الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 - باب مَنْ أَحَقُّ بِالإِمامَةِ
582 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي إِسْماعِيلُ بْنُ رَجاءٍ سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ يُحدِّثُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ قال: قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتابِ الله وَأَقْدَمُهُمْ قِراءَةً فَإِنْ كانُوا فِي القِراءَةِ سَواءً فَلْيَوُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كانُوا فِي الهِجْرَةِ سَواءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلا يُوَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلا فِي سُلْطانِهِ وَلا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ". قال شعْبَةُ فَقُلْتُ لإِسْماعِيلَ: ما تَكْرِمَتُهُ قال: فِراشُهُ (1).
583 -
حَدَّثَنا ابن مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثَنا شُعْبَة بهذا الحَدِيثِ قال: فِيهِ: "وَلا يَوُمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطانِهِ".
قال أَبُو داوُدَ: كَذا قال يَحْيَى القَطّانُ، عَنْ شُعْبَةَ:"أَقْدَمُهُمْ قِراءَةً"(2).
584 -
حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِسْماعِيلَ بْنِ رَجاءٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ الحَضْرَمِيِّ قال: سَمِعْتُ أَبا مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا الحَدِيثِ قال: "فَإِنْ كانُوا فِي القِراءَةِ سَواءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كانُوا فِي السُّنَّةِ سَواءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً". وَلَمْ يَقُلْ: "فَأَقْدَمُهُمْ قِراءَةً". قال أَبُو داوُدَ: رَواهُ حَجّاجُ بْنُ أَرْطاةَ، عَنْ إِسْماعِيلَ قال:"وَلا تَقْعُدْ عَلَى تَكْرِمَةِ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ"(3).
585 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمِّادٌ، أَخْبَرَنا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قال: كُنّا بِحاضِرٍ يَمرُّ بِنا النّاسُ إِذا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكانُوا إِذا رَجَعُوا مَرُّوا بِنا فَأَخْبَرُونا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: كَذا وَكَذا وَكُنْتُ غُلامًا حافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ
(1) رواه مسلم (673/ 291).
(2)
صححه الألباني في "صحيح أبي داود"(595).
(3)
رواه مسلم (673/ 290).
قُرْآنًا كَثِيرًا فانْطَلَقَ أَبِي وافِدًا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلاةَ فَقال: "يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ". وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لمِا كُنْتُ أَحْفَظُ فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْراءُ فَكُنْتُ إِذا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي فَقالتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّساءِ: وارُوا عَنّا عَوْرَةَ قارِئِكُمْ. فاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمانِيًّا فَما فَرِحْتُ بِشَيءٍ بَعْدَ الإِسْلامِ فَرَحِي بِهِ فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنا ابن سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمانِ سنِينَ (1).
586 -
حَدَّثَنا النُّفَيْليُّ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنا عاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ بهذا الخَبَرِ قال: فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوصَلَةٍ فِيها فَتْقٌ فَكُنْتُ إِذا سَجَدْت خَرَجَتِ اسْتِي (2).
587 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الجَرْمِيِّ، حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ، عَنْ أَبِيهِ أنَّهُمْ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمّا أَرادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا قالوا: يا رَسُولَ اللهِ مَنْ يَؤُمُّنا قال: "أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنٍ". أَوْ: "أَخْذًا لِلْقُرآنِ". قال: فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ القَوْمِ جَمَعَ ما جَمَعْتُهُ -قال- فَقَدَّمُوني وَأَنا غلامٌ وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ لِي فَما شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمامَهُمْ وَكُنْتُ أُصَلِّي عَلَى جَنائِزِهِمْ إِلَى يَوْمِي هذا.
قال أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ يَزِيدُ بْن هارُونَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الجرْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قال: لّمَا وَفَدَ قَوْمِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ (3).
588 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنا أَنَسٌ يَعْنِي ابن عِياضٍ ح، وحَدَّثَنا الهَيْثَمُ بْنُ خالِدٍ الجُهَنِيُّ - الْمَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا ابن نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّهُ قال: لمَّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ الأوَّلُونَ نَزَلُوا العَصْبَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكانَ يَؤُمُّهُمْ سالِمٌ
(1) رواه البخاري (4302).
(2)
رواه البيهقي 3/ 91.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(600).
(3)
رواه أحمد 5/ 29.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(601).
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَكانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا. زادَ الهَيْثَمُ وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ (1).
589 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ ح، وحَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ - الْمَعْنَى واحِدٌ - عَنْ خالِدٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَن مالِكِ بنِ الحوَيرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ أَوْ لِصاحِبٍ لَهُ:"إِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَأَذِّنا ثُمَّ أَقِيما ثُمَّ لْيَؤُمَّكُما أَكْبَرُكُما". وَفِي حَدِيثِ مَسْلَمَةَ قال وَكُنّا يَوْمَئِذٍ مُتَقارِبَيْنِ فِي العِلْمِ. وقال فِي حَدِيثِ إِسْماعِيلَ: قال خالِدٌ: قُلْتُ لأبِي قِلابَةَ: فَأَيْنَ القُرْآنُ؟ قال: إِنَّهُما كانا مُتَقارِبَيْنِ (2).
590 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنا الحَكَمُ بْنُ أَبانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرّاؤُكُمْ"(3).
* * *
باب: من أحق بالإمامة
[582]
(ثنا أبو الوليد) هشام (الطيالسي) قال: (ثنا شعبة) قال: (أخبرني إسماعيل بن رجاء، قال: سمعت أوس بن ضمعج) بفتح الضاد المعجمة والعين، أي: ناقة غليظة، الكوفي شيخ مسلم.
(يحدث عن أبي (4) مسعود) عقبة بن عمرو (البدري) الأنصاري رضي الله عنه، (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم) فيه تقديم الأقرأ (لكتاب الله).
(1) رواه البخاري (692، 7175).
(2)
رواه البخاري (630، 658، 7246)، ومسلم (674).
(3)
رواه ابن ماجه (726).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(92).
(4)
في (ص): ابن. والمثبت من باقي النسخ.
قال الشافعي رضي الله عنه: والمخاطب بذلك الذين كانوا في عصره كان أقرؤهم أفقههم فإنهم يسلمون كبارًا ويتفقهون قبل أن يقرؤوا (1) فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه، وكان يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ فإنه قيل: لم يحفظ القرآن من الصحابة إلا خمسة [أو قريب منها، والخمسة](2): أبو بكر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، قيل: وعبد الله بن عباس، فلذلك ذكر الأقرأ وأمر بتقديمه، ولم يذكر الأفقه وهو مما تقدم به؛ لأنهم كلهم كانوا ذوي أنساب، ويشهد لقول الشافعي: إن أَقرؤُهم حينئذٍ أفقههم قول ابن مسعود: كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها (3)، وقول ابن عمر: ما كانت السورة تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ونتعلم أمرها ونهيها.
فإن قلت: قول الشافعي: إن أقرأهم كان أفقههم أعامٌّ في كل أحد من القراء أو (4) هو الأغلب؟ فالذي أشار إليه (5) الإمام الثاني؛ لأجل أن (6) عمر رضي الله عنه لم يُعَدَّ ممن يحفظ القرآن؛ لأنه كان يعسر عليه الحفظ، وهو مفضل على عثمان وعلى عَلِيٍّ مع حفظهم القرآن.
(1)"مختصر المزني" الملحق بكتاب "الأم" 9/ 28.
(2)
من (م).
(3)
أخرجه أبو عمرو الداني في "البيان"(ص 33) بنحوه عن عثمان وابن مسعود، وأبي بن كعب رضي الله عنهم.
(4)
في (س، م): و.
(5)
من (م).
(6)
من (م).
قال ابن الرفعة: ويحتمل أن يبقى كلام الشافعي على عمومه؛ لأن المراد بالأقرأ أصحهم قراءةً لا أكثرهم حفظًا، وإذا كان كذلك فيجوز أن يكون عمر أصح قراءةً من غيره، أي وهو الأَوْلى، لكن قول الإمام فيه إشارة أن الأقرأ أكثر حفظًا، والأول هو المصرح به، لكن على قول الإمام ما رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح، عن عمرو بن سلمة: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه فكان فيما أوصانا: " ليؤمكم أكثركم قرآنًا"، فكنت أكثرهم قرآنًا فقدموني (1). وهو في "الصحيح" في حديثه عن أبيه، [والطبراني عنه نفسه](2)، وفي رواية الطبراني عن مرثد (3) الغنوي:"إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم عز جل"(4).
(وأقدمهم قراءة) أي: من تقدمت قراءته مقدم على من قرأ بعده؛ لأنه متقن للقراءة أكثر وأبعد في الخطأ منه والنسيان، وأكرم على الله، والإمامة سفارة (5) بين الله تعالى وبين الخلق. (فإن كانوا في القراءة سواء) أي استويا في القراءة، رواية مسلم فيها زيادة ولفظه:"فإن كانت القراءة واحدة فأعلمهم بالسنة، فإن كانت السنة سواء واحدة فليؤمهم أقدمهم هجرة"(6).
(1)"المعجم الكبير" للطبراني 17/ 30 (55).
(2)
ليست في (س).
(3)
في (ص، س): يزيد. والمثبت من (ل، م).
(4)
"المعجم الكبير" 20/ 328 (777).
(5)
في (ص، س): شعاره.
(6)
"صحيح مسلم"(673)، (290).
فإن قلت: إذا كان المراد بالأقرأ الأفقه كما تقدم في كلام الشافعي، فكيف قال في الحديث بعد القراءة: أعلمهم بالسنة؟ فالجواب: أن القرآن والسنة من مشرع (1) واحد؛ لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (2) فكلاهما وحي، ولأن الإنسان يقرأ القرآن ويتفقه فيه، ثم يتعلم السنة والأحاديث.
(فليؤمهم) بفتح الميم المشددة، ويجوز ضمها اتباعًا للهاء التي بعدها (أقدمهم هجرة)؛ لقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ} (3) أي لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو في الإسلام قبل فتح مكة مع من أنفق وقاتل بعد الفتح {أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً} (4).
قال الأصحاب: ثم الهجرة المقدم (5) بها في الإمامة لا تنقطع إلى يوم القيامة (6). فإذا أسلم اثنان وتقدم أحدهما في الهجرة، فإنا نقدمه عليه (7) في الإمامة، [ونقدم أولاد المهاجرين](8) على أولاد غيرهم، ونقدم أولاد المهاجرين بعضهم على بعض لتقدم هجرة آبائهم.
(1) في (س): مسوغ.
(2)
النجم: 3 - 4.
(3)
الحديد: 10.
(4)
الحديد: 10.
(5)
من (س). وفي باقي النسخ: المقدمة.
(6)
"نيل الأوطار" 3/ 192.
(7)
في (م): عليهم.
(8)
سقط من (م).
(فإن كانوا في الهجرة سواء) أي: استويا في القراءة وتقدمها والسنة والهجرة (فليؤمهم أكبرهم سنًّا) أي: فيقدم في الإمامة من كبر سنه في الإسلام، لأنها فضيلة يرجح بها، فالمسن المراد في الشريعة هو في الإسلام، فمن أسلم من شهر وهو ابن عشرين سنة، يقدم على من أسلم بعده، وإن كان ابن ثلاثين سنة (1).
قال البغوي: ومن أسلم أحد آبائه قبل آباء الآخر فهو المقدم، نعم من أسلم بنفسه أولى ممن أسلم بأحد أبويه، وإن تأخر إسلامه (2) عن إسلام من أسلم أبواه؛ لأنه إذا أسلم بنفسه فقد اكتسب هو تلك الفضيلة، وهذا ظاهر إذا كان إسلام من أسلم بنفسه قبل بلوغ من حكمنا بإسلامه تبعًا لأبيه، أما إذا كان بعد بلوغ من حكمنا بإسلامه تبعًا لأبيه، فالذي يظهر كما قال ابن الرفعة تقديم من حكمنا بإسلامه تبعًا لأبيه.
(ولا يُؤَم) بضم أوله وفتح الهمزة على البناء للمفعول (الرجل في بيته) والمراد بصاحب البيت مستحق منافعه مالكًا كان أو مستأجرًا لكن يقدم المعير على المستعير؛ نعم (3) لو كان الساكن عبدًا فسيده أحق منه، ولا يكون صاحب البيت مقدمًا إلا إذا وجدت فيه شرائط الإمامة، سواء كان غيره أكمل منه بفضيلة أخرى أم لا؛ لإطلاقه في الحديث.
(ولا) يؤم الرجل (في سلطانه) أي: في بيته ومحله؛ لأنه موضع
(1) سقط من (س، ل، م).
(2)
في (ص): إسلام.
(3)
سقط من (م).
سلطنته. قال النووي: معناه ما ذكره أصحابنا وغيرهم أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأكبر سنًّا (1).
فإن لم يتقدم قدم من شاء ممن يصلح للإمامة، وإن كان غيره أصلح منه؛ لأن الحق فيها له فاختص بالتقدم والتقديم، ويراعى في الولاة تفاوت الدرجة الأعلى فالأعلى من الولاة والحكام.
(ولا يُجْلَسُ) بضم أوله (على تكرمته) بفتح التاء وكسر الراء، وهي الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل، ويختص به دون أهله، وقيل: هي الوسادة، وفي معناها السرير ونحوه (إلا بإذنه) رواية مسلم: "ولا تجْلِسْ على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك (2)، فإذا أذن فلا بأس بالجلوس، فإن أقسم تعين عليه وتأكد.
(قال شعبة: فقلت لإسماعيل) ابن رجاء (فما تكرمته؟ قال) في (3)(فراشه) الذي يختص به.
[583]
(ثنا) عبيد الله (4)(بن معاذ) قال: (ثنا أبي) معاذ بن معاذ، (عن شعبة بهذا الحديث) و (قال فيه: لا يَؤُمُّ) بضم الهمزة (الرجل الرجل) الأول مرفوع والثاني منصوب (في سلطانه).
زاد في بعضها (قال أبو داود: وكذا قال يحيى القطان عن شعبة:
(1)"شرح النووي على مسلم" 5/ 173.
(2)
"صحيح مسلم"(673)(291).
(3)
من (م).
(4)
في (م): عبد الله.
أقدمهم قراءة) يعني (1) أن السلطان أو نائبه في محل ولايته أولى من غيره إذا كان يعلم من القرآن والفقه ما يصح به الصلاة، وإن كان غيره أقرأ وأفقه منه.
[584]
(ثنا الحسن بن (2) علي) قال: (ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج (3) الحضرمي) نسبةً إلى حضرموت.
قال الصاغاني: حضرموت بلدة وقبيلة (4)(قال: سمعت أبا مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث) و (قال) فيه: (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) أي: بالأحاديث ومعانيها وما يتعلق بها من العلوم كما تقدم عن رواية مسلم.
(فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) فإذا استوى اثنان في القراءة والسنة وأحدهما من أولاد أولاد أولاد (5) من تقدمت هجرته والآخر من أولاد من تأخرت هجرته قدم الأول (ولم يقل) في هذِه الرواية (فأقدمهم قراءة) أي: تقدم من تقدم في القراءة وسبق إليها كما تقدم.
[585]
(ثنا موسى بن إسماعيل) قال: (ثنا حماد) قال: (أنا أيوب، عن عمرو بن سلمة) بكسر اللام، واختلف في صحبة عمرو، فروى
(1) في (س): مع.
(2)
في (ص): عن.
(3)
من (م). وفي باقي النسخ: ضمجع.
(4)
لم أجده في "التكملة والذيل" للصغاني، وهو في "الصحاح" 2/ 634 [حضر].
(5)
سقط من (م).
الطبراني ما يدل على أنه وفد مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال: كنا بحاضر)(1) الحاضر: القوم النزول على [الماء مقيمون به ولا يرحلون عنه](2). قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضر (3) اسمًا للمكان المحضور، فهو فاعل بمعنى المفعول (4) حاضر بمعنى محضور (5).
(يمر بنا الناس إذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا رجعوا مروا بنا) فنسألهم ما قال (فأخبرونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا)، فيه تبليغ الشاهد الغائب (وكنت غلامًا حافظًا) لما أسمعه (فحفظت) بكسر الفاء (من ذلك قرآنا كثيرًا، فانطلق أبي) سلمة - بكسر اللام - ابن قيس، وقيل: ابن نفيع بن قدامة البصري (وافدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم) وجمع الوافد وفد، وهم القوم يأتون الملوك (6) ركبانًا، قال الله تعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} (7)(في نفر من قومه) فيه الرحلة لقراءة القرآن وحفظ السنة.
(فعلمهم الصلاة) فيه فضيلة تعليم الإمام آحاد (8) الرعية شرائع الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام (وقال: يؤمكم أقرؤكم) أي: فكل
(1) في (ص): لحاضر. وفي (ل، م): نحاضر. والمثبت من (س).
(2)
في (م): ما.
(3)
في (م): حاضر.
(4)
زاد في (م): ما يقيمون قدر ولا يرحلون عنه، مقيمون به ولا يرحلون عنه وهو فاعل بمعنى مفعول.
(5)
"معالم السنن" 1/ 169.
(6)
كلمة غير مقروءة في (س).
(7)
مريم: 85.
(8)
في (س): أحد.
من اتصف بذلك جازت إمامته من عبد وصبي وغيرهما، واستدل بقوله:"أقرؤهم" على أن إمامة الكافر لا تصح؛ لأنه لا قراءة له. (وكنت أقرؤهم لما كنت أحفظ) من كتاب الله تعالى (فقدموني).
يدل على أن من ارتضاه القوم وقدموه فهو أولى، وإنما قدموا عَمْرًا وهو صبي على (1) غيره من البالغين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لهم:"يؤمكم أقرؤكم" نظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا منه، والذي قال الأصحاب أن البالغ أولى من الصبي وإن كان أفقه وأقرأ؛ لأن البالغ مكلف فهو أحرص على المحافظة على حدودها، ولأنه مجمع على صحة الاقتداء به بخلاف الصبي، فقد كره الصلاة (2) خلفه جماعة منهم الشعبي، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي، والشافعي أجاز الصلاة خلفه في غير الجمعة (3)، وأجاب الأصحاب عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص لهم على تقديم عمرو إنما هم فعلوه بعد رجوعهم من عند النبي صلى الله عليه وسلم باجتهادهم وحملهم الحديث على عمومه.
فإن قلت: فيرد على الأصحاب احتجاجهم به في جواز إمامة الصبي، وأجاب السبكي بأن الجواز مستند إلى ذلك مع القياس فإن صلاته صحيحة في نفسه مع غلبة الظن بوصول الأخبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولو لم يكن جائزًا لما أقره، وأما كونه أفضل فلا يلزم.
(فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة). والبردة كساء صغير مربع،
(1) زاد في (م): من.
(2)
سقط من (م).
(3)
نقل هذه الأقوال عن أصحابها ابن المنذر في "الأوسط " 4/ 170.
ويقال: كساء أسود صغير، وبه كني أبو بردة واسمه هانئ بن [نيار البلوي] (1) (صفراء) هذا يرجح القول الأول بأنها كساء مربع (فكنت إذا سجدت تكشفت) (2) الشملة (عني فقالت امرأة من النساء) هذا يدل على أنه كان يقتدي به رجال ونساء. (وَارُوا) أي استروا (عنا) ورواية البخاري: ألا تغطوا عنا (3). قال السفاقسي فيه: صوابه تغطون؛ لأنه مرفوع على أصله (4).
(عورة قارئكم) رواية البخاري أصرح وهي: است قارئكم (5)، (فاشتروا لي قميصًا عمانيًّا) منسوب إلى عمان بتخفيف الميم بوزن غراب بلدة باليمن على ساحل البحر بين مهرة والبحرين ينسج بها الثياب، وأما عَمَّان [بتشديد الميم وفتح العين بلد](6) بطرف الشام من بلاد البلقاء.
(فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به) فيه أن الإنسان لا يُسَرُّ بشيء ولا يرى (7) نعمة أعظم من الإسلام (فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع) بتقديم السين على [الباء (سنين)(8) أو ثمان سنين). ورواية البخاري: "قدموني
(1) في (ص): نيار البكري. وفي (م): بيان البلوى.
(2)
في (س): تنسفت.
(3)
"صحيح البخاري"(4302).
(4)
"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" 26/ 166.
(5)
"صحيح البخاري"(4302).
(6)
في (س، ل، م): بفتح العين وتشديد الميم فبلد.
(7)
من (م). وفي بقية النسخ: بذي.
(8)
من (م).
بين أيديهم وأنا ابن ست -أو سبع سنين" (1). ورواية النسائي بلفظ (2): فكنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين (3)، ورواية الطبراني: وأنا ابن ست سنين (4).
[586]
(ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير، قال: ثنا عاصم الأحول، عن عمرو بن سلمة) بكسر اللام (بهذا الخبر، قال: فكنت أؤمهم). ظاهره أنه يؤمهم في جميع الصلوات الفرائض والنوافل، الجمعة وغيرها، وبه قال الحسن إذا كان ممن يعقل (5)(في بردة موصلة) أي من قطع وصل بعضها ببعض كالمرقعة (فيها فتق) بفتح الفاء وسكون التاء، أي: موضع تفتقت (6) خياطته، وقال الجوهري: الفتق الشق. (7)
(فكنت إذا سجدت خرجت) أي: برزت (استي) بهمزة وصل ولامه محذوفة، وهي العجز (8)، ويراد به حلقة الدبر، وأصلها سته بفتح التاء، ولهذا تجمع على أستاه، ويصغر على سُتَيهَة، وفي الحديث:"العينان وكاء السه"(9) بالهاء (10) ويروى بالتاء.
(1)"صحيح البخاري"(4302).
(2)
في (م): بلفظة.
(3)
"سنن النسائي" 2/ 80.
(4)
"المعجم الكبير"(6349).
(5)
"الأوسط" لابن المنذر 4/ 170.
(6)
في (م): نقضت.
(7)
"الصحاح في اللغة" 2/ 33.
(8)
في (ص، ل): الفخذ.
(9)
سبق تخريجه.
(10)
من (م).
[587]
(أنا قتيبة، قال: ثنا وكيع، عن مسعر) بكسر الميم (بن حبيب الجرمي) بفتح الجيم أبي الحارث البصري، وثقه ابن معين وغيره (1) قال:(ثنا عمرو بن سلمة، عن أبيه)(2) سلمة بن قيس كما تقدم (أنهم وفدوا) بفتح الفاء، أي: قومه جرم (إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فأسلموا (فلما أرادوا أن ينصرفوا) من عنده (قالوا: يا رسول الله من يؤمنا؟ قال): يؤمكم (أكثركم جمعًا للقرآن، أو) أكثركم (أخذًا للقرآن). بهذا قال سفيان الثوري (3) وأحمد (4) خلافًا للشافعي وأبي حنيفة فإنهما يقولان: الأفقه أولى (5).
قال: (فلم يكن أحد (6) من القوم جمع ما جمعته) من القرآن، إنما اعتبر في الحديث الكثرة من القرآن؛ لأن القوم كانوا عَرَبًا ويأخذون القرآن من معدنه، فكانوا كلهم مجيدون القراءة، وأما أكثر أهل (7) زماننا فإنهم لا يجيدون القرآن في آدابه وإتقان حروفه حتى يكون لها إلمام بالقراءة. قال: ولست (8) أعني بذلك المخارج الظاهرة (9) فإن
(1)"تهذيب الكمال" 27/ 460.
(2)
في جميع النسخ: أبي. وهو خطأ. والمثبت من "السنن".
(3)
"الأوسط" لابن المنذر 4/ 167.
(4)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(157).
(5)
"الأم" 1/ 282 - 283، و"المبسوط" للسرخسي 1/ 144.
(6)
زاد في (س، ل، م): منهم جمع.
(7)
من (م).
(8)
من (م). وفي باقي النسخ: الليث. وهو خطأ.
(9)
في (ص، س، ل): الظاهر. والمثبت من (م).
تلك واجبة، وأكثر الناس يحسنونها، وإنما الخفي من ذلك كالإخفاء والإقلاب والهمس والاسترخاء (1) وغير ذلك، ولم أر الأصحاب تعرضوا، قال: وعندي أنه أهم من كثرة الحفظ فينبغي أن من يكون بهذِه الصفة إذا كان يحفظ ما يجب في الصلاة أولى ممن لا يحسن ذلك ممن يحفظ أكثر منه.
(قال: فقدموني وأنا غلام وعليَّ شملة لي) والشملة (2): كساء صغير يؤتزر به، والجمع شملات بفتح الميم مثل [سجدة وسجدات](3)(فما شهدت مجمعًا من) قَوْمي (جرم إلا كنت إمامهم) أخذًا بالعموم في الحديث أنه يؤم الأقرأ، وإن كان في غيره صفات أكثر بأن يكون غيره بالغًا وهو صبي، أو يكون غيره مالك البيت أو المنفعة أو أقدم هجرة أو أكبر سنًّا ونحو ذلك [فيه أنه لا يكره أن يؤم قومًا فيهم أبوه، فإن سلمة كان يقتدي بابنه](4).
(وكنت أصلي على جنائزهم) قد يؤخذ منه أن الأقرأ يقدم على وليه من أبٍ وجدٍّ ونحوهما.
والحديث (5) من مذهب (6) الشافعي أن القريب أولى؛ لأنه يختص
(1) زاد في (م): والاسترعاء.
(2)
في (ص): فالشملة.
(3)
في (ص): شجرة وشجرات. خطأ.
(4)
سقط من (م).
(5)
في (س): والجديد. وهما بمعنى.
(6)
في (م): حديث.
بمزيد شفقة فدعاؤه (1) أقرب إلى الإجابة (2)، لكن هذا إذا كان القريب يحسن الصلاة على الجنازة، فلعل قومه لم يكن منهم (3) من يحسنها غيره (إلى يومي هذا) قال الذهبي: صلى بقومه أيام النبي صلى الله عليه وسلم (4).
(ورواه يزيد بن هارون) بن زاذان، أحد الأعلام.
(عن مسعر بن حبيب، عن عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلم) رواية الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه، فكان فيما أوصانا:"ليؤمكم أكثركم قرآنا"(5) ورواية الحديث من حديثه عن أبيه، وهنا عنه نفسه (فلم يقل عن أبيه) وعَنَى نفسه.
[588]
(ثنا القعنبي، قال: ثنا أنس بن عياض.
ح وثنا الهيثم بن خالد الجهني) الكوفي أبو الحسن، وثقه أبو داود (6)، حدث سنة خمس وثلاثين ومائتين، وفي "المشايخ النبل" أنه مات سنة 237. (المعنى قال (7): ثنا) عبد الله (بن نمير، عن [عبيد الله) بالتصغير العمري] (8).
(1) في (ص): بدعائه. وفي (س، ل، م): لدعاؤه.
(2)
"الحاوي الكبير" للماوردي 3/ 45.
(3)
في (س، ل، م): فيهم.
(4)
"سير أعلام النبلاء" 3/ 523.
(5)
"المعجم الكبير" 17/ 30 (55).
(6)
"تهذيب الكمال" 30/ 378.
(7)
هكذا في جميع النسخ، وفي "السنن": قالا.
(8)
في (م): عبد الله.
(عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه لما قدم المهاجرون الأولون) أي من مكة إلى المدينة، وصرح به في رواية الطبراني.
(نزلوا (1) العصبة) بالنصب على الظرفية لقوله: نزلوا (2) أي المكان المسمى بذلك وهو بإسكان الصاد المهملة بعدها باء موحدة، واختلف في أوله فقيل: بفتح العين، وقيل بضمها. قال أبو عبيد: لم يضبطه الأصيلي في روايته، والمعروف المعصب بتشديد الصاد (3)، وفي "صحيح البخاري" أنه موضع بقباء (قبل مقدم) بفتح الميم والدال المخففة. (النبي صلى الله عليه وسلم) المدينة.
(فكان يؤمهم سالم مولى) آمرأة من الأنصار فأعتقته وكان إمامته فيهم قبل أن يعتق، ولذلك بوب عليه البخاري: باب إمامة العبد والموالي، وقوله: ولا يمنع العبد من الجماعة بغير علة، وإنما قيل له مولى (أبي حذيفة)؛ لأنه لازم أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بعد أن عتق فتبناه، فلما نُهُوا عن ذلك قيل له مولاه، واستشهد سالم باليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه (وكان أكثرهم قرآنًا) أشار إلى سبب تقدمهم له على غيره.
(زاد الهيثم) بن خالد: (وفيهم عمر بن الخطاب) زاد في "الأحكام" من رواية ابن جريج عن نافع: وفيهم أبو بكر وعمر (وأبو سلمة) أي (ابن عبد الأسد) المخزومي، أحد السابقين عبد الله أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وزيد بن حارثة وخارجة بن ربيعة، واستشكل ذكر أبي بكر
(1) سقط من (م).
(2)
من (ل). وفي بقية النسخ: قدموا.
(3)
"فتح الباري" 2/ 218.
فيهم إذ كان رفيقه ووَجَّهَه البيهقي باحتمال أن يكون سالم المذكور استمر على الصلاة بهم فيصح ذكر أبي بكر ووجه الدلالة منه اجتماع كبار الصحابة القرشيين على تقدمة سالم عليهم (1).
[589]
(ثنا مسدد قال: ثنا إسماعيل ح.
وثنا مسدد قال: ثنا مسلمة (2) بن محمد المعنى واحد عن خالد) الحذاء (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي (عن مالك بن الحويرث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لصاحب له) رواية النسائي عن مالك: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابن عمٍّ لي. وقال مرة: أنا وصاحب لي (3).
وهذه الرواية تدل على أن رواية المصنف: قال له ولصاحب له أنه ابن عمٍّ له (إذا حضرت الصلاة) رواية النسائي: "إذا سافرتما (4) فأذِّنا"(5).
قال أبو الحسن بن القصار: أراد به الفضل وإلا فأذان الواحد يجزئ فكأنه فهم منه أنه أمرهما أن يؤذنا جميعًا كما هو ظاهر اللفظ، فإن أراد أنهما يؤذنان (6) معًا فليس ذلك بمراد؛ لأن المنقول عن السلف خلافه، وإن أراد أن (7) كلًّا منهما يؤذن على حِدَةٍ ففيه نظر فإن أذان الواحد يكفي الجماعة، نعم يستحب لكل أحد إجابة المؤذن والأولى حمل الأمر على أن أحدهما يؤذن والآخر يجيب (8).
وللطبراني من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء في هذا
(1)"سنن البيهقي الكبرى" 3/ 89.
(2)
في (ل، م): سلمة.
(3)
"سنن النسائي الكبرى"(856).
(4)
في (س): سافر بها.
(5)
"سنن النسائي الكبرى"(856).
(6)
من (م). وفي باقي النسخ: يؤذنا.
(7)
من (م).
(8)
في (م): مجيب.
الحديث: "إذا كنت مع صاحبك فأذن وأقم"(1). انتهى كلام ابن حجر (2). وهذا الذي قاله يبعده ما بعده.
(ثم أقيما) وحمل اللفظ على أذانهما معًا كما هو الظاهر أولى، إلا أن يأتي في صريح لفظ ما يحوج إلى خروجه عن ظاهره (ثم ليؤمكما أكبركما) استدل بهذا الحديث على أفضلية الإمام على الأذان، وعلى وجوب الأذان عند من قال به، وهذا يرد النقل للإجماع على عدم وجوب الأذان.
(وفي حديث مسلمة) بن محمد [(وكنا يومئذٍ](3) متقاربين في العلم) فإذا تقاربوا في العلم وتساووا فيه فيقدم أكبرهم سنًّا في الإسلام، والصحيح أنه لا يعتبر الشيخوخة، بل المعتبر تقارب السن.
(وقال في حديث إسماعيل) بن علية (قال خالد) الحذاء (قلت لأبي قلابة: فأين) كثرة (القرآن) المذكورة في الحديث؟ (قال: فإنهما كانا متقارنين) بالنون عند ابن حزم، وبالباء الموحدة للخطيب في موضعين في حفظ القرآن.
[590]
(ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا حسين بن عيسى) بن مسلم (الحنفي) أبو عبد الرحمن الكوفي أخو سليم القارئ.
(قال: ثنا الحكم ابن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليؤذن لكم خياركم) أراد بالخيار الصلحاء؛ لأن الخِيار جَمْع خَير؛
(1)"المعجم الكبير" للطبراني 19/ 288 (638).
(2)
"فتح الباري" 2/ 132 - 133.
(3)
في (ص): وكانوا منذ.
لأنه يؤذن على موضع عالٍ فإذا لم يكن خيرًا لم يُؤْمَنْ أن ينظر إلى العورات.
قال الشافعي: أحب أن لا يكون مؤذن الجماعة إلا عدلًا ثقة (1)، قيل: أراد عدلًا في دينه ثقة في معرفة المواقيت.
[وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر فزاد بدل هذِه: ولا يؤذن لكم غلام لم يحتلم (2)](3).
(وليؤمكم [قراؤكم) هذا] (4) رواية ابن ماجه (5): وروايةُ البزار بإسناد حسن: "فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم، فإذا أمَّكم فهو أميركم"(6)، وروى الطبراني في الأوسط:"من أَمَّ قومًا وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه لم يزل في سفال (7) إلى يوم القيامة"(8)، والله تعالى أعلم.
(1)"مختصر المزني" الملحق بكتاب "الأم" 9/ 15.
(2)
انظر: "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" 1/ 118، ولم أقف عليه عند عبد الرزاق بهذا اللفظ، ولفظه عند عبد الرزاق عن ابن عباس: لا يؤم الغلام حتى يحتلم، وليؤذن لكم خياركم. "مصنف عبد الرزاق"(1872، 3847).
(3)
سقط من (م).
(4)
في (م): أقرؤكم هكذا.
(5)
أخرجه ابن ماجه (726).
(6)
"مسند البزار"(8577)، ورجح الدارقطني في "العلل" (1795) إرساله. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 206: إسناده حسن، وضعفه الألباني في "الضعيفة"(2623).
(7)
من (م)، وفي بقية النسخ: إسفال.
(8)
"معجم الطبراني الأوسط"(4582)، وقال الألباني في "الضعيفة" (1415): ضعيف جدًّا.