المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌24 - باب المواضع التي لا يجوز الصلاة فيها - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٣

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌132 - باب فِي الرَّجُلِ يسْلِمُ فَيُؤْمَرُ بِالغُسْلِ

- ‌133 - باب المَرْأَةِ تغْسِلُ ثوْبَها الذِي تَلْبسُهُ فِي حَيْضِها

- ‌134 - باب الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الذي يُصِيبُ أَهْلهُ فِيهِ

- ‌135 - باب الصَّلاة فِي شُعُر النِّساء

- ‌136 - باب فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌137 - باب المَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌138 - باب بَوْلِ الصَّبيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌139 - باب الأَرْض يُصِيبُها البَوْلُ

- ‌140 - باب فِي طُهُورِ الأَرْض إِذا يَبِسَتْ

- ‌142 - باب فِي الأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ

- ‌143 - باب الإِعادَةِ مِنَ النَّجاسَةِ تَكُونُ فِي الثَّوْب

- ‌144 - باب البُصاق يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌141 - بَابٌ فِي الأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ

- ‌كتابُ الصلاة

- ‌1 - باب الصَّلاةِ مِنَ الإسْلامِ

- ‌2 - باب فِي المَواقِيتِ

- ‌3 - باب فِي وَقْتِ صَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كانَ يصَلِّيها

- ‌4 - باب فِي وقْت صَلاةِ الظُّهْرِ

- ‌5 - باب في وَقت صَلاةِ العَصْرِ

- ‌6 - باب فِي وَقْتِ المَغْرِبِ

- ‌7 - باب فِي وَقْت العِشاءِ الآخِرَةِ

- ‌8 - باب فِي وَقْتِ الصُّبْحِ

- ‌9 - باب فِي المُحافَظةِ عَلى وَقْتِ الصَّلَواتِ

- ‌10 - باب إذا أخَّرَ الإِمامُ الصَّلاة، عَن الوَقْتِ

- ‌11 - باب في مَنْ نام عَنِ الصَّلاةِ أوْ نَسِيَها

- ‌12 - باب فِي بناءِ المساجِدِ

- ‌13 - باب اتخاذ المَساجِدِ فِي الدُّورِ

- ‌14 - باب فِي السُّرُجِ فِي المَساجِدِ

- ‌15 - باب فِي حَصَى المَسْجِدِ

- ‌16 - باب فِي كَنْسِ المَسْجدِ

- ‌17 - باب فِي اعْتزالِ النِّساءِ فِي المَساجدِ عَنِ الرِّجالِ

- ‌18 - باب فِيما يقولُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ المَسْجدَ

- ‌19 - باب ما جاءَ فِي الصَّلاةِ عنْدَ دُخولِ المَسْجِدِ

- ‌20 - باب فِي فَضْلِ القعُودِ فِي المَسْجِدِ

- ‌21 - باب في كَراهيَة إِنْشادِ الضّالَّة فِي المَسْجِدِ

- ‌22 - باب فِي كَراهِيةِ البُزاقِ فِي المَسْجِدِ

- ‌23 - باب ما جاءَ في المشْرِكِ يدْخُلُ المَسْجِدَ

- ‌24 - باب المَواضِعِ التِي لا يَجُوزُ الصَّلاة فِيها

- ‌25 - باب النَّهْي عَنِ الصَّلاة فِي مَبارِكِ الإِبِلِ

- ‌26 - باب مَتَى يُؤْمَرُ الغُلام بِالصَّلاةِ

- ‌27 - باب بدْءِ الأَذانِ

- ‌28 - باب كَيْفَ الأَذانُ

- ‌29 - باب فِي الإِقامَةِ

- ‌30 - باب فِي الرَّجُلِ يؤذّنُ وَيقِيمٌ آخَرُ

- ‌31 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذانِ

- ‌32 - باب ما يَجِبُ عَلى المُؤَذِّنِ مِنْ تعاهُدِ الوَقْتِ

- ‌33 - باب الأَذانِ فَوْقَ المنارة

- ‌34 - باب فِي المُؤَذِّن يَسْتَدِيرُ فِي أذانِهِ

- ‌35 - باب ما جاء فِي الدُّعاءِ بَينَ الأذانِ والإِقامةِ

- ‌36 - باب ما يَقُولُ إِذا سَمعَ المُؤَذِّنَ

- ‌37 - باب ما يَقُولُ إِذا سَمِعَ الإِقامَةَ

- ‌38 - باب ما جاءَ في الدُّعاء عِنْد الأَذانِ

- ‌39 - باب ما يَقُولُ عِنْدَ أَذانِ المَغْرِبِ

- ‌40 - باب أخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌41 - باب فِي الأَذانِ قَبْل دُخُولِ الوَقْتِ

- ‌42 - باب الأَذَانِ لِلأَعْمَى

- ‌43 - باب الخُرُوجِ مِن المَسْجِدِ بَعْد الأَذانِ

- ‌44 - باب في المُؤَذِّنِ يَنْتظِرُ الإِمَامَ

- ‌45 - بَاب فِي التَّثْوِيبِ

- ‌46 - باب فِي الصَّلاةِ تُقامُ وَلَمْ يأْتِ الإِمَامُ ينْتَظِرُونَهُ قُعُودًا

- ‌47 - باب فيِ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الجَماعَةِ

- ‌48 - باب فِي فَضْلِ صَلاة الجَماعَةِ

- ‌49 - باب ما جاءَ فِي فَضْلِ المَشْي إلى الصَّلاةِ

- ‌50 - باب ما جاءَ فِي المَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ فِي الظُّلَمِ

- ‌51 - باب ما جاءَ في الهَدْيِ فِي المَشْي إِلَى الصَّلاةِ

- ‌52 - باب فِيمَنْ خَرجَ يُريدُ الصَّلاةَ فسُبِقَ بِها

- ‌53 - باب ما جاءَ فِي خُرُوجِ النِّساءِ إلَى المسْجِدِ

- ‌54 - باب التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ

- ‌55 - باب السَّعْيِ إلىَ الصَّلاةِ

- ‌56 - باب فِي الجَمْعِ فِي المَسْجدِ مَرَّتَيْنِ

- ‌57 - باب فِيمَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أدْرَكَ الجَماعَةَ يُصَلِّي مَعَهُمْ

- ‌58 - باب إِذا صَلَّى ثُمَّ أدْرَكَ جَماعَةً أَيُعِيدُ

- ‌59 - باب فِي جِماعِ الإمامَةِ وَفَضْلِها

- ‌60 - باب فِي كَراهيَةِ التَّدافُعِ على الإِمامَةِ

- ‌61 - باب مَنْ أَحَقُّ بِالإِمامَةِ

- ‌62 - باب إِمامَةِ النِّساءِ

- ‌63 - باب الرَّجُلِ يَؤُمُّ القَوْمَ وَهُمْ لهُ كارِهُونَ

- ‌64 - باب إمامَةِ البَرِّ والفاجِرِ

- ‌65 - باب إِمامَةِ الأَعْمَى

- ‌66 - باب إِمامَةِ الزّائِر

- ‌67 - باب الإِمامِ يَقُومُ مَكانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكانِ القَوْمِ

- ‌68 - باب إِمامَةِ مَنْ يُصَلِّي بِقَوْمٍ وقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلاةَ

- ‌69 - باب الإِمامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ

الفصل: ‌24 - باب المواضع التي لا يجوز الصلاة فيها

‌24 - باب المَواضِعِ التِي لا يَجُوزُ الصَّلاة فِيها

489 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ عَنِ الأعمَشِ عَنْ مجاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا"(1).

490 -

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ داودَ، أَخْبَرَنا ابن وَهْب قال حَدَّثَنِي ابن لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ، عَنْ عَمّارِ بْنِ سَعْدٍ المرادِيِّ عَنْ أَبِي صالِحٍ الغِفارِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه مَرَّ بِبابِلَ وَهوَ يَسِير فَجاءَهُ المؤَذِّن يُؤَذِّنُ بِصَلاةِ العَصْرِ فَلَمّا بَرَزَ مِنْها أَمَرَ المؤَذِّنَ فَأَقامَ الصَّلاةَ فَلَمّا فَرَغَ قال: إِنَّ حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم نهانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي المقْبرَةِ وَنَهانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بابِلَ فَإنَّها مَلْعُونَةٌ (2).

411 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ وابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ شَدّادٍ عَنْ أَبي صالِح الغِفارِيِّ عَنْ عَليٍّ بِمَعْنَى سُلَيْمانَ بْنِ داودَ قال: فَلَمّا خَرَجَ. مَكانَ فَلَمّا بَرَزَ (3).

492 -

حَدَّثَنا موسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ (ح)، وحَدَّثَنا مسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال موسَى فِي حَدِيثِهِ فِيما يَحْسَبُ عَمْرٌو - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الأَرْضُ كلُّها مَسْجِدٌ إِلَّا الحَمّامَ والمَقْبُرَةَ"(4).

(1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 246 (7839)، وأحمد 5/ 147، والحاكم 2/ 424.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(506).

(2)

رواه البيهقي 2/ 451 من طريق أبي داود.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(76).

(3)

رواه البيهقي 2/ 451 من طريق أبي داود.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(77).

(4)

رواه الترمذي (317)، وابن ماجه (745)، وأحمد 3/ 83. =

ص: 344

باب في (1) المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها

[489]

(ثنا عثمان (2) بْنُ أَبِي شَيبَةَ) قال: (ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ عُمَيرٍ)[بن أبي قتادَة](3) قاص أهل مَكة، ولد في زمَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: رآه، من كبار التابعين (عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قال:(4) قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جُعِلَتْ لِيَ) جَميع بقاع.

(الأرضُ (5) طَهُورًا) أي: مطهرًا، وَإن كانَ الطهور قد يطلق بِمَعنىَ الطاهر في نفسه [نحو {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} (6) إذ لا تطهير في الجنة، ولكن لا يصح هنا؛ لأنها ظاهرة في حق كل الأمم فلا خصوصية](7) إلا في كونهَا مطَهرة، نَعم تعلق بهذا اللفظ مَن يَرى التيمم بِجَميْع أجزَاء الأرض، وقَد يُجَاب بأنهُ لما اقترن (8) بِمَا جَعَلهُ مَسْجِدًا دل أن المراد ترابها لاسِيَّما وقد ورد:"وترابهَا طَهُورًا". مِن روَاية أبي دَاود الطيَالسي بِسَنده (9)، وَكذَا أخرجَه أبُو عوَانة في

= وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(507).

(1)

من (د).

(2)

من (د، م). وفي بقية النسخ: سليمان.

(3)

كذا في جميع النسخ، وهو سهو أو سبق قلم، والصواب: عبيد بن عمير بن قتادة.

(4)

من (د، م).

(5)

زاد في (ص): مسجدًا و. وهناك تقديم وتأخير في (م).

(6)

الإنسان: 21.

(7)

من (د، م).

(8)

في (ص): اقترب.

(9)

"مسند الطيالسي"(418).

ص: 345

"صحيحه" والدارقطني (1) عن أبي مالك، واعلم أن [فعولًا بفتح الفاء قد](2) يكون اسمًا لما يفعَل به الشيء كالسَّنون (3) لما يسْتن به، والبَرُود لما يتبرد (4) به للعَين والسَّحور (5)، ويحتمل أن يكون منه هذا الحَديث (6) ويجيء مصدرًا كما نقله الراغب عَن سيبويه، ولَم يرد به هذا هُنَا.

(ومَسْجِدًا) قال ابن دَقيق العِيد: يَجُوز أن يجعَل مجَازًا عَن المكان المبني للصَّلاة؛ لأنهُ لما جَازت الصَّلاة في جَميعها كانت كالمَسْجِد (7) في ذلك، فأطلق اسْمه عَليْها (8) من باب مجاز التشبيه. يَدلُّ عَلى ذلك أن الأمم السَّابقة إنما كانت تخص (9) الصَّلاة بِمكان، ولم تكن تخص (10) مطلق السجود بمكان (11) انتهى بمعناه (12).

وقَال غَيره: يحتَمل أنه من بَاب تسميَة البَعض باسم الكل، من

(1)"سنن الدارقطني" 1/ 176.

(2)

في (ص): هو لا يصح الفاقد.

(3)

في (ص): كالمسنون.

(4)

في (ص، س): يبرد.

(5)

في (ص): السجود.

(6)

سقط من (د) ..

(7)

في (م): المسجد.

(8)

في (ص، س، ل): عليه. والمثبت من "إحكام الأحكام".

(9)

في (ص، ل): تختص.

(10)

في (ص، ل): تختص.

(11)

في (م): لمكان.

(12)

"إحكام الأحكام" 1/ 82.

ص: 346

حَيث (1) أن موضع السجود بعض المَسْجد العُرفي، ولا يخفَى مَا فيه من نظر.

[490]

(ثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ دَاودَ) المهري، ثقة فقيه (2). قال:(أَنَا) عَبد الله (ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي) عَبْد الله (ابْنُ لَهِيعَةَ) الحَضرمي الفقيه قاضي مصر، قَال أبُو دَاود: سَمعت أحمَد بن حَنبل يَقول: من كانَ مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حَديثه وضَبطه وإتقانه (3).

(وَيَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ) المصْري وثقه ابن حبان (4) وكانَ من أفاضل الناس وخيَارهم.

(عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ المرَادِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ) سَعيد بن عَبد الرحمن (الْغِفَارِيِّ) المصري، وثق، وذكرهُ ابن حبان في "الثقات" (5) (أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه مَرَّ بِبَابِلَ) الذي أنزلَ عَلى هَاروتَ ومارُوتَ السِّحر فيها كما قال تعالى:{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} (6). قال الزمخشري (7): المنزل عَليهمَا السِّحر كانا مَلكَين ببَابِل، وهَارُوت ومَاروت (8) عَطف بَيَان للملكين، والباء في ببَابِل بمعَنى في، أي أنزل السِّحر عَلى

(1) في (س): حين.

(2)

"الكاشف" للذهبي 1/ 392.

(3)

"سؤالات أبي داود لأحمد"(256).

(4)

"الثقات" 9/ 251.

(5)

"الثقات" 4/ 287.

(6)

البقرة: 102.

(7)

"الكشاف" 1/ 198.

(8)

تكرر في (م).

ص: 347

هارُوت وماروت ببَابِل ابتلاء مِنَ الله للناس، من تعلمه منهم وعمل به كان كافِرًا، ومن تجنبهُ كانَ مؤمنًا.

(وَهُوَ يَسِيرُ) لعَل هذا كانَ في مسيره إلى البَصْرة (فَجَاءَ المؤَذِّنُ يُؤَذنُه) بتشديد الذال.

(بِصَلاةِ العَصْرِ) أي: يعلمه بهَا، وَيجُوز تخفيف الذال، فيه حَذف تقديره فلَم يأذن له بالإقامة.

(فَلَمَّا بَرَزَ مِنْهَا) بتخفيف الراء أي: خرج كما في الروَاية الآتية (أَمَرَ المؤَذِّنَ) بالإقامة فيه دلالة على أن الإقامة متَعَلِّقة بنظر الإمَام كما أن الأذان متَعَلق بنظر المؤذن أو الموقت (1) إن كانَ.

(فَأَقَامَ الصَّلاةَ) فيه أن غير الإمَام يقيم الصَّلاة إن كانَ لهَا رَاتب فهوَ أولى، وإلا فغَيرهُ (فَلَمَّا فَرَغَ) مِنَ الصَّلاة ومَسْنُوناتها.

(قَال: إِنَّ حِبي) بِكَسْر الحاء المهملة، هوَ الحَبيب والمحبوب، وروي حَبِيبِي (صلى الله عليه وسلم نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي المَقْبُرَةِ) بضَم البَاء وفتحها مَوضع القبور.

(وَنَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ) اسْم سُرياني أعجمي، ولهذا منِعَ الصرفَ، وسَبَب تَسميتها ببَابِل (2) ما ذكرهُ البغوي (3) وغَيرهُ مِنَ المفسرين أن نمرُود بن كنعَان بَنى الصَّرح ببابل ليَصْعَد السَّماء.

قال ابن عباس: كان طول الصَرْح خمسَة آلاف ذرَاع. وقال كعب ومقَاتِل: كانَ طُوله فرسَخَين، فهَبت ريح وألقت رَأسهَا في البحر،

(1) في (م): الوقت.

(2)

في (م): بابل.

(3)

"تفسير البغوي" 1/ 129.

ص: 348

وخَر عَلَيهم البَاقي وهُم تحته، فلما سَقَط الصَّرْح تبلبَلت ألسُن الناس مِنَ الفَزع يَومئذ، فتكلموا بِثلاثة وسبعينَ لسَانًا، فلذَلك سُميَت ببَابل، وكانَ الناس كلهم قَبل ذَلك يتكَلمون بالسريانية (1).

وفي الحَديث دلالة عَلى كراهَة الصَّلاة في أرض بَابل لهذا الحَديث، وهوَ وإن كانَ في رجَاله مَنْ تكلم فيه، فالأولى أن يسْتدل له بما روَاهُ ابن أبي شيبَة مِنْ طَريق عَبد الله بن أبي المحل بضَم الميم وكَسْر الحَاء المهملَة وتشديد اللام، قَال: كنا مَعَ عَلي فمررنا بأعلى الخَسْف الذي بَبابل، فلم يصل حَتى أجَازَهُ (2)، أي: تعداهُ.

ومِن طَريق أخرى عن علي قال: مَا كنت لأصَلي في أرض خَسف اللهُ بهَا ثلاث مرار (3) والظاهِر أن قوله: ثلاث مِرَار. لَيْس متعَلقًا بالخَسْف؛ لأنه ليسَ فيهَا إلَّا خَسْف وَاحد، وإنما أرَادَ أن عليًّا قال ذَلكَ ثلاثًا، والمرادُ بالخَسْف مَوضع صَرح نَمرود المتقدم ببَابل، وليْسَ الخَسْف المذكورُ هُوَ سَبَبُ كَراهَة الصَّلاة في بَابِل، بَل الخَسْف مسَبَب (4)، والسبب هو الكفر الذي وقع فيها مِنَ النمرود وأتباعه، أو الكفر الذي أنزلهُ اللهُ في أرض بَابِل (5) على الملكين كما نَطَقَ اللهُ تَعالى به في قوله

(1)"تفسير البغوي" 5/ 16.

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 185 (7640).

(3)

في (م): مرات. وهو كذلك في "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 184 (7638).

(4)

في (ص): سبب.

(5)

هذه العبارة شديدة، وليس من الأدب مع الله أن نقول: الكفر الذي أنزله الله. ولو قال: الذي امتحن الله به. لكان حسنًا. أو لو ذكر الآية فقط لكان خيرًا له.

ص: 349

تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} (1) كما تقدمَ، ثم قَال بَعْدَهُ:{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُر} (2) فَعَلى هذا العِلَّة في الحقيقة هي كَونهَا أرض فيهَا كفر (3) وسحر، ومنه (4) التفرقة بين المَرءِ وزَوْجه، أو كفر غَيْره، وتتعَدى هذِه العلة في كل مَكان فيه كُفر.

قال السُّبكي: وقد اتفق الأصحَاب عَلى كراهة الصَّلاة في مأوى الشيْطَان، مثل مَواضع الخَمْر، والحَانة، ومَوَاضع المكوس، ونَحوهَا مِنَ المعَاصي الفَاحِشَة، قال: والكنائس، والبِيَع التي للكفر أحَق الأشياء بِذَلك (5).

(فَإِنَّهَا) أي: أرض بَابل (مَلْعُونَةٌ) فيه اسْتعمالُ المجَاز، فإن الملعُون أهلهَا لا الأرض التي لم يصدر منهَا شيء تلعن لأجله، وإنَّ هذا مِنَ التعبير بالمحل عن الحَالِّ فيه، أو هوَ من مجَاز المجَاورة.

[491]

(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ) قال (6): (ثَنَا ابن وَهْبٍ) قال: (أَخْبَرَنِي يَحْيى بْنُ أَزْهَرَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ) الصنعاني (7) المصري مقبول (عَنْ أَبِي صَالِحٍ (8) الغِفَارِيِّ) اسْمهُ سَعيد بن عَبد الرحمَن (عَنْ عَلِيٍّ

(1) البقرة: 102.

(2)

البقرة: 102.

(3)

سقط من (د، س).

(4)

في (ص، س): فيه.

(5)

"المجموع" 3/ 162.

(6)

سقط من (د، س).

(7)

في (ل، م): الصغاني.

(8)

كتب فوقها في (د): د.

ص: 350

- رضي الله عنه بِمَعْنَى حديث سُلَيمَانَ بْنِ دَاودَ) و (قَال) فيه: (فَلَمَّا خَرَجَ) منها (1)(مَكَانَ: لما (2) بَرَزَ) وَهما متقاربَان في المعنى.

[492]

(ثَنَا موسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) قال: (ثَنَا حَمَادٌ ح) التحويل (وَثَنَا مسَدَّدٌ) قال: (ثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ)(3) بن زَياد العَبدي (عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ) يَحيى بن عمارة بن أبي حَسَن المازني (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الخدري (قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: - وَقَال موسَى) بن إسماعيل (فِي حَدِيثِهِ فِيمَا يَحْسَبُ عَمْرٌو) بن يَحيَى (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: ) وَرَوَاهُ الشافعي (4) وأحمد (5) والترمذي (6) وابن مَاجَه، وابن خزيمة، والحاكم (7) من حَدِيث أبي سعيد لكن اختلف في (8) وصْله وقطعه، ورَجح البَيْهقي المرسَل (9)، وقال الدارقطني في "العلل" (10): المرسَل المحفوظ، وَقال: ثنا جَعفر بن محَمد المؤذن (11) ثقة، ثنا السَّري بن

(1) من (د، م).

(2)

من (د، م).

(3)

كتب فوقها في (د): ع.

(4)

"مسند الشافعي" ص 70 قال الشافعي: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما منقطع، والآخر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(5)

"مسند أحمد" 3/ 83.

(6)

"سنن الترمذي"(317)، وقال: هذا حديث فيه اضطراب.

(7)

"سنن ابن ماجه"(745)، "صحيح ابن خزيمة"(791)، "المستدرك" 1/ 251 قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.

(8)

من (م).

(9)

"السنن الكبرى" 2/ 434.

(10)

"العلل" 11/ 320 - 321.

(11)

في (ص): المؤدب.

ص: 351

يَحيى، ثنا إبَراهيم (1) وقبيصة، ثنَا سُفيَان، عَن عَمرو بن يَحيى، عَن أبيه، عَن أبي سَعيد مَوْصُولًا، والمرسَل المَحْفوظ (2).

(الأرضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ) المسجد لهُ مَعْنيَان أحَدُهما: البِناء الموقوف مَسْجِدًا، والذي يَنبَغي أن يفَسر (3) به هُنَا (4) مَوْضع السُّجود أي: مكان، وهوَ معَناهُ اللغوي، ويأتي كلام ابن دَقيق العِيْد أنه مجَاز (5).

(إِلَّا الحَمَّامَ)، وكذا مَسْلخه على الصحيح. قال إمَام الحَرَمَين (6): نهيه عَن الصَّلاة في الحمام [هي كراهة تنزيه](7)، وذكر الفقهاء مَعنَيين: أحَدُهما: لا يخلو عَن رشاش وكشف عَورَات (8).

والثاني: أنه بَيْت الشياطِين. وخرَّجوا (9) على ذَلك الصَّلاة في المسْلخ، فإن عللنا النهي بالترشيش مِنَ النجاسَة فلا يكره، وإن عللنَا بأنهُ مَأوى للشيَاطِين (10) فيكرَه وهوَ الأصح.

(1) كذا في جميع النسخ التي لدينا، وفي "العلل": أبو نعيم وهو الصواب.

(2)

الذي في "العلل" بهذا السند: عن عمرو بن يحيى عن أبيه، عن النبي مرسلاً. ولعل هذا سهو.

(3)

في (د): يعتبر.

(4)

في (م): هذا.

(5)

"إحكام الأحكام" 1/ 82.

(6)

"نهاية المطلب" 2/ 334 - 335.

(7)

في (د، م): هي كراهية.

(8)

في (د): العورات.

(9)

في (ص، س): حرحروا.

(10)

في (د، م): الشياطين.

ص: 352

(وَالْمَقْبرةَ) الطَّاهِرَة (1)؛ فَإنَّ النجسَة (2) لا تصَح الصَّلاة فيهَا إلَّا أن يَكون بَينَهُ وبَينها حَائل.

قال النوَوي وغيرهُ: إن تحقق نبشها (3) لمْ تصَحّ صَلاته فيهَا بلا خلاف إذا لم يَبسُط تحته شَيئًا، وإن تحقق عَدَم نبشها (4) صَحت بلا خلاف، وهي مكروهة كراهة تنزيه، وإن شك في نبْشها (5) فالأصح الصحة مَعَ الكرَاهَة (6).

* * *

(1) وهي التي لم تنبش، فتكره الصلاة فيها.

(2)

في (س): التحتية.

(3)

في (ص): يبسها.

(4)

في (ص): يبسها.

(5)

في (ص): يبسها.

(6)

"المجموع" 3/ 158.

ص: 353