الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب اتخاذ المَساجِدِ فِي الدُّورِ
455 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنا حُسَين بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زائِدَةَ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُروَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: أَمَرَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبِناءِ المَساجِدِ في الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ (1).
456 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ داودَ بْنِ سُفْيانَ، حَدَّثَنا يحيَى -يَعْنِي ابن حَسّانَ- حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْن مُوسَى، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابنهِ أَمّا بَعْدُ فَإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَأمُرُنا بِالمَساجِدِ أَنْ نَصْنَعَها فِي دِيارِنا وَنُصْلِحَ صَنْعَتَها وَنُطَهِّرَها (2).
* * *
باب اتخاذ المساجد في الدور
[455]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) قال: (ثَنَا حُسَينُ بْنُ عَلِيٍّ) بن الأسْوَد العجلي، قَالَ أبُو حَاتم: صَدُوق (3)(عَنْ زَائِدَةَ) بن قدامة - أو ابن نشيط (4) - وهما ثقتان (5).
(1) رواه الترمذي (594)، وابن ماجه (758)، وأحمد 6/ 279.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(480).
(2)
رواه أحمد 5/ 17، والطبراني 7/ 252 (7026).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(481).
(3)
"الجرح والتعديل" 3/ 56.
(4)
المقصود هنا هو ابن قدامة، فإن ابن نشيط لم يرو له أبو داود سوى حديث واحد رقم (1328). ولم يرو عنه سوى ابنه عمران، وفطر بن خليفة.
(5)
في (ص): (نعتان). زائدة بن قدامة ترجمته في "الكاشف"(1608)، وزائدة بن نشيط ترجمته في "الكاشف"(1609).
(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عُروَة بن الزبير أخي عبْد الله، (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) أي: أذِنَ (بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ). قَالَ في "شَرح السُّنَّة"(1): يُريْدُ المحَال التي فيها الدُّور، وَمنهُ قَوله تَعالى:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (2)؛ لأنهم كانُوا يسمونَ المحلة (3) التي اجتمعت فيهَا قبيلة دَارًا، ومِنهُ الحَديث: مَا بقيت دَار إلا بني فيها مَسْجِد. قَالَ سُفيان: بنَاء المسَاجِد في الدور يَعني القبائل (4). أي: منَ العَرب يتصل بعضها ببعْض، وهم بنو أب وَاحِد يبنى لكل قَبيلة مَسْجِدٌ، هذا ظاهِر مَعْنى تفسير سُفيان الدور، ويَدخل في المسَاجِد التي يقَام فيهَا الجُمعَة.
قال أهل اللغَة: الأصْل في إطلاق الدُّور عَلى الموَاضِع، وقد تُطلق عَلى القَبائل مجَازًا (5).
قالَ بَعض المحدثين: والبَسَاتِين في معَنى الدور، وعلى هذا فيُستحب بنَاء المَسْجد من حَجر، أو طُوب، أو لبِن، أو مدر، أو خشب، أو غَير ذَلك في كل محلة يحلهَا المقيمون بهَا، وهي مائة بَيت فما فَوقَها، كَذَا قيَّدَهُ بَعض أهل اللغَة، وكل قبيلَة وكل بَسَاتِين مُجتمعَة.
قالَ البغَوي في "شَرح السُّنَّة": في هذا الحَدِيث دَليل على أن المَكان
(1)"شرح السنة" 2/ 397.
(2)
الأعراف: 145.
(3)
في (د): المحال.
(4)
"شرح السنة" 2/ 399.
(5)
"المصباح المنير"(دور).
لا يصير مَسْجِدًا بالتسمِيَة (1) حَتى يُوقفهُ صَاحِبه أو يسبله (2) ولو صَار مَسْجِدًا لزَال عنهُ ملك المالك (3).
(وَأَنْ تُنَظَّفَ) بالظاء المشالة لا بالضاد كما في بعض النسَخ المُصَحفة، ومَعْنَاهُ: تطهر، كما في روَاية ابن مَاجَه (4) يَعني تنظف مِنَ الوَسَخ والدنس، واختلاف اللغتَين يَدُل عَلى أن الطهَارة والنظافة بِمعنى واحِد كما تقول الفقهاء، وعَلى هذا فَتُحمل روَاية ابن مَاجَه على الطهَارة اللغَوية والشرعية.
(وتُطَيَّبَ) أي: بطيب الرجَال، وهوَ مَا خفي لونه وظهرَ ريحهُ، فإن اللون رُبما شغل نظرَ (5) المُصَلي، والأولى في تطييب المسَاجِد (6) مَوَاضِع المُصَلين، ومَوَاضِع سُجودهِمْ أولى، وَيجوز أن يحمل التطييب على التجمير في المَسْجد، فَقَد ذكر الحَافظ عَبد الغَني المقدسي [وَرَوَاهُ أبو يَعلى عَن ابن عُمَر] (7) أن عُمرَ رضي الله عنه جَعَل نعيم بن عبَد الله عَلى إجمَار المَسْجد. أي: تبخيره (8) ولهذا سُمي نعيم المجمر بضم الميم وسُكون الجيم (9) هكذا ضَبَطهُ ابن دقيق العِيد (10)، وأما الحَافظ
(1) سقط من (د).
(2)
في (ص): يسأله.
(3)
"شرح السنة" 2/ 400.
(4)
"سنن ابن ماجه"(758، 759).
(5)
في (د، م): بصر.
(6)
في (د): المسجد.
(7)
سقط من (م).
(8)
في (م): يبخره.
(9)
في (د): الحاء.
(10)
"إحكام الأحكام" 1/ 36.
أبُو حَاتم محمد ابن حبان فجزم بأن المجمر صفة لأبيه (1)، وتبعَهُ النوَوي في "شرح مسلم"(2).
[456]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاودَ (3) بْنِ سُفْيَانَ) قال: (ثَنَا يَحْيىَ بْن حَسَّانَ) التنيسي مُتفق عَليه.
قال: (ثَنَا سُلَيمَانُ (4) بْنُ مُوسَى) الزهري صَالح الحَديث (5).
قال: (ثَنَا جَعْفَرُ (6) بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ) بن جندب، قال:(ثنا خُبَيبُ) بِضَم الخَاء المُعجمَة ثمَّ بموَحدَة مُصَغر (بْنُ سُلَيمَانَ) بن سَمرة، وليسَ في السِّتة إلا خبيب هذا، وخبيب بن عَبد الله بن الزبير (7) انفرد به النسَائي، وخبيب بن عَبد الرحمَن عندَ الجماعة.
(عَنْ أَبِيهِ سُلَيمَانَ بْنِ سَمُرَةَ) بن جندب (عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ) بن جندب، (أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى بنيه) بعدَ السَّلام والحَمْدُ لله والصَّلاة عَلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْمَسَاجِدِ أَنْ نَصْنَعَهَا) أي: نَعْمَلهَا فِي دِيَارِنَا.
(في (8) دورنا) هذا الحَديث روَاهُ أحمَد بإسْناد صحيح عَن عروة بن
(1)"الثقات" 5/ 476.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 3/ 134.
(3)
كتب فوقها في (د، ل): د.
(4)
كتب فوقها في (د، ل): د.
(5)
"الجرح والتعديل" 4/ 142.
(6)
كتب فوقها في (د، ل): د.
(7)
في (م): الزهر.
(8)
سقط من (م).
الزبير [عَمَّن حدثه](1) من أصحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال (2): كانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأمُرُنا أن نصنع (3) المسَاجد في دورنا، وأن نصْلح صَنعتها ونطهرَها.
[وجدة عُروَة بن الزبَير هي صَفية بنت المُطلب رَوَت عَن النَّبي صلى الله عليه وسلم عَند (4) أحمد فالظاهِر أنها هي](5) ويشبهُ أنَّ المراد بِصنَاعَة المَسَاجد في الدُّور للصَّلاة فيهَا التطوُّع، أو الفَرض إذا لم يذهب إلى المَسجِد الجَامع، وكذا للاعتكاف عندَ مَن يقول به، وقد يُؤخذ منهُ صحة اعتكاف المرأة في مَسْجِد بَيتها؛ وهو المعتزل المهَيأ للصَّلاة فيه، وقد اختلف مَذهَب الشافعي فيه، فالجَديد أنه لا يصح كما لا يَصح مِنَ الرجُل، وهذا هوَ المذهب الذي به قطعَ الجمهُور، والقديم يَصح اعتكاف المرأة في مَسْجِد بَيتها؛ لأنه يُسَمى مَسْجدًا، وقَد أمَر النبي صلى الله عليه وسلم باصطناع المَسَاجِد في الدور للصَّلاة فيه (6).
قالَ شارح "المصَابيح": يحتمل أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أذنَ أن يَبني الرجُل في دَاره مَسْجِدًا يصَلي فيه أهل بَيته، ولا يصير المَوْضع مَسْجدًا بالصَّلاة
(1) في جميع النسخ: عن جدته. وهو تحريف في نسخة المصنف، واستمر في الشرح على أساسه، فأخطأ.
(2)
في جميع النسخ قالت.
(3)
في (د): نضع.
(4)
في (ص، س، ل): عن.
(5)
كذا في جميع الأصول، وهذا ناشئٌ عن الخطأ الذي علقنا عليه سابقا والحديث عند أحمد في "مسنده" 5/ 371 من طريق عمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن جده عروة عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(6)
"المجموع" 6/ 480، "الشرح الكبير" 3/ 262 - 263.
فيه. وقالَ أبو حنيفة (1): يَصح؛ لأنهُ موضع مسنون صَلاتها فيه، فأشبهَ المَسْجِد في حق الرجُل، وأجَاب الشافعية بأن البَيت مَوضع مَسْنون (2) الرجُل، ولَا يَصح اعتكافه فيه بالنفل (3).
(وَنُصْلِحَ صَنْعَتَهَا) بِضم النُّون مَن نُصلح أي: يحسن صناعتها لا بالنقش والتزويق. (وَنُطَهِّرَهَا) مِنَ النجَاسَة والوَسَخ والدَّنَس، ويُؤخَذ مِنَ الحَدِيث الذي قبلهُ أنها تطيَّب كما تقدم.
* * *
(1)"المبسوط" للسرخسي 3/ 132 - 133.
(2)
زاد في (د): لصلاة.
(3)
في (س): بالليل.