الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - باب الإِمامِ يَقُومُ مَكانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكانِ القَوْمِ
597 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن سِنانٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الفُراتِ أَبُو مَسْعُودٍ الرّازِيُّ - الْمَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا يَعْلَى، حَدَّثَنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ هَمّامٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النّاسَ بِالمدائِنِ عَلَى دُكّانٍ فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قال: أَلْم تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ قال: بَلَى قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي (1).
598 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا حَجّاجٌ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو خالِدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثابِتِ الأَنْصارِيِّ حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ كانَ مَعَ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ بِالمدائِنِ فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَتَقَدَّمَ عَمّارٌ وَقامَ عَلَى دُكّانٍ يُصَلِّي والنّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فاتَّبَعَهُ عَمّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَة فَلَمّا فَرَغَ عَمّارٌ مِنْ صَلاتِهِ قال لَهُ حُذَيْفَة: أَلْم تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذا أَمَّ الرَّجُلُ القَوْمَ فَلا يَقُمْ فِي مَكانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقامِهِمْ". أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قال عَمّارٌ: لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ (2).
* * *
باب الإمام يقوم مكانًا أرفع من مكان مقام (3) القوم
[597]
(ثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات) بن خالد (الرازي أبو مسعود) الضبي، أحد الأعلام، قال أحمد: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود (4). قال أبو الشيخ: بلغني أن رجلًا
(1) رواه ابن خزيمة (1523)، وابن حبان (2143)، والحاكم 1/ 210.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(610).
(2)
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 151، والبيهقي 3/ 109 من طريق المصنف.
وضعفه الألباني في "الإرواء"(544).
(3)
من (م).
(4)
"تهذيب الكمال" 1/ 423.
قال لأبي مسعود: إننا ننسى الحديث فقال: أيكم يرجع في حفظ حديث واحدٍ خمسمائة مرة؟ [قالوا: و](1) من يقوى على هذا؟ قال: فلذلك لا تحفظون (2). قال رحمه الله: كتبت عن ألفٍ وسبعمائة وخمسين رجلًا أدخلت في تصنيفي ثلاثمائة وعشرة وكتبت ألف ألف حديث وخمسمائة ألف حديث، فأخذت من ذلك ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد (3).
(قالا: ثنا يعلى قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام)[هو ابن الحارث النخعي (4) الكوفي](5)(أن حذيفة) بن اليمان (أَمَّ الناس بالمدائن) المدائن مدينة قديمة على دجلة تحت بغداد بينهما سبعة (6) فراسخ، قاله المنذري بالمد والهمز على القول بأصالة الميم، يعني مدائن كسرى التي فيها الإيوان، وكان فتحها في صفر سنة ستة عشر (7). قال ابن الأثير: وكان في الإيوان القطف، وهو بساط واحد طوله ستون ذراعًا وعرضه ستون ذراعًا مقدار (8) جريب (9)، كانت الأكاسرة تعده للشتاء (10) إذا
(1) في (م): أو.
(2)
"طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 256.
(3)
"تهذيب الكمال" 1/ 424 - 425.
(4)
في (س): الحنفي.
(5)
سقط من (م).
(6)
من (م)، وفي بعض النسخ: سبع.
(7)
في (م): ست عشر.
(8)
في (ص): مقدا.
(9)
من (س، م). وفي باقي النسخ: حرير.
(10)
من (م). وفي باقي النسخ: للنساء.
ذهبت الرياحين يشربوا عليه كأنهم في رياض منه (1)، وكان عمر ولاه المدائن، وكان عمر إذا بعث أميرًا كتب إليهم: اسمعوا وأطيعوا، فلما بعث حذيفة ركبوا إليه ليتلقوه فتلقوه على بغلة تحته إكافٌ وهو (2) معترض (3) عليه فلم يعرفوه وأجازوه فلقيهم الناس فقالوا: أين الأمير؟ قالوا: هو الذي لقيتم، فركضوا في أثره فأدركوه وفي يده رغيف، وفي الأخرى عرقٌ وهو يأكل فسلموا عليه فنظر إلى عظيمٍ منهم فناوله العرق والرغيف، فلما غفل ألقاه إلى خادمه.
(على دكان) والدكان الحانوت، وقيل: النون زائدة وقيل: أصلية وهي الدكة بفتح الدال، وهو المكان المرتفع يجلس عليه وهو المسطبة معرب، قال السرقسطي (4): النون في الدكان زائدة عند سيبويه، وكذا قال الأخفش مأخوذة من قولهم: أكمة (5) دكاء أي منبسطة كما اشتق السلطان من السليط (6) و (7) رواية ابن حبان عن الشافعي عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال: صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع (8). أي والناس أسفل منه، وكما في رواية
(1)"الكامل" لابن الأثير 2/ 362.
(2)
في (س): كان.
(3)
في (ص): معرض.
(4)
في (ص): السرقنيطي.
(5)
في (ص): أده. وفي (م): أكدة.
(6)
"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" 1/ 198.
(7)
من (م).
(8)
"صحيح ابن حبان"(2143).
الشافعي (1) وفيها: فسجد عليه فجبذه (فأخذ أبو مسعود رضي الله عنه بقميصه فجبذه) قيل: جذبه مقلوب منه لغة تميمية، وأنكره ابن السراج، وليس أحدهما من الآخر. زاد ابن حبان: فتابعه حذيفة (2).
(فلما فرغ من صلاته قال له: ألم تعلم أنهم كانوا يُنهون) بضم الياء وفتح الهاء، رواية ابن حبان: أليس قد نهي عن هذا (3)(عن (4) ذلك) فيه التلطف في حسن التعليم، ألم تعلم النهي، ألم يبلغك أنه منهي عنه، ونحو ذلك، ولا تقول له بغلظة وتعاظم: هذا حرام لا يجوز لك فعله، ونحو ذلك. (قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني) أي مددت قميصي وجبذته إليك، رواية ابن حبان: ألم ترني (5) قد تابعتك (6). وقد استدل بهذا الحديث على أنه يكره ارتفاع المأموم على إمامه في المجلس، وإذا كره أن يرتفع الإمام على المأموم الذي يقتدي به فلأن يكره ارتفاع المأموم على إمامه أولى.
[598]
(ثنا أحمد بن إبراهيم قال: ثنا حجاج، عن) عبد الملك (بن جريج، قال: أخبرني أبو خالد) قال مسلم: أبو خالد عثمان روى عنه ابن جريج. (عن عدي بن ثابت الأنصاري قال: حدثني [أنه كان] (7) رجل مع
(1) في (م): للشافعي.
(2)
"صحيح ابن حبان"(2143).
(3)
السابق.
(4)
في (م): من. وبياض في (ل).
(5)
في (ص): تر.
(6)
"صحيح ابن حبان"(2143).
(7)
من (س، ل، م).
عمار بن ياسر رضي الله عنه بالمدائن) تقدم (فأقيمت الصلاة فتقدم عمار وقام على دكان) أي مسطبة كما تقدم (يصلي (1) والناس) يصلون (أسفل) بالنصب على الظرفية كقوله تعالى: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} (2)(منه فتقدم حذيفة) بن اليمان (3)(فأخذ على يديه) أي تناوله وجبذه. فيه النهي عن المنكر باليد والمبادرة إليه وهو في الصلاة ولم يمهله حتى فرغ منها.
(فاتَّبعَهُ) فيه التخفيف والتشديد لغتان قرئ بهما في السبع (عمار) في ما جبذه (حتى أنزله حذيفة) عن الدكان وفيه متابعة المصلي من نهاه عما لا يجوز في الصلاة وانقياده (4) إلى الخير، والفعل القليل في الصلاة لا يبطلها لا سيما إن كان ترك منهيٍّ عنه أو لحاجة.
(فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم أو (5) نحو ذلك) من الألفاظ (قال عمار: لذلك اتبعتك) بتخفيف المثناة وفيها قراءتان في السبع (حين أخذت على يدَيَّ) بتشديد آخره على التثنية.
وروى الطبراني عن عبد الله بن مسعود أنه كره أن يؤمهم على المكان المرتفع ورجاله رجال الصحيح (6).
(1) من (م). وفي بقية النسخ: فصلى.
(2)
الأنفال: 42.
(3)
بدأ من هنا سقط في (ص)، وسنشير إليه عند انتهائه.
(4)
في (س): والعبادة.
(5)
في (م): و.
(6)
"المعجم الكبير"(9561)، وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 211: رجاله رجال الصحيح.
وهذان الحديثان (1) استدل بهما على كراهة ارتفاع الإمام على المأموم لكن محل الكراهة إذ لا حاجة كما إذا أراد الإمام تعليم المأمومين أفعال (2) الصلاة فيستحب أن يقف الإمام على موضع عالٍ ولهذا ذكر ابن حبان بعد حديث الكراهة باب إباحة قيام الإمام على مكان أرفع من المأمومين إذا أراد تعليمهم الصلاة لقرب عهدهم بالإسلام هذا لفظه (3). وذكر فيه حديث الصحيحين [صلى النبي](4) صلى الله عليه وسلم على المنبر فكبر وكبر الناس من ورائه، وفي آخر الحديث:"إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي"(5).
(1) يعني هذا، والذي قبله.
(2)
في (س): أيقال.
(3)
ليس هو في "صحيحه" بترتيب الأمير ابن بلبان بهذا اللفظ، ولعله في "الأنواع والتقاسيم" بهذا اللفظ.
(4)
سقط من (س).
(5)
"صحيح ابن حبان"(2142)، وهو في "صحيح البخاري"(917) وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.