الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب فِي كَنْسِ المَسْجدِ
461 -
حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهّابِ بْن عَبْدِ الحَكَمِ الخَزّازُ، أَخْبَرَنا عَبْدُ المجِيدِ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوّادٍ، عَنِ ابن خرَيْجٍ عَنِ المطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلي أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذاةُ يُخْرِجُها الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلي ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَها رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَها"(1).
* * *
باب في كنس المسجد
[461]
(ثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الحَكَمِ) الوَراق (الْخَزَّازُ) ثقة صَالح، قالَ أحمد: قل من يَرى مثله (2)، قالَ:(أَخْبَرَنَا [عَبْدُ المَجِيدِ] (3) بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ [أَبِي رَوَّاب]) (4) بتشديد الوَاو الأزدي مَولاهُم المكي، وثقهُ يَحيى بن معين (5)، (عَن) عَبد الملك (ابن جريج (6)، عَنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حَنْطَبٍ) بفتح الحَاء المُهملَة وسُكون النون، وفي نُسَخ "الموَطأ" حوَيْطب بِدَل حنطب، وهو خَطأ، (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
(1) رواه الترمذي (2916).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(71).
(2)
"بحر الدم" ص 103، و"التهذيب" 18/ 499.
(3)
في (س): عبد العزيز.
(4)
في (م): أواد.
(5)
"تاريخ ابن معين رواية الدوري" 3/ 60، ورواية الدارمي (676).
(6)
في (ص): جرير.
قال: (1) قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي) أي: أُجُور أعمال أُمتي جَميعها (حَتَّى) لانتهاء غاية مَا عرضت عَليه.
(الْقَذَاةِ) بتخفيف الذال المعجمة والقَصر [والجَر بِحَتَّى](2): الوَاحِدَةُ مِنَ التبن والتراب وغَير ذَلك. (يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ) أو المرأة.
(مِنَ المَسْجِدِ) وهذا فيهِ تَرغيب في تنظيف المَسَاجِد مما يَحصُل فيهَا مِنَ القمامَات القَليلة، وأنهَا تكتب في أُجورهم وتعرض عَلى نَبيِّهم، وإذا كتب هذا القَليل وعرض، فيكتب الكثير ويُعرض من بَاب الأولى، ففيه تنبيه بالأَدنى عن الأعلى، وبالطَّاهِر عن النَّجس، والحَسَنَات عَلى قدر الأعمال، وسَمعتُ من (3) بَعض المشايخ أنهُ يَنبغي لمن أخرجَ قذاة مِنَ المَسْجِد، أو أذى مِنْ طَريق المُسْلمين أن يقول عندَ أخذهَا لإزَالتها: لا إله إلا الله، لِيَجْمَع بينَ أدنَى شعَب الإيمان وأعلاهَا، وهي كلمَة التوحيد، وبَيْنَ الأفعَال والأقوال، وإن اجتمع القَلب مَعَ اللسَان كانَ ذلك أكمل.
(وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ) جَميع (أُمَّتِي) فأضافَهم إليه تَكريمًا لهُمْ، وأنهم مَعَ الذنوب دَاخلون في أمته.
(فَلَمْ أَرَ) منهَا حين عرضت علي (ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ (4) سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ أَوْ آيَةٍ) من القرآن (أُوتِيَهَا رَجُلٌ)(5) أي: امتنَّ الله تعالى عليه بِتَعلمِهَا.
(1) من (د).
(2)
سقط من (م).
(3)
سقط من (د).
(4)
زاد في (م): أوتي.
(5)
سقط من (م).
(ثُمَّ نَسِيَهَا) فيه دَليل عَلى جَوَاز قَول الإنسَان: نسيت [آية كذا، أو سورة كذا من غير كراهة، أما ما رواه مسلم: "بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت](1) بَل هوَ نُسِّي" (2).
قَال المازري: أولى (3) مَا يُؤَوَّلُ به أن يَكونَ هذا مِن ذَم الحال و [كراهته، لا ذم](4) القول، أي: بئستِ الحَالة والصِّفة لمن أُوتي القرآن أن يغفل عنهُ حتى نَسيهُ، فقال: نَسيته وهوَ لم ينسَ مِنْ قبَل نفسه، إذ ليْسَ النسْيان من فِعله، لكنَّهُ مِن فِعْل الله الذي نَساهُ إيَّاهُ عُقوبة لإعراضه عنهُ واستخفافه بحقه، وحكاهُ النوَوي عَن القاضي عياض وقال: يُكرَهُ أن يَقول نَسيت آية كَذَا وَكذَا كَرَاهة تَنزِيه انتَهى (5).
قال شارح "المصَابيح": قولهُ في الحَديث: "فَلَمْ أرَ ذَنبًا أعظم" أي: مِن سَائر الذنوب الصَّغَائر؛ لأن نسيَان القرآن مِنَ الحفظ لَيْسَ بِذَنب كبير، إن لم يَكن مِن استخفاف وقلة تَعظيمه للقرآن، وإنما قال عليه السلام هذا التشديد العَظيم تَحريضًا منهُ على مُرَاعَاة حِفظ القُرآن (6).
* * *
(1) من (د، م).
(2)
"صحيح مسلم"(790)(229).
(3)
في (ص): أول.
(4)
في (ص، س، ل): كراهية ذم.
(5)
"إكمال المعلم" 3/ 155، وانظر:"شرح النووي على مسلم" 6/ 76.
(6)
انظر: "نيل الأوطار" 2/ 159 فقد نقل الكلام برمته، و"مرعاة المفاتيح" 2/ 429.