الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب فِي المَواقِيتِ
313 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ فلانِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ -قالَ أَبُو داودَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحارِثِ بْنِ عَيّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ- عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِيمٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّنِي جِبْرِيلُ عليه السلام عِنْدَ البَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زالَتِ الشَّمْسُ وَكانَتْ قَدْرَ الشِّراكِ وَصَلَّى بِيَ العَصْرَ حِينَ كانَ ظِلُّة مِثْلَهُ وَصَلَّى بِيَ -يَعْنِي المَغْرِبَ- حِينَ أَفْطَرَ الصّائِمُ وَصَلَّى بِيَ العِشاءَ حِينَ غابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى بِيَ الفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعامُ والشَّرابُ عَلَى الصّائِمِ فَلَمّا كانَ الغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِيَ العَصْرَ حِينَ كانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَصَلَّى بِيَ الَمغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصّائِمُ وَصَلَّى بِيَ العِشاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَصَلَّى بِيَ الفَجْرَ فَأَسْفَرَ ثُمَّ التَفَتَ إِلَيَّ فَقالَ يا مُحَمَّد هذا وَقْتُ الأَنْبِياءِ مِنْ قَبْلِكَ والوَقْتُ ما بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ"(1).
314 -
حَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المُرادِيُّ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابن شِهابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ كانَ قاعِدًا عَلَى الِمنْبَرِ فَأَخَّرَ العَصْرَ شَيْئًا فَقالَ لَهُ عُرْوَةُ بْن الزُّبَيْرِ: أَما إِنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِوَقْتِ الصَّلاةِ فَقالَ لَه عُمَرُ: اعْلَمْ ما تَقُولُ. فَقالَ عُرْوَةُ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبا مَسْعُودِ الأَنْصارِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَزَلَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلاةِ فَصَلَّيتُ مَعَهُ ثُمّض صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ". يَحْسُبُ بِأَصابِعِهِ خَمْسَ صَلَواتٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَرُبَّما أَخَّرَها حِينَ يَشْتَدُّ الَحرُّ وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي العَصْرَ والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَها الصُّفْرَةُ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّلاةِ فَيَأْتِي ذا الحُلَيْفَةِ قَبْلَ
(1) رواه الترمذي (149)، وأحمد 1/ 333، وابن خزيمة (325).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(417).
غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُصَلِّي المَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي العِشاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الأُفُقُ وَرُبَّما أَخَّرَها حَتَّى يَجْتَمِعَ النّاسُ وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أخرَى فَأَسْفَرَ بِها ثُمَّ كانَتْ صَلاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى ماتَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ. قالَ أَبُو داودَ: وَرَوَى هذا الحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: مَعْمَرٌ وَمالِكٌ وابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الوَقْتَ الذِي صَلَّى فِيهِ ولم يفَسِّرُوهُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَواة هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ رِوايَةِ مَعْمَرٍ وَأَصْحابِهِ إِلَّا أَنَّ حَبِيبًا لم يَذْكُرْ بَشِيرًا وَرَوَى وَهْبُ بْنُ كَيْسانَ، عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ الَمغْرِبِ قالَ ثمَّ جاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غابَتِ الشَّمْسُ -يَعْنِي مِنَ الغَدِ- وَقْتًا واحِدًا.
قالَ أَبُو داودَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ ثُمَّ صَلَّى بِي المَغْرِبَ يَعْنِي مِنَ الغَدِ وَقْتًا واحِدًا وَكَذَلِكَ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ مِنْ حَدِيثِ حَسّانَ بْنِ عطِيَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
315 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ داودَ، حَدَّثَنا بَدْرُ بْنُ عُثْمانَ، حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ سائِلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى أَمَرَ بِلالًا فَأَقامَ لِلْفَجْرِ حِينَ انْشَقَّ الفَجْرُ فَصَلَّى حِينَ كانَ الرَّجُلُ لا يَعْرِفُ وَجْهَ صاحِبِهِ أَوْ إِنَّ الرَّجُلَ لا يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِلالًا فَأَقامَ الظُّهْرَ حِينَ زالَتِ الشَّمْسُ حَتَّى قالَ القائِلُ: انْتَصَفَ النَّهارُ. وَهُوَ أَعْلَمُ ثُمَّ أَمَرَ بِلالًا فَأَقامَ العَصْرَ والشَّمْسُ بَيْضاءُ مُرْتَفِعَةٌ وَأَمَرَ بِلالًا فَأَقامَ المَغْرِبَ حِينَ غابَتِ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِلالًا فَأَقامَ العِشاءَ حِينَ غابَ الشَّفَقُ فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ صَلَّى الفَجْرَ وانْصَرَفَ فَقُلْنا أَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَقامَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ العَصْرِ الذِي كانَ قَبْلَهُ وَصَلَّى العَصْرَ وَقَدِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ -أَوْ قالَ: أَمْسَى- وَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَصَلَّى العِشاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ قالَ: "أَيْنَ السّائِلُ، عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ الوَقْتُ فِيما بَينَ هَذَيْنِ".
قالَ أَبُو داودَ: رَواهُ سُلَيْمان بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطاءٍ، عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي
(1) رواه البخاري (521، 3221)، ومسلم (610) مختصرا.
المَغْرِبِ بِنَحْوِ هذا قالَ ثُمَّ صَلَّى العِشاءَ قالَ بَعْضُهُمْ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وقالَ بَعْضُهُمْ إِلَى شَطْرِهِ. وَكَذَلِكَ رَواهُ ابن بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
396 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْن مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ سَمِعَ أَبا أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ:"وَقْتُ الظُّهْرِ ما لَمْ تَحْضُرِ العَصْرُ وَوَقْتُ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ المَغْرِب ما لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ الشَّفَقِ وَوَقْتُ العِشاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيلِ وَوَقْتُ صَلاةِ اَلفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ"(2).
* * *
باب في المواقيت
جَمْع ميقات، والميقات الوَقت المقدر شرعًا.
[393]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى) بن سَعيد (3)(عَنْ سُفْيَانَ) الثَوري (قال حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ فُلَانِ ابن أَبِي رَبِيعَةَ) و (هوَ عَبد الرحمن بن الحَارث) ابن عَبد الله (بن عياش بن أبي ربيعَة) المخزومي المدَني، قال ابن سَعْد: ثقة مَاتَ في خلافة المنصُور (4)(عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ) بفتح الحاء فيهما ابن عباد بن حنيف المدَني، حسن الحَديث، قواهُ ابن حبان (5).
(عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ) رضي الله عنها (قال: قَالَ (6)
(1) رواه مسلم (614).
(2)
رواه مسلم (612).
(3)
في (م): إسماعيل.
(4)
"طبقات ابن سعد"(ص 269).
(5)
"الثقات" لابن حبان 6/ 214.
(6)
من (د).
رَسُولُ اللِه صلى الله عليه وسلم: أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ) باب (البَيْتِ) وأنكر النوَوي على القفال (1) في قوله في هذا الخَبرَ عندَ بَاب البَيت. وقالَ: المعرُوف (عندَ البَيت) كما رَوَاهُ أبُو دَاود وغَيره (2). وليسَ اعتراضه بجَيد؛ لأن الشافعي رَوَاهُ هَكَذَا قالَ: أنَا عَمْرو بن أبي سَلمة، عَن عَبد العَزيز، عَن عبْد الرحمَن بن الحَارث، وفيه:"أمني جبريل عند بَاب البَيت"(3) وهُكذَا رَوَاهُ البيهقي (4)، والطَحاوي في "مشكل الآثار"(5) لكن في هذا الحَديث مِنَ النكارة صَلاته إلى البَيْت مَعَ أنهُ صلى الله عليه وسلم كانَ يَستقبل بَيت المقدس قبَل الهجرة، إلا أن يُقَال: لَا يلزم من قوله: (عندَ البَيت) أن تكونَ صَلاته إلى البَيْت (مَرَّتَينِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ) هذا هوَ المشهور: الابتدَاء بالظُهر، لكن في روَاية أبي هُريرَة عندَ النسَائي، قالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا جبريل جَاء يُعَلمكم دينكم" فصَلى الصُبح حينَ طَلعَ الفَجْر (6) الحَديث.
ورَوَاهُ ابن أبي خيثمة (7) في "تاريخه" عن أحمد بن محمَّد، ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق (8) عَن عتبة بن مُسلم، عَن نَافع بن جبير وكانَ
(1) كذا في (ص، ل، س)، وفي (م، د): الغزالي. والنووي إنما أنكر ذلك على الشيرازي صاحب "المهذب"، انظر:"المجموع شرح المُهَذب" 3/ 18 - 19.
(2)
"المجموع" 3/ 18 - 19.
(3)
"مسند الشافعي" ص 26.
(4)
"معرفة السنن والآثار" 1/ 397 - 398 وفيه: "أتاني جبريل عند باب البيت".
(5)
لم أجده في "مشكل الآثار"، وهو في "شرح معاني الآثار" 1/ 146.
(6)
"سنن النسائي" 1/ 249.
(7)
في (ص): حبيب.
(8)
في (ص): أبي أسماء.
كثير الروَاية، عَن ابن عَباس قالَ: لما فرضَت الصلاة على رسُول الله صلى الله عليه وسلم أتَاهُ جبريل فصَلى به الصُبح حينَ طَلَع الفَجر (1). (حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ) أي: مَالَت عَن خَط وسط السَّمَاء إلى جهَة المغرب، وهذا أولُ وقت الظهر؛ إذ لم ينقل أنهُ صَلى قبلهُ، وهذا (2) الذي استقر عَليه الإجماع وكانَ فيه خلاف قديم عن بعض الصحَابة أنهُ تجوز (3) صَلاة الظُهر قبلَ الزَوال، وعن أحمد وإسحاق مثله في الجُمعة (4).
(وَكَانَتْ) أي: كانَ ظلهَا.
(كالشِّرَاكِ)(5) بكَسْر الشين. أي: قَدْرَ شراك النَعْل (6) أي: كانَ ظل الشخص في ذَلكَ الوقت [بقَدر شراك النعْل](7) وهو سيرهَا الذي يكون عَلى ظَهْر قدَم لابسها، وقيل: مَعناهُ حِين اسْتبَان الفيء في أصْل الحَائط مِنَ الجَانب الشرقي عندَ الزوَال فصَار في رؤية العَين كقَدر (8) الشراك وهذا أقل مَا يعلم به الزوَال، وليْسَ ذلك تحديدًا وهذا يختص بمكة، وبأطول يَوم في السَّنة؛ لأن الظل قَبل الزوَال بمكة يَزُولُ (9)
(1)"تاريخ ابن أبي خيثمة"(421).
(2)
زاد في (د، م): هو.
(3)
في (د، م): جوز.
(4)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(543)، وروى أيضا عن ابن مسعود ومعاوية رضي الله عنهما. انظر:"الأوسط" لابن المنذر 3/ 46.
(5)
في (د): قدر الشراك.
(6)
في (م): العجل.
(7)
سقط من (د).
(8)
في (م): كقدم.
(9)
أقحم هنا في (ص): و. والمثبت من (د، م).
بالكلية في أطول يَوْم منَ السنة، ثم بعْد الزوَال يَظهر ظل كل شَخص (1) قليلًا قليلًا، وذلك لأن مكة محاذية لقطب الشَمس، فأي بَلد يَكونُ أقربُ مِنْ قُطب الشمس يَكون الظل فيه أقل، وأي بَلد يَكونْ أبعَد من قطب الشمس يَكون الظل فيه أكثر (2) وفي الصيف يكون الظل فيه أقل من الشتاء.
(وَصَلَّى بِيَ) صَلاة (الْعَصْرَ حِينَ كَانَ) أي: (ظِلُّهُ مِثْلَهُ) أي صَارَ ظِل كل شيء مثله أي: وزَادَ ظل كل شيء عَن مثله أدْنى زيَادَة، والذي قالهُ أصحَابنَا: إنَّ أوَّل وقت العَصْر هو آخِر وقت الظهر وهو إذا صار ظل كل شيء مثله سَوى ظِلِّ استواء الشمس الموْجود عنده والاختيَار أن لا يُؤَخر عَن مصير الظل مثليْه بَعْد ظل الاستواء (3).
وقال أبو حنيفة: آخِر وقت الظهر إذا صارَ ظل كُل شَيء مثليه (4)، وقال عبد الله بن المبَارك وإسحاق ابن راهويه: إن آخِر وقت الظهر وأول وقت العصْر واحِد، واحتجا (5) بحَديث جبريل؛ لأن اليَوْم الأول صَلى الحَصْر حِين كانَ [كل شيءٍ مثل ظله](6) وصَلَّى الظهْر في اليَوْم الثاني حين كانَ كُل شيء مثل ظله أيضًا، وقالا: لو صَلى واحِد في (7)
(1) في (س): شيء.
(2)
في (د): أكبر.
(3)
انظر: "الروضة" 1/ 180.
(4)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 289.
(5)
في (ص، س، ل): احتجوا.
(6)
في (ص): ظله كل شيء مثله.
(7)
من (د، م).
هذا الوقت الظُهر وآخَرٌ العَصْر صَحت صَلاتهما؛ لأن هذا الوقت يَصْلحُ للصَّلاتَين (1).
(وَصَلَى بِيَ المَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) يَعْني: بعد غرُوب الشمس؛ لأنَّ الصَّائم يفطر في هذا الوَقت، والمراد أنه ابتدأ (2) في صَلاة المغرب حين يفطر الصَّائم، وفي هذا أنهُ كانَ من المعَلوم عندهم أن الصَّائم يفطر عقب غروب الشمس، ويؤخذ من هذا أن الصَّائم يفطر عقب الغروب قَبل صَلاة المغرب، وَيدل على ذلك مَا رَوَاهُ أبُو يعلى والبَزار عن أنس بن مَالك قال: مَا رَأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم قط صَلى (3) المغرب حَتى [يفطر ولو](4) على شيء يسير من ماء (5)، ورَجَال أبي يعلى رجَال الصَحيح، فهذا الحديث يَدُل على فطر النَّبي صلى الله عليه وسلم قَبل الصَّلاة، والحَديث الذي ذكرهُ المصَنف رحمه الله يَدُل على أن الصحَابة كانوا يَفطرون عَقب الغرُوب يَعْني: قَبل الصَّلاة.
(وَصَلَّى بِيَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ) وهوَ الحُمرة مِن غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذَهَبَ [قيل: غاب] (6) الشفق كما في الحَديث حَكاهُ الخَليل (7)، وقَال الفَرَّاء: سَمعتُ بَعْض العَرب يَقول
(1) انظر: "المغني" 2/ 14.
(2)
في (ص): اقتدا.
(3)
زاد في (د، م): صلاة.
(4)
في (د): يفطروا.
(5)
"مسند أبي يعلى"(3792)، و"مسند البزار"(7127)، وصححه ابن خزيمة (2063)، وابن حبان (3504).
(6)
في (ص، س): قبل غياب. والمثبت من (د، م، ل).
(7)
"العين"(شفق).
عليه ثوب (1) كالشفق وكانَ أحمرَ (2).
وقال ابن قتيبَة: الشفق (3) هوَ الأحمر من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ثم يغيب، ويَبقى الشفق الأبيَض إلى نصف الليْل (4).
وقال الزجَّاج: الشفق الحُمْرَة التي ترى في المغرب بعد سُقوط الشمس (5)، وهذا هوَ المشهور في كتُب اللغة.
ونقل المطرزي: الشفق الحمُرة عن جَماعة مِنَ الصحَابة والتابعين، وبه قَالَ أبو يوسُف ومحمد (6)، وعَن أبي هريرَة أنهُ البَيَاض، وبه قال أبو حَنيفة، وعَن أبي حنيفة (7) قَول مُتَأخر أنهُ الحمرة (8)، وروى ابن خزيمة في "صحيحه":"وقت المغرب إلى أن تَذهب حُمْرة الشفق"(9).
(وَصَلَّى بِيَ الفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ) يَعْني: أول طُلوع الفَجر الثاني وهوَ المنتشر (10) ضوؤه مُعترضًا بالأفُق ويُقَالُ لهُ الفَجْر الصَّادق لا الفجر الأول، وهوَ الكاذب الذي يَطلَع مُسْتَطيْلًا كذَنَب السرحان، وهوَ الذئب ثم يَعود فَيسْوَدُّ فلهَذا سمي كاذبًا.
(1) في (ص، س، ل): نور.
(2)
"معاني القرآن" 3/ 251.
(3)
سقط من (د).
(4)
"غريب الحديث" لابن قتيبة 1/ 20.
(5)
"معاني القرآن وإعرابه " 5/ 305.
(6)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 293.
(7)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 292 - 293.
(8)
"المصباح المنير"(شفق).
(9)
في (ص): الذي.
(10)
"صحيح ابن خزيمة"(354).
(فَلَمَّا كَانَ الغَد) والغد اليَوم الذي يَأتي بعد يَومك، وأصله غدو بُسكون الدَال مثل فَلْس لكن حُذفت لام الكلمة، وجُعلت الدَال حَرف إعْرابه. (صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ) أي: ظل (1) الشيء.
(مِثْلَهُ) أي: سِوى ظل استواء الشمس الموجُود عنده.
(وَصَلَّى بِيَ العَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ) ظل الشيء.
(مِثْلَيهِ) بعد ظل الاستواء أخذا بظاهِر هذا الحَديث مَعَ قَولهِ في آخِره "الوقت مَا بَينَ هَذين"(2) أن وقت العَصْر يخرج بمَصير الظل مثليه: قاله (3) الإصْطخري (4) لكن دَل الحَديث الصحيح في قوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرَك رَكعَة مِنَ العَصْر قَبل أن تغرب الشمس فقد أدرَكَ العَصْر"(5) على أن وقت العَصر يمتَد إلى غروب الشمس فوَجَبَ اعتماد الزيَادَة في هذا الحَديث لتأخر (6) وقته؛ ولأنه أصح مِن حَديث جبريل [وكان حديث جبريل](7) هنَا بَيَانًا لوَقت الاختيار جَمعًا بَيْن الحَديثين.
(وَصَلَّى بِيَ المَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) عْني: بَعْد غُروب الشمس اسْتدَل بهذا الحَديث وإقامته صَلاة المغرب في وقت واحد مِنَ اليَوْمَين جَميعًا أن وقتها لا يمتَد إلى مَغيب الشفق الأحمر، ويَشهد لهُ اتفاق
(1) من (د، م).
(2)
في (ص، س، ل): هذه.
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
"الحاوي الكبير" 2/ 18.
(5)
أخرجه البخاري (579)، ومسلم (607)(162) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وسيأتي تخريجه عند الكلام عليه.
(6)
في (ص): يتأخر.
(7)
من (د، س، م، ل).
طباق الخلق في الأعصَار عَلى مبَادرَة هذِه الصَّلاة في وَقت واحِد مع اختلافهم فيما سِواهَا مِن الصَّلوَات، وسَبَبُ مُبَادرَة الناس إلى هذِه الصَّلاة، والعِلم عندَ الله أنَّ العَمَلَةَ وأصحَاب المكاسب يأوون عندَ المغرب إلى مَنَازلهم ووقتُ الغرُوب (1) غَير بَعيد مِنْ وقت غيبوبة الشفق فلَو لم يَبتَدُروا هذِه (2) الصَّلَاة لَغَلبَ فوَاتها عَلى طَوَائف منهم، والجَديد مِن مَذهَب الشافعي، وَرَوَاهُ الزَعفراني عن القَديم، ومنهم من قطع به أن وقت المغرب ينقضي بمُضي قدر وضُوء وستر عَورة، وأذَان وخمس رَكعَات وسَط (3)؛ لأن جبريل صَلاهَا في اليَوْمَين في وقت وَاحِد.
(وَصَلَّى بِيَ العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) أخذَ بظاهِره مَعَ قولهِ فيما بعده الوقت ما بين هَذين الإصْطخري، وقال: لا يزاد في الوَقت على بَيَان جبريل (4)، كما قالَ في العَصْر ووَافقه هنا أبو بكر الفارسي في أحَد احتماليْه، وحَمَلهُ الشافعي عَلى وقت الاختيَار أن لا يؤَخر العشاء عن ثلث الليل، وأدن وقتها يمتَد إلى الفَجر (5)؛ لقَوله صلى الله عليه وسلم في (6) حَديث قتادَة:"ليس في النَوم تفريط إنما التفريط عَلى مَن لم يُصَل الصَّلَاة حَتى يجيء وقت الأخرى". رَوَاهُ مُسْلم (7) خَرجنا عَن مُقتضاهُ في الصبح
(1) في (م): المغرب.
(2)
في (م): لهذه.
(3)
انظر: "روضة الطالبين" 1/ 181.
(4)
انظر: "الوسيط" للغزالي 2/ 11.
(5)
انظر: "الشرح الكبير" 1/ 372.
(6)
في (ص): و.
(7)
"صحيح مسلم"(681)(311).
بدَليل فيبقى على مقتضاهُ فيما عَدَاهُ (1).
(وَصَلَّى بِيَ الفَجْرَ فَأَسْفَرَ) أخذ بظاهره الإصْطخري أيضًا أن وقت العشاء يَخرُج إذَا ذَهَبَ ثلث الليل (2)، والمذهَب أنه يمتد إلى طلوع الفَجر لقَوله صلى الله عليه وسلم في حَديث عبد الله بن عمرو "وقت صَلاة الصُبح من طلوع الفَجر مَا لم تطلع الشمس" رَوَاهُ مُسْلم (3)، وحمل حَديث جبريل هذا عَلى الاختيَار أن لا يُؤخر عَن الإسفار (4).
(ثُمَّ التَفَتَ) أي: نظرَ جبْريل (إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَدُ) كانَ (5) هذا (6) في أول الإسلام قبل أن ينزل قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (7)، وأمَا بَعْدَ نُزول الآية فلا يخاطب إلا بـ: يَا رَسُول الله، يا نَبِي الله، ونحَو ذَلك (8).
(هذا) وَقتك و (وَقْتُ) جَميع (الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ) فيه أن الأنبيَاء عليهم الصلاة والسَّلام كانوا يُصَلون (9) وأن صَلاتهم موقتة بهذِه الأوقات، ولا يَلزم منه أنهمُ كانوا يُصَلون عَدَد هذِه الصَّلوَات.
(1) في (د، م): عداها.
(2)
انظر: "المجموع شرح المُهَذب" 3/ 36.
(3)
"صحيح مسلم": (612)(173).
(4)
في (ص، س): الاستقرار. وفي (ل): الإسفرار.
(5)
في (د): فإن.
(6)
في (ص): هنا.
(7)
النور: 63.
(8)
هذا متعقب على المصنف رحمه الله إذ الملائكة ليسوا مكلفين بشرعنا.
(9)
أقحم هنا في (ص): عدد هذه الصلوات.
(الْوَقْتُ) الشرعي لهذِه الصلوَات (مَا بَينَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ) يَعني: تجوز (1) الصَّلَاة في أول الوَقت وأوسَطه وآخِره، وإن كانَ الأول أفضل خلافًا لأبي حنيفة (2).
[394]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المُرَادِيُّ) شيخ مُسْلم.
(ثَنَا) عَبد الله (ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ) أخرَج لهُ مُسْلم.
(أَن) محَمد (بْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيز) كَانَ قَاعِدًا عَلَى المِنْبَرِ بكسْر الميم، روَاية ابن مَاجه: عَن الليث بن سعْد، عن ابن شهاب (3)، أنه كانَ قاعدًا على مَياثر عمرَ بن عبَد العَزيز في إمَارته عَلى المدَينة ومَعَهُ عُروة بن الزبير (فَأَخَّرَ) عُمر صَلاة (الْعَصْرَ شَيئًا) كثيرًا (فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ رضي الله عنه أَمَا) حرف استفتاح بمنزلة ألا، وإذا وَقعت (إِنَّ) بعَدَها كسرت هَمزتها كما تكسر بعد ألا الاستفتاحية [كقوله تعالي: ] (4){أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} (5).
[فيه دَليل على أن عمرَ بن عَبد الحَزيز كانَ يُصَلى الصلاة في آخِر وَقتها تَبعًا لسَلفه إلى أن أنكر عليه عُروة فرجَعَ إليه وإنما أنكر عَليه العَصر دُونَ الظهر؛ لأن وقت الظهر لا كراهَة فيه](6) [(جِبْرِيلَ عليه السلام قَدْ أَخْبَرَ مُحَمَّدًا
(1) في (ص، س، ل): كون.
(2)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 299.
(3)
"سنن ابن ماجه"(660).
(4)
من (د، م).
(5)
البقرة: 13.
(6)
سقط من (م).
- صلى الله عليه وسلم بِوَقْتِ الصَّلَاةَ)] (1) روَاية ابن مَاجَه أما (2) إن جبريل نزل فصَلى إمام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (3)(فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: اعْلَمْ مَا تَقُولُ) يَا عروة، يشبه أن يكون معَناهُ تثبت فيما تقوله، فقل بما تعلمه، ولا تقل بما تظن فإن (4) العلم يُستعمل بمعَنى اليَقين وبمعَنى الظن.
(فَقَالَ عُرْوَةُ) بن الزبَير (سَمِعْتُ بَشِيرَ) بفتح البَاء الموَحَّدة وكسْر الشين المعجمة (ابْنَ أبي (5) مَسْعُودٍ) واسم أَبِي مَسْعُودٍ عقبة (6) بن عَمرو البدري (الأنصاري) رَأى النَّبي صلى الله عليه وسلم صَغيرًا وأورده ابن منده (7) فيمن أدرَك النَّبي صلى الله عليه وسلم، وذكرَهُ الترمذي في "تاريخه" (8) فيمَن ولِدَ في حَيَاة النَّبي صلى الله عليه وسلم أو بَعدَ وفاته بيَسير (يَقُولُ: سَمِعْتُ) أبي (9)(أبا مَسْعُودِ الأَنْصَارِيَّ) وتقدم أن اسْمه عقبة بن عَمرو (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام فَأَخْبَرَنِي بوقت (10) الصَّلَاةِ) روَاية (11) ابن مَاجَه: "فأمَّنِي"(12) بيَّن ابن إسحاق في "المغازي" أنَّ ذَلك صَبِيحة
(1) جاءت هذه العبارة في (ص، س، ل) بعد قوله: السفهاء.
(2)
سقط من (م).
(3)
"سنن ابن ماجه"(660).
(4)
في (م): قال.
(5)
من (د، م).
(6)
في (م): علية.
(7)
انظر: "المستخرج من كلام الناس" 1/ 10.
(8)
انظر: "التعديل والتجريح"(154).
(9)
من (د، م).
(10)
في (ص، س): بفوت.
(11)
في (م): رواه.
(12)
"سنن ابن ماجه"(660).
الليلة التي فرضت فيها الصَّلاة، وهي ليلة الإسراء (1).
قَالَ عَبْد الرزاق: [عن ابن جريج، (2) عَن نافع بن جبير (3) وغيره: لما أصبح النَّبي صلى الله عليه وسلم منَ الليلة التي أسْري به لم يرعه إلا جبريل نزل حينَ (زاغت) الشمس، ولذَلَك سُميت الأولى الظهر فأمر بأصحَابه فَصِيحَ (4) الصَّلاة (5) جَامعة [فاجتمعوا فصلى جبريل وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس (6)](7) وإنما نادَى الصَّلاة جَامعَة؛ لأن الأذان [إذ ذاكَ](8) لم يَكن شرع.
(فَصَلَّيتُ مَعَهُ) الظهر، يحتمل أنهُ أَخْبَرَهُ بَمواقيت الصَّلاة وأمَّهُ فصَلى مَعَهُ، فيَكون جبريل جمعَ في الإعلام بَينَ القَول والفِعْل، وهوَ أبلَغ في الإعلام (ثم) صَلَّى بي العَصْر.
(صَلَّيتُ (9) مَعَهُ) أتي بفاءِ التعقيب الدَالة على أن فعْل النَّبي صلى الله عليه وسلم عقب (10) فعل جبْريل كما بَينَه في الحَديث المتفق عَليه: "إنمَا جُعِل
(1)"فتح الباري" 2/ 6.
(2)
من "مصنف عبد الرزاق".
(3)
في (ص): حبيب.
(4)
في (ص): فصليت. وفي: (ل، س): فصيت.
(5)
في (م): بالصلاة.
(6)
"مصنف عبد الرزاق"(1773).
(7)
من (د، م) ".
(8)
سقط من (د، م).
(9)
في (ص): فصليت، وكذلك ما بعدها والأولى (صليت) كما بمطبوع "السنن" فإن قبلها:(ثم).
(10)
في (م): عقيب.
الإمام ليُؤتَم به فلَا تختلفُوا عَليْه فَإذَا كبَّر فكبرُوا، وإذا ركعَ فاركَعوا" (1)(ثُمَّ) صَلَّى المغرب لما كانَ بَينَ كل صَلاتَين مُهلَة أتى بِثُمَّ الدَالة عَليهَا.
(صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ) صَلَّى به العِشاء الإتيان بـ (ثم) هَنا الدالة عَلَى المُهْلَة بَينهما، ويَدُل أيضًا على الترتيب بَيْنَ الصَّلوَات وهوَ وَاجب في غير الفَوائت، ومُستحب في الفوائت عند الشافعي (2) خلافًا لأبي حنيفة (3)[(فصليت معه](4) ثم) صَلى الصُبح.
(فصَلَّيْتُ مَعَهُ يحْسُبُ) بضَم السِّين كيقتل أي: يحصي العَدَد (بِأَصَابِعِهِ) فيه إحْصَاء العَدَد الذي يَجبُ فعله أو يُسْتحب، ويَكون عدَده بالأصَابع مِنَ اليَدَين، واليمَين أولى كما في التسبيح والتحميد والتكبير (5) عقب (6) الصَّلوات كما في الحديث "يا مَعْشر النسَاء سَبحن وهللنَ واعقدن بالأصَابع فإنهُن مَسئولات"(7)(خَمْسَ صَلَوَاتٍ) كتَبَهُن اللهُ في اليَوم والليْلة.
(1)"صحيح البخاري"(378)، و"صحيح مسلم"(411)(77) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 158.
(3)
انظر: "المبسوط" 2/ 137.
(4)
من (د).
(5)
سقط من (د).
(6)
في (م): عقيب.
(7)
أخرجه أبو داود (1501)، والترمذي (3583) وهو عند أحمد 6/ 370 وصححه ابن حبان (842) ولفظه:"عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة". وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(2835).
(فَرَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ) وهوَ أول وقتها بإجْمَاع الفقهاء، ولا يعتد بقول مَن قَال: يَجبُ تأخيرهَا إلى أن يَصير الظل قدر الشراك كما في الحَديث قبله، وثبَت (1) في مُسْلم مِن حَديث عَبد الله بن عمرو، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"وقت صَلاة الظُهر إذا زَالَت الشَمس عن بَطن السَّماء"(2).
(وَرُبَّمَا)[للتقليل و](3) ليْسَ معناهُ (4) التقليل دَائمًا خِلَافًا للأكثرين، ولا التكثير دَائمًا خلافًا لابن درستويه وجماعَة بل ترد للتكثير كثيرًا، وللتقليل قليلًا، وهذا الموضع للتقليل، ومن ورودهَا للتقليل في رُبَّ:
ألا ربَّ مَوْلود وليسَ له أب
…
وذي ولد لم يَلدهُ أبَوان
وذي شامة غراء في حُرِّ وجهه (5)
…
مجللة لا تنقضي لأوان
وبكمل في تسعٍ وخمس شبابه
…
وبهرم في سَبع مَعًا وثمان
أرَاد عيسَى واَدم عَليهما الصَّلاة والسَّلام والقمر.
(أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الحَرُّ) وحَصَل قوة الوهجِ مِن حر الظهيرة أي للإبراد كما سَيَأتي.
(1) في (ص، س): بين.
(2)
"صحيح مسلم"(612)(174).
(3)
من (د، م). وبياض في (ل).
(4)
سقط من (م).
(5)
في (ص): خد.
(وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ) والشمس مرتفعة جُملة اسميَّة في مَوضع نصب على الحَال (حية)(1).
قال الخطابي: حَيَاتها صَفاء لَوْنِها، وقال غيَره حَيَاتها بقاء حَرِّهَا (2).
(قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ) هذا يُؤيد قول الخطابي حَيَاتها صَفَاء لَونها، قَبل أن يْدخلها الصُّفرة أو تتغير، وفيه إشارة إلى بقاء حَرهَا وضَوئها، وزَادَ البخاري: فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مُرتفعَة (3). أي: دُون ذلكَ الارتفاع، لكنهَا لم تصل إلى الحَد الذي توصَفُ به، لأنها مُنخفضة وفي ذَلك دَليل على تعجيله صلى الله عليه وسلم بصَلاة العَصْر لوَصْف الشمس بالارتفاع بعد أن يمضي مَسَافة أربعَة أميَال.
(فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّلَاةِ فَيَأْتِي ذَا الحُلَيْفَةِ) نحو مَرْحَلة عَنهَا، يُقَال: على ستة أميَال ويُؤيدهُ مَا أخرجَهُ الدارقطني عَن المحَامِلي عن أبي عتبة، والعوَالي على ستة أميَالِ مِنَ المدَينة (4).
(قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) وهذا إنما يتفق في الأيام الطويلة إذا عجلت العَصر في أول وقتها.
(وَيُصَلِّي المَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ) وفي البخاري: ويصَلي
(1) كذا في أصولنا الخطية، وهي في جميع نسخ أبي داود:(بيضاء). وأما رواية: (حية) هذه فأخرجها البخاري (550) وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
"معالم السنن" للخطابي 1/ 127.
(3)
"صحيح البخاري"(517) من حديث أنس بن مالك.
(4)
"سنن الدارقطني" 1/ 253.
المغرب إذا وَجَبَت (1) أي: سقط قرص الشمس وتوارى في الحجاب، وفيه دَليل على أن سُقوط قرص الشمسَ يَدخلُ به وقت المغرب، ولا يخفى أن محله (2) إذا كانَ لا يحيل بين الرائي وبين رؤيتها غاربة (3) حَائل.
(وَيُصَلِّي العِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الأُفُقُ) بضمتين وهوَ الناحيَة بَينَ الأرض والسماء واسوداد الأفق إذا غابَ الشفَق، وهذا أول وقتها.
(وَرُبَّمَا) تقدم أنها تأتي (4) للتقليل قليلًا وللتكثير كثيرًا ومنه: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} (5) وفي الحديث "يا رُبَّ كاسيَة في الدنيا عارية يَوم القيامة"(6).
(أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ) وهذا في مَعْنى الحَديث الآتي وهوَ في الصَّحيحين: والعشَاء أحْيَانًا وأحيَانًا إذا رَآهُم اجتمعُوا عجَّل وإذا رَآهُمْ أبْطَؤا أخّر (7).
(وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّة بِغَلَسٍ) بفتحتَين وهوَ ظلام آخر الليل أي: صَلاهَا بأصحَابهِ في أوَّل وقتها.
(ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى) بأصْحَابِهِ (فَأَسْفَرَ بِهَا) أي: صَلاهَا في وَقت
(1)"صحيح البخاري"(527) من حديث جابر رضي الله عنه.
(2)
في (ص): حمله.
(3)
من (د، م).
(4)
سقط من (م).
(5)
الحجر: 2.
(6)
أخرجه البخاري (1126)، والترمذي (2196).
(7)
"صحيح البخاري"(560)، و"صحيح مسلم"(646)(234) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
الإسفار منْ قَولهم أسْفر الصُبْح إسفارًا: أضاء، فيه أنهُ صَلاهَا وأسْفر مَرة وَاحِدَة، وأكثر صَلاته كَانَ بِغَلَس، وإما ما احتج به الحنفية (1)"اسفروا بالفَجر فإنه أعظم للأجرِ" رَوَاهُ أصحَاب السنن وابن حبان (2) من روَاية رَافع (3) بن خديج فأجيبَ عنهُ بأن المعنى به تحقق طُلوع الفَجر.
قَالَ الترمذي: (4) قال الشافعي (5) وأحمد وإسحَاق (6) معناهُ أن يتضح الفجر فَلا يشك فيه.
(ثُمَ كَانَتْ (7) صَلاتهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ) واستمر عَلَيهَا (8).
(حَتَّى مَاتَ لم يَعْد)(9) يؤخر الصلاة (إلى أن يسْفر) بالصلاة فيه دَليل ظاهِر لمذهَب الشافعي (10)، والجمهُور أن التغليْس بالصُّبْح أفضَل؛ لأنها صَلاة مُؤقتة فكان تعجيلهَا في غير العذر أفضل كالصبح (11) والظهر (12)
(1) انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 295.
(2)
أخرجه أبو داود (424)، والترمذي (154)، والنسائي 1/ 272، وابن ماجه (672)، وابن حبان في "صحيحه"(1495) وألفاظهم متقاربة، وسيأتي قريبًا.
(3)
في (م): نافع.
(4)
"سنن الترمذي" 1/ 291.
(5)
"الأم" 1/ 156.
(6)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(124).
(7)
في (ص، س): كان. وبياض في (ل).
(8)
في (م): عليه.
(9)
في (ص): ثم بعد.
(10)
"الأم": 1/ 156.
(11)
زاد في (س، م، ل): مجمع.
(12)
سقط من (د).
في الشتاء خلافًا للحنَفية (1)، واستدلوا بحَديث عَبد الله: مَا رَأيت رسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلى صَلاة إلا لميقاتها [إلا الفَجر](2) بالمزدَلفة فإني رَأيتهُ صَلاهَا يَومَئذ قَبْل ميقَاتها (3). وقَد غلسَ بهَا بالمزدَلفة، فدَل على أنه أسْفَر بِهَا في غَيره، قلنَا إنه غلسَ بها بالمُزْدَلفة (4) وفي غيرهَا أخر حَتى تيقن طُلوع الفَجر.
([قال أبو داود: ] (5) وَرَوَى هذا الحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ) بالحَاء المُهمَلة والزاي (6) واسْمه دينار القرشي الأمَوي ثقة حافظ (7).
(وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ) عَن الزهري (لَمْ يَذْكُرُوا الوَقْتَ الذِي صَلَّى فِيهِ وَلَمْ يُفَسَّرُوهُ وكذَلِكَ)(8) لم يَذكرهُ ابن مَاجَه في روَايته (9)، وكذَلك
(1) انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 294 - 295.
(2)
سقط من (م).
(3)
أخرجه البخاري (1682)، ومسلم (1289)(292). وسيأتي تخريجه تفصيلًا عند الكلام عليه.
(4)
في (م): في المزدلفة عقب مزدلفة.
(5)
من (د).
(6)
سقط من (د).
(7)
"تهذيب التهذيب"(3262).
(8)
أما رواية معمر عن الزهري فأخرجها أحمد 4/ 120، وأما رواية مالك فهي في "الموطأ"(1)، وأما رواية ابن عيينة فأخرجها الحميدي في "مسنده"(451)، وأما رواية شعيب بن أبي حمزة فأخرجها البخاري (4007) مختصرة.
(9)
"سنن ابن ماجه"(668) وهي رواية الليث عن ابن شهاب.
(أَيْضًا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ)(1) أبو المنذر أحَد الأعلام روى له الجماعة (وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ) صَدُوق (2) أخرج له الترمذي والنسَائي.
(عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ حَبِيبًا) ابن أبي مَرزوق.
(لَمْ يَذْكُرْ (3) بَشِيرًا (4) وَرَوَى وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ) جبريل الذي وقته.
(الْمَغْرِبِ قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ) مِنَ الغَد.
(لِلْمَغْرِبِ) فصَلى (حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ يَعْنِي مِنَ الغَدِ) فصَلاهُما.
(وَقْتًا وَاحِدًا)(5) فيه دليل (6) على أن المغرب لهَا وقت وَاحِد وهوَ الجَديد إذ لو كانَ لهَا وقتَان لبيَّنَهُمَا كَما بَينَ في سَائر الصَّلوَات، وحَملوا حَديث مُسْلم:"وقت صَلاة المغرب مَا لم يَغب الشفق"(7) عَلى الاستدَامة.
(وَ (8) كَذَلِكَ روي (9) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثُمَّ صَلَّى بِيَ
(1)"التمهيد" لابن عبد البر 8/ 20 - 21.
(2)
انظر: "الكاشف" للذهبي 1/ 203.
(3)
زاد في (م): هشام بن.
(4)
رواية حبيب أخرجها ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 21 من طريق الحارث بن أبي أسامة، وهي في مسند الحارث كذا ذكر الحافظ في "الفتح" 2/ 6.
(5)
حديث جابر هذا أخرجه الترمذي (150)، والنسائي 1/ 263، وهو في مسند أحمد 3/ 330. قال الترمذي: قال محمد -يعني: البخاري- أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(6)
في (د، م): حجة. وسقطت من (ل).
(7)
سبق تخريجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(8)
من (د).
(9)
من (د).
المَغْرِبَ (1) يَعْنِي مِنَ الغَدِ وَقْتًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ رُوِيَ [عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه من حديث حسان بن عطية](2) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ (3) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) (4) بِنَحو مَا تقدَم.
[395]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ دَاودَ) بن عَامِر الهمدَاني أحَد الثقات الأعلام أخَرجَ لهُ البخَاري.
(عن بَدْر بْن عُثْمَانَ) مَوْلى عُثمان بن عَفان روى له مُسلم في كتَاب الصَّلاة (ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى) الأشعري.
(عَنْ) أبيه (أَبِي مُوسَى الأشعري) رضي الله عنه (أَنَّ سائِلًا سأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم) زَادَ مُسْلم: عَن مَوَاقيت الصَّلَاة (5)(فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيهِ شَيئًا) أي: لم يَرُد لهُ جَوَابًا ببيَان الأوقات باللفظ بل قالَ لهُ: صَل مَعَنَا لتَعْرف ذَلكَ ويَحْصُلُ لكَ البَيَان بالفعل إذا صلى اليَوْمَين مَعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم (6).
قال النووي: وإنما تأوّلناهُ لنجمع بَينه وبَين حَديث برَيدة؛ لأن المعْلوم من أحْوَال النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه كانَ يجيب [إذا سئل](7) عما يحتَاج إليه (8).
(1) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 6/ 121.
(2)
من (د، م).
(3)
زاد في (م): وكذلك روي عن عمرو بن شعيب.
(4)
أخرجه البيهقي 1/ 369.
(5)
"صحيح مسلم"(614)(178).
(6)
أقحم هنا في (ص) عبارة: وكذلك روى
…
" وهي مثبتة على الصواب في مكانها السابق من (د، م) في الصفحة السابقة.
(7)
من (د، م).
(8)
"شرح النووي على مسلم" 5/ 115 - 116.
قالَ القرطبي: وفي هذا جَوَاز تأخير البَيَان إلى وقت الحَاجَة، وجَاز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخر بَيَان مَا سُئل عنهُ، وإن جَازَ للسَّائل أن يحترم قَبل ذلكَ، لأن الأصل استصحابُ (1) السَّلامة والبقاء إلى مثل هذِه المدة، أو أوحي إليه أنه يبقى إلى هذِه المدة (2).
(حَتَى أَمَرَ بِلَالا فَأَقَامَ لِلْفَجْرِ)(3) هذِه توضح روَاية مُسلم فأقامَ الفَجر.
(حِينَ انْشَقَّ الفَجْرُ) أي: انفرَجَ ضَوؤه مُنتشرًا بالأفُق.
(فَصَلَّى) الفَجر (حِينَ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ) من وَجْه غَيره؛ لأن المعْرفَة إنما تتعَلق بالأعيَان، ولو كانَ المراد لا يعرف كونه ذكرًا أو أنثَى لقال لا يعلم صَاحبه؛ لأنَّ الحكم بالذكورة والأنوثة إنما يتعلق بالعلم دُون المعْرفة.
(أَوْ إنَّ الرَّجُلَ لا يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ) مِنَ الغَلَس روَاية مُسْلم: والناسُ لا يكاد يعَرف بَعضهم بعضًا (ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ) فيه دَليل على (4) أن إقامة الصلاة تتعلق بنظر الإمَام وفيه أن للإمام أن يعين مَن يقيم الصَّلاة، وأن المؤذن الذي يقيم الصَّلاة غير الإمَام.
(حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ حَتَّى قَالَ القَائِلُ انْتَصَفَ النَّهَارُ) مثّل بنصف النهَار أي: بَلغت الشمس وسَط السَّماء.
(وَهُوَ) كان (أَعْلَمُ) منهم كذا رواية مُسلم يَعني: بالوقت وغَيره.
(1) في (ص): استحباب.
(2)
"المفهم" للقرطبي 2/ 241.
(3)
في (ص، س، ل): للفجر الفجر. وفي (م): الفجر.
(4)
من (د).
(ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ) صَلاة (الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ) لم يدخلها صُفرة.
(مُرْتَفِعَةٌ) لم (1) تهبط بعد.
قالَ القاضي حُسَين: لا يزالُ بَيَاضها حَتى يتبين مثنى الظل فإذا أخَذ في التثليث نقصَ البَيَاض.
(وَأَمَرَ بِلَالا فَأَقَامَ المَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ) يَعني (2): أي: غابَ قُرصها عَن عَين الرائي كما تقدم قريبًا.
(وَأَمَرَ بِلَالا فَأَقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ) يعني: الأحمر كما تقدم.
(فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ صَلَّى الفَجْرَ) للصُبْح خمسَة أسماء غَير الفَجر، وتُسمى الغدَاة كما في حَديث: كانَ ينفتل (3) مِن صلاة الغدَاة (4).
قال الشافعي في "الأم"(5)[أحب أن](6) لا يُسمى بذلك فإن الله سَماهُ الفَجر، ورَسُوله سَماهَا صلاة الصبح، وتُسمى الصَّلاة الوسطى عندَ الشافعي وصلاة التنوير (7).
(وَانْصَرَفَ فَقُلْنَا أَطَلَعَتِ الشَّمْسُ) يُوضحهُ روَاية مُسْلم: ثم أخر. يَعْنِي النَّبي صلى الله عليه وسلم الفَجر مِنَ الغَد حَتى انصَرفَ منها والقائل يَقولُ قد طَلعَت
(1) في (ص): ثم.
(2)
سقط من (د، م).
(3)
في (ص): ينقلب.
(4)
"صحيح البخاري"(547).
(5)
"الأم" 1/ 156.
(6)
في (ص): أخدان.
(7)
انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 8.
الشمس [أو كادَت (1) أن تطلع](2).
(فَأَقَامَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ العَصْرِ الذِي كَانَ قَبْلَهُ) رِوَاية مُسْلم: ثم أخر الظُهر حَتى كانَ قريبًا من وقت العَصْر بالأمس (3).
(وَصَلَّى العَصْرَ وَقَدِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ أَوْ قَالَ) القائل (أَمْسَى) روَاية مُسْلم: ثم أخر العَصْر حَتى انصَرف منها والقائل يقول قد احمرت الشَمس (4).
(صَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) يَعني: الأحمرَ.
(وَصَلَّى العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيلِ) رِوَاية مُسْلم: ثم أخر العشاء حَتى كان ثلث الليل الأول (5). وهذا بَيَان لآخر وقت الاختيَار، ولكنهُ شرع بعد ثلث الليل، وامتَد إلى النصف للجَمع (6) بيْنَ الحَديثين ثُمَّ زاد مُسْلم: أصبح فدَعَا السَّائل.
(قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاة الوَقْتُ فِيمَا بَينَ هَذَيْنِ) الوقتين في هَذَين اليومين، وفيه حجة لمالك (7) والشَافعي (8) وغَيرهما على أن الوقت
(1)"صحيح مسلم"(614)(178).
(2)
سقط من (م). وفي (د): أو كادت تطلع.
(3)
"صحيح مسلم"(614)(178).
(4)
"صحيح مسلم"(614)(178).
(5)
"صحيح مسلم"(614)(178).
(6)
في (د، م): ليجمع.
(7)
"المدونة" 1/ 156 - 157.
(8)
"الأم" 1/ 150.
الموسع كله للوجوب من أوَّله إلى آخِره وأن المكلف مخَير بَين تقديم الصَّلاة وتأخيرهَا إلى آخِر الوقت، فأي وقت صَلى فيه المكلف فقد أدى، وذهبَ بَعض أصحَاب مَالك والشافِعِي إلى أن وقت الوجوب وقت وَاحِد غَير معَين.
وفيه بَيَان أنَّ الصَّلاة وقتَين وقت فَضيلة ووقت اختيار، وفيه بَيَان أن وقت المغرب يمتَد إلى أن يَغيب الشفق وهوَ القديم مِن مَذهَب الشافعي (1).
وفيه احتمال تأخير الصَّلاة عن أول وقتها وتركَ فَضيلة أول الوقت لمصلحة رَاجحة وهو تَعليم السَّائل بالفعْل.
([قال أبو داود] (2) رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى) [القرشي الأمَوي كان يَأخذ كل يَوم في باب منَ العلم فلا يقطعهُ حَتى يَفرغ منه روى له مُسْلم في مقدمة كتابه](3)(4) والأربعَة.
(عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي) وقت (الْمَغْرِبِ (5) بِنَحْوِ هذا قَالَ ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ قَالَ) في روَاية (بَعْضُهُمْ: إِلَى ثُلُثِ اللَّيلِ وَقَالَ) في روَاية (بَعْضُهُمْ: إِلَى شَطْرِهِ)(6) وقد اختلف مذهب الشافعي (7) وغَيره
(1) انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 19 - 20.
(2)
من (د).
(3)
سقط من (م).
(4)
ص 17.
(5)
تكررت في (ص).
(6)
"مسند أحمد" 3/ 351.
(7)
انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 25.
لهاتين (1) الروايتَين.
قال السّبكي وغَيره: والقَول إلى ثلث الليْل أقوى في الدليل وأصح عند أكثر الأصحَاب، والقَول إلى نصف الليْل قالَ به جَمَاعَة، وتبعهم النوَوي في "شَرح مُسْلم" (2) ثم قَال السّبكي (3): ولا أدري أقال الذي في "شرح صحيح مسلم" عن عمد فيَكون مخالفًا لقوله في "المنهاج"(4) وغَيره أو عن غَير عمد وهوَ الأقرب.
(وَكَذَلِكَ) رَوَى عبد الله (5)(ابْنُ بُرَيْدَةَ) قاضِي مَرو، ولم يخرج البخَاري لأخيه سُليمان بن بريدة شَيئًا (عن أبيه)(6) بريدة بن الحصيب الأسلمي شَهِدَ خَيبر (عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم).
[396]
(ثَنَا عُبَيدُ الله) بالتصغير (بْنُ مُعَاذٍ، قَال ثَنَا أَبِي) معَاذ بن معَاذ، (قال ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ) يحيى بن مَالك الأزدي، ويُقال: المراغي، والمراغ منَ الأزد.
(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو (7) رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ
(1) في (ص): بين.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 5/ 116.
(3)
انظر: "نهاية المحتاج" 1/ 371.
(4)
"منهاج الطالبين" 1/ 8. و"المجموع" 3/ 40.
(5)
بل الصواب سليمان، وهو راوي حديث المواقيت، وحديثه أخرجه مسلم في "صحيحه"(613)(176)، والترمذي (152)، والنسائي 1/ 258، وهو عند أحمد 5/ 349.
(6)
في (ص): أخيه.
(7)
في (س): عمر.
يَحْضُرِ العَصْرُ) أي: يدخل وقتها.
(وَوَقْتُ العَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ) أي: لم يَدْخلهَا صُفرة، وظَاهِره أنَّ آخِر وقت العصر قَبْل مخالطَة الصُّفرة، وهذا كما قال في حَديث بريدة: ثم أمَرَهُ بالعَصْر والشمس بيَضاء نقية (1).
(وَوَقْتُ المَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ) بالفاء من فار الماء إذا (2) اندَفع وظهَر، وفي روَاية مُسْلم: ثور (3) بالثاء المثلثة أي: ثورَانه وانتشاره وهوَ بِمَعنَاهُ.
(الشَّفَقِ) الأحمر عندَ الشافعي (4) وجمهُور الفقهاء وعندَ أبي حنيفة (5) والمُزَني (6) وبعض (7) أهل اللغَة: المراد الأبيض، والأَول الراجح (8) المختار، وهذا يُؤذن بأن وقت المغرب مُوسع (9) كسَائر أوقات الصَّلوات، وهوَ مُوَافق لحَديث أبي مُوسَى: وصَلى بي المغرب في اليَوْم الثاني حِين غَابَ الشفَق (10).
(1) هو حديث بريدة السابق تخريجه.
(2)
زاد هنا في (ص): ارتفع.
(3)
"صحيح مسلم"(612)(172).
(4)
"الأم" 1/ 156.
(5)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 292 - 293.
(6)
انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 23.
(7)
من (د).
(8)
في (ص): أرجح.
(9)
في (ص، ل، س): يوسع.
(10)
سبق تخريجه. وفي بعض ألفاظه: (عند سقوط الشفق)، وبعضها:(قبيل غياب الشفق)، ولم أجد أنه صلى المغرب حين غاب الشفق.
(وَوَقْتُ العِشَاءِ) أي: وَقت أدَائهَا اختيَارًا (إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) وأمَّا وقت الجَوَاز فيَمتَد إلى طُلوع الفَجر الثَاني لحَديث أبي قتادَة (1) وغَيره.
وَقالَ الإصْطخري: إَذا ذَهب نصْف الليْل صَارَت إذًا (2) قضَاء وتقدم ذَلك (3).
(وَوَقْتُ صَلَاةِ الفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ)(4) هذا قَول جُمْهور العُلماء (5) والاختيَارُ أن لا يؤَخر عَن الإسفار (6) لبَيَان جبريل، وقال
الإصْطخري (7): به يخرج الوَقت.
* * *
(1) يعني حديث: "إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى" وأخرجه مسلم (681)(311) وسيأتي تخريجه.
(2)
سقط من (د، م).
(3)
انظر: "الحاوي الكبير" 2/ 25، و"المجموع" 3/ 36.
(4)
أخرجه مسلم (612)(173)، والنسائي 1/ 260، وأحمد 2/ 213.
(5)
"الإجماع" لابن المنذر (37).
(6)
في (ل): الإسفرار.
(7)
"الحاوي الكبير" 2/ 30.