الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
65 - باب إِمامَةِ الأَعْمَى
595 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَنْبَرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا ابن مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا عِمْران القَطّانُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أسْتَخْلَفَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النّاسَ وَهُوَ أَعْمَى (1).
* * *
باب إمامة الأعمى
[595]
(ثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري أبو عبد الله)(2) البصري، وثقه علي بن الحسين بن الجنيد (3) (قال: ثنا ابن مهدي، قال: ثنا عمران) ابن داوَر بفتح الواو (القطان) البصري، صدوق.
(عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم) أي جعله خليفة عنه أن (يؤم الناس) ورواه الطبراني من حديث عطاء عن ابن عباس (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمر المدينة، وإسناده حسن (5). ومن حديث ابن بحينة بلفظ: كان إذا سافر استخلف ابن أم مكتوم على المدينة، فكان يؤذن ويقيم ويصلي
(1) رواه البيهقي 3/ 88 من طريق أبي داود.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(608).
(2)
من (م)، وأقحم بعدها في (م): محمد. وفي بقية النسخ: محمد دون عبد الله.
(3)
"تهذيب الكمال" 25/ 614.
(4)
في (م): السائب.
(5)
"المعجم الكبير"(11435). قال الألباني في "صحيح أبي داود"(608): إسناده حسن.
بهم (1)، وفي الباب عن عبد الله بن عمر الخطمي أنه كان يؤم قومه في خطمه وهو أعمى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغزا معه وهو أعمى.
ورواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح، أخرجه الحسن بن سفيان في "مسنده" وابن أبي خيثمة، وعنه قاسم بن أصبغ في "مصنفه"(2)، وقد استدل بهذا الحديث على أن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير، واختاره أبو إسحاق المروزي ثم الغزالي (3)، ولأنه أكثر خشوعًا من البصير؛ لأن البصر يفرق القلب، ورجح بعضهم أن البصر أولى لأنه أشد توقيًّا للنجاسة التي اجتنابها شرط في الصحة، وأكثر علمًا للاستقبال (4)، واختاره في "المرشد"، والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهية؛ لأن في كل منهما فضيلة غير أن إمامة البصير أفضل؛ لأن أكثر من جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامًا بصيرًا (5)، واستنابة النبي صلى الله عليه وسلم لابن أم (6) مكتوم في غزواته؛ لأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور، فلعل لم يكن في النفر (7) المتخلفين من يقوم مقام ابن أم
(1) أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" 2/ 208. قال: وفيه الواقدي وهو ضعيف.
(2)
انظر: "التلخيص الحبير" 2/ 91.
(3)
"الشرح الكبير" للرافعي 4/ 328.
(4)
في (م): الاستقبال.
(5)
"الحاوي الكبير" 2/ 321 - 322.
(6)
سقط من (ل).
(7)
في (م): البصراء.
مكتوم أو لم يتفرغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز، وأما إمامة عتبان بن مالك لقومه فلعله لم يكن في قومه في مثل حاله بصير، ويؤخذ من الحديث أنه لو اجتمع حر ضرير وعبد بصير فالحر الضرير أولى؛ لأن ابن أم مكتوم لما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم كان يقتدي به جمع من العبيد البصراء (وهو أعمى) ولفظ أحمد: كان يصلي بهم وهو أعمى (1). ورواه ابن حبان في "صحيحه"(2).
وفي الحديث على أن الإمام الأعظم لا يستخلف إلا عن ضرورة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه فيما بلغنا أنه استخلف إلا في غيبته في غزواته وفي مرضه لما قال: "مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس"(3) وفي غيبته، وأما مع حضوره وقدرته على الحضور إلى المسجد فلم يرد عنه ولو كان جائزًا لفعله مرة واحدة للجواز [أو بينته الأئمة](4)، وكذا من ارتضاه جماعة المسجد وقدموه لإمامتهم، وعلى هذا فالأولى بعدم الجواز الإمام الذي يأخذ جعلًا على الإمامة، فإذا استخلف في حضوره مع قدرته لا يجوز له ولا يستحق شيئًا من المعلوم؛ لأنهم قالوا: إن الإمامة من باب الجعالة فمتى فعل استحق المعلوم وإلا فلا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1)"مسند أحمد" 3/ 192.
(2)
"صحيح ابن حبان"(2134) من حديث عائشة.
(3)
طرف حديث أخرجه البخاري (682)، وغيره.
(4)
في (م): أي بينه للأئمة. وفي (س): أو بينه الأئمة.