الوافر، وهو لمعن بن أوس في المحاسن والأضداد 75، والبيان والتبيين 3/ 157، والتمثيل والمحاضرة 68.
وقبل البيت قوله:
فَيَا عَجَبًا لِمَنْ رَبَّيْتُ طِفْلا
…
ألقِّمُهُ بِأَطْرَافِ البَنانِ
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ
…
أُعَلِّمُهُ الفُتُوَّةَ كُلَّ حِينِ
أُعَلِّمُهُ الرِّوَايَةَ كُلَّ وَقْتٍ
…
فَلَمَّا اسْتَدَّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
فَلَمَّا طَرَّ شَارِبه جَفَاني
…
فَلَمَّا صَارَ شَاعِرها هَجَاني
وله روايات أخرى غير هذه الرواية.
اللغة والمعاني: استدّ: أصبح سديدًا لا يخطئ الهدف، وبعضهم يقول:(اشتدّ) بالشين المثلثة، والرواية الصحيحة ما ذكرنا. الإعراب: وكم: الواو حسب ما قبلها، كم حرف تكثير. عليته: فعل وفاعل ومفعول به. علم: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف. القوافي: مضاف إليه. فلما: الفاء: حرف عطف، لما: ظرفية شرطية. قال: فعل ماض مبني على الفتح. قافية: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
هجاني: فعل ومفعول به، والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو.
وجملة (كم علمته): استئنافية لا محل لها. وجملة (فلما قال): معطوفة على الجملة الاستئنافية لا محل لها. وجملة (قال): فعل الشرط الغير جازم لا محل لها. وجملة (هجاني): جواب الشرط لا محل لها.
الشاهد: قوله: (قال قافية)؛ حيث أطلق الجزء على الكل.