الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - باب السَّعْيِ إلىَ الصَّلاةِ
572 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا عَنْبَسَة، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَأْتُوها تَسْعَوْنَ وَأْتُوها تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَما فاتَكُمْ فَأَتِمُّوا".
قال أَبُو داودَ: كَذا قال الزُّبَيْدِيُّ وابْن أَبِي ذِئْبٍ وَإِبْراهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمَعْمَرٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزّهْرِيِّ:"وَما فاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". وقال ابن عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ:"فاقْضُوا". وقال مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ:"فَأَتِمُّوا". وابْن مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو قَتادَةَ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ قالوا: "فَأَتِمُّوا"(1).
573 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَليدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْراهِيمَ قال: سَمِعْتُ أَبا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -قال:"ائْتُوا الصَّلاةَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَصَلُّوا ما أَدْرَكْتُمْ واقْضُوا ما سَبَقَكُمْ".
قال أَبُو داودَ: وَكَذا قال ابن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:"وَلْيَقْضِ". وَكَذا أَبُو رافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو ذَرٍّ رُوِيَ عَنْهُ:"فَأَتِمُّوا واقْضُوا". واخْتُلِفَ عَنْهُ (2).
* * *
باب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ
[572]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِح) قال: (ثَنَا عَنْبَسَةُ) قال: (أَخْبَرَنِي يُونُسُ) ابن يزيد الأيلي (عَنْ ابن شِهَابٍ) قال: (أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ وَأَبُو
(1) رواه البخاري (636، 908)، ومسلم (602).
(2)
رواه أحمد 2/ 382، 386، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 396، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 230. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (585).
سَلَمَةَ) عبد الله (بْنُ (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) عبر بالإقامة؛ لأن سماعها هو الحامل غالبًا على الإسراع ليترجى (2) المصلي إدراك تكبيرة الإحرام، ومع هذِه الفضيلة فنهى (3) عن الإسراع في قوله:(فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ) وإذا نهى هذا فغيره ممن يأتي المسجد قبل الأذان أو قبل إقامة الصلاة أولى بأن لا يسرع؛ لأنه يتحقق إدراك الصلاة كلها، وقد لحظ فيه بعضهم معنى آخر غير هذا فقال: الحكمة في التقييد بالإقامة (4)؛ لأن المسرع (5) إذا أقيمت الصلاة يصل إليها وقد [انبهر وضاق](6) نفسه من سرعة المشي، فإذا وصل يقرأ وهو في تلك الحالة فلا يحصل له تمام الخشوع في القراءة وبقية (7) الصلاة، فالخشوع في الصلاة هو اللب المقصود في الصلاة، وأما من جاء قبل ذلك وأسرع فإن الصلاة قد لا تقام حتى يستريح لكن لا يحصل له الخشوع في تحية المسجد، وعلى هذا فالنهي عن الإسراع بعد الإقامة أبلغ؛ لأن فيه إذهاب الخشوع في الفرض بخلاف إذهابه في النفل، وهو التحية أو السنة.
(وَأْتُوهَا تَمْشُونَ) وأما قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (8) فالمراد
(1) في (س): عن.
(2)
في (ل): لترجى.
(3)
في (س): منهي.
(4)
من (م). وفي بقية النسخ: في الإقامة.
(5)
في (م): المشروع.
(6)
في (ص): انتهر وضاق. وفي (م): انبهر وسارق. والمثبت من (ل).
(7)
في (س): وهذه.
(8)
الجمعة: 9.
بالسعي هنا الذهاب والمضي، وفي "الموطأ" عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن هذِه الآية فقال: كان يقرؤها: إذا نودي للصلاة فامضوا (1)، فكأنه فسر السعي بالذهاب والمضي، وأشار المصنف بإيراد هذا الحديث بأن السعي المأمور به في الآية غير السعي المنهي عنه في الحديث، والحجة فيه أن السعي في الآية فسر بالمضي، والسعي في الحديث فسر بالعدو وسرعة المشي، ولمقابلته للمشي حيث (2) قال:"فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون".
(وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ) كذا في رواية للبخاري عند غير أبي ذر (3)، ولمسلم من طريق يونس (4)، وضبطها القرطبي شارحه بالنصب على الإغراء (5). وضبطها النووي بالرفع على أنها جملة في موضع الحال، واستشكل بعضهم دخول (6) الباء؛ لأنه متعدٍّ بنفسه لقوله:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (7) وفيه نظر لثبوت رواية الباء في الأحاديث الصحيحة كحديث: "عليكم برخصة الله"(8)، "فعليه بالصوم فإنه له وجاء"(9)
(1)"الموطأ" 1/ 106.
(2)
في (س): حين.
(3)
في (م): داود.
(4)
"صحيح مسلم"(602)(151).
(5)
"المفهم " 2/ 220.
(6)
في (ل): إدخال بعضهم، وفي (س): دخول بعضهم.
(7)
المائدة: 105.
(8)
"صحيح مسلم"(1115).
(9)
"صحيح البخاري"(1905)، ومسلم (1400)(2)، وسيأتي تخريجه إن شاء الله.
و (1) حديث: "عليك بالمرأة" قاله لأبي طلحة في قصة صفية (2). و"عليك بخويصة نفسك"(3) وغير ذلك.
ولا [يمتنع من](4) كونه متعدٍّ بنفسه أن لا يتعدى بالباء (5)، والحكمة في هذا الأمر تستفاد من زيادة وقعت لمسلم من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكر نحو حديث (6) الباب وقال آخره:"وإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في الصلاة"(7). أي: أنه في حكم المصلي فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي (8) ويجتنب ما ينبغي للمصلي اجتنابه، وفي الصَّحيحين:"السكينة والوقار"(9)، قال عياض (10) والقرطبي (11): هو بمعنى السكينة، وقال النووي: الظاهر أن بينهما فرقًا؛ لأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث، والوقار في الهيئة كغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات (12) (فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا) قال الكرماني: الفاء في فما جواب شرط محذوف أي: إذا
(1) في (ص): في.
(2)
البخاري (3086)، وفي (3085) قال:"عليك المرأة"، وأخرجه أحمد 3/ 189.
(3)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.
(4)
في (م): يمنع. وفي (ل): يمنع من.
(5)
في (ص): ثانيًا.
(6)
من (م).
(7)
"صحيح مسلم"(602)(152).
(8)
سقط من (م).
(9)
رواه البخاري (636)، ومسلم (602).
(10)
"إكمال المعلم" 2/ 553.
(11)
"المفهم" للقرطبي 2/ 220.
(12)
"شرح النووي على مسلم" 5/ 100.
ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا (1). أو (2) التقدير: إذا فعلتم فما أدركتم من الصلاة جميعها فصلوه (3) كلها مع الجماعة، واستدل بهذا الحديث على حصول فضيلة الجماعة بإدراك جزء من الصلاة؛ لقوله:"فما أدركتم فصلوا" ولم يفصل بين القليل والكثير، وهذا قول الجمهور، وقيل: لا تدرك الجماعة بأقل من ركعة؛ لحديث: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك"(4) وقياسًا على الجمعة، واستدل به أيضًا على استحباب الدخول مع الإمام في أي حالة وجده عليها بحديث أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن رجل من الأنصار مرفوعًا:"من وجدني راكعًا (5) أو قائمًا أو ساجدًا فليكن معي على حالتي التي أنا عليها"(6). وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم [أنه يغفر له](7) بمجرد ذلك.
(وَمَا فَاتَكُمْ قَأَتِمُّوا) أي كملوه (8)، هذا هو الصحيح في رواية الزهري. ورواه ابن عيينة:"فاقضوا" كما سيأتي، وإنما يظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين لفظي الإتمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا
(1)"فتح الباري" 2/ 140.
(2)
في (س، م): و.
(3)
في (م): فصلوها.
(4)
تقدم.
(5)
في (س): رافعًا.
(6)
طرف حديث أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2616).
(7)
سقط من (م).
(8)
في (م): كملوا.
واختلف في لفظة منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك؛ لأن القضاء وإن كان يطلق (1) على الفائت غالبًا، لكن يطلق على الأداء أيضًا ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} (2)، ويرد بمعنى آخر، فيحمل قوله هنا على معنى الأداء أو الفراغ، فلا تغاير قوله:"فأتموا".
(كَذَا قَال) محمد بن الوليد بن عامر (الزُّبَيدِيُّ) روى له الشيخان، (و) محمد بن عبد الرحمن (ابْنُ أَبِي ذِئْبِ، وَإبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَعْمَرٌ وشعيب (3) بْنُ أَبِي حَمْزَةَ) بالمهملة، كلهم (عَنْ الزُّهْرِيِّ).
وأخرجه مسلم (4) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بلفظ (وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) هذا هو الصحيح في رواية الزهري.
(وقَال سفيان بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ: فَاقْضُوا) وحكم مسلم في "التمييز" عليه بالوهم في هذِه اللفظة مع أنه أخرج إسناده في "صحيحه" لكن لم يسق لفظه (5)، وكذا روى أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال:"فاقضوا"(6).
(وقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) بن علقمة بن وقاص الليثي، أخرج له
(1) في (ص): مطلق.
(2)
الجمعة: 10.
(3)
في (ص): سعيد.
(4)
"صحيح مسلم"(602)(153).
(5)
"صحيح مسلم"(602)(151).
(6)
"مسند أحمد" 2/ 318.
الشيخان (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرحمن (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَ) رواه (جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ) بن شرحبيل الكندي.
(عَنْ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وما فاتكم فَأَتِمُّوا و) كذا رواه عبد الله (ابْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَ) رواه (أَبُو قَتَادَةَ) الحارث بن ربعي (وَأَنَسٌ) ابن مالك كلهم (عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ) أي كل واحد منهم (قَال: أَتِمُّوا) وهو الصحيح الذي عليه أكثر رواة مسلم.
[573]
(ثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك (الطَّيَالِسِيُّ) قال: (ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ) بن عبد الرحمن (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ائْتُوا) يجب إبدال الهمزة الثانية الساكنة ياء ولا تقرأ بالهمز الساكن في الابتداء؛ لئلا يقع بعد همز وصل فيجتمع همزتان كما تبدل من {اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (1)[في الابتداء](2)(الصَّلَاةَ) بلا إسراع ولا سعي.
(وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ) هذا يؤيد ما قاله النووي عند حذف الواو بلفظ: "عليكم السكينة" أن السكينة بالرفع والجملة حالية، فإن واو الحال ظهرت في هذِه الرواية، وقريبٌ من هذِه الرواية رواية الطبراني في "الأوسط" ورجاله موثقون، عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أتيتم الصلاة فأتوا وعليكم السكينة"(3).
(1) البقرة: 283.
(2)
من (م).
(3)
"المعجم الأوسط"(4406) من حديث أنس رضي الله عنه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجاله موثقون، وله طريق رجالها رجال الصحيح.
(فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ، وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ) وقد اختلف في رواية أبي قتادة، فرواية الجمهور:"فأتموا"(وَكَذَا قَال ابن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلْيَقْضِ) ما سبقه، ورواية ابن سيرين عند مسلم بلفظ:"صلِّ ما أدركت واقض ما سبقك"(1)(وَكَذَا قَال أَبُو رَافِع) نفيع الصائغ المدني، نزيل البصرة، أدرك الجاهلية (2).
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَ) أما (أَبُو ذَرٍّ) الغفاري، فإنه (روي عَنْهُ: فَأَتِمُّوا، و) روي عنه (اقْضُوا، وَاخْتُلِفَ) في الرواية (عنه)(3)، والأصح عنه وعن غيره:"فاقضوا" وإنما يظهر فائدة هذا الاختلاف عند من فرق بين معنى الإتمام والقضاء (4)، والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
(1)"صحيح مسلم"(154)(602).
(2)
ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، فهو تابعي من كبار التابعين.
(3)
من (س، ل، م).
(4)
لأن من فرق بين المعنيين اعتبر أن ما صلاه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، ويتم ما بقي هذا الإتمام. وأما القضاء فإن المسبوق يقضي ما فاته مع الإمام وهو أول الصلاة، فيكون ما صلاه مع الإمام آخر صلاته، وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء فيما مر، والله تعالى أعلم.