الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - باب كَيْفَ الأَذانُ
499 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِي، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْراهِيمَ بْنِ الحارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قال حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ قال: لمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنّاسِ لِجَمْعِ الصَّلاةِ طافَ بِي وَأَنا نائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ ناقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْتُ: يا عَبْدَ اللهِ أَتَبِيعُ النّاقُوسَ؟ قال: وَما تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاةِ. قال: أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى ما هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى. قال: فَقال: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إله إِلا اللهُ. قال: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قال: وَتَقُولُ إِذا أَقَمْتَ الصَّلاةَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا الله أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إله إِلا اللهُ فَلَمّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِما رَأَيْتُ فَقال: "إِنَّها لَرُؤْيا حَقٌّ إِنْ شاءَ اللهُ فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيهِ ما رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ". فَقُمْتُ مَعَ بِلالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ -قال- فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِداءَهُ وَيَقُولُ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحقِّ يا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ ما رَأَى. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلِلَّهِ الحَمْدُ".
قال أَبُو داودَ: هَكَذا رِوايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ وقال: فِيهِ ابن إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:"الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ". وقال مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ: الله أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ. لَمْ يُثَنِّيا (1).
(1) رواه الترمذي (189)، وابن ماجه (706)، وأحمد 4/ 42.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(512).
500 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا الحارِث بْن عُبَيْدٍ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قال: قُلْت: يا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الأذَانِ. قال: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِي وقال: "تَقُولُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ تَرْفَعُ بِها صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ تَخْفِضُ بها صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهادَةِ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ فَإِنْ كانَ صَلاةَ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ لا إله إِلَّا اللُّه"(1).
501 -
حَدَّثَنا الحَسَن بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا أَبُو عاصِمٍ وَعَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي عُثْمانُ بْنُ السّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبِي وَأمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هذا الخبَرِ وَفِيهِ:"الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي الأُولَى مِنَ الصُّبْحِ". قال أَبُو داودَ: وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَبْيَنُ قال: فِيهِ قال وَعَلَّمَنِي الإِقامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ: "اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَي عَلَى الفَلاحِ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ لا إله إِلَّا اللُّه". وقال عَبْدُ الرَّزّاقِ: "وَإِذا أَقَمْتَ الصَّلاةَ فَقُلْها مَرَّتَينِ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ أَسَمِعْتَ". قال: فَكانَ أَبُو مَحْذُورَةَ لا يَجُزُّ ناصِيَتَة وَلا يَفْرِقها لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَيْها (2).
502 -
حَدَّثَنا الحَسَن بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَفّان وَسَعِيدُ بْنُ عامِرٍ وَحَجّاجٌ - والمعْنَى
(1) رواه مسلم (379).
(2)
رواه عبد الرزاق 1/ 457 (1779)، وأحمد 3/ 408، والحاكم 3/ 514.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(514).
واحِدٌ - قالوا: حَدَّثَنا هَمّامٌ، حَدَّثَنا عامِرٌ الأحوَل حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ أَنَّ ابن مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبا مَحْذورَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً والإِقامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً الأذَان:"اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ لا إله إِلَّا اللُّه والإِقامَةُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ لا إله إِلَّا اللُّه". كَذا فِي كِتابِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذورَةَ (1).
503 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ، حَدَّثَنا أَبُو عاصِمٍ، حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذورَةَ -يَعْنِي عَبْدَ العَزِيزِ- عَنِ ابن مُحَيْريزٍ، عَنْ أَبِي مَحْذورَةَ، قال ألقَى عَليَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقال:"قُلِ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ -مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ- قال: ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ لا إله إِلَّا اللُّه"(2).
504 -
حَدَّثَنا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ إِسْماعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذورَةَ
(1) رواه مسلم (379).
(2)
رواه النسائي 2/ 5، وابن ماجه (758).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(515).
قال: سَمِعْتُ جَدِّي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا مَحْذُورَةَ يَقُولُ أَلْقَى عَلي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأذَانَ حَرْفًا حَرْفًا: "اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ". قال وَكانَ يَقول فِي الفَجْرِ: الصَّلاة خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ (1).
505 -
حَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ داودَ الإِسْكَنْدَرانِيُّ، حَدَّثَنا زِيادٌ -يَعْنِي ابن يُونُسَ- عَنْ نافِعٍ بْنِ عُمَرَ -يَعْنِي الجمَحِيَّ- عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذورَةَ أَخْبَرَة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الجُمَحِيِّ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَة الأذَانَ يَقُولُ:"اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ". ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ أَذانِ حَدِيثِ ابن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعْناهُ.
قال أَبُو داودَ: وَفِي حَدِيثِ مالِكِ بْنِ دِينارٍ قال: سَأَلْتُ ابن أَبِي مَحْذورَةَ قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ أَذانِ أَبِيكَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ فَقال:"اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ". قَطُّ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمانَ، عَنِ ابن أَبِي مَحْذورَةَ، عَنْ عَمِّهِ عَنْ جَدِّهِ إِلا أَنَّهُ قال:"ثُمَّ تَرجع فَتَرفع صَوْتَكَ اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ"(2).
506 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرَّةَ قال: سَمِعْتُ ابن أَبِي لَيْلَى ح، وحَدَّثَنا ابن المثَنَّى، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ سَمِعْتُ ابن أَبِي لَيْلَى قال أُحِيلَتِ الصَّلاةُ ثَلاثَةَ أَحْوالٍ -قال-: وحَدَّثَنا أَصْحابُنا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلاةُ المُسْلِمِينَ -أَوْ قال المُؤْمِنِينَ- واحِدَةً حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبُثَّ رِجالًا فِي الدُّورِ يُنادُونَ النّاسَ
(1) رواه الترمذي (191).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(519).
(2)
صححه الألباني في "صحيح أبي داود"(520).
بِحِينِ الصَّلاةِ وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رِجالًا يَقُومُونَ عَلَى الآطامِ يُنادُونَ المُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلاةِ حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كادُوا أَنْ يَنْقُسُوا". قال: فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمّا رَجَعْتُ - لِما رَأَيْتُ مِنَ اهْتِمامِكَ - رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ فَقامَ عَلَى المَسْجِدِ فَأَذَّنَ ثمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قامَ فَقال مِثْلَها إِلا أَنَّهُ يَقولُ: قَدْ قامَتِ الصَّلاة وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ النّاسُ -قال ابن المُثَنَّى: أَنْ تَقُولُوا - لَقُلْتُ: إِنِّي كُنْت يَقْظانًا غَيْرَ نائِمٍ. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال ابن المُثَنَّى: "لَقَدْ أَراكَ اللُّه خَيرًا". وَلَمْ يَقلْ عَمْرٌو: "لَقَدْ أَراكَ اللُّه خَيرًا فَمُرْ بِلالًا فَلْيُؤَذِّنْ". قال: فَقال عُمَرُ: أَما إِنِّي قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الذِي رَأَى وَلَكِنِّي لَمّا سُبِقْتُ اسْتَحْيَيْتُ. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا قال: وَكانَ الرَّجُلُ إِذا جاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبر بِما سُبِقَ مِنْ صَلاتِهِ وَإنَّهُمْ قامُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ قائِمٍ وَراكِعٍ وَقاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال ابن المثَنَّى: قال عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي بِها حُصَينٌ، عَنِ ابن أَبِي لَيْلَى حَتَّى جاءَ مُعاذٌ. قال شُعْبَة: وَقَدْ سَمِعْتُها مِنْ حُصَيْنٍ فَقال: لا أَراهُ عَلَى حالٍ إِلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ فافْعَلُوا. قال أَبُو داودَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قال: فَجاءَ مُعاذٌ فَأَشارُوا إِلَيْهِ -قال شُعْبَةُ وهذِه سَمِعْتُها مِنْ حُصَيْنٍ- قال: فَقال مُعاذٌ: لا أَراهُ عَلَى حالٍ إِلا كُنْتُ عَلَيْها. قال: فَقال إِنَّ مُعاذًا قَدْ سَنَّ لَكمْ سُنَّةً كَذَلِكَ فافْعَلُوا. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ أَمَرَهُمْ بِصِيامِ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ثُمَّ أُنْزِلَ رَمَضان وَكانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيامَ وَكانَ الصِّيامُ عَلَيْهِمْ شَدِيدًا فَكانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فَكانَتِ الرُّخْصَة لِلْمَرِيضِ والمُسافِرِ فَأُمِرُوا بِالصِّيامِ. قال: وَحَدَّثَنا أَصْحابُنا قال: وَكانَ الرَّجُل إِذا أَفْطَرَ فَنامَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يُصْبِحَ. قال: فَجاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَأَرادَ امْرَأَتَهُ فَقالتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ فَظَنَّ أَنَّها تَعْتَلُّ فَأَتاها فَجاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ فَأَرادَ الطَّعامَ فَقالوا حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا فَنامَ فَلَمّا أَصْبَحُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هذِه الآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (1).
(1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 79، 80، وابن حزم في "المحلى" =
507 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْن المُثَنَّى عَنْ أَبِي داودَ ح، وحَدَّثَنا نَصْرُ بْنُ المُهاجِرِ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْن هارُونَ، عَنِ المسْعُودِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابن أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قال: أُحِيلَتِ الصَّلاة ثَلاثَةَ أَحْوالٍ وَأُحِيلَ الصِّيامُ ثَلاثَةَ أَحْوالٍ وَساقَ نَصْرٌ الحَدِيثَ بِطُولهِ واقْتَصَّ ابن المثَنَّى مِنْهُ قِصَّةَ صَلاتِهِمْ نَحْوَ بَيْتِ المقْدِسِ قَطُّ قال الحال الثّالِثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدِينَةَ فَصَلَّى -يَعْنِي نَحْوَ بَيْتِ المقْدِسِ- ثَلاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا فَأَنْزَلَ الله تَعالى هذِه الآيَةَ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} فَوَجَّهَه الله تَعالى إِلَى الكَعْبَةِ. وَتَمَّ حَدِيثُه وَسَمَّى نَصْرٌ صاحِبَ الرُّؤْيا قال: فَجاءَ عَبْدُ اللهِ بْن زَيْدٍ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ وقال: فِيهِ فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ قال الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدًا رَسُول اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ مَرَّتَيْنِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ مَرَّتَيْنِ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إله إِلا اللهُ ثُمَّ أَمْهَلَ هُنَيَّةً ثُمَّ قامَ فَقال مِثْلَها إِلا أَنَّهُ قال زادَ بَعْدَ ما قال: "حَيَّ عَلَى الفَلاحِ". قَدْ قامَتِ الصَّلاة قَدْ قامَتِ الصَّلاة. قال: فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنْها بِلالًا". فَأَذَّنَ بِها بِلال وقال: فِي الصَّوْمِ قال: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَصُومُ ثَلاثَةَ أَيّامٍ مِنْ كلِّ شَهْرٍ وَيَصُومُ يَوْمَ عاشُوراءَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} فَكانَ مَنْ شاءَ أَنْ يَصُومَ صامَ وَمَنْ شاءَ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وهذا حَوْل فَأَنْزَلَ الله تَعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} إِلَى {أَيَّامٍ أُخَر} فَثَبَتَ الصِّيامُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ وَعَلَى المُسافِرِ أَنْ يَقْضِيَ وَثَبَتَ الطَّعائم لِلشَّيْخِ الكَبِيرِ والعَجُوزِ اللَّذَيْنِ لا يَسْتَطِيعانِ الصَّوْمَ وَجاءَ صِرْمَة وَقَدْ عَمِلَ يَوْمَهُ وَساقَ الحَدِيثَ (1).
= 3/ 157، والبيهقي 1/ 420. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (523).
(1)
رواه أحمد 5/ 246، والطبراني 20/ 132 (270).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(524).
باب كَيْفَ الأَذَنُ
[499]
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ) بن داود (الطُّوسِيُّ) العابد نزيل بغداد، قال:(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ)(1) بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، قال:(حَدَّثَنَا أَبِي) إبراهيم (2) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ) قال: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ (3) الحَارِثِ التَّيمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ [بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ]) (4) الأنصاري، قَال:(حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ) رضي الله عنه.
(قَال: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ) أن (يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ) بضم الياء (5) وفتح الراء (6) على البناء للمفعول (لِلنَّاسِ لِجَمْعِ) بكسر اللام وسكون الميم [أي جمع](7) الناس إلى (الصَّلاةِ) يحتمل كانَ أَمرَ به أولًا ثم كرهَهُ إمَا بِوَحي أو إلهَام قَال عبد الله: (طَافَ بِي) يُريد الطيف الذي يرَاهُ النائم (وَأَنَا) بين (نَائِمٌ) وَيَقْظَانَ (رَجُل يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ) عَلى صُورَة مَن يحمل (8) سلعَة للبَيع (فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ) فيه ندَاء مَنْ لا
(1) كتب فوقها في (د): ع.
(2)
كتب فوقها في (د): ع.
(3)
سقط من (د).
(4)
سقط من (ص).
(5)
في (ص): الراء.
(6)
في (ص): الياء.
(7)
سقط من (ص، س، ل، م).
(8)
في (ص): يحمله. والمثبت من (د، س، ل، م).
يَعرف اسْمه بيَا عَبد الله، أو يَا أخي، أو يَا سيدي، أو يَا صَاحِب الناقوس، ونَحو ذلك مما لا يتأذى به، ولا يَكون فيه مَلَق.
(أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَال: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاةِ) أي: نضرب به فيسْمعُونه فيَأتونَ إلى الصَّلاة (قَال: أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لكم مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى) قال الطيبي: في قوله: "أفَلا أدُلك" الهَمزة إنكار للجُملة الأولى، أي: المقَدرة وتقرير للجملة الثانية (1).
(قَال: فَقَال تَقُولُ): فيه أن مَن كانَ له سلعة يَعرضهَا للبيع فجاءهُ شخص يَشتَريهَا ليَسْتعملهَا في حَاجَة لهُ، وَعلم أن له شيئًا هو (2) أنفَع له من تلكَ السّلعَة أن يَدُلهُ عَلى ذَلك الشيء، ويَكون هذا مِنَ النصح في الدين، ولا يَسْكت عَن إعلامه ليروج سلعته، ولاسِيَّما إن كانَ مَا يَدله أنفع لعُموم المُسْلمينَ، ولا تختص المنفعَة بالمسَاوم (3) وفيه أن مَن رَأى أسْتاذه يحتَاج إلى شيء ينتفع به أو يَنتفع به المُسْلمين ورَآه يُبَاع أن يُبادر إلى شرائه وَدَفع ثمنه مِن عنده، وَيكون هذا مِنَ المعَاونة عَلى البرِّ والتقوى.
(الله أَكْبَرُ) قيلَ: معناهُ اللهُ الكَبير لا غيره، وقيل: تقديره أكبر من كل شيء، فحذف الجار والمجرُور المتعَلق به (الله أَكبَرُ اللُّه أَكبَرُ الله أَكبَرُ) فيه تَربيع التكبير في أول الأذان، وَأمَا قَولهُ في الحَديث الآتي: أمر بلال أن
(1)"فتح الباري" 2/ 96.
(2)
في (ص): قد به.
(3)
في (ص): بالسام، وسقط من (س)، وفي (ل): التسام. وفي (م): بالمسام. والمثبت من (د).
يشفع الأذان فالمراد به معظمه.
(أشهد) أي: أعلم وَأتحقق (أَنْ لا إله) هي أن المخففة منَ الثقيلَة أي: أَنَّهُ لا إله (إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله) أي: لا شَريك لهُ في الإلهيَّة ([إلا الله) تقرير للوحدانية بنفي غيره وإثباته، فَلا يجوز أن يُسَمى غَيره إلهًا] (1)(أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ)[إقرار لرَسُوله](2) صلى الله عليه وسلم بالرسَالة (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ).
(حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ) أي: أقبلوا عَليْهَا (حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ) فيه تثنية (3) في الأذان بخلاف الإقامة؛ لأنه إعلام للسَّامع.
(حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ) الفلاح الفوز والبَقاء الدَائم، أي: هَلُمُّوا إلى سَبَب ذَلك (اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكْبَرُ) قيلَ هوَ أكبرَ من أن ينسَب إليه مَا لا يليق بجَلاله.
(لا إله إِلَّا اللُّه) خَتم الأذان بلا إله إلا الله ليختم بالتوحيد لله تَعالى كما بَدَأ بِهِ، وشرعَ مَرة وَاحِدَة في الأخير إشارة إلى وحدانية المعبود سبحانه.
(قال (4): ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عني (5) غَيرَ بَعِيدٍ) يَدُلُّ عَلَى أنَّ الإقامَة في غَير مَوضع الأذان مُسْتَحبة.
(ثُمَّ قَال: ثم تَقُولُ: ) ثم تفيد (6) أن بَين الأذَانِ وَالإقامَة مُهْلة (إِذَا
(1) هناك تقديم وتأخير في (ص، س، ل) والمثبت من (د، م).
(2)
في (ص، س، ل): إقرارًا لرسوله.
(3)
في (ص، س): تنبيه.
(4)
من (ل، م).
(5)
في (ص، س): به.
(6)
في (ص، س، ل، م): بعد.
أَقَمْتَ) أي: إذا أرَدت أن تقيم.
(اللُّه أَكْبَرُ (1) اللُّه أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، اللُّه أَكْبَرُ، اللُّه أَكبَرُ، لا إله إِلَّا اللُّه) فيه دَليل للشافعي (2) ومَنْ تبعه (3).
(فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ) أي: رَأيتهُ، فحذف الضمِير العَائد عَلى الموْصُول، وهوَ كثير في المنصُوب المتصل بالفعل (فَقَال: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللُّه) تعالى فيه دَليْل عَلى أن التقييد بالمشيئة في الأشياء المحققة عَلى سَبيل التبرك وامتثال قوله تعَالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (4) وقيلَ غَير ذلك.
(فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِي) بِفتح الهمزة (عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ) في المنام أي: أَمْلِهِ عَلَيه وَهُوَ كالتَّعليم وأصْلهُ من إلقاء الشيء وهوَ طَرحُه (فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ) وقال الإمَام والقَاضي حُسَين والغَزالي: أن عَبد الله بن زيد أذنَ مَرة بإذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأنه أول مُؤذن في الإسْلام (5). قال ابن الصلاح: لم أجد هذا بعد البحث عَنهُ.
(1) إلى هنا انتهت المخطوطة (د).
(2)
في (ص): للساهي. والمثبت من (س، ل، م).
(3)
انظر: "الأم" 1/ 173.
(4)
الكهف: 23، 24.
(5)
"مغني المحتاج" 1/ 133.
(فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ) الأندى هو الأبعد مدى كما نَص عَليه الجَوْهري (1) والهروي وجمهور أهْل اللغة (2) ولهذا وَرَدَ في روَاية الترمذي وصححها ابن خزيمة: "فإنه أندَى أو أمدُّ صَوتًا مِنك"(3). وحَكى ابن (4) الأثير في "النهاية" قولًا ضعيفًا: أنه الأحسَن (5)، وقد اسْتدل الفُقهاء بهذا عَلَى أنه يُستحبُ أن يَكون المؤذن صَيِّتًا أي عَالي الصَوْت؛ لأن حكمة الأذان هوَ الإبلاغ بدخول الوَقت، وهو كلمَا عَلا الصَّوت كانَ أبلغ.
(فَقُمْتُ مَعَ بِلالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيهِ) كلمة كلمة (وَيُؤَذِّنُ بِهِ) وكانَ مبدأ (6) الأذان في الإسْلام في السنة الأولى مِنَ الهجرة عَلى رَأس تَسْعَة أشهر منها، حِين شاورَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أصحَابه فأري عَبد الله بن زَيد بن ثعلبة بن عَبد ربه الأنصاري (7) الأذَان وألقَاهُ على بلال.
(قَال: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ) أي: يَسْحَبهُ عجلًا وهوَ (يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ) نبيا (8) (بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللهِ
(1)"الصحاح"(ندا).
(2)
في (س): الفقه.
(3)
"سنن الترمذي"(189)، و"صحيح ابن خزيمة" (363) قال الترمذي وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه: لا يعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يصح غير هذا الحديث الواحد في الأذان.
(4)
من (س، م).
(5)
"النهاية"(ندا).
(6)
في (ص، س، ل): هذا.
(7)
من (م).
(8)
من (س).
لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أُرِي) (1)[هكذَا أكثر النسَخ بضم الهمزة وكسْر الراء، وفي بَعضها: رأى عَبد الله بن زيد، وفي بعض كتب الفقهاء أنه رَآهُ سَبعة من الأنصَار، وفي شَرح "التنبيه" (2) للجيْلي](3) أنه رآه أربعة عشر صَحَابيًّا (4). وحكى البَاجي في "المنتقى": أنه روي أن عمر بن الخَطاب أشارَ بذَلِكَ من رَأيه (5).
(فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَلِلَّهِ الحَمْدُ) فيه اسْتحبَاب حَمد الله تَعالى عندَ كل نعمة تتجدَّد، ونَاهيك بهذِه النعَمة العَامة، وإظهَار شعار الإسلام.
(هَكَذَا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ) بن ثعلبَة بن عَبد ربه الأنصَاري، ثمَّ من بَني الحَارث بن الخَزرج كذَا في "الموطأ" (6) (وَقَال فيه) (7): محَمد (بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكبَرُ، اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ) فيه تَربيع التكبير في أول الأذان كما سَيَأتي الخلاف فيه.
(وَقَال مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ: اللُّه أَكْبَرُ اللُّه أَكبَرُ لَمْ يُثَنِّ) بِكَسْر
(1) في (م): رأى.
(2)
في (ص): الشبيه. وفي (م): النبيه. وفي (س): السنة. والمثبت من (ل)، "شرح الزرقاني".
(3)
حدث هنا تقديم وتأخير في النسخة (م) فجاءت: عبد الله بن زيد، وفي بعض كتب الفقهاء أنه رآه سبعة من الأنصار. وفي شرح أري هكذا أكثر النسخ بضم الهمزة وكسر الراء. وفي بعضها التنبيه للجيلي.
(4)
"شرح الزرقاني" 1/ 198.
(5)
"المنتقى" 2/ 4.
(6)
"الموطأ" 1/ 67.
(7)
من (س، ل، م).
النون يَعني الزهري (1) لم يثن التكبير في روَايته بأن جَعَلهُ أربَعًا مُفردات، وسُمى التربيع تثنية؛ لأن اللهُ أكبرَ الله أكبر كلمة وَاحَدة، ولهذا شرع جمع كل تكبيرتَين في الأذان بِنَفَس وَاحد كما ذكرهُ النوَوي (2). وفي روَاية:"لَم يَثنيا"(3). يَعني معمر وُيونس في الرواية عَن الزهري.
[500]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ) قال: (ثَنَا الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ) الإيادي، بكسْر الهمزة وتخفيف المثناة تحت، صَدُوق يخطئ، أبُو قدامة.
(عَنْ مُحَمَّدِ) ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(4)(بْنِ عَبْدِ المَلِكِ) أحَد مَشَاهير التابعين، وذكرهُ ابن حبان في "الثقات" (5) أيضًا (بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ) فقيل: اسمه أوس، وقيل: سَمرة بن مِعْير، بكسْر الميم وسكون العين، وقيل: سليمان ذكره (6) ابن قتيبَة. وقيل: هَو جَابر (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ)(7) أبي محذورَة بن معير (8) وقيلَ: ابن عمير الجمحي نقل ابن خزيمة عن الذهلي: ليس في طرق عَبد الله بن زَيد أصَح من هذا (9)؛ لأنَّ محمدًا سَمع من أبيه، ولم يسمع عَبد الرحمن بن عَبْد
(1) زيادة في (ص، س، ل): أي الزهري.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 4/ 79.
(3)
في (ص، س، ل): يبينا.
(4)
"الثقات" 7/ 434.
(5)
"الثقات" 5/ 117.
(6)
من (س، ل، م).
(7)
كتب فوقها في (م): محمد.
(8)
في (س): مغيرة.
(9)
"فتح الباري" 2/ 93.
الله بن زَيد (قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلّمْنِي سُنَّةَ الأَذَانِ) أي: كمال الأذان المشروع.
(قَال: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِه) لما سَيَأتي قريبًا في هذا الحَدِيث، ذكرهُ النسَائي بأبسَط من هذا فقال: لما خَرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خَرَجت عَاشِر عَشرَة من أهل مكة لطلبهم، فسَمعناهُم يؤَذنونَ بالصَّلاة، فقمنا نؤذن نستهزئ (1) بهم، فقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم:"قد سَمعت في هؤلاء تأذين (2) إنسَان حسن الصوت" فأرسَل إلينَا فأَذَّنَّا رَجل رجل وكنت آخرهم، فقال حِينَ أذنت:"تعال"(3) فَأجْلسَني بَين يدَيه، فمَسَحَ عَلى نَاصِيَتي وبَرَّك عَليَّ ثَلاث مرار (4) ثم قال:"اذهَب فَأَذِّنْ عندَ المَسْجِد الحَرام". فقلتُ: يَا رَسُول الله فَعَلِّمْني (5).
(قَال: تَقُولُ اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكبَرُ، اللُّه أَكبَرُ اللُّه أَكبَرُ) زادَ إمَامُ الحَرَمَين في روَاية هذا الحديث زيادَة تبين معناهُ، فقال: أرسَلهم كلهم وَحبسني، ثم قال:"قل الله أكبر" ولا شيء أكره إليَّ مِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما أمَرني به، ثم قال:"قل أشهد أن لا إله إلا الله" ثم ذكر هذا إلى آخِر الأذان [قال: ثم](6) أدناني ومَسَحَ بيَدهِ عَلى ناصيَتي ووَجهي، فما بَلَغَت يده
(1) في (ص): نستهدي. والمثبت من (س، ل، م).
(2)
في (س): يا زيد.
(3)
في (س): قال.
(4)
في (م): مرات.
(5)
"سنن النسائي" 2/ 7.
(6)
في (م): ثم قال ثم.
صَدْري حَتى عَادَت تلكَ الكراهية كلهَا محَبة، ثم ألقى إلي صُرة فيهَا دُريْهَمات (1).
[ولفظ روَاية ابن مَاجَه من روَاية ابن محيريز (2): ثم دَعَاني حين قضيت التأذين وأعَطاني صُرة فيها شيء من فضة، ثم وضع (3) يده (4) عَلي نَاصِية أبي محذورَة، ثم أمَرهَا عَلى وَجهه [ثم على ثديه](5) ثُمَّ على كبده، ثمَ بَلغت يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم[سرة أبي محذورة] (6) ثم قَال:"بَارَكَ اللهُ لك وعَليكَ"[ثم ذهبَ](7) كل شَيْءٍ كانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الكراهية وعَادَ ذَلك كلهُ محَبة" (8)] (9) وفي هذا الحديث حجة (10) لما يَقولهُ الإمَام الشافِعي إن في أول الأذان التكبير (11) أربَع مَرات (12).
قال ابن عبد البر في "الاستذكار": وذلك محفوظ من روَاية الثقات مِن حَديث أبي محذورة، وفي حَديث عَبد الله بن زَيد قَال: وَهيَ زِيَادَة
(1)"نهاية المطلب" 2/ 36.
(2)
في (ص): محريز.
(3)
في (س، ل): ومر.
(4)
من (س، ل، م).
(5)
في (ص) من بين ثدييه. وفي (م): مرتين ثدييه. والمثبت من "سنن ابن ماجه".
(6)
ليست في (س، ل، م).
(7)
في (م): فذهب.
(8)
"سنن ابن ماجه"(758).
(9)
تأخرت هذه العبارة في (م) فجاءت بعد قوله: كما سيأتي.
(10)
من (س، ل، م).
(11)
في (م): التكبيرات.
(12)
"الشرح الكبير" 1/ 411.
يجب قبولها، قَالَ: وزَعم الشافعي أن أذان أهل مكة [لم يزل في](1) آل أبي محذورة إلى وقته وعَصْره، وكذَلك هو عندَهمُ إلى الآن، قال: وذهَبَ مالك وأصحابه إلى أن التكبير في أول الأذان اللهُ أكبر مرتين (2). كَما سَيَأتي.
(تَرْفَعُ بِهَا) أي: بالتكبيرَات الأربَع (صَوْتَكَ) فيه اسْتحباب رَفع الصوت، والمراد به أن يُبَالغ في رَفع صَوته مَا أمكنهُ بِحَيث لا يلحقهُ ضَرَر، وذلكَ عَلى جَهة الاسْتحبَاب، وَهوَ في غير المنفرد متفق عليه، وفي المنفرد عَلى الصحيح.
(ثُمَّ تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه) بالشفع (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ) قال أصحَابنَا: المرادُ بالخفض أن يسْمع مَن بقربه أو أهل المَسْجِد إن كانَ واقفًا عليهم، والمَسْجِد متوسط الخطة (3) كذَا قال (4) الجوَيني (5) وَالقَاضِي حُسَين، وَنَص عَليه الشافعي (6).
قال الإمَام: ويحتمل أنهُ كالقراءة في السُّورَة، والأول أشبه قاله في "الكفاية"، والحكمة في خفض الصَّوت بالشهَادَتَين أن يأتي المؤذن بهَما
(1) في (ص، ل): ثم ترك في. وفي (م): ثم تر. والمثبت من (س)، "الاستذكار".
(2)
" الاستذكار" 4/ 12.
(3)
في (ص، س، ل، م): الحصير. والمثبت من "أسنى المطالب" 1/ 127، "مغني المحتاج" 1/ 136، "إعانة الطالبين" 1/ 236.
(4)
من (س).
(5)
"نهاية المطلب" 2/ 41.
(6)
"مغني المحتاج" 1/ 136.
بتدبر وإخلاص لكونهما المنجيتَين مِنَ الكُفر المدخلتين في الإسلام، ورفع الصوت لا يتأتى مَعَهُ تدَبر ولا إخلاص.
(ثُمَّ) يَرجع إلى رَفع الصَوت (تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ)(1) أي: لله تعالى وَلرسُوله، فلله بالتوحيد، وَللرسُول بالرسَالة كلما رَفعت صَوتك بالتكبير كما تقدم.
(أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللُّه) قَال القَاضي عياض وغَيره: اعلم أن كلمَات الأذان عَظيمة، جمعت عقَائد الإيمان، فإن الله أكبرَ فيها إثبات الذات الشريفة ومَا يَسْتحقه مِنَ الكمال والتنزيه، وفي أشهد أن لا إله إلا اللهُ إثبات الوحدَانية، وفي (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ (2) أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) إثبات الرسالة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإثبات ذلك كله يجزم به، عَقْدُه بالقلب والعقل (3).
(حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ) دعَاء إلى الصلاة، وجعل ذلك عَقِب إثبات الرسَالة؛ لأن مَعرفتها مِن جهة الشرع الذي أرسل به لا مِن جهة العقل.
(حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ) دُعَاء إلى الفَلاح، وَهوَ الفَوز (4) وَالبَقاء. وفيه إشعَار (5) بأمور الآخرة مِنَ البعث والجزَاء.
(1) في (س): بالشهادتين.
(2)
من (س، ل، م).
(3)
في (ص): الفعل.
(4)
في (س): النور.
(5)
في (م): إشهاد.
(فَإِنْ كَانَ) الأذان في (صلاة الصُّبْحِ قُلْتَ: الضَلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فيه أن (1) التثويب في صَلاة الصبح وحْدَهَا لما روى الترمذي وابن مَاجَه مِن حَدِيث بلال: قال لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تثوبَن (2) في شيء مِن الصَّلاة إلا [في صَلاة الفجر"(3)] (4)، وصَحح ابن خزيمة عَن أنس أنهُ قال: مِنَ السُّنة إذَا قَال المؤَذن في أذان الفَجر حي على الفلاح قال: الصَّلاة خَيرٌ من النوم الله أكبر اللهُ أكبر لا إله إلا الله" (5). وَقال البَيْهَقي: إسناده صَحيح (6). إلا أنَّ ذكره في هذِه الروَاية إنما وَقعَ مَرة وَاحِدَة، ولا يُستَحب التثويب في غَير الصبح بل يكرَه كما قَالهُ في "الروضة" (7)(الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فيه دَليل عَلى أن الصلاة خَير منَ النوم مرتين سُنَّة في الأذان.
قال السُّبكي: وقيل: فيه قولان: أحَدهما: هذا وهو القديم المفتى به، والثاني: وهوَ الجديد أنه لا يُسَن (8).
قال الشافِعي: لأن أبَا محذورة لم يروه (9). قال الأصحَاب (10): وَقد
(1) من (م).
(2)
في (ص): تثويب. والمثبت من (ل، م).
(3)
أخرجه الترمذي (198)، وابن ماجه (715) بنحوه، وضعفه الترمذي.
(4)
من (م): وفي بقية النسخ: صلاة الصبح.
(5)
"صحيح ابن خزيمة"(386)، إلى قوله الصلاة خير من النوم.
(6)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 423 وذكره بتمامه.
(7)
"روضة الطالبين" 1/ 258.
(8)
"روضة الطالبين" 1/ 199.
(9)
"الأم" 1/ 173 - 174.
(10)
"المهذب" 1/ 57.
صَح أنه رَوَاه (1).
قال إمام الحرمين: ذكر بَعض المصَنفين أن التثويب عَلى قولنا مَشروع ليسَ بُركن للأذان وَجهًا وَاحِدًا، وإنما الخلاف في الترجيع، ثم قال: وهذا إن صَح فسببه أنه صَح في الترجيع عدُّه (2) في الأذان، ولم (3) يصح مثله في التثويب.
قال: وفي التثويب عندي احتمال مِنْ جهة أنه يُضَاهي كلم الأذَان في [شرع رفع](4) الصوت به، والأظهر في الترجيع أنهُ غير معدود مِن أركان الأذان (5).
وعَلى القول بمشروعية التثويب قال الرافِعِي: ذكر في "التهذيب" أنه إذا ثوَّب في الأول لا (6) يثوب في الثاني عَلى أصَح الوَجهَين (7).
وَذكَرَ نحوهُ في "الشرح الصَّغير"، وقال السُّبكي: إذَا ثوبَ في الأذان الذي قبل الفجر، لم يثوب في الذي بَعْدَهُ عَلى الأصَح (8).
(الله أَكبَرُ الله أَكبَرُ، لا إله إِلَّا الله) خَتم الأذَان بِكلمة التوحِيد كما تقدم.
[501]
(ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) الحلوَاني شَيخ الشيخين، قال: (ثَنَا أَبُو
(1) في (م): رآه.
(2)
في (ص): عد.
(3)
من (م). وفي بقية النسخ: وإن لم.
(4)
في (ص، م): تبرع رجع. وفي (س): رجع، والمثبت من (ل)، "النهاية".
(5)
"نهاية المطلب" 2/ 42.
(6)
في (ص): ثم. وفي (س، ل، م): لم. والمثبت من "الشرح الكبير".
(7)
"الشرح الكبير" 1/ 414.
(8)
"المجموع" للنووي 3/ 92.
عَاصِمٍ) الضحاك بن مخلد النبيل (1). قال البخاري: سَمِعتُ أبا عَاصِم يقول: مُنذ سَمِعْتُ أن الغِيبَة حَرَام مَا اغتبت أحَدًا قط (2). قال إبرَاهيم بن يحيى: رَأيته في المنَام بَعد مَوته فقلت: مَا فعَل الله بك؟ قال: غفر لي، ثم قال: كيفَ حَدِيثي فيكم؟ (3) قلت: إذا قلنا: ثنا أبُو عَاصِم فليسَ أحَد يَرُد عَلينَا، فَسَكتَ ثم قال: إنما يعْطى الناس عَلى قدر نياتهم (4)، روى له الجَماعة.
(وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابن جُرَيْج قَال: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ) مَولَى أبي محَذورة وثق (5) قَال: (أَخْبَرَنِي أَبِي) السائب مولى أبي محذورة وثق، (وَأُمُّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عن أبي محذورة (6)، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هذا الخَبَرِ) ذكرهُ النسَائي بهذِه الروَاية وقَال في آخِره: قال ابن جريج: أخبرَني عُثمان هذا الخَبر كله، عَن أبيه، عَن أُم عَبد الملك ابن أبي (7) محذورة، أنهما سَمِعَا ذَلكَ مِن أبي محذورة (8). فصرحَا بالسَّماع عَن أبي محذورة (وَفِيهِ: الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي المَرة الأوُلَى مِنَ) أذان (الصُّبْحِ) وَروَاية النسَائي: الصَّلاة خَير مِنَ
(1) في (ص) النبد.
(2)
"التاريخ الكبير"(3038).
(3)
زاد في (م): قال.
(4)
"تهذيب الكمال" 13/ 289.
(5)
"الكاشف" للذهبي 2/ 250.
(6)
من (س، ل، م).
(7)
ليست في (م).
(8)
"سنن النسائي" 2/ 7.
النَّوم، الصَّلاة خَيْرٌ منَ النوم في أذان الأول مِنَ الصُبح (1). وفي هذا تقييد لما أطلقهُ في الروَاية قبلهُ في قوله:"فإن كانَ صَلاة الصبح".
قلت: وصحح ابن خزيمَة هذِه الروَاية من طَريق ابن جريج (2). قال: أخبرَني عُثمانُ بن السَّائب، أخبرَني أبي، وَأُمُّ عَبد الملك بن أَبي محذورة، عَن أبي محذورة، وهَاتان الروَايتَان روَاية أبي دَاود وَروَاية النسائي (3) اللتان صَححهُمَا ابن خزيمة (4) صَريحَان في أَنَّ التثويب بالصَّلاة خَير مِنَ النوم مَرَّتَين مَخصوص بالأذان الأول دُونَ الثاني؛ لأن الأذان الأول إنما شرع [لإيقاظ النَائم] (5) كما في الحَديث:"نائمكم"(6). ولهذا قال فيه: الصلاة خَير من النوم، وأما الثاني فإنما هوَ للإعلام بدُخول (7) الوقت من أرَادَ أن يُصَلي في أول الوقت، ولكَون المُصَلين (8) فيه غَالبًا قد استيقظوا بالأذان الأول، واستعَدوا للصَّلاة بالوضُوء وغَيره، وَيدل عَلى ذَلكَ مَا رَوَاهُ ابن مَاجَه قال: ثنا
(1)"سنن النسائي الكبرى"(1597).
(2)
"صحيح ابن خزيمة"(385).
(3)
ليست في النسخ، وإثباتها مقتضى السياق.
(4)
تقدم.
(5)
في (س): لإنقاص اليوم! .
(6)
يعني حديث: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن. أو قال: ينادي. ليرجع قائمكم، وينبِّهَ نائمكم
…
الحديث. وهو حديث متفق عليه.
أخرجه البخاري (621)، ومسلم (1093)(39)، وأبو داود (2347) وسيأتي ذكره ثانية إن شاء الله.
(7)
من (م)، وفي بقية النسخ: لدخول.
(8)
في النسخ الخطية: المصلون. والمثبت الجادة.
عمرو بن رافع، ثنا عبد الله بن المبَارك، عَن معمر، عَن الزهري، عَن سَعيد بن المسيب، عن بلال أنه أتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُؤذنه بصَلاة الفَجر، فقيل: هوَ نائم، فقال: الصَّلاة خير من النوم، الصَّلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفَجر، فثبتَ الأمر عَلى ذلك (1).
ومَعْلوم أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إنما كانَ ينَام قبل الأذان الأول، فما (2) بين الأذان الأول وَالثاني نوم؛ لأنه لم يكن بينهما (3) نوم إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا، وروى الطبرَاني وَالبيهقي من حَديث ابن عجلان، عَن نافِع، عَن ابن عمرَ: كانَ الأذان الأول بَعد حي عَلى الصَّلاة حَي على الفلاح: الصَّلاة خير منَ النوم مَرتَين (4). وسَنَده حَسن.
والعجَبُ مِن أئمة مذهب الشَافِعِي رضي الله عنهم! مَعَ كثرة هذِه الروَايَات في أنَّ: الصَّلاة خَير مِنَ النوم في الأذان الأول، ولَم يتعرضوا لهذا الحَديث، ولا اسْتدلوا لهُ بِحَديث ولا أثر؛ فإنَّ الإسنوي لما ذكر هذِه المسألَة قال: مُقتضى إطلاق المصنف أَنَّهُ لا فَرْقَ في اسْتحباب التثويب بَين المأتيِّ به قبل الفَجر وبعَده قال: وهذا مَا نقلهُ الرافعي عَن إطلاق الغَزالي، ولكن في "التهذيب": أنهُ إذا ثوبَ في
(1)"سنن ابن ماجه"(716). قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 501: فيه انقطاع مع ثقة رجاله. وصححه الألباني بشواهده، انظر:"تخريج فقه السيرة"(203).
(2)
في (م): فيما.
(3)
في (م، س): بينهم.
(4)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 424.
وعزاه الحافظ في "التلخيص" 1/ 502. للطبراني والبيهقي والسراج وقال: سنده حسن.
الأول لم يثوب في الثاني عَلى أصح الوجهين (1). وذكر نحوهُ في "الشرح الصَّغير" وقال النووي في "شرح المهَذب": ظاهِر إطلاق الأصحاب أنه لا فرق بَين الأول والثاني، وصَرح (2) بتصحيحه في "التحقيق"، وتقدم قول السُّبكي إذا ثوبَ في الأذان الأول قَبْل الفَجر لم يثوب في الذي بَعدَهُ عَلى الأصَح.
(قَال أَبُو دَاودَ: وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ) المتقدم (أَبْيَنُ قَال فِيهِ: قَال: وَعَلَّمَهُ (3) الإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا الله، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَي عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَ عَلَى الفَلاحِ، اللهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، لا إله إِلَّا الله).
هكذَا روَاية النسَائي (4) وفي هذا الحَديث دلالة لما ذَهَبَ إليه أبُو حَنيفة وأصحابه مِن أن الإقامَة مثنى (5) مَثنى (6) خلافًا للشافِعِي (7)(8) والجمهور.
قال ابن السّمعَاني في "الاصْطلام": لَم ينقل مَا صَارَ إليه أبو حَنيفة
(1)"المجموع" 3/ 92.
(2)
في (س): خرج.
(3)
في (ل، م): علمني.
(4)
"المجتبى" 2/ 3. وقال الألباني: منكر مخالف للروايات الأخرى عن أبي محذورة.
(5)
من (م).
(6)
"المبسوط" للسرخسي 1/ 272.
(7)
في (س، ل، م): للشافعية.
(8)
"الشرح الكبير" 1/ 411.
عَن أحَدٍ مِن الأئمة إلا عَن سُفيان وابن المبَارك، وَروى إفراد الإقامَة عَن سَعيْد بن المسَيب والفقهاء السَّبعَة بالمدينة والحَسَن البَصْري (1) كَذَلك، وكذلك عن عروة بن الزبَير وعمرَ بن عَبد العزيز وسَالم بن عَبْد الله [بن عمر](2) وأبي قلابة وعراك بن مَالك ومحَمد بن كعب القرظي وابن شهاب الزهري وغَيرهم ممن يكثر عَدَدهم، وقَد ذهبَ إلى هذا مِن الأئمة مَالك بن أنسَ (3) والأوزاعي والليث بن سَعد وأحمد بن حَنبل وإسحاق بن إبراهيم (4) وغيرهم.
قال: وقد ورد في الخَبَر: "عَليكم بالسَّوَاد الأعظَم"(5). وهوَ معنا في هذِه المسألة، وَحمل بَعضهم هذا الحَديث عَلى أن المؤَذن إن رَجَّع في الأذان ثنى جميع كلمَاتِ الإقَامَة فتكون سَبْعَة عَشر، كما رَواهُ همام في الحَديث الآتي، وإن لم يُرجِّع أفردَ الإقامة فجعَلهَا إحدَى عشرة، واختارَهُ ابن خزيمة من أصحَابنا زاعمًا أَنَّ كلا من (6) الأمرين صَح مِنَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بخلاف تثنية الأذان بلا ترجيع مَع تثنية الإقامَة كما يقوله بَعض الناس فإنه لم يثبت (7)، وتوقف البَيهقي في صحة التثنية في
(1)"الأوسط" لابن المنذر 3/ 152.
(2)
من (م).
(3)
"المدونة الكبرى" 1/ 158.
(4)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(168).
(5)
أخرجه ابن ماجه (3950)، وعبد بن حميد في "مسنده"(1220) وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه"(856).
(6)
من (م).
(7)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 418.
الإقَامَة سِوَى لفظ التكبير وكلمَتي الإقامَة، وفي دوام (1) أبي محذورة وأولاده علي الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة ما يؤذن بضعف من روى تثنية الإقامة (2) كما في هذا الحَديث، فلما لم يختلف حديث أبي محذورة في الأذان أخذنا به فيه (3)، ولما اختلف في الإقامة أخذنا بإفرادهَا أخذًا بالحَديث الثابت في الصَّحيحين (4)، وحَديث ابن عُمرَ الصَّحِيح الآتي بعد حَدِيث أنَس.
قال (5): (وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ) في رَوايته: (وَإذَا أَقَمْتَ الصَّلاةَ فَقُلْهَا مَرَّتَينِ) يعني: (قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ) والمعَنى: في تثنيَة لفظ الإقامة دون بقيةَ ألفاظهَا؛ لأنهَا المصَرحة بالمقصُود. (أَسَمِعْتَ؟ ) فيه تثبت للسَّامع ليحقق مَا سَمِعَهُ.
(قَال: فَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ لا يَجُز نَاصِيَتَهُ) اعلَم أن قول أهْل اللغَة النزعتان هما البَيَاضَان اللذان يكتنفان الناصِيَة، والقَفا مؤُخَّر الرأس، والجانبان ما بين النزعتين والقفا، والوَسَط مَا أحَاطَ به ذلكَ. وتسميتهم كل مَوضع باسْمٍ يخصه كالصريح في أن الناصِيَة شعر مقدم الرأس، ويشكل عَلى هذا تقدير أبي حنيفة الناصية بربع الرأس (6). ومنع أبي محذورَة من جَزِّ ناصيته.
(1) في (ص، س): رواية.
(2)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 418.
(3)
من (م).
(4)
"صحيح البخاري"(605)، "صحيح مسلم"(378)(2) من حديث أنس.
(5)
من (م).
(6)
"بداية المبتدي" 1/ 3، و"الهداية شرح البداية" 1/ 12.
(وَلا يَفْرُقُهَا) بفتح أوله وضَم ثالثه مَعَ التخفيف، وهوَ أشهرَ من التشديد، وشدَّدَهَا بَعضهم، والمفرق كمَسجِد مَكان فرق الشعر مِنَ الجَبين إلى دَائر وَسَط الرأس. ترك أبو محَذورة جز ناصِيَته وفرْقها لراحَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين مسَّتها، والشعر الذي مَسقَ جلد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ولمسته رَاحته لا ينبغي أن يجزه ولا يفارقه إلى أن يَموتَ، ولا يُفْرَقُ بَعضُه من بَعض، كُلُّ هذا تعظيمًا للنَّبي صلى الله عليه وسلم.
[502]
(ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) تقدَم في الحَديث قبله، قال:(ثَنَا عَفَّانُ) ابن مُسْلم الصفار (وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَجَّاجٌ - المَعْنَى وَاحِدٌ - قَالوا: ثَنَا هَمَّامٌ) بن يَحيىَ، قال:(ثَنَا عَامِرٌ) بن عَبد الوَاحِد (الأَحْوَلُ) مِن رجَال مُسْلم.
قال: (حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ) عَبد الله (بْنَ مُحَيرِيز حدثه (1)، أَن أَبَا (2) مَحْذُورَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَمَهُ الأَذَانَ تسَع (3) عَشْرَةَ) [بإسْكان شيْن عَشرة](4)(كَلِمَةً) التكبير أولًا أربَع كلمَات، والشهَادَتان ثمان كلمَات أربَع في نَفسه وأربع يَرفع الصَوت، والحيْعَلة أربَع، والتكبير الآخر كلمتان، والتهليل [لا إله إلا الله](5) كلمة، وليس (6) المراد بالكلمة لفظة وَاحِدَة، فيه دَليل على مشروعيَّة الترجيع؛ لأن الأذان لا
(1) في (ص، س): جرير.
(2)
في (م): أبي.
(3)
في (ص): سبع.
(4)
ليست في (م).
(5)
ليست في (س، ل، م).
(6)
في (ص، س، ل): فأتى.
يبلغ هذا العَدَد إلا إذا حُسِبَ الترجيعُ من الأذان.
وأمَا أبو حَنيفة فإنه لَم يزد الترجيع وَحَمل حَدِيث أبي مَحذُورَة على أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر الشهادتين سَرْدًا على أبي محذورة لتأكيد حِفظه في التلقين إذا كَانَ صيتًا ثم لما رآهُ استظهرَ أمرهُ أن يُرَجِّع ويمد صَوته (1).
وأمَا مَالك فقَد حكى الصَّيدلاني من مذهبه أنه كانَ يرَى التَّرجيعَ ولا يزيد في كلمَات الأذان، وكانَ يَقول: ينبغي للمؤذن أن يَقول مَرة وَاحدة أشهَدُ أن لا إله إلا الله ثم مَرة أشهدُ أن محمدًا رسُول الله (2).
ومَا ذكرهُ الشافعي (3) أفضل (4) الطرق، ومَا ذكرهُ أبو حنيفة من تَرديد الكلام لا يستمر لهُ من (5) أوجه:
أحَدُهَا: أنهُ خصَّصَ كلمتي الشهادَة بهذا، وقاعِدة التلقين للحفظ أن يكون في غَيرهمَا.
الثاني: أنَّه (6) صَحَّ أَنَّ أبا محذورة كان يرجع في أذانه طول زَمَانه، وهذا قاطع في أنه فهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالترجيع.
والثالث: قوله في هذا الحديث الأذان تسع عَشَرة كلمَة، وهذا يُبطل مَذهَب مالك أيضًا.
(1)"المبسوط " للسرخسي 1/ 271.
(2)
"المدونة الكبرى" 1/ 157، "الاستذكار" 4/ 13.
(3)
"الأم" 1/ 172 - 173.
(4)
ليست في (م).
(5)
من (س، ل، م).
(6)
من (م). وفي باقي النسخ: إن.
(وَالإقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كلِمَةً) هذا حجة لما (1) صَححهُ ابن خُزيمة فيمَا تَقَدم: أَنَّ مَن رَجَّعَ ثنَّى كلمَات الإقامَة والأذان (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) ثم يُرجع فيَرفَع صَوته كما تَقدم.
([أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ) أي: تعالوا إليهَا، فإنَّ حَيَّ بمعَنْى هَلمَّ وأقبل وهي اسْم لِفِعْلِ الأمر، قالوا: وفتحت الياء لسُكونها وسُكون اليَاء التي قبلهَا التي هي مُدغمة فيهَا.
(حَيَّ عَلَى الفَلاحِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ)، فيهِ الدعاء لأسَباب الفلاح، ولهذا تسميَة السحور فلاحًا لما فيه من الخَير والبركة ففي حَديث أبي ذَرّ في صيَامهم مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقيامهم فَلَما كانت الليلة الثالثَة جَمَعَ أهله ونسَاءه فقامَ بنَا حَتى خَشينَا أن يفوتنا الفلاح.
قُلت: ومَا الفلاح؟ قال: السُحور، ثم لم يقم بنَا بقية الشهر. رَوَاهُ أبو دَاود والنسائي والترمذي وقال: حَديث حَسَن (2).
ويقال في الفلاح: الفلح (3)"بشرك الله بخَير وفلح". قال ابن الأثير: هوَ مَقصُور منَ الفلاح (4).
(1) في (ص): وما.
(2)
أخرجه أبو داود (1375)، والنسائي 3/ 83، والترمذي (806) قال الترمذي: حسن صحيح.
(3)
في (م): المفلح، وفي (س): الفلاح.
(4)
"النهاية"(فلح).
(اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إِلَّا اللهُ. وَالإِقَامَةُ) هي من قولهم [أقامَ الصَّلاة](1) إذَا نادى بهَا (2) اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَي عَلَى الصَّلاةِ، حَي عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ).
(قَدْ) قال الخَليل: إن قولكَ "قد" فعل (3) كلام لقوَم ينتظرون وقوع الخَبر (4)، ولذلك تستعمل في الأشياء المترقبة، ومنهُ قَول المؤَذن: قَد (قَامَتِ الصَّلاةُ) لأن الجَماعة ينتظرون إقامَتها (5).
وظَاهِر كَلام ابن مَالك إنها لم (6) تدخل على التوقع لإفادَة كونه مُتوَقعًا، بَلْ لتقريبه مِنَ الحَال، فإنهُ قال: فتدخل على مَاض مُتَوقع لا يشبهُ الحَرف لتقريبه مِنَ الحال (7).
قال الزَركشي: وَلا يبعد أن يُقَال إنها حينئذ تفيد المعنيين.
(قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إِلَّا اللهُ) فيه تثنية لفظ الإقامَة وهوَ محَمُول عَلى مَا تقدم.
(1) في (م): أقام للصلاة.
(2)
في (م): لها.
(3)
في (ص، س): فعد. وفي (م): يعد. والمثبت من "مغني اللبيب".
(4)
في (ص): الخير. والمثبت من (س، ل، م)، و"مغني اللبيب".
(5)
"مغني اللبيب" 1/ 228، و"همع الهوامع" 2/ 596.
(6)
في (م): لا.
(7)
"مغني اللبيب" 1/ 230.
(كَذَا فِي كِتَابِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ) رضي الله عنه.
[503]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشار)(1) قال: (ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ) الضحاك بن مخلد.
قال: (ثَنَا) عَبد الملك (ابْنُ جُرَيْجٍ) قال: (أَخْبَرَنِي ابن عَبْدِ المَلِكِ ابْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ -[يعني: عبد العزيز] (2) - عن) عَبد الله (بن (3) مُحَيْرِيزٍ) بن جنادة بن وهب القرشي الجمحي المكي (4) نزيل بَيت المقدس رَباهُ أبو محذورة المؤذن فروى عنه (عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ) رضي الله عنه.
روَاية النسَائي فيها زِيَادَة، ولفظه: أن (5) ابن محيريز كان في حجر أبي مَحذورة حَتى جَهزهُ إلى الشام، قَال: قلت لأبي محذورَة: إني خارج إلى الشام، وأخشى أَنْ أُسْأَلَ عَن تَأذِينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال له: خَرجتُ في نَفَر فكنا ببَعْض (6) طَريق حُنين، فقفل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِن حنَين، فلقينا رَسُول الله [في بَعض الطريق، فأذن مُؤذن رَسُول الله](7) بالصَّلاة عندَ رَسُول الله، فسَمعنَا صَوت المؤذن ونَحنُ عنهُ متنكبون، [فَظللنَا نحكيه (8)] ونهزأ به، فسَمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) نقطها في (ص): يسار.
(2)
من (س، ل، م).
(3)
من (س، ل، م).
(4)
في (ص، س): الملكي. والمثبت من (ل، م). و"التهذيب"(3555).
(5)
من (م).
(6)
في (ص، ل) في بعض.
(7)
سقط من (م).
(8)
في (ص، س، ل): فطلبنا عليه.
الصوت فأرسَل إلينا حَتى وقفنا بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيكم الذي سَمعت صَوْته قَد ارتفعَ". فأشارَ القَوم إليَّ، فأرسلهم كلهم وَحبَسَني فقال:"قم فأذن بالصَّلاة". فقُمت (1).
(فأَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ) هُوَ تأكيدٌ لرَفع توهم المجَاز بأن يكُون ألقى عَليه غَيره بإذنه فَنسب إليه (فَقَال: قُلِ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ) قال الهَروي في "الغريبين": قال أبو بكر: عوَام الناس يَضُمونَ رَاء أكبر من قوله الله أكبر، وكان أبو العَباس يَقول: اللهُ أكبرَ اللهُ أكبر، يَعْني بفتح رَاء أكبرَ الأولى عَلى نقل حَركة الهَمزة إليهَا، واحتج بأنَّ الأذان سمعَ مَوقُوفًا غَير مُعرب في مقاطعه، كقولهم: حَي عَلى الصَلاة، حي على الفلاح، قال: والأصْلُ فيه اللهُ أكبرْ اللهُ أكبرْ، بتسكين الراء فنقلَت فتحة الألف مِنَ الله تعالى إلى الراء الساكنة التي قبلهَا كما في النقل (2).
ومراده بأبي بكر الأنباري في كتاب "الزاهِر"(3) لكنه إنما نقل (4) عن أبي العَباس ثعلب إجَازته، فالوجهان (5) على رأيه جائزان، لكن النَّقلَ ليسَ مَذهب كل العرب.
(اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ،
(1)"المجتبى" 2/ 5.
(2)
"الغريبين" 5/ 1611.
(3)
من (م). وفي بقية النسخ: الزاهد.
(4)
في (م): ينقل.
(5)
في (ص): بالوجهات، وفي (س، م) والوجهان.
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) ثم (قَال: ثُمَّ (1) أرْجِعْ) بوصل الهَمزة روَاية مُسْلم: "ثم يَعُود"(2)(فَمُدَّ) روَاية النسَائي: "فامدُد"(3). بالفاء وهيَ لغَة أهل الحِجَاز (مِنْ صَوْتِكَ) فيه حجة بَينة وَدلالة وَاضِحة لمذهب مَالِك والشافعي وأحمد وجمهور العُلماء أن الترجيع في الأذان ثابت مَشروع (4). وهوَ العَود إلى الشهادتين مَرتَين بعد رَفع الصَوْت بعد قولهما مرتين بخفض الصَّوت خِلافًا لأبي حَنيفة، وتقدمَ الجَواب عَما احتج به من كلام إمَام الحَرمَين.
(أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إِلَّا اللهُ).
قال النووي في "الأذكار": المذهَب الصحيح المختار اسْتحباب مدِّ لا إله إلا الله (5). يعني: المدَّ قبل هَمزة إله، وأمَا المَدُّ في الجَلالة قَبل الهَاء فجائز للوقف، لكن قدر ثلاث ألفات أو أربع ألفات كما ذكر في كتب القراءات.
(ثَنَا) عَبد الله بن نفيل (النُّفَيلِيُّ) قال: (ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
(1) من (م).
(2)
"صحيح مسلم"(379/ 6).
(3)
"سنن النسائي" 2/ 6.
(4)
انظر: "الأوسط" لابن المنذر 3/ 147.
(5)
"الأذكار" 1/ 13.
عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ) (1) تفرد به أبو داود، ولم يذكره الذهبي بجرح ولا تعديل.
[504]
(قال: سَمِعْتُ جَدِّي عَبْدَ المَلِكِ بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ: أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) كلمَات (الأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا) هَكذَا يُسْتحب من لقن الأذان أو الإقامَة أو آية من كلام الله تعالىَ أن يلقيهَا عَليه كلمة كلمَة، ولا يلقي عَليه الآية جملة وَاحِدَة، فإنها إذَا ألقيت عَليْه (2) كلمة كلمة كانَ ذَلك أثبت وأرْسَخ (3) في قلب المتلقن وسَمعه.
(اللهُ أَكْبَرُ) ينبغي أن يحترز المؤذن والمحرم للصلاة والمقيم والمبَلغ مِن أغاليط المؤذنين في مَدِّ الباء مِن أكبرَ فيَقولونَ: أكبَار فينقلب المعنى مِنَ التكبير إلى جمعِ كبر بفتحتين وهوَ الطبل، مثل سَبَب وأسْبَاب، وَالكَبَرُ فارسي معرب.
(اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ) ينبغي أن يحَترز من مَدِّ أشهد لئلا تخرج من لفظ الخَبر إلى الاستفهام (أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ)[ثم يُرَجع فيَمدُّ صَوته فيَقول: (أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَن مُحَمَّدا رَسُولُ اللهِ](4) حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ،
(1) زاد في (ص، س، ل): يذكر أنه سمع أبا محذورة.
(2)
ليست في (م).
(3)
زاد في (م): وأوقع.
(4)
سقط من (م).
حَي عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَي عَلَى الفَلاحِ) فيه دلالة لمالك في إسَقاطه تربيع (1) التكبير في أول الأذان وَجَعله مثنى، مَعَ أن التربيع ثابت في مُسْلم في بَعْض النسَخ (2) مِن حَديث أبي محذورة، وهوَ المشهور أيضًا في حَديث عَبد الله بن زَيد.
وقال أبو حَنيفة: هوَ خمسَ عَشرة بإسْقاط الترجيع (3)، واختار بَعْض أصحَاب مَالك الترجيع (4)، وحكى الخرقي (5) عَن أحمد أنه لا ترجيع (6)، وحَكى في "الاستذكار" قيل لأبي عَبد الله أحمدَ: حَدِيثُ أبي محَذورة صَحيح؟ قال: أما أنا فلا أدفعه (7). قيل له: أفليسَ حَديث أبي محَذورة بعد حَديث عَبد الله بن زَيد؛ لأنَّ حَديث أبي مَحذُورَة بعد فتح مَكة؟ فقال: أليسَ قد رَجَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقَر بلالا عَلَى أذَان عَبد الله بن زَيد رضي الله عنه (8).
(قَال (9): وَكَانَ يَقُولُ فِي الفَجْرِ الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) يعني: مرتين
(1) من (م).
(2)
وقع ذلك في بعض طرق الفارسي في "صحيح مسلم" كذا قال القاضي عياض رحمه الله. نقله عنه النووي في شرحه على مسلم 4/ 81.
(3)
في الأصول الخطية: التربيع، والمثبت مستفاد من "المبسوط" 1/ 271، "البحر الرائق" 1/ 270.
(4)
"المدونة" 1/ 157، "الاستذكار" 4/ 13.
(5)
"مختصر الخرقي" 1/ 20، "المغني" 2/ 56.
(6)
في (ص، س، ل): يرجع. والمثبت من (م)، و"المغني".
(7)
في الأصول الخطية: أربعه. والمثبت من "الاستذكار".
(8)
"الاستذكار" 4/ 15 - 16.
(9)
سقط من (م).
[كما تقدم](1).
[505]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاودَ) بن رزق (2) المَهْري (الإِسْكَنْدَرَانِيُّ) وثقَهُ النسَائي (3)، قال:(ثَنَا زِيَادٌ بن يُونُسَ) الحضرمي الإسْكندراني ثقة (4)، (عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ) المكي (الْجُمَحِيِّ) الحَافظ.
(عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَيرِيزٍ الجُمَحِيِّ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأذانَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ) أكبر ممَا جَاء مِنْ أفعل التفضيْل بمعنى اسْم الفاعِل، وهو كثير (5) في اللغة كقوله تعالى:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (6) أي: هَين عَليه، وَقيل: أكبر من كل شيء، عَلى أن المراد الكِبَر المعنوي، ولكن هذا لا يخلص من الإشكال الذي في الأصْل، وهوَ أن أفعَل التفضيل يقتضي الشركة، والله تعَالى مُنَزَّهٌ عَن مُشارَكة شيء في كبريَائه وعَظمَته، وقيل: معَناهُ اللهُ أكبر كَبير فهوَ للِمبَالغة في الوَصْف من غير أن يقصد (7) تفضيل كما تقول أعَز عزيز.
(أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ
…
ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ أَذَانِ حَدِيثِ ابن جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمَعْنَاهُ) المذكور (وَفِي
(1) سقط من (م).
(2)
في (م): أف.
(3)
"مشيخة النسائي"(177).
(4)
من (م).
(5)
في (ل): ليسَ.
(6)
الروم: 27.
(7)
من (م). وفي باقي النسخ: يفضل.
حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَال: سَأَلْتُ عَبد الملك بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ أَذَانِ أَبِيكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ فَقَال: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَطْ) بِسُكُون الطاء بمعنى حسب (1) وهوَ بمَعنى الاكتفاء بالمرتين دونَ التربيع، وهوَ من أدلة التكبير أول الأذان، وعندَ الشافعي ومَن تَبِعَهُ التربيع (2).
وممَّا اسْتدل به الشافعية عَلى التربيع روَاية ابن عُمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَذَّن ثنتي عَشرة سَنة وَجَبَت له الجنة، وَكتبَ لهُ بكل أذان ستون حَسنة، وبكل إقامة ثَلاثون حَسَنة"(3). ففي هذا دَليل على أَنَّ الإقامة عَلى النصف مِنَ الأذان، وَالحَنفية يقولون بتثنية (4) ألفاظ الإقامَة، والتكبير في الإقامة مَرتَين، فيَكون في الأذان أربع مَرات.
(وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ) الضبَعي، بضَم الضاد المعجمة وفتح البَاء الموَحَّدة، صَدُوق زاهِد لكنه كانَ يتشيع (5).
(عَنِ)[عَبد الملك](6)(ابْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ عَمِّهِ) عَبد الله بن
(1) في (ص، س): حسن. والمثبت من (ل، م).
(2)
من (م)، وفي بقية النسخ: الترجيع.
(3)
أخرجه ابن ماجه (728)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 205، والطبراني في "الأوسط"(8733).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(248).
(4)
في (ص، س): تشبه.
(5)
"تقريب التهذيب"(944).
(6)
من (م)، وفي بقية النسخ: عبد العزيز.
محيريز (عَنْ جَدِّهِ) أبي مَحْذورَة.
(إِلَّا أَنَّهُ قَال: ثم (1) ترَجع) بِفتح التاء وكَسْر الجيم مخففًا؛ لأن في روَاية مُسْلم "ثم يعود"، ويقال رجَّع بالتشديد إذا أتى في أذانه بالشهادَتين مَرة خفضَا، ثم يأتي بهَما مَرة ثانية رَفعا (فَتَرفَع صَوْتَكَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ) إلى آخره.
[506]
(ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ) البَاهِلي شَيخ البخَاري، قال:(أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بن عَبد الله بن طارق بن الحَارث بن سَلمة (2) ابن كعب بن وائل بن جمل الجملي (قَال: سَمِعْتُ) عَبد الرحمَن (ابْنَ أَبِي لَيْلَى).
(ح وَثَنَا ابن المُثَنَّى) قال: (ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غندر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَال: سَمِعْتُ) عَبد الرحمن (ابْنَ أَبِي لَيلَى قَال: أُحِيلَتِ) بضم الهَمزة وكَسْر الحَاء المهملة.
(الصَّلاةُ) أي: نقلت من حَال إلى حَال، قالهُ ابن الأثير (3) يقال: أحلت الشيء إحَالة إذا نقلته من مكان إلى مَكان (ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ).
(قَال: وَثَنَا أَصْحَابُنَا) قال المنذري: إن أرَادَ به الصحابة فيَكون مُسندًا، وإلا فهوَ مُرسَل (4).
(1) من (س، ل، م).
(2)
في (م): مسلمة.
(3)
"النهاية"(حول).
(4)
"مختصر السنن" 1/ 279.
قال شَيخنا ابن حجر: في رِوَاية [أبي بكر](1) بن أبي شَيبة (2) وابن خزيمة (3) والطحَاوي (4) والبَيهقي (5): ثنا أصحَاب محمد صلى الله عليه وسلم، فتعين الاحتمال الأول، ولهذا صححهَا (6) ابن حزم وابن دَقيق العِيْد (7).
(أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَقَدْ أَعْجَبَنِي) يحتمل أن تكون قد هنا لانتظار وقوع مَا يعجِبُه (8) كما تقدم في آخِر الورقة قَبلها (أَنْ تَكُونَ صَلاةُ المُسْلِمِينَ - أَوْ قَال صَلاة المُؤْمِنِينَ -) شك مِنَ الراوي (وَاحِدَةَ، حَتى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبُثَّ) بالموَحدة والمثلثة، يشبهُ أن يكون معَناهُ أَنْشُرَ (9) (رِجَالا فِي الدُّورِ) رجَالًا متفرقين من قولهم: بَثَّ السلطان الجند في البلاد وَفرقهم.
(يُنَادُونَ النَّاسَ بحين)(10) يحتمل أن تكون البَاء بِمَعنَى في، أي وقتِ (الصَّلاة) كقَوله تعالى:{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (11) أي في وَقت الأسْحَار
(1) من (م).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2131) مختصرًا.
(3)
"صحيح ابن خزيمة" 1/ 197 معلقًا.
(4)
"شرح معاني الآثار" 1/ 131.
(5)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 420.
(6)
في (م): صححهما.
(7)
"التلخيص الحبير" 1/ 363.
(8)
في (م): أعجبه.
(9)
من (ل)، وفي (م): أبشر، وفي (ص، س): أيسر.
(10)
من (س، م) وفي بقية النسخ: بحيث.
(11)
الذاريات: 18.
يستغفرون (1)، وَقَولهُ تَعالى:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ} (2) والصحيح أنَّ الظرفية التي بمَعني في تدخل على المعرفة [كما في هذِه الأمثلة](3) وتكون مَعَ النكرة كقوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} (4). قال أبو الفتح (5) في "التنبيه"(6): وتوهم بعضهم أنها لا تقَع إلا مَعَ المعَرفَة نَحو كُنا بالبصرة، وأقمنَا بالمدينة (7).
(وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ (8) رِجَالًا يَقُومُونَ عَلَى الآطَامِ) بالهَمزة الممدُودَة جَمع أطم كَعُنق وأعنَاق، ويقال أيضًا: إطام بِكَسْر الهَمزة، وَهوَ بناء مُرتفع، وَآطام المِدَينة: حُصُون كانت لأهلها.
(يُنَادُونَ المُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلاةِ) ومَعْنَى ينَا دون أي: يُؤْذِنُون، والمرادُ به الإعلام المحض بحضور وَقتها لا خُصُوصَ الأذان (9) المشروع.
(حَتَّى نَقَسُوا) بفَتح القَاف المخففة وضَم السِّين المهملة، يقال: نَقَسَ نقْسًا، كقتل قتلًا، إذا ضربَ بالناقوس، خشبة طَويلة تضرب بها النصَارى بِدُخُول وَقت صَلاتهم.
(1) من (م).
(2)
الصافات: 137، 138.
(3)
من (م).
(4)
القمر: 34.
(5)
من (م). وفي بقية النسخ: الشيخ.
(6)
في (ص): البينة. والمثبت من (ل، م).
(7)
نقله عنه الزركشي في "البرهان في علوم القرآن" 4/ 256.
(8)
في (س): أمرنا.
(9)
من (م): وفي بقية النسخ: للأذان.
(- أَوْ كَادُوا أَنْ يَنْقُسُوا -) بِضَم القاف، وضبطه بعضهم في بَعْض النسَخ بِكَسْرِهَا أي: يضربوا بالناقوس كما تقدم.
(قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) هو عبد الله بن زيد (فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ إِني لَمَّا رَجَعْتُ) بتشديد ميم لما، وهي حرف وجود لوجود، أو وجوب لوجُوب، أي: لما وجِدَ رُجُوعي مهتمًّا.
(لِمَا) بتخفيف مَا أي: لأجل مَا (رَأَيْتُ مِنَ اهْتِمَامِكَ) وهذا نظير مَا تقدم في أول بَاب بَدء الأذان: فانصَرَف عَبد الله وهوَ مُهتَم لهَمّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
(رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيهِ)[وَروَاية أبي الشيخ مِنْ طَريق عَبد الله بن زَيد رأيت رجلًا عليه ثوبان أخضران](1) يحتمل أن يكون كأن هنا للتحقيق لا للتشبيه، ومِن ورودهَا للتحقيق ما أنشده الزَجَّاج:
فأصبَح بَطْنُ مَكَّة مقشعرًّا
…
كأنَّ الأرض لَيْسَ بهَا هشامُ (2)
وكانَ ينبغي أن لا تقشعر مع دفن هشام الذي كانَ كالغَيث لهَا، لكن لمَّا خلف هشام مِنَ الوَلد مَا يَسدُّ مسَدَّه (3) اقشعرَّتْ، ويدل عَلى أنها للتحقيق رواية ابن ماجه بحذفها ولفظه: رأيت رَجُلًا عليه ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ (4). وهكذا وجد في بَعْض النسخ: بالرَّفع ثوبان أخضران،
(1) تأخرت هذه العبارة في (م) فجاءت في غير موضعها.
(2)
البيت من بحر الوافر، وأورده المبرد في "الكامل".
(3)
في (م): مسدوه.
(4)
"سنن ابن ماجه"(706) من رواية محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه.
وفي بَعضها: كأنَّ عليه (ثَوْبَينِ أَخْضَرَيْنِ) وهذا هُوَ القَاعدة في العَربية، وعَلى تقدير صحة الروَاية في رَفعهَما [فعلى لغة الحَارِث] (1) بن كعب في آخر البَيت:
[بألف دائمًا](2) كقوله في: بلغا في المجد غايتاهَا، ومنهُ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (3).
وَيجوز أن يكون اسْم كأن ضمير الشأن والقصة، وعَليْهِ ثوبان مُبتَدأ وَخبَر، وأخْضَران صِفَة للثَّوْبَيْن، وَالجملة الاسْمِية خَبَر كأنَّ، كما قال الشاعِر في كأنْ المخففة مِنَ الثقيلة:
ووجه مُشْرِق النحْر
…
كأنْ ثدياه حُقَّانِ (4)
ولعَل السِّر في اختصاص الملك بالثوبين الأخضرَين الإشارة إلى أن الدعَاء إلى الصَّلاة بالأذَان والإقامَة مُوجبَان لدُخول الجنة وَلُبْسِ سُنْدُسِها الأخضَر، كما قال تعالى:{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ} (5) كقوله تعَالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} (6).
(فَقَامَ) فيه القيام للأذان كما تقدم (عَلَى) ظهر (الْمَسْجِدِ) أو عَلى بَابه
(1) من (م)، وفي بقية النسخ: مبالغة ياحارث.
(2)
في (ص): يالرداها! وفي (س): بالرداها، والمثبت من (د، م).
(3)
طه: 63.
(4)
انظر: "الكتاب" لسيبويه 2/ 135.
(5)
الإنسان: 21.
(6)
فصلت: 33.
محتمل لكن الأول هوَ الحقيقة (فَأَذَّنَ) أذان الصَّلاة (ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً) أي: لطيفة (ثُمَّ قَامَ) فيه القيام لإقامة الصلاة (فَقَال مِثْلَهَا إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ) فيهَا: (قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ) النَّاسُ (- قَال ابن المُثنى) في روَايته: (لوْلا أَنْ يَقولوا -) النَّاسُ، وعَلى هذا فيَكون هذا عَلى لغَة: أكلوني البَرَاغيث، وَهي واردَة في الكتاب والسُّنة الصحيحة، ويحتمل أن يَكون: تقولوا. بتاء المخاطبين أَوَّلَه أي: تقولوا أنتم (لقُلْتُ: إِنِّي (1) كُنْتُ يَقْظَانًا غَيرَ نَائِم) تأكيد لليقظة. (فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ) لَقَدْ أَرَاكَ اللهُ
…
" الحديث. (- وَقَال ابن المُثَنَّى -) في روَايته: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ) اللام في لَقَد جَوَاب القَسَم المحذُوف (أَرَاكَ اللهُ) عز وجل الذي فيه للناس (2)(خَيْرًا) كثيرًا.
(- وَلَمْ يَقُلْ عَمْرٌو) بن مَرزوق في روَايته: (لقَدْ -) بَل قال: أَرَاكَ اللهُ خَيْرًا، ثم قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِعَبْد الله بن زَيد الرجل الأنصَاري (فَمُرْ بِلالًا فَلْيُؤَذِّنْ) فإنه [أندى منك](3) صوتًا.
(قَال: فَقَال عُمَرُ) رضي الله عنه لَمَّا سَمِعَ الرؤيَا: (أَمَا) بالتخفيف (إِنِّي قَدْ (4) رَأَيْتُ مِثْلَ الذِي رَأَى، وَلَكِنِّي لَمَّا سُبِقْتُ) بِضَم السِّين وكسْر الباء الموحدة (5)، بالكلام (اسْتَحْيَيتُ) بيَائين بعد الحَاء المفتوحَة على اللغة
(1) في (ص، س، ل): أي.
(2)
في (ص): الناس.
(3)
في (ص): الذي معك.
(4)
ليست في (م).
(5)
ليست في (م).
الفَصيحة المشهورَة، وفي لغة: استحيت بفتح التاء وَياء وَاحِدَة، والحيَاء تغير وانكسَار يعتري الإنسَان من تخوف (1) مَا يعاب به ويذم (2) عليه.
(قَال) ابن أبي ليلى: (وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا) فيه مَا (3) تقدم عَن المنذري (قَال: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ) إلى الصَّلاة (يَسْأَلُ) الناس (فَيُخْبَرُ) أي: يخبرهُ المصَلون وَهُمْ في الصَّلاة فيخبرونه بالإيماء (بِمَا سُبِقَ) بِضَم السِّين وكَسْر الباء (مِنْ صَلاِئهِ) وَيوضح ذلك مَا رَوَاهُ الإمَام أحمد في "مسنده" مِن حَديث عَبْد الرحمَن بن أبي ليلى، عَن مُعَاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كانَ الناس عَلى عَهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُبِق الرجُل ببَعض صَلاته سَألَهم، فأومئوا إليه بالذي سُبِقَ به مِنَ الصَلاة، فَيبدَأ فيقضي مَا سُبق به، ثم يَدخل مَعَ القَوم في صَلاتهم، فجاء معَاذ بن جَبَل والقوم قعود في صلاتهم، فأشير إليه [بالذي سُبق به] (4) قال: فقلت: لا أجدهُ عَلَى حَالٍ إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا فقعد معهم، فلما فَرغَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قامَ فقضى مَا كانَ سُبق به، فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم:"قد سَن لكم معَاذ فاقتدوا به"(5). وَجَاء هذا الحَديث في "الكبير"(6) وإسنادُه صَحيح، لكن فيه إرسال مِنْ جهة أن ابن أبي ليلى لم يَلق مُعَاذًا رضي الله عنه (7).
(1) في (ص): لحوق.
(2)
في (ص، ل).
(3)
ليست في (م).
(4)
ليست في (م).
(5)
"مسند أحمد" 5/ 246.
(6)
"المعجم الكبير" 20/ 132 (275).
(7)
قال الدارقطني في "العلل" 6/ 61: في سماع عبد الرحمن ابن أبي ليلى من معاذ =
(وَإنَّهُمْ قَامُوا) إلى الصَّلاة (مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) وهُم (مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وقاعد وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)
(قال ابن المثني) في روَايته: (قَال عَمْرٌو) لعله ابن مرزوق (1)(وَحَدَّثَنِي بِهَا) أي: بهذِه القصَّة (حُصَينٌ) بِضَم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة أيضا وهوَ ابن عَبد الرَّحَمن، (عَن) عَبد الرحمَن (ابْنِ أَبِي لَيْلَى) اسْتمروا على حَالة سُؤال المصَلين عما سُبِقَ به من صَلاته (حَتَى جَاءَ مُعَاذٌ) بن جَبَل رضي الله عنه (قَال شُعْبَةُ) في روَايته (وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ حُصَيْنٍ) بن عَبد الرحمَن، قال معَاذ رضي الله عنه (لا أَرَاهُ) بفتح الهَمزة والراء [وهَاء الضمير] (2) عَائدَة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم (عَلَى حَالٍ) مِنْ أحوال الصَّلاة (إِلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم كلذَلِكَ) أي: كما قال مُعَاذ وفعَل (فَافْعَلُوا) في صَلاتكم.
(ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قَال: فَجَاءَ مُعَاذٌ فَأَشَارُوا إِلَيهِ) بما سُبِقَ مِنْ صَلاته، كما كانوا يَفعَلون، فيه دلالة عَلى أن الإشارَة لا تبطل الصَّلاة وإن كانت مُفهمَةُ، يفهمهَا كل أحَد.
(- قَال شُعْبَةُ: هذِه) القصة (سَمِعْتُهَا مِنْ حُصَينٍ - قَال فَقَال مُعَاذٌ رضي الله عنه لا أَرَاهُ) يَعني النَّبِي صلى الله عليه وسلم في صَلاته.
(عَلَى حَالٍ إِلَّا كُنْتُ عَلَيهَا) فيه أن المَسْبوق إذا جَاء إلى الصَّلاة وَوَجَدَ القَوم في صَلاة لا يسألهم بَما سُبقَ عَن الصَّلاة وَلا يخبره (3) به المُصلون
= نظر، لأن معاذًا قديم الوفاة مات في طاعون عمواس، وله نيف وثلاثون سنة.
(1)
بل هو عمرو بن مُرة، فإن عمرو بن مرزوق لم يدرك حصين بن عبد الرحمن.
(2)
في (ص): والهاء للضمير.
(3)
في (ص، س، ل): يخبر به. والمثبت من (م).
بالإشارة وَالإيماء، كما تقدم بَل يَدْخل مع الإمَام في الصَّلاة على أي حَالة كانَ عليهَا مِن قيام وَركوع وسجود وقعود، ثم إذا فرغ الإمَام يَقومُ إلى الصَّلاة ويأتي بما سُبق به، وَفيه أنه إذا وجد الإمَام قد رفع رأسه للاعتدَال عَن الركوع يَدخل مَعَهُ وكذلك إن وجدهُ في السجدَة الأولى يَدخل في الصَّلاة وَيجب عليه متابعَة الإمام إلا أنه لا يحسَب له ما (1) فعله مَعَ الإمام حَتى يقوم من تلك الركعة إلى التي بَعْدَهَا بل يكون له أجره عليه أجر (2) الوجوب، وإن لم يحسَب له بخلاف مَا يفعَلهُ اليَوم كثير ممن لا يعرف أحكام الصَّلاة إذا رفع الإمام رَأسَهُ من ركوع (3)، يَسْتمر واقفًا إلى أن يَأتي بالركعة التي بَعْدَهَا.
(قَال: فَقَال) رَسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً) فيه منقَبَة عَظيمة لمعَاذ، حيث (4) سَنَّ هذه السنة الحسنة (5) كما قال صلى الله عليه وسلم:"مَن سَنَّ سُنَّةً حَسَنَة فلهُ أجرهَا وأجر مَن عمل بهَا إلى يَوم القيامَة"(6).
(كذَلِكَ فَافْعَلُوا) وفيه أمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم باتباعه والاقتداء به كما قال: "أصَحابي كالنجوم بأيَهم اقتديتم اهتديتم"(7). وَفيه المنقبة العَظيمة في
(1) سقطت من (ص، س، ل).
(2)
من (س، م).
(3)
في (ل، م): الركوع.
(4)
في (ص، س): حين.
(5)
من (م).
(6)
طرف حديث أخرجه مسلم (1017)(69)، والترمذي (2675)، والنسائي 5/ 75، وابن ماجه (203)، وأحمد 4/ 375 من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(7)
أخرجه ابن بطة في "الإبانة" 2/ 564 من طريق حمزة بن أبي حمزة عن عمرو بن =
حَق معَاذٍ باجتهاده بحَضرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وإقرَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم له على ذلك، وقَد اختلفَ الأصُوليون في جَوَاز الاجتهاد في عَصره صلى الله عليه وسلم عَلى خمسَة أقوال: أصحهَا عندَ الأكثَرين: الجوَاز، وَقيل: لا يجوز مُطلقًا، والثالث: يَجوز بإذنه الصَّريح أو غَيره، ورابعها (1): يجوز للغَائب دون من بحضرته، لأن الغائب لو أخر الحادثة إلى لقائه لفاتت (2) المصْلحة، وخامِسهَا: يَجوز للغائبين مِنَ الولاة كعَلي وَمعَاذ رضي الله عنه، وعلى القول بالجوَاز اختلفوا في وقوعه على خمسة أقوال أيضًا: أصحها: وقوعه من مجتهدي الصحَابة في حُضوره كما في مَسالتنا، والثاني: لَم يقع وهوَ بعيد، وَالثالث: لَم يقع للحَاضِر، وَالرابع: الوقف (3)، وَاختاره البيضاوي ونسبهُ للأكثرين، والخامس: الوقف (4) في حق الحاضرين (5)[وأما الغائبون](6) فالظاهر وقوع تعبدهم (7) وهذا الحَديث يشهد للجِوَاز
= دينار عن ابن عباس، وحمزة متروك. "التقريب"(1519)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 2/ 183 من حديث جابر رضي الله عنه وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة؛ لأن الحارث بن غصين - أحد رجال إسناده - مجهول. اهـ. وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا الحديث انظر: "المنتخب من علل الخلال"(69).
وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" 7831) من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وإسناده ضعيف جدا. وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (58): موضوع.
(1)
في (ص): رابعه.
(2)
في (ص): لقاس.
(3)
في (ص): الوقوع.
(4)
في (ص): الوقوع.
(5)
في جميع النسخ للغائبين. والمثبت مستفاد من "نهاية السول" وغيره.
(6)
من (ل، م). وفي (س): وأما الغائب.
(7)
في (ص): تقيدهم.
وَالوقوع في حَضرته لكن للمجتهدين واللهُ أعلم (1).
قال ابن أبي ليْلى: (وَثَنَا أَصْحَابُنَا) يَعني: معَاذًا (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَا قَدِمَ المَدِينَةَ) وَجَدَ اليَهود يصومُون عاشُورَاء، وقال: إن مُوسَى صامَهُ، وإنه اليَوم الذي نجى اللهُ فيه مُوسَى، وغرق فِيه فرعَون (2). فأوحى الله إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بذَلك (أمَر) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
(بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مِن كل شهر وهي الأيام البيض.
(ثُمَّ أُنْزِلَ) صِيَام شهر (رَمَضَانُ) وفي هذا الحَديث حجة للقائلين في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (3) أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما هَاجر إلى المدينة كُتب عليه صيام ثلاثة أيام من كل شهر، كما كتب على الذين (4) من قبلنا ثم نُسِخ بصيام شهر رَمَضان، قال معاذ ابن جبل وعَطاء: التشبيه في الآية واقع على الصوم لا على الصفة ولا عَلى العَدَد وَالمعَنى كتبَ عليكم الصيَام أي: في أول الإسْلام ثلاثة أيام من كل شهر، وَيوم عَاشوراء فصَام صلى الله عليه وسلم كذَلك، حِينَ قدومه المدينة سَبْعَة (5) عَشر شهرًا ثم نسخ بشهر رمضان قال مُعَاذ: نُسخَت (6) الأيام المعدُودَات بشهر رَمَضان. حكاه القرطبي (7).
(1) انظر: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" للإسنوي (ص 519 - 520).
(2)
أخرجه أبو داود (2444) وهو في الصحيح وسيأتي تخريجه إن شاء الله.
(3)
البقرة: 183.
(4)
ليست في (م).
(5)
في (س): تسعة.
(6)
في (م): فنسخت.
(7)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 275.
(وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَامَ وَكَانَ الصّيَامُ عَلَيهِمْ شَدِيدًا) لأَنَّهم لم يَعتادوه، فإنَّ من اعتادَ شَيئًا، سَهُل عَليه فِعْلُه.
(فَكَانَ مَنْ) أرَادَ أنه (لمْ يَصُمْ) أفظر و (أَطْعَمَ) عَن ذلكَ اليوم (مِسْكِينًا) فدية فطره كما قال تعَالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (1) وَاختلف من أوجَبَ الفدية في مقدارها فقال مَالك (2) والشافعي (3) قدره مد بمد النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن كل يَوم أفطرَهُ يملكه كل يوم من غالب قوت البلد، وَقال أبو حنيفة: صَاع تمر أو نصف صَاع من (4) بر (5).
(فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ) ناسِخَة للفِطر مُوجبَة للصيَام {فَمَنْ شَهِدَ} ) (6) أي: حَضرَ وفيه إضمار تقديره: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} مقيمًا في المصر عَاقلًا بَالغًا صَحيحًا {فَلْيَصُمْهُ} وهوَ يقال عَام مخصص بقوله: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (7)(فَكَانَتِ الرُّخْصَةُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ) وَأمَّا غَيرهم (فَأُمِرُوا بِالصّيَامِ).
وروى البخاري في حُكم هذِه الآية: ثنا (8) ابن نمير، [حدثنا
(1) البقرة: 184.
(2)
"الموطأ" 1/ 254.
(3)
"الأم" 2/ 143.
(4)
من (م).
(5)
"بداية المبتدي" 1/ 41.
(6)
البقرة: 184.
(7)
البقرة: 184.
(8)
كذا في جميع النسخ، وإنما قال البخاري: قال ابن نمير .. هكذا معلقا ولم يرو البخاري عن عبد الله بن نمير فهو لم يدركه، وإنما روى عن ابنه.
الأعمش] (1)، ثنا عمرو بن مرة، ثنا ابن أبي ليلى، ثنا أصحَاب محَمد صلى الله عليه وسلم نزل رَمَضان فشق عَليهم فكان من أفطر أطعَم عَن كل يَوم مسْكينًا ترك الصوم ممَّن يُطيقه ورخص لهم في ذلكَ فنسخها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (2).
واستشكل النَّسْخ (3) بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فإن الجملة خَبَرية والخيرية لا تقتضي الوجُوب، وأجيبَ بأن معَناهُ: وَالصوم خَيرٌ من التطوع بالفدية (4) والتطوع به سنة بدليل أنه خير والخير من السُّنة لا يكون إلا واجِبًا. قالهُ الكرمَاني (5).
(قَال: وَثَنَا أَصْحَابُنَا قَال: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا) كانَ صَائمًا وَ (أَفْطَرَ) فنام (6)(قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ)(7) ليلتهُ تلك (لَمْ يَأْكُلْ (8) حَتَّى يُصْبِحَ) ويُمسي من ذلك اليَوم.
(فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ) مِن عند النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقد سمر ليله عند النَّبِي صلى الله عليه وسلم فوجد امْرَأَتَهُ قد نَامَت (فَأَرَادَ أمْرَأَتَهُ، فَقَالتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ) فقال: مَا نمت (وَظَنَّ أَنهَا تَعْتَلُّ) أي: تحتج بعلة لئلا يَطأهَا.
(1) ساقطة من النسخ.
(2)
"صحيح البخاري" معلقًا قبل حديث (1949).
(3)
في (ص، س، ل): الشيخ.
(4)
في (ص): بالقربة.
(5)
"الكواكب الدراري" 9/ 119.
(6)
في (ص): صام.
(7)
زاد في (م): لم يأكل.
(8)
في (م): ولا يومه الذي بعده.
(فَأَتَاهَا) بقصر الهَمزة أي: جَامَعَهَا، والإتيان كناية عَن الجماع والمأتِيُّ مَوضعه، وَروى البخاري عَن البرَاء قال: كانَ أصحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانَ الرجل صَائمًا فحضر الطعَام فنامَ قبل أن يفطر لم يَأكل ليلته ولا يوَمه حَتى يمسي، وإنَّ قيس بن صرمة الأنصَاري كان صَائمًا، فلما حَضر الإفطار أتى امرأته فقال لهَا: عندكَ طعَام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكانَ يومه يعمل فغلبته عَيناهُ، فجاءتهُ امرأته فلما رَأته قالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غُشي عَليه، فذكر ذلكَ للنَّبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} إلى .. {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (1) فَفَرحوا بذلكَ فرحًا شَديدًا (2).
وفي البخَاري عَن البرَاء، قال: لما نزل صَوم رَمَضان كانوا لا يَقَربُونَ النسَاء رَمَضان كله، وكانوا (3) رجَال يخونون أنفسهم بالمبَاشرة في ليَالي الصوم (4).
وذكر الطبَري أنَّ عمرَ بن الخطاب أرادَ امرأته فقالت: نمت. فقال: مَا نمت فوَقع بهَا، وصنعَ كعب بن مَالك مثله، فغدا عُمَر إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فاعتذر فأنزل الله الآية (5).
ورَوَى الطبرَي أيضًا مِن طَرِيق، قال كانَ عُمرَ بن الخَطاب وَقع عَلى
(1) البقرة: 187.
(2)
"صحيح البخاري"(1915).
(3)
كذا، وفي "صحيح البخاري": وكان. وهو أفصح.
(4)
"صحيح البخاري"(4508).
(5)
"تفسير الطبري" 3/ 496 - 497.
جَاريَة له في ناس من المُسلمين لم يملكوا أنفسهم فأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فاعتذر إليه فذكر نحوه (1).
(فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرَادَ الطَّعَامَ فَقَالوا: حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا) فيه أنَّ أكل الطعَام السخن قَليلًا أو المسخن (2) أولى مِنَ البَارد، خصوصًا إن كان في الأوقات البَاردة، فيه خدمة أهْل الصَّلاح وعرض مَا فيه رفق بهم علَيهم قبل أن يقعد (3).
(فَنَامَ) قبلَ أن يَأكل (فَلَمَّا أَصْبَحُوا) ذكرُوا ذلك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم و (أُنْزِلَتْ عَلَيهِ هذِه الآيَةُ {أُحِلَّ}) أي: أحل اللهُ ({لَكُمْ}) ولفظة أحِلَّ تقتضي أنه كانَ محرَّمًا قبلَ ذلك ثم نسخ {لَيْلَةَ الصِّيَامِ} ) نَصب ليلة عَلى الظرف وهي اسم جنس فلذلك أفردت {الرَّفَثُ} ) كنَاية عَن الجماع؛ لأن الله كريم يكني قاله ابن عَباس والسُّدي وغَيرهما (4)، وَقال الأزهري، والزَّجَّاج: الرفث كلمة جَامعة لكل مَا يُريدهُ الرجُل من امرأته (5).
وَرَوى الحَاكم في "المستدرك" من طريق زياد بن الحصين، عن أبي العَاليَة، عَن ابن عَباس رضي الله عنهما أنهُ تمثل بهذا البَيت وهو محْرم:
وهن يمشين بنا هميسَا
…
إن تصدق الطير نَنِك لميسَا
(1)"تفسير الطبري" 3/ 502.
(2)
في (ص): السخن. والمثبت من (م).
(3)
في (ل، م): كلمة غير واضحة كانها يثقل أو ينقل. وفي (س): يفعل.
(4)
انظر: "تفسير الطبري" 3/ 487 - 488.
(5)
"تهذيب اللغة" 5/ 90.
فَقَال لهُ أبو العَالية: أرفثت وأنت محْرم؟ ! فقال: إنَّما (1) الرفث مَا روجع به النسَاء (2). وَأخرجَه ابن أبي شيبَة (3)، والطبري (4) من هذا الوَجْه، وذكر التفتازاني في شرح هذا البَيت مِن شرحه على "الكشاف" للزمخشري قوله: وهن يعني: العيس والهميس بفتح الهَاء وكَسْر الميم وبَعد الياء سِين مُهملة ضَرْبٌ سَهل من السَّير لا يسمع له وقع، وهمس الكلام إخفاؤه وهمس الأقدام وَالأخفاف أخفى مَا يكون صَوتها إن تصدق أن (5) عيَافة الطير حيث (6) دَلَّت عَلى الوصُول، ولميس اسْم امرأة.
وقولُ أبي العَاليَة: أَرَفَثت؟ روى بفتح الراء عَلى أن الهَمزة للاستفهام وبسكونها مِن الإرفاث وَقول [ابن عباس](7): إنما الرفث ما روجع به النسَاء أي (8) الذي يكون معهن عند الجماع فإن قلت لم كنى عنه بلفظ: الرفث الدال عَلى مَعنى القبح بخلاف قوله {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (9)، {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} (10)، {بَاشِرُوهُنَّ} (11)، {أَوْ لَامَسْتُمُ
(1) من (م). وفي بقية النسخ: إنَّ.
(2)
"المستدرك" 2/ 276، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(3)
"مصنف ابن أبي شيبة"(14707).
(4)
"تفسير الطبري" 4/ 127.
(5)
كذا في كل النسخ ولعل الصواب: أي.
(6)
من (م). وفي بقية النسخ حين.
(7)
في (م): عمر.
(8)
من (م).
(9)
النساء: 21.
(10)
الأعراف: 189.
(11)
البقرة: 187.
النِّسَاءَ} (1)، {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} (2). أجاب الزمخشري: استهجَانًا لما وَجَدَ منهم قبل الإباحَة [كما سماه](3) اختيانًا لأنفسهم (4).
({إِلَى نِسَائِكُمْ}) إن قلت: عدى الرفث بإلى وأنت لا تقول: رفثت إلى النسَاء الجَوَابُ لتضمنه معنى الإفضاء الذي يراد به الملامَسة.
[507]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، عَنْ أَبِي دَاودَ) سُليمان بن دَاود الطيالِسي.
(ح (5) وَثَنَا نَصْرُ بْنُ المُهَاجِرِ) المصيصي ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(6)(ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) بن زاذى (7) ويقال ابن زاذان السلمي، آمرًا بالمعرُوف ناهيًا عَن المنكر.
قال المأمون: لولا مَكان يَزيد بن هَارُون لأظهرت القرآن مخلوق ولا أرتضيه (8) لأن له سلطنة، بل أخاف أن يرد عَليَّ فيتبعه (9) ناس وَتكون فتنة (10). روئي في النوم فقيل: ما فعَل اللهُ بك؟ فقال: غفر لي
(1) النساء: 43.
(2)
البقرة: 223.
(3)
من (م)، و"الكشاف".
(4)
"الكشاف" 1/ 256 - 257.
(5)
من (ل، م).
(6)
"الثقات" 9/ 216.
(7)
في (ص، س، ل): زادن. والمثبت من (م).
(8)
في (س، ص): ارتضيته.
(9)
في (ص، ل): فسقه.
(10)
"تاريخ بغداد" 14/ 342.
وشفعَني وعَاتبني، وقال: أَتُحدِّث (1) عن حريز بن عثمان؟ فقلت: يَا رَب مَا علمت إلا خَيرًا! قال: إنهُ كانَ يَبغض عَليًّا (2).
(عَنِ) عَبد الرحمَن بن عَبد الله (الْمَسْعُودِيِّ) قال الحَاكم (3): محَله الصّدق. وأخرجَ لهُ (4) حَديثه في "المستدرك"، وروى عنهُ البخَاري في "الأدَب"(5).
(عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بن طَارق الكوفي الجملي بفتح الجيم وَالميم أحَد الأعلام.
(عَنِ) عَبد الرحمن (بْنِ أَبِي لَيلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَل قال (6): أُحِيلَتِ الصَّلاة) بكسْر الحَاء المهملة كما تقدم.
(ثَلَاثةَ) بالنصب (أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثةَ أَحْوَالٍ وَسَاقَ نَصْرٌ) ابن المهاجر (الْحَدِيثَ) المتقدم (بِطُولِهِ وَاقْتَصَّ) بتشديد الصَّاد يقال: قصَّ الحَديث وَاقتصهُ إذا حدث به على وجهه محمد (ابْنُ المُثَنَّى مِنْهُ قِصَّةَ صَلاتِهِمْ نَحْوَ بَيتِ المَقْدِسِ قَطْ) بسكون الطاء أي: حسب.
(قَال: الحَال الثالِثُ) مِن أحوَال الصلاة (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدِينَةَ) ذكر أبو محَمد بن قدامَة أنهُ نزل المدينة عَشية الجمعة سنة
(1) في (م): الحديث.
(2)
"سير أعلام النبلاء" 9/ 365.
(3)
"المستدرك" 2/ 10.
(4)
ليست في (م).
(5)
"الأدب المفرد"(382، 673).
(6)
من (م).
ثلاث وخمسين من عام الفيل. قال أبو عُمر: روي عَن ابن شهاب أنه قدمَ المدينة لهلال رَبيع الأول (1). وقال ابن الكلبي: خرج من الغار أول يوم من ربيع الأول وقدمَ المدينة يوم الجمعة لاثنتي عَشرة ليلة مَضت منه (2).
(فَصَلَّى -يَعْنِي: نَحْوَ بَيتِ المَقْدِسِ- ثَلاثةَ عَشَرَ شَهْرًا) قال شَيخنا ابن حجر: كانَ القُدُوم في شهر ربيع الأَول بلا خلاف وكانَ التحويل في نصف شهر رَجَب مِنَ السنة الثانية عَلى الصحيح وبه جَزم الجمْهور (3)، والذي ذكره النووي في "الروضة" أنهُ في شعبان (4) وأقره مع كونه رجح في شرحه (5) روَاية: سِتة عَشر شهرًا. لكونها مجزومًا بها عند مُسْلم، ولا يَستقيم أن يكون ذلكَ في شعبَان، ورواية البخاري: ستة عَشر شَهرًا [أو سَبْعَة عَشر](6) كذَا وَقع مَعَ الشك (7). قال: والجَمع بينَ الروَايتَين سهْل بأن يكون مَن جَزم بستة عَشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل (8) شهرًا ومن جَزمَ بسَبعة عشر عَدهما معًا قال: ومنَ الشذوذ روَاية: ثلاثة عَشر شهرًا (9). وَروَاية: تسَعَة (10) أشهر وعَشرة
(1)"التمهيد" 3/ 26.
(2)
"الروض الأنف" 2/ 330.
(3)
"الفتح" 1/ 96 - 97.
(4)
"روضة الطالبين" 10/ 206.
(5)
ليست في (م).
(6)
انظر: "المجموع" 3/ 191.
(7)
"صحيح البخاري"(41).
(8)
في (ص، س، ل): التحول. والمثبت من (م)، و"الفتح".
(9)
وهي الرواية التي معنا. وانظر: "الفتح" 1/ 97 قال: وأسانيد الجميع كلها ضعيفة.
(10)
في (ص، س، ل): سبعة. والمثبت من (م)، و"الفتح".
أشهُر ومَا فيه جمع بين روايتي البخاري أولى.
(وَأَنْزَلَ اللهُ هذِه الآيَةَ {قَدْ نَرَى}).
قال الزمخشري: أي رُبما نرى ومَعناهُ كثرة الرؤية كقوله:
قد [أترك القِرنَ](1) مُصفرًّا أنامله
…
كأنَّ أثوابهُ مُجَّتْ بفِرصَاد (2)
أرَادَ أن قد في البيت للتكثير.
قال التفتازاني: معنى مُجَّت بفرصاد (3) أي: صبغت بماء الفِرْصَاد وَحَقيقته مجَّ الفرصَاد عليه من مججت الريق.
({تَقَلُّبَ}) أي: تردد ({وَجْهِكَ}) وتحوله إلى السَّماء.
وقال الزَّجاج: تقلبَ عينيك في النظر إلى السَّماء (4).
قال السدي: كانَ إذا صَلى نَحو بَيت المقدس رَفَعَ رَأسَهُ إلى السَّماء ينظر مَا يُؤمَر به (5).
({فِي}) جهة ({السَّمَاءِ}) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقع (6) مِن ربه أن يحَولهُ إلى الكعبَة؛ لأنها قبلة إبراهيم وَأدعى للعَرب (7) إلى الإيمان؛ لأنها مَزارهم ومَطافهم ولمخَالفَة اليهود فكانَ يُرَاعي نزول جبريل عَليه الصلاة
(1) في (ص، س، ل): بزى القرى، وفي (م): أترك القرآن. والمثبت من "الكشاف".
(2)
"الكشاف" 1/ 227.
(3)
الفرصاد: هو التوت الأحمر القانئ. انظر للفائدة "لسان العرب": قنأ، فرصد.
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 158.
(5)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 158.
(6)
في (ص، س، ل): يوقع. والمثبت من (م)، و"الكشاف" 1/ 228.
(7)
في جميع النسخ: العرب. والمثبت من "الكشاف".
والسَّلام ({فَلَنُوَلِّيَنَّكَ}) فَلَنُعْطِيَنَّكَ ولنمكننك من استقبالها، من قولكَ: وَلَّيتُهُ كذَا إذَا جَعَلتهُ واليًا ({قِبْلَةً تَرْضَاهَا}) تحبُّهَا وتَميلُ إِليهَا لما أضمرته وَوَافقت مَشِيئة الله تعالى ({فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ}) أي: نحوه. قال الشاعر:
[وَأظعَن بالقوم شطرَ الملوك](1)
أي: أسير بهم نحو الملوك، وشطر منصوبٌ عَلى الظرف أي: تلقاء المَسْجِد، وذكر المسْجِد دون الكعبة دَليل على أن الواجب مُرَاعَاة [الجهة دُون العين](2).
({الْحَرَامِ}) سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يحرُم انتهاك حرمته بمَا يفعَل فيه مِنَ المحَرمات. ({وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ}) حَيث ظرف (3) فولوا وجوهكم وإن جعَلهَا (4) شرط انتصبَ بكنتم؛ لأنهُ مَجزُوم بهَا وَهي منصوبة ({فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}) لا خلاف بَيْنَ العُلماء أن الكعبة قبلة كل أفق، وَأَنَّ مَن عَاينهَا فُرِضَ عَلَيْه اسْتقبالهَا، وإن عَلى كل من غابَ عَنها أن يَستقبل ناحيتها وتلقاءهَا فإن خَفيَت عَلَيْه، فعَلَيه أن يَسْتَدِلَّ بِكل مَا يمكنه منَ النجوم والرياح والجِبَال وَغَير ذلك.
(فَوَجَّهَهُ اللهُ تَعَالى إِلَى الكَعْبَةِ. وَتَمَّ حَدِيثُهُ) أي: روَاية ابن المثنى (وَسَمَّى نَصْرٌ) ابن المهَاجر (صَاحِبَ الرُّؤْيَا قَال: فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بن [زيد
(1) في (س): وأطعم بالقوم ينظرون الملوك.
(2)
في (ص): الجمعة دون المسجد.
(3)
سقط من هنا في (س) إلى ما قبل نهاية الباب ببضعة عشر سطرًا.
(4)
في (ل، م): جعلتها.
ابن]) (1) عبد ربه وهوَ (رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَال فِيهِ) أي: في حَديثه (فَاسْتَقْبَلَ) الملك (الْقِبْلَةَ) وأذن اسْتدل به على أن (2) استقبال القبلة في الأذان سُنَّة، وقيلَ: شَرط لِلموَاظبَة عَليْه سَلَفًا وخَلَفًا، وَلأنها أشرف الجِهَات.
(قَال: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَر) فيه تثنية التكبير أوَّل الأذان وقد تقدمَ مَا فيه وَأنه مذهَب الشَافعي.
(أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ - مَرَّتَينِ - حَيَّ عَلَى الفَلاحِ - مَرَّتَينِ -، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إله إِلَّا اللهُ، ثُمَّ أَمْهَلَ هُنَيَّةً)[تصغير هنة](3) بضَم الهَاء، وَتشديد اليَاء أي: سَاعَة لطيفة ويُقال: هُنيهَة (4)، والهَمْز خَطَأ.
(ثُمَّ قَامَ) فيه القيام لإقامَة الصَّلاة، وَكَذا الاستقبَال كما في الأذَان.
(فَقَال مِثْلَهَا) فيه التثنيَة في الإقامة.
قَال ابن السمعَاني في "الاصطلام": أجمع أهل العِلم بالرجَال أن عَبد الرحمَن ابن أبي ليلى لم يسمع مِنْ عَبد الله بن زيد الذي أُري الأذان شَيئًا وَكذَلك لَمْ يسمَع مِن معَاذ شَيئًا ولم يدركهما أصْلًا وتقدمت روَاية محَمد بن عَبْد الله بن زيد عَن أبيه هذا الخَبَر وذكر أنهُ حَكى إفراد الإقامَة، وَقيل: إنَّ روَاية محَمد أصح الروَايَات في البَاب.
(إِلَّا أَنَّهُ قَال) في روَايته و (زَادَ بَعْدَ مَا قَال: حَي عَلَى الفَلاحِ، قَدْ قَامَتِ
(1) من (ل، م).
(2)
ليست في (ل، م).
(3)
من (ل).
(4)
في (م): هنيه.
الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَقِّنْهَا) يقال: لقنته الشيء فتلقنهُ إذا أخَذهُ مِنْكَ مُشافهة (بِلالًا. فَأَذَّنَ بِهَا بِلالٌ) وَاسْتَمر على الأذان (وَقَال فِي الصَّوْمِ: قَال قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَصُومُ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) يَعْني: الأيام البيض ولفظة كان تشعر بالدوَام وَكان (يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ) بالمد والقَصْر مَعَ الألف بعد الراء، وَعَاشور عَلى وَزن هَارون وهو عَاشُور المحَرم على الأصَح.
قال ابن عَباس: كانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أول (1) قدُومه المَدِينة يَصُوم ثلاثة أيام من كل شهر ويوْمَ عَاشُورَاء سَبْعَة عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ نُسِخَ ذَلك (2).
(فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}) أي: فرضَ عَليكم صيَام شهر رَمَضان ({كَمَا}) الكاف في مَوضع نصب على النعت التقدير: كتابًا كما أوْ: صَومًا كما أو عَلى الحال (3) منَ الصِّيَام، أي: كتبَ عليكم [الصيام مشبِها](4) كَمَا ({كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}) على الأنبياء والأمَم مِنْ لدُن آدم إلى عَهْدكم، قال علي: أولهم آدم، يَعني: أن الصَوْم عبَادَة قَدِيمة أصلية (5) ما أخلى الله أمة من افتراضهَا عليهم (6).
قال مجاهد: كتبَ اللهُ صوم شهر رمضان على كل أُمة (إِلَى قَوْلِهِ) فدية ({طَعَامُ مِسْكِينٍ}) قرأ ابن عَباس: (طَعَامُ مسْكين) بالإفراد فيما ذكر البخَاري (7)، وهي قراءة حَسَنة؛ لأنها سَبَب الحُكم في اليَوم وَاختَارها
(1) في (م): أوان.
(2)
لم أقف عليه.
(3)
من (م).
(4)
في (ص): منها.
(5)
في (م): أصله.
(6)
"البحر المحيط" 2/ 36.
(7)
"صحيح البخاري"(4505).
أبو عبيَد وهي قراءة أبي عَمرْو وحَمزة والكسَائي (1).
قال أبو عبيد: فبينت (2) أن لكل يوم إطعام (3) وَاحِد، فالواحد مترجم عن الجمِيع، وليْسَ الجمَيع مترجم عن الوَاحد (4). وتقدم أن لكل مسكين مدًّا بمد النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
(فَكَانَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ) وهوَ أوْلى؛ لأن الله تعالى بدَأ به فقدمَهُ (5)(وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ) فدية عنه (6) لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} (7).
[قال الفَراء (8): الضمِير في "يطيقونهُ" يجوز أن يعود على الصيام أي: وعَلى الذينَ يُطيقونَ الصِّيَام](9) إن شاءوا أن يطعم من أفطر عن (كل (10) يوم) أفطرَهُ (مِسْكِينًا) أو فَقيرًا؛ لأنه أسْوَء حَالأ منه لا إلى الأصنَاف الثمانية مُدًّا مِن غالب قُوت البلد، ولا يَجب المدّ إلا إذا فضلَ عَن قُوتِه وقُوتِ مَن تلزمه مَؤنته [وله صَرْف](11) الأمدَاد إلى
(1) وهي قراءة عاصم كذلك انظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص 199.
(2)
في الأصول الخطية: فثبت. والمثبت من "الجامع لأحكام القرآن".
(3)
في الأصول الخطية: طعام. والمثبت من "الجامع لأحكام القرآن".
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 287.
(5)
في (م): ففد به.
(6)
في (م): عليه.
(7)
البقرة: 184.
(8)
"معاني القرآن" 1/ 101.
(9)
سقطت من (م).
(10)
من (ل، م).
(11)
في (م): وليصرف.
مسْكين وَاحد بخلاف المدِّ الوَاحِد فلا يَجوز صَرفه إلى شخصَين؛ لأن كُل مُدِّ بمثابة كفارة وَاحدة.
(أَجْزَأَهُ ذَلِكَ)(1) إطعَام المسْكين عن الصيَام.
(فهذا تحَوُّلٌ (2) وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} ) قال أهل التَارِيخ: أول مَنْ صَام رَمَضَان نوح لَما خرج (3) مِنَ السَّفينة حَكاهُ القرطبي (4)، وَقد تقدمَ مَا يخَالفهُ، وَقوله {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} نصٌّ في أن القرآن نزل في شَهر رَمَضان، وهذا يبين قوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (5) ، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (6) التي عَظم الله شَأنها.
وفي هذا دَليل عَلى أن ليْلة القَدر إنما تكونُ في رَمَضَان لا في غَيره، ولا خلاف أَنَّ القرآن أنزل مِنَ (7) اللوْح المَحْفُوظ في لَيلَة القَدر جملَة وَاحِدة فوضع في بَيت العِزة في سماء الدُّنيَا ثم كان جبريل يَنزل به مُنَجَّمًا (إِلَى) قوله تعالى:({أَيَّامٍ أُخَرَ}) لم تنصَرف عندَ سيبويه؛ لأنها مَعْدُولة عن الألف وَاللام، لأن [أُخَر جَمْعُ](8) أُخْرَى وَزنها فُعْلَى تأنيث أفعل كَكُبَر جمع كبرى تأنيث أكبر، وسبيل فُعَلْ من هذا البَاب أن يَأتي بالألف واللام نَحو الكبَرْ والكبرى، أو بالإضَافة كَأكبرِ
(1) ليست في (م).
(2)
كذا في جميع النسخ، وفي "السنن": حول.
(3)
في (ص): أخرج. والمثبت من (ل، م)، و"الجامع لأحكام القرآن".
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 290.
(5)
الدخان: 3.
(6)
القدر: 1.
(7)
في (م): إلى.
(8)
من (م).
القوم أو بمن كأكبر من عمرو، وَحُكْم الجمع حكم المفرد ولا إضَافة في أخَر ولا مِن، فَتَعَين أن يكون بالألف وَاللام فَلما لم توجد فيه حُكِم بِأَنَّهُ مَعْدُول عَن الألف وَاللام.
(فَثَبَتَ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ شَهِدَ) شَيئًا مِن (الشَّهْر) وقد اختلفَ العُلماء في تأويْل هذِه الآية فقال عَلي وابن عَباس، وسُوَيد بن غفلة، وعَائشَة أربعَة مِنَ الصحابة وأبُو مجلز (1) وعبيدة السلماني أي: من حضر دخول الشهر وكانَ مُقيمًا في أوله في بلده وأهله فليكمل صيَامه سَافر بَعْدَ ذَلك أو أقَامَ وإنما يفطر في السَّفر مَنْ دَخَل عليه رَمَضان وَهو في سَفره (2)، وقال جمهور الأُمَّة: مَنْ شَهد أوَّل الشهر أو آخِره فَليَصم مَا دَامَ مُقيمًا فإن سَافَر أفطرَ وعَليْه تدل الأخبار الثابتة (3) وقد ترجمَ البخاري رَدًّا على القول (4) الأول باب (5) إذَا صام أيامًا مِن رمضان ثم سَافر.
(وَعَلَى المُسَافِرِ) في رَمَضَان إذا أفطر (أَنْ يَقْضِيَ) هَكذَا (6) تقدير عند الجمهور فظاهر (7) كما في قَوله تَعَالى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (8) أن المسَافر يقضي، وإن صَام كما روي عَن عمرَ وابن عَباس وأبي هريرة وابن عمَر أن الصَّوم لا ينعقد في السفر.
(1) في (م): مخلد.
(2)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 299.
(3)
في (ص): الثانية.
(4)
من (م).
(5)
في كل النسخ: بأن. والمثبت من "صحيح البخاري".
(6)
هنا ينتهي السقط الذي في النسخة (س).
(7)
في (م): فظاهره.
(8)
البقرة: 184.
قال ابن عمر: مَن صام في السَّفر قضى في الحَضر (1). وعَن عبد الرحمَن بن عوف قال: الصَّائم في السَّفر كالمفطر في الحضر. واختلف العُلماء في قَوله تعَالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (2)} ) فقيل: حكمها ثابت، وَأن مَعنى قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي الذين كانوا يطيقونه في حَال شَبابِهِم فَإذا كبروا عجزُوا عَن الصوم لكبرهم فَلَهم أن يفطروا ويَفتدُوا قاله سَعيد بن المسَيب والسُّدي (3)، وَقال ابن عَباس:(ثَبَتَ) أن هذِه الآية فيها أن يرخص (الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الكَبِيرِ) العَاجز عن الصيَام لكبره.
(وَالْعَجُوزِ) الكَبيرة (اللَّذَيْنِ لا) يُطيقان ولا (يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ) إذا أفطرُوا (وَجَاءَ صِرْمَةُ) بِكَسْر الصاد وسكون الراء ابن قيس بن مَالك الأنصَاري، وإنما (4) قال بَعضهم: صرمة بن مَالك نسبة (5) إلى جَده، وأما البخَاري والترمذي فقالا فيه (6): قيس بن صرمة (7) الأنصَاري.
(وَقَدْ عَمِلَ يَوْمَهُ) فغلبته عَينَاهُ (وَسَاقَ الحَدِيثَ) وقد تقدمَت روَاية البخاري وغيره.
(1) لم أقف عليه مسندًا، وذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 170.
(2)
في (م): مساكين.
(3)
"الكشف والبيان" للثعلبي 2/ 65.
(4)
في (س، ل، م): وربما.
(5)
في (م): ونسبه. وفي (ل): فنسبه.
(6)
"صحيح البخاري"(1915)، و"سنن الترمذي"(2968).
(7)
في (ص): صدمة.