الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص:
125 -
وَلَا يَجُوز الابْتِدَا بِالنَّكِرَةْ
…
مَا لَمْ تُفِدْ كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَةْ
(1)
126 -
وَهَل فَتىً فِيْكُم فَمَا خِلُّ لَنَا
…
وَرَجُلٌ مِنَ الْكِرَامِ عِنْدَنَا
(2)
127 -
وَرَغْبَةُ فِي الْخَيْرِ خَيْرُ وَعَمَلْ
…
بِرٍّ يَزِيْنُ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يُقَلْ
(3)
ش:
المبتدأ: محكوم عليه، والحكم علَى الشيء لا يكون إِلَّا بعد معرفته، فمن ثَمَّ لا يبتدأ بنكرة إِلَّا إِذا حصلت بها فائدة.
[مسوغات الابتداء بالنكرة]:
والمسوغ للابتداء بالنكرة وجوه:
(1)
لا: نافية. يجوز: فعل مضارع. الابتدا: فاعل يجوز. بالنكرة: جار ومجرور متعلق بالابتدا. ما: مصدرية ظرفية. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تفد: فعل مضارع مجزوم بلم، والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي، يعود على النكرة. كعند: الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وعند ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، وعند مضاف. وزيد: مضاف إليه. نمرة: مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول المحذوف، وتقدير الكلام: وذلك كائن كقولك: عند زيد نمرة.
(2)
هل: حرف استفهام. فتى: مبتدأ. فيكم: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. فما: نافية. خل: مبتدأ. لنا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر. ورجل: مبتدأ. من الكرام: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لرجل. عندنا: عند: ظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وعند مضاف، والضمير مضاف إليه.
(3)
رغبة: مبتدأ. في الخير: جار ومجرور متعلق به. خيرٌ: خبر المبتدأ. وعمل: مبتدأ، وعمل مضاف. وبِرٍّ مضاف إليه. يزين: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود على عمل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ. وليقس: الواو عاطفة أو للاستئناف، واللام لام الأمر، يقس: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وهو مبني للمجهول. ما: اسم موصول نائب فاعل يقس. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يقل: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود على (ما)، والجملة من الفعل المَبْني للمجهول ونائب فاعله: لا محل لها من الإعراب صلة.
1.
منها: أَن يتقدم عليها الخبر الظّرفي؛ نحو: (فِي الدّار رجل)، و (عندي امرأة).
ويشترط كون الظّرف والمجرور مختصين كما مثل.
• فَلَا يقال: (عند رجل مال)، و (لرجل صدقة)؛ لعدم اختصاص الأول بالمال، والثّاني بالصّدقة.
2.
ومنها: أَن تسبق باستفهام؛ نحو: (هل فتى فيكم؟)، فـ (فتَى): مبتدأ، و (فيكم): خبره.
3.
ومنها: أَن تسبق بنفي؛ نحو: (ما رجل عندي)، و (ما خِلٌّ لنا).
4.
ومنها: أَن توصف النّكرة وتذكر الصّفة؛ كقولِهِ تعالَى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} ، وقول الشيخ:(رجل من الكرام عندنا).
• ويجوز حذف الصّفة للعلم بها؛ نحو: (اللّحمُ رطلٌ بدرهمٍ)؛ فـ (رطل): مبتدأ، و (بدرهم): خبره، والوصف مقدر؛ أَي:(رطل منه بدرهم).
5.
ومنها: أَن تكون النّكرة عاملة فيما بعدها؛ نحو: (أمرٌ بمعروف صدقةٌ) فـ (أمرٌ): مبتدأ، وهو مصدر عامل فِي المجرور النّصب محلًا، و (صدقةٌ): خبر، ومثله:(رغبةٌ فِي الخيرِ خيرٌ)، ونحو:(خير منك زيد).
وعن سيبويه: أنه يجعل (زيدٌ) مبتدأ فِي هذا المثال؛ لأنَّ الأصل عنده تعريف المبتدأ، إِلَّا فِي نحو:(ما، وكم) فِي الاستفهام، فيرَى أَن يكونَ كل منهما مبتدأ وإِن كَانَ نكرة؛ لأنه لم يقصد به معين.
وسبق مذهب ابن كيسان فِي ذلك فِي أول النّكرة والمعرفة.
6.
ومنها: أَن تكون النّكرة مضافة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "خمسُ صلوات كتبهنَّ الله"، ومنه قول الشيخ:(عملُ بِرِّب يزين).
وهذه ستة ذكرها الشّيخ هنا.
7.
ومنها: أَن يكونَ فِي النّكرة معنَى الحصر؛ كقولهم: (شرٌّ آهرَّ ذا ناب)؛ أَي: (ما أهر ذا ناب إلا شر).
وقيل: المسوغ هنا: الوصف المحذوف، والتّقدير:(شيء عظيم أهر ذا ناب)،
فيكون مثل قولك: (اللّحم رطل بدرهم) كما سبق.
8.
ومنها: أَن تعطف النّكرة علَى المعرفة؛ نحو: (زيدٌ ورجلٌ قاما).
9.
ومنها: أَن يعطف علَى النكرة نكرة أخرى موصوفة؛ نحو: (رجل وأمرأة جميلة فِي الدّار).
ومنه فِي القرآن: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} ؛ فـ (طاعة): مبتدأ، والخبر: محذوف؛ أَي: طاعة وقول معروف أمثل. واللَّه أعلم بمراده.
10.
ومنها: أَن يتصد بها التّنويع؛ كقولِهِ تعالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ}، فـ (وجوه): مبتدأ فِي الموضعين، وخبر الأولى:(ناضرة)، والثّاني:(باسرة)، و (يومئذ) فِي الموضعين: متعلق بالخبر، ولَا يجوز أَن يكونَ (يومئذ) صفة لوجوه؛ لأنَّ ظرف الزّمان لا يوصف به الجثة.
• وغلط الرّضي فِي هذا الموضع فقال: إن (وجوه): مبتدأ بِلَا مسوغ.
• والمسوغ: التّفصيل كما ذكرت لك، ومنه أيضًا قولُ الشّاعرِ:
فأَقْبَلتُ زَحْفًا علَى الرُّكْبَتَيْنِ .... فثَوْبٌ نَسيتُ وثَوْبٌ أَجُرّ
(1)
(1)
التخريج: هذا البيت من قصيدة لامرئ القيس أثبتها لهُ أبو عمرو الشّيباني، والمفضل الضّبِّي، وغيُرهما، وزعم الأصمعي -في روايته عن أبي عمرو بن العلاء- أن القصيدة لرجل من أولاد النّمر بن قاسط يقال لهُ: ربيعة بن جشم، وأولها عنده:
أحارِ بن عمرٍو كأني خَمِرْ
…
ويَعدو على المَرء ما يأتَمِر
الإِعراب: فأقبلت: الفاء عاطفة، أقبلت: فعل ماض مبني على الفتح، وسكن لاتصاله بالتاء، والتاء: فاعل. زحفًا: يجوز أن يكون مصدرًا في تأويل اسم الفاعل، فيكون حالًا من التاء في أقبلت، ويجوز بقاؤه على مصدريته فهو مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: أزحف زحفًا. على الرّكبتين: جار ومجرور متعلق بقوله: (زحفًا). فثوبٌ: مبتدأ. لبستُ: فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر، والرّابط ضمير محذوف، والتّقدير: لبسته. وثوب: الواو عاطفة، ثوب: مبتدأ. أجرّ: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا، والجملة في محل رفع خبر، والرّابط ضمير منصوب محذوف، والتّقدير: أجره، والجملة من المبتدأ وخبره معطوفة بالواو على الجملة السّابقة.
الشَّاهد: قوله: (ثوب) في الموضعين؛ حيث وقع كل منهما مبتدأ -مع كونه نكرة- لأنه قصد التّنويع، إِذ جعل أثوابه أنواعًا؛ فمنها نوع أذهله حبها عنهُ فنسيه، ومنها نوع قصد أن يجره على=
فـ (ثوبٌ): مبتدأ، و (نسيتُ): خبر، وا لعائد محذوف؛ أَي: نسيته.
و (ثوب) الثّاني: مبتدأ، وخبره:(أجر)، والمسوغ: التّنويع كما فِي الآية الكريمة.
وقولُ الآخرِ:
فَيْومٌ عَلينَا ويَومٌ لَنا
…
وَيَوم نُسَاءُ وَيَومٌ نُسَرّ
(1)
11.
ومنها: أَن تعتمد النّكرة علَى موصوف مقدر؛ نحو: (فمؤمنٌ خيرٌ من كافر)؛ أَي: (رجل مؤمن خير من كافر).
12.
ومنها: أن تكون جوابًا؛ كقولك: (رجل) لمن قال: (مَن عندك؟) أَي: رجل عندي.
=آثار سيرهما ليعفيها حتى لا يعرفهما أحد، وهذا توجيه ما ذهب إِليه العلامة الشّارح.
قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله في شرحه لابن عقيل:
وفي البيت توجيهان آخران ذكرهما ابن هشام، وأصلهما للأعلم:
أحدهما: أن جملتي (نسيت، وأجر) ليستا خبرين، بل هما نعتان للمبتدأين، وخبراهما محذوفان، والتّقدير: فمن أثوابي ثوب منسي وثوب مجرور.
والتّوجيه الثّاني: أن الجملتين خبران، ولكن هناك نعتان محذوفان، والتّقدير: فثوب لي نسيته، وثوب لي أجره، وعلى هذين التّوجيهين فالمسوغ للابتداء بالنّكرة: كونها موصوفة.
وفي البيت رواية أخرى، وهي:(فثوبًا نسيت وثوبًا أجر) بالنّصب فيهما، على أن كلا منهما مفعول للفعل الذي بعده، ولَا شاهد في البيت على هذه الرّواية، ويرجح هذه الرّواية على رواية الرّفع: أنها لا تحوج إِلى تقدير محذوف، وأن حذف الضّمير المنصوب العائد على المبتدأ من جملة الخبر ممَّا لا يجيزه جماعة من النّحاة -منهم سيبويه- إِلا لضرورة الشّعر.
(1)
التخريج: هذا البيت من المتقارب، وقائله النّمر بن تولب. انظر شعره ص 57، وهو من شواهد سيبويه 1/ 86، والكشاف 1/ 466، والهمع 1/ 101، وثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي ص 641.
الإِعراب: (فيومٌ، ويومٌ، ويومٌ، ويومٌ): كلها مبتدآت، وقوله:(علينا، ولنا، ونُسَاء، ونُسَر): أخبار عنها، والأصل:(فيوم علينا، ويوم لنا، ويوم نُسَاء فيه، ويومٍ نُسَرُّ فيه)، فحذف الرابط لأنه منصوب بفعل محلًّا.
الشاهد: قوله: (فيومٌ، ويومٌ، ويومٌ، ويومٌ)؛ حيث وقعت النكرة مبتدأ في المواضع الأربعة؛ لأَنَّها في مقام التقسيم، وهو من المسوغات لوقوع النكرة مبتدأ.
ولَا يقدر الخبر هنا إِلَّا مؤخرًا؛ لأنَّ الجواب يسلك به مسلك السّؤال، والمقدم فِي السّؤال: مبتدأ.
13.
ومنها: أَن تكون النّكرة مصغرة؛ نحو: (رُجَيلٌ فِي الدّار)؛ لأنَّ التّصغير فيه معنَى الوصف، وكأنه قيل:(رجل حقير فِي الدّار).
14.
ومنها: أَن تكون النّكرة اسم شرط؛ نحو: (مَن يقم أقم معه).
15.
أَو: اسم استتفهام؛ نحو: (مَن جاءك؟).
16.
ومنها. أَن يكونَ فِي النّكرة معنى الدّعاء؛ كقولِهِ تعالَى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} ، ونحو قولك:(ويلٌ لزيد).
17.
ومنها: أَن تقع قبلها واو الحال؛ نحو: (سرت ورجل ينظرني)، ومنه قول عائشة رضي الله عنها:"دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبرمةٌ علَى النّار"، و (دخل وحبلٌ ممدود)، وقولُ الشّاعرِ:
سَرَيْنَا وَنَجمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا .................
(1)
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزُه: مُحَيَّاكَ أَخْفَى ضَوْؤُهُ كُلَّ شَارِق
وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98، وتخليص الشواهد ص 193، والدرر 2/ 32، وشرح شواهد المغني 2/ 863، ومغني اللبيب 2/ 471، والمقاصد النحوية 1/ 546، وهمع الهوامع 1/ 101، وهو من الشواهد التي لا يعرف قائلها.
اللغة: سرينا: من السرى -بضم السين- وهو السير ليلًا. أضاء: أنار. بدا: ظهر. محياك: وجهك. المعنى: شبه الشاعرُ الممدوحَ بالبدر تشبيها ضمنيا، ولم يكتف بذلك حتى جعل ضوء وجهه أشد من نور البدر وغيره من الكواكب المشرقة.
الإعراب: سرينا: فعل وفاعل. ونجم: الواو للحال، نجمٌ: مبتدأ. قد: حرف تحقيق. أضاء: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى نجم، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ. فمذ: اسم دال على الزمان في محل رفع مبتدأ. بدا: فعل ماض. محياك: محيا: فاعل بدا، ومحيا مضاف، وضمير المخاطب: مضاف إليه، والجملة في محل جر بإضافة مذ إليها، وقيل: مذ مضاف إلى زمن محذوف، والزمن مضاف إلى الجملة. أخفى: فعل ماض. ضوؤه: ضوء: فاعل أخفى، وضوء مضاف، والضمير: مضاف إليه. كلَّ: مفعول به لأخفى، وهو مضاف. شارق: مضاف إليه، والجملة من الفعل -الذي هو أخفى- والفاعل في محل=
18.
ومنها: أن يكون فيها معنى التّعجب؛ نحو: (بقرةٌ تكلمت)، و (شجرةٌ سجدت)، وقوله:
عَجَبٌ لِتِلْكَ قَضِيَّةً وَإِقَامَتِي
…
فِيْكُمْ عَلَى تِلْكَ القَضِيَّة أَعْجَبُ
(1)
فـ (عجب): مبتدأ، و (لتلك): خبره.
19.
ومنها: أن تكون النّكرة عامة؛ نحو: (كلٌّ يموت).
20.
ومنها: أَن تكونَ للحقيقة من حيث هي؛ نحو: (رجلٌ خيرٌ من امرأة)،
=رفع خبر المبتدأ وهو: مذ.
الشاهد: قوله: (ونجم قد أضاء)؛ حيث أتى بنجم مبتدأ -مع كونه نكرة- لسبقه بواو الحال.
(1)
التخريج: البيت لضمرة بن جابر في الدّرر 3/ 72، ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319، ولسان العرب 6/ 61 حيس، ولهمام بن مرة في الحماسة الشّجرية 1/ 256، ولرؤية في شرح المفصل 1/ 114، وبلا نسبة في سمط اللّآلي ع 288، وشرح التّصريح 2/ 87، وهمع الهوامع 1/ 191.
المعنى: قال الشّنتمري: كَانَ هذا الشّاعر ممن يبر أمه ويخدمها، وكانت مع ذلك تؤثر أخًا لهُ عليه يقال لهُ جندب. وقبله:
وإِذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها
…
وإِذا يُحَاس الحِيس يُدعى جُندُبُ
فعجبَ من ذلك ومن صبره عليه.
الإِعراب: عجبٌ: مبتدأ مرفوع بالضّمة. لتلك: اللّام حرف جر، تلك: اسم إِشارة مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، أو بعجب إِذا اعتُبِر خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره: أمري عجب. قضيةً: حال من اسم الإِشارة "تلك" منصوب بالفتحة. وإِقامتي: الواو حرف عطف، إِقامتي: مبتدأ مرفوع بضمة منع من ظهورها انشغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإِضافة. فيكم: في: حرف جر، الكاف: ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بإِقامة. على: حرف جر. تلك: اسم إِشارة مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بإِقامة. القضية: بدل من تلك مجرور بالكسرة. أعجب: خبر للمبتدأ إِقامتي مرفوع بالضّمة.
الشَّاهد: قوله: (عجبٌ) حيث رفع على الابتداء مع أنه نكرة، أو على إِضمار مبتدأ تقديره: أمري عجب.
و (سيفٌ أقوى من عصا).
ومنه قول ابن عباس رضي اللَّه تعالَى عنهُما: (تمرة خير من جرادة).
21.
ومنها: أَن تدخل عليها لام ألابخداء نحو: (لرجلٌ قائم).
22.
ومنها: أَن لا يراد بها معين؛ كقولِهِ:
مُرسَّعَةٌ بَينَ أَرسَاغِهِ ................
(1)
(1)
صدر بيت من المتقارب، وعجزه: بهِ عسَمٌ يبتغي أرنَبَا
التخريج: قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في هذا الشاهد من شرح ابن عقيل: اتفق الرواة على أن هذا البيت لشاعر اسمه امرؤ القيس، لكن اختلفوا فيما وراء ذلك، فقيل: لامرئ القيس بن حجر الكندي الشاعر المشهور، وقال أبو القاسم الكندي: ليس ذلك بصحيح، بل هو لامرئ القيس بن مالك الحميري، لكن الثابت في نسخة ديوان امرئ القيس بن حجر الكندي -برواية أبي عبيدة والأصمعي وأبي حاتم والزيادي، وفيما رواه الأعلم الشنتمري من القصائد المختارة- نسبة هذا البيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، وقال السيد المرتضى في "شرح القاموس"، نقلا عن "العباب"، ما نصه: هو لامرئ القيس بن مالك الحميري، كما قاله الآمدي، وليس لابن حجر كما وقع في دواوين شعره، وهو موجود في أشعار حمير اهـ. ومهما يكن من شيء فقد روى الرواة قبل بيت الشاهد قوله:
أيا هند لا تنكحي بوهة
…
عليه عقيقته أحسبا
اللغة: بوهة: هو بضم الباء- الرجل الضعيف الطائش، وقيل: هو الأحمق. عقيقته: العقيقة: الشعر الذي يولد به الطفل. أحسبا: الأحسب من الرجال: الرجل الذي ابيضت جلدته.
وقال القتيبي: أراد بقوله: (عليه عقيقته): أنه لا يتنظف.
وقال أبو علي: معناه أنه لم يعق عنه في صغره، فما زال حتى كبر وشابت معه عقيقته.
مرسعة: هي التميمة يعلقها -مخافة العطب- على طرف الساعد فيما بين الكوع والكرسوع. وذكر الشارح أنه تعلق على الرأس.
وقيل: هي مثل المعاذة، وكان الرجل من جهلة العرب يشد في يده أو رجله حرزا لدفع العين، أو مخافة أن يموت، أو يصيبه بلاء بين أرساغه. الأرساغ: جمع رُسْغ -بوزن قفل- يعني أنه يجعلها في هذا المكان.
المعنى: يخاطب هندًا أخته -فيما ذكر الرواة- ويقول لها: لا تتزوجي رجلًا من جهلة العرب، يضع التمائم، ويقعد عن الخروج للحروب، وفي رسغه اعوجاج ويبس، لا يبحث إلا عن الأرانب ليتخذ كعوبها تمائمَ جُبنًا وفَرَقًا.
و (المرسَّعة): التّميمة تعلق علَى الرّأس.
23.
ومنها: أَن تقع بعد (لولا)؛ كقولِهِ:
لَولَا اصطِبارٌ لَأودَى كُلُّ ذِي مِقَةٍ .................
(1)
=الإعراب: مرسعةٌ: مبتدأ. بين: ظرف منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وبين مضاف.
أرساغه: مضاف إليه، وأرساغ مضاف والضمير مضاف إليه، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب نعت لبوهة في البيت السابق، والرابط بين جملة الصفة والموصوف: هو الضمير المجرور محلًا بالإضافة في قوله: أرساغه. به: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. عَسَمٌ: مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب صفة ثانية لبوهة. يبتغي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو يعود إلى بوهة، وجملة الفعل وفاعله في محل نصب صفة لبوهة أيضًا. أرنبا: مفعول به ليبتغي، فقد وصف البوهة في هذين البيتين بخمس صفات: الأولى: قوله: عليه عقيقه. والثانية: قوله: أحسبا. والثالثة: جملة مرسعة بين أرساغه. والرابعة: جملة به عسم. والخامسة: جملة يبتغي أرنبا.
الشاهد: قوله: (مرسعةٌ)؛ فإنها نكرة وقعت مبتدأ، وقد سوغ الابتداء بها إبهامُها، ومعنى ذلك: أن المتكلم قصد الإبهام بهذه النكرة، ولم يكن له غرض في البيان والتعيين أن تقليل الشيوع، وأنت خبير بأن الإبهام قد يكون من مقاصد البلغاء، ألا ترى أنه لا يريد مرسعة دون مرسعة، وهذا معنى قصد الإبهام الذي ذكره الشارح.
واعلم: أن الاستشهاد بهذا البيت لا يتم إلا على رواية (مرسَّعةٌ) بتشديد السين مفتوحة، وبرفعها وتفسيرها بما ذكرنا، وقد رويت بتشديد السين مكسورة، ومعناها الرجل الذي فسد موق عينه، وعلى هذا تروى بالرفع والنصب، فرفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو مرسعة، أي البوهة السابق مرسعة، ونصبها على أنها صفة لبوهة في البيت السابق من باب الوصف بالمفرد، ولا شاهد في البيت لما نحن فيه الآن على إحدى هاتين الروايتين.
(1)
التخريج: هذا صدر بيت، وعجزه قوله: كَمَا استَقَلَّت مَطَايَاهُنَّ لِلظعَنِ
وهو من شواهد التصريح: 1/ 170، وابن عقيل: 1/ 224، والأشموني: 1/ 98، والعيني: 1/ 352.
المفردات الغريبة: أودى: ماضٍ لازم بمعنى هلك. مِقَة: محبة، وفعله: ومَق يمِق بالكسر فيهما، والياء فيه عوض عن فاء الكلمة، وهي الواو. استقلت: نهضت وهمت للسفر. مطاياهن: جمع مطية، والمراد بها هنا الإبل، وسميت بذلك؛ لأنه يركب مطاها أي ظهرها. الظعن: الارتحال.
المعنى: يقول الشاعر: لولا التجلد والصبر، وحمل النفس على عدم الجزع لهلك كل محب عند تهيؤ أحبابه للسفر والرحيل، ومفارقتهم له.
أَي: لهلك كل ذي محنة فـ (اصطبار): مبتدأ، والخبر: محذوف لأنه بعد (لولا) كما سيأتي.
24.
ومنها: أَن تكون النّكرة (كم) إن كَانَ ما بعدها منصوبًا أَو مجرورًا؛ كقولِهِ:
كَمْ عَمّةٌ لَكَ يا جَرِيرُ وَخَالَةٌ
…
فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي
(1)
=الإعراب: لولا: حرف امتناع لوجود، أو: حرف شرط غير جازم. اصطبار: مبتدأ مرفوع، وخبره محذوف وجوبًا، والتقدير: لولا اصطبار موجود. لأودى: اللام واقعة في جواب لولا. أودى: فعل ماضٍ. كلُّ: فاعل أودى. ذي: مضاف إليه. مِقة. مضاف إليه. كما: متعلق بأودى. استقلت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. مطاياهن: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف، وهن: في محل جر بالإضافه. للظعن: متعلق باستقلت.
الشاهد: قوله: (اصطبار)؛ حيث وقع مبتدأ، وهو نكرة، والذي سوغ وقوعه مبتدأ: وقوعه بعد (لولا)، وهي تشبه ما النافية في الجملة؛ لأنها تقتضي انتفاء جوابها لانتفاء شرطها.
(1)
التخريج: البيت للفرزدق في هجاء جرير، وهو من شواهد الكتاب 1/ 253، 293، والمقتضب 3/ 58، والموجز لابن السّراج/ 44، وشرح السّيرافي 3/ 19، والجمل للزجاجي/ 148، وابن يعيش 4/ 133، وشرح الكافية للرضي 2/ 93، والمغني 1/ 202، والنّقائض/ 33، والدّيوان/ 451.
والمبرد يرى أن كم استفهامية في البيت، وتوجيه ذلك بأن الاستفهام ليس على معناه الحقيقي، ولكنه على سبيل التّهكم والسّخرية. فكأنه يقول لجرير: أخبرني عن عدد عماتك وخالاتك اللّاتي حلبن علي عشاري؛ فقد ذهب عني عددها.
اللُّغة: الفدع: اعوجاج في رسغ اليد من كثرة الحلب، أو في رسغ الرِّجل من كثرة الرّعي. العشار: جمع عشراء وهي النّاقة الحامل في شهرها العاشر.
المعنى: على الإِخبار: كثير من عماتك وخالاتك يا جرير، كن من جملة خدمي وقد تعوجت أرساغهن من كثرة حلبهن نياقي على كره مني.
وعلى الاستفهام: أخبرني يا جرير، بعدد عماتك وخالاتك اللّاتي كن يخدمنني ويحلبن نياقي حتى تعوجت أرساغهن من كثرة الحلب، فقد نسيت عددهن.
الإعراب: قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله في شرحه لابن عقيل: (كم) يجوز أن تكون استفها مية، وأن تكون خبرية (عمة) يجوز فيها وفي (خالة) المعطوفة عليها الحركات الثلاث: أما الجر (عمةٍ) فعلى أن كم خبرية في محل رفع مبتدأ، وخبره جملة حلبت و (عمةٍ): تمييز لها، وتمييز كم الخبرية مجرور كما هو معلوم، و (خالةٍ): معطوف عليها.
فـ (كم): مبتدأ علَى رواية جر (عمةٍ) ونصبِها و (قد حلبت): خبره.
ويروَى برفع (عمةٌ)، فتكون (عمة): مبتدأ، وقوله:(لك): فِي موضع الصّفة لهُ، و (قد حلبت): خبره، وكم حينئذ فِي محل نصب علَى الظّرفية، والتّقدير:(كم من عمة لك قَدْ حلبت).
والفدعاء: الَّتي إصبعها معوجَّة من كثرة حلبها.
وأما نحو: (كم مالُك؟) .. فـ (كم): مبتدأ، و (مالك): خبره، والمميز محذوف؛ أَي:(كم دينارًا مالُك؟)، هذا مذهب سيبويه.
وعكس الأخفش.
وعلَى قولى سيبويه يكون المسوغ للابتداء بـ (كم): ما فيها من معنَى العموم.
25.
ومنها: أَن تقع النّكرة بعد فاء الجزاء؛ كقولهم: (إن ذهب عِيرٌ فعيرٌ في
=وأما النصب (عمةً) فعلى أن كم استفهامية في محل رفع مبتدأ، وخبره جملة حلبت أيضًا، و (عمةً): تمييز لها، وتمييز كم الاستفهامية منصوب كما هو معلوم، و (خالةً) معطوف عليها. وأما الرفع (عمةٌ) فعلى أن كم خبرية أو استفهامية في محل نصب ظرف متعلق بحلبت أو مفعول مطلق عامله حلبت الآتي، وعلى هذين يكون قوله:(عمةٌ) مبتدأ.
وقوله: (لك) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت له، وجملة (قد حلبت): في محل رفع خبره، وتمييز (كم) على هذا الوجه محذوف، وهي -على ما عرفت- يجوز أن تكون خبرية فيقدر تمييزها مجرورًا، ويجوز أن تكون استفهامية فيقدر تمييزها منصوبًا. فدعاء: صفة لخالة، وقد حذف صفة لعمة مماثلة لها، كما حذف صفة لخالة مماثلة لصفة عمة، وأصل الكلام قبل الحذفين:(كم عمة لك فدعاء، وكم خالة لك فدعاء) فحذف من الأول كلمة فدعاء، وأثبتها في الثاني، وحذف من الثاني كلمة لك وأثبتها في الأول، فحذف من كل مثل الذي أثبته في الآخر، وهذا ضرب من البديع يسميه أهل البلاغة: الاحتباك.
الشاهد: قوله: (عمةٌ) على رواية الرفع؛ حيث وقعت مبتدأ -مع كونها نكرة؛ لوقوعها بعد (كم) الخبرية، كذا قال الشارح العلامة، وأنت خبير بعدما ذكرناه لك في الإِعراب أن (عمة) على أي الوجوه موصوفة بمتعلق الجار والمجرور، وهو قوله:(لك)، و (بفدعاء) المحذوف الذي يرشد إِليه وصف خالة به، وعلى هذا: لا يكون المسوغ في هذا البيت وقوع النكرة بعد كم الخبرية، وإِنما هو وصف النكرة، وبحثت عن شاهد فيه الابتداء بالنكرة بعد كم الخبرية، ولَا مسوغ فيه سوى ذلك، فلم أوفق للعثور عليه.
الرباط).
وجُعِل منه قراءة الأعرج: (فإِن خفتم أَن لا تعدلوا فوحدةٌ) بالرّفع؛ أَي: تجزئ أَو تكفي.
ومنه علَى أحد الأوجه: قوله تعالَى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} ؛ فـ (آخران): مبتدأ، و (يقومان): الخبر.
وقيل: (آخران): خبر لمحذوف؛ أَي: فالشّاهدان آخران.
وقيل: التّقدير: فليشهد آخران.
وقيل: (آخران): مبتدأ، والخبر:(الأوليان).
[وقيل: (الأوليان]: مبتدأ، و (آخران): خبر مقدم.
وقيل: (الأوليان) خبر لمحذوف؛ أَي: هما هما الأوليان، والجملة: خبر الآخران.
وقيل: (الأوليان): صفة لى (آخران)، وجاز ذلك؛ لأنَّ النكرة قَدْ وصفت، وهو للأخفش؛ لأنَّ النكرة إِذا تخصصت .. يجوز نعتها بالمعرفة عنده، ونائب الفاعل فِي (استحق) ضمير يعود علَى الاسم المتقدم ذكره.
وقيل: إن نائب الفاعل (عليهم)؛ لأنَّ (استحق عليهم) فِي معنى: (جنَى عليهم) بالجيم والنّون.
وقيل: (علَى) بمعنَى (فِي) ويقرأ استحق بفتح التاء علَى التّسمية الفاعل، وفيه وفيما تقدم كلام طويل.
والحامل علَى بسط الكلام فِي هذا ونحوه: تقوية الطّالب.
26.
وصرح ابن إِياز فِي "قواعد المطارحة" بجواز الابتداء بالنكرة إن كَانَ الخبر ظرفًا مضافًا لمعرفة؛ نحو: (رجل خلفك)، و (رجل عندك).
27.
ومنها: أَن تقع النّكرة بعد إِذا الفجائية؛ نحو: (خرجت فإِذا رجل بالباب).
28.
ومنها: أَن يقصد بها المناقضة؛ نحو: (رجل قام) لمن ظن أَن امرأة قامت.
29.
ومنها: أَن يقصد بها الأمر؛ نحو: (وصيةٌ لأزواجهم) علَى قراءة الرّفع.
وَلَم يشترط سيبويه والجرجاني وابن السراج فِي الابتداء بالنّكرة إِلَّا حصول الفائدة.
وقال الحسن بن الدّهان تلميذ السّيرافي: إذا حصلت الفائدة فأخبر عن أَي نكرة شئت.
واللَّه الموفق
ص:
128 -
وَالْأصْلُ فِي الأَخْبَارِ أَنْ تُؤخَّرَا
…
وَجَوَّزُوا التَّقْدِيْمَ إِذْ لَا ضَرَرَا
(1)
ش:
الأصل فِي الخبر: التّأخير؛ لأنه يشبه الصّفة فِي موافقة ما قبله فِي الإِعراب لا من كل وجه؛ إِذ يجوز تقديم الخبر حيث لا ضرر فِي تقديمه، فتقول:(قائم زيد)، و (في الدّار بكر).
ومنه قولك: (مشنوءٌ مَن يشنؤك)، و (تميميٌّ أنا).
وقوله:
قَدْ ثَكِلَت أُمُّهُ مَنْ كُنتَ وَاحِدَهُ ......................
(2)
(1)
والأصل: مبتدأ. في الأخبار: جار ومجرور متعلق به. أن: مصدرية. تؤخرا: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي، يعود إلى الأخبار، والألف للإطلاق، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ. وجوزوا: فعل وفاعل. التقديم: مفعول به لجوزوا. إذ: ظرف زمان متعلق بجوزوا. لا: نافية للجنس. ضررا: اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب، والألف للإطلاق، وخبر لا محذوف، أي: لا ضرر موجود، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل جر بإضافة إذ إليها.
(2)
التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: وصار مُنْتَشِبًا في بُرْثُنِ الأسَدِ
وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص 160؛ والأغاني 4/ 161؛ والمقاصد النحوية 1/ 553؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص 187.
اللغة: ثكلت أمه: هو من الثكل، وهو فقد المرأة ولدها. منتشبًا: عالقًا داخلًا. برثن الأسد: مخلبه وجمعه براثن، مثل برقع وبراقع، والبراثن للسباع: بمنزلة الأصابع للإنسان، وقال ابن الأعرابي: البرثن: الكف بكمالها مع الأصابع.
فـ (مَن): مبتدأ، و (قد ثكلت): خبر مقدم، ودخله الطي
(1)
.
ومن تقديم الخبر أيضًا: قوله تعالَى: {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ؛ فـ (ما كانوا): مبتدأ، و (باطل): خبر.
وقرئ: (باطلًا) بالنّصب، والعامل فيه:(يعملون)، و (ما): زائدة.
واجتمع التّقديم وعدمه فِي قوله عليه الصلاة والسلام: "ملعون من لعب بالشّطرنج، والنّاظر إِليها كالآكل لحم الخنزير"، ذكره السّيوطي فِي "الجامع الصغير".
واللَّه الموفق
ص:
129 -
فَامْنَعْهُ حِيْنَ يسْتَوِي الْجُزْءان
…
عُرْفًا وَنُكْرًا عَادِمَيْ بَيَانِ
(2)
=الإعراب: قد: حرف تحقيق. ثكلت: ثكل: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث. أمُّه: أم: فاعل ثكلت، وأم مضاف، والضمير مضاف إليه، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر مقدم. مَن: اسم موصول مبتدأ مؤخر. كنت: كان: فعل ماض ناقص، والتاء ضمير المخاطب اسمه مبني على الفتح في محل رفع. واحده: واحد خبر كان، وواحد مضاف، والضمير مضاف إليه، والجملة من كان واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول الذي هو مَن. وبات: الواو عاطفة، بات: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى مَن. منتشبًا: خبر بات. في برثن: جار ومجرور متعلق بمنتشب، وبرثن مضاف. الأسد: مضاف إليه.
الشاهد: قوله: (ثكلت أمه من كنت واحده)؛ حيث قدم الخبر، وهو جملة (ثكلت أمه) على المبتدأ وهو (من كنت واحده)، وفي جملة الخبر المتقدم ضمير يعود على المبتدأ المتأخر، وسهل ذلك أن المبتدأ -وإن وقع متأخرًا- بمنزلة المتقدم في اللفظ، فإن رتبته التقدم على الخبر.
(1)
الطي: هو حذف الرابع الساكن من (مستفعلن) فتصبح: (مستعلن).
(2)
فامنعه: امنع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت، والضمير البارز العائد على تقديم الخبر- مفعول به لامنع. حين: ظرف زمان متعلق بامنع. يستوي: فعل مضارع. الجزءان: فاعل يستوي، والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة حين إليها. عرفًا: تمييز. ونكرًا: معطوف عليه. عادمي: حال من الجزءان، وعادمي: مضاف. وبيان: مضاف إليه، والتقدير: فامنع تقديم الخبر في وقت استواء جزأَي الجملة -وهما المبتدأ والخبر- من جهة التعريف والتنكير، بأن يكونا معرفتين أو نكرتين كل منهما صالحة للابتداء بها، حال كونهما عادمي بيان، أي لا قرينة معهما تعين المبتدأ منهما من الخبر.