الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب فِيما يقولُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ المَسْجدَ
465 -
حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ عُثْمانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْنِي الدَّراوَرْدِيَّ- عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قالَ: سَمِعْتُ أَبا حُمَيْدٍ أَوْ أَبا أُسَيْدٍ الأنصارِيَّ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا دَخَلَ أَحَدُكمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَ لْيَقُلِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوابَ رَحْمَتِكَ فَإِذا خَرَجَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ"(1).
466 -
حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْن بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قالَ: لَقِيتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لَه: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كانَ إِذا دَخَلَ المَسْجِدَ قالَ: "أَعُوذُ باللهِ العَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ وَسُلْطانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيم". قالَ: أَقَطُّ قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: فَإِذا قالَ ذَلِكَ قالَ الشَّيْطانُ: حُفِظَ مِنِّي سائِرَ اليَوْمِ (2).
* * *
باب ما يقوله الرجل عند دخوله المسجد
[465]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ) أبُو الجَماهِر (الدِّمَشْقِيُّ) قالَ عُثمَان الدارمي: هُوَ أوثق مَن أدركنا بِدمشق (3)، وَرَوَى أبُو دَاود عَن محمود بن خالد عنهُ. قَالَ أبُو حَاتم الرازي: مَا رَأيتُ أفصَح من أبي الجَماهِر (4).
(1) رواه مسلم (713).
(2)
رواه البيهقي في "الدعوات الكبير"(68) من طريق أبي داود.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(485).
(3)
"تهذيب الكمال" 26/ 100، "الكاشف" 2/ 200.
(4)
"الجرح والتعديل" 1/ 287.
قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِي، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) فَروخ مَوْلى آل المُنكدِر فَقِيه المدِينَة (1)، (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ) الأنصَاري صَدُوق (2). قَالَ:(سَمِعْتُ أَبَا حُمَيدٍ) عَبد الرحمَن بن سَعْد السَّاعدي (أَوْ أَبَا أُسيدٍ) بِضَم الهَمزة مُصَغر مَالك بن ربيعَة السَّاعدي (الأَنْصَارِيَّ) رَوَاهُ أبو عوَانة (3)[وابن مَاجَه (4)](5) مِن حديث أبي حميد وَحده، ولفظة (6) أبي عوانة: أن النبِي صلى الله عليه وسلم كانَ يقول: "اللهم افتح لنا أبواب رَحْمَتك وسَهل لنا أبواب رزقك".
(يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أي (7) بعد الصلاة عَلَيه كما قالَ تعَالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (8) وروَاية ابن السُّني عَن أنَس، كانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذَا دخَلَ المَسْجِد قالَ:"بسم الله اللهم صَل عَلى محمد"، وإذا خرج قالَ:"بسم الله اللهُمَّ صَل على محَمد"(9).
(1) كان يلقب بربيعة الرأي.
(2)
"الكاشف"(3454).
(3)
"صحيح أبي عوانة"(1236).
(4)
"سنن ابن ماجه"(772).
(5)
جاءت في (م): بعد قوله: حميد.
(6)
في (د، م): لفظ.
(7)
سقط من (م).
(8)
الأحزاب: 56.
(9)
"عمل اليوم والليلة" لابن السني (87) من حديث أنس رضي الله عنه وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة"(6953): منكر لم يذكر البسملة.
قَالَ النووي: وروينا الصَّلاة عَلى النبي صلى الله عليه وسلم[عند دخول المسجد](1) والخروج منهُ مِن روَاية ابن عمر أيضًا (2).
وروى ابن مردويه السَّلام عَلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عندَ دخوله المَسجد والخروج منهُ، وزَادَ في الموضعَين بَعد قَوله والسَّلام عَلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم صَل عَلى محَمد وعَلى آل محَمد".
(ثُمَّ لْيَقُلِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي) روَاية أبي عوَانة المتقدمة: "اللهم افتح لنا"(3)(أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ) وقَد يجمعَ بيَنهما بأن المنفرد يقول: اللهم افتح لي أبوَاب رَحمَتك، وإذا دَخل ومَعَهُ غَيره يقول: اللهم افتح لنا (4) أبواب رَحمتك. زاد أبو عوَانة في الروَاية المتقدمة: "وسَهل لنا أبواب رزقَك"(5). وروَاية ابن مَاجه فيهَا زيَادَة ولفظه عَن فاطمة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دَخل المَسْجِد قال: "بِسْمِ الله والسَّلام على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبوَاب رَحمتك"(6).
(فَإِذَا خَرَجَ) مِنَ المَسْجد (فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ) وروَاية الطبراني في "الأوسط" عَن ابن عمر: وإذَا خَرَجَ قال: "اللهم افتح لنَا
(1) من (د، م).
(2)
"الأذكار" للنووي (84).
(3)
"صحيح أبي عوانة"(1236).
(4)
في (م): لي.
(5)
"صحيح أبي عوانة"(1236).
(6)
"سنن ابن ماجه"(771) وصححه الألباني.
أبوَاب فَضلك" (1). وفي سَنَده سَالم بن عَبْد الأعلى (2).
وهذا يَدُل على أن مَن خرجَ مَعَهُ غَيره فليَأت بصيغة الجَمع: اللهمُ إنا نسألك من فَضلكَ، وسُؤَال الفَضل عند الخُروج مِنَ المَسْجد مُوَافِقٌ لِقَوله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (3) يَعني: الرزق الحَلال، وقيل: ابتغُوا مِنْ فَضل الله، هُوَ طَلبُ العِلم، والوَجهَان مُتَقَاربَان، فَإنَّ العِلم هُو مِن رزق الله تعالى، فإن الرزق لا يختَص بقوت (4) الأبدَان؛ بَل يَدْخل فيهِ قوت الأرواح والأسمَاع وغَيرهَا، وقيل: فضل الله عيَادَة مَريض وَزيَارة أخٍ صَالح (5).
[466]
(ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ) السُّليمي (6) ثقة. روى عنهُ ابن مَاجَه وابن خزيمة (7). قال: (ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ حَيوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: لَقِيتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ) التُّجِيبي بِضَم التاء فوقَها نُقطتَان وكَسر الجيم المصري التابعي (فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ) بِفَتح الهَمزة؛ لأنهَا تقدر هي (8) وَمَا بَعْدَهَا بالمَصْدر
(1)"المعجم الأوسط"(6612).
(2)
قال البخاري في "الضعفاء الصغير"(150): سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض عن نافع وعقيل: تركوه.
(3)
الجمعة: 10.
(4)
في (ص): بعيوب.
(5)
انظر: "نيل الأوطار" 2/ 162.
(6)
في (س): السلمي.
(7)
"الكاشف" للذهبي 1/ 120.
(8)
من (د، م).
(تحدث) تقديره بَلغني حَديثك (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ) يحتمل أن يَكون تقديرهُ: إذا أرَادَ أن يدخل المَسْجِد، ويحتَمل أن يحمل عَلى عَدَم التقدير.
(قَالَ: أَعُوذُ باللهِ العَظِيمِ) أي: الملك والقدرة عَلى عصمَتي مِنَ الشيطَان. (وَبِوَجْهِهِ) أي: ذَاته، والوَجْه يُعَبر به عَن الجُملة، (الْكَرِيمِ) أي: الذي أكرَمَني، وأحْسَن إليَّ بأن أهلَنِي لدُخُول بَيته الكَريم.
(وَسُلْطَانِهِ) كُل بَيْت مَالكه سُلطَانه وبَيت الله سُلطانه (الْقَدِيمِ) وفي الحَدِيث: "لا يؤم الرجُل في سُلطَانه"(1)(مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ) أي: المَرْجُوم بالشهب مِن أسماء الله تعَالى.
(قَالَ) عقبة: (أَقَط) بفتح الهَمزة والقَاف وسكون الطاء، ويجوز كسْرهَا بِلا تنوين [الهمزة فيه للاستفهام، قط بمعنى حسب](2) أي: أَحَسْب؟ والمعنى: أقال (3) ذَلكَ فقط ولَم يَزدْ عَليه (قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِذَا قَالَ) الداخل (ذَلِكَ قَالَ الشَّيطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ) بالهَمز أي: بَاقي هذا (الْيَوْمِ) بأسره، وعَن ابن عَباس رضي الله عنهما في قوله تَعَالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (4) قال: هوَ المَسْجِد إذا دَخلتهُ فَقُل السَّلام عَلينَا وعلى عبَادِ الله الصَّالحين. رَوَاهُ الحَاكم في "المستدرك" وقَالَ صَحيْح على شَرط الشيخين (5). وقَد يؤخَذ مِنه أن الشيطان يَدخل
(1) طرف حديث أخرجه مسلم (673)(290) وسيأتي تخريجه عند الكلام عليه.
(2)
تأخرت هذه العبارة في (ص) فجاءت بعد قوله: ولم يزد عليه.
(3)
في (م): قال.
(4)
النور: 61.
(5)
"المستدرك" للحاكم 2/ 401. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (14894).
المَسْجِد، ولكن تكون وسوسته أضعَفُ مِنَ الوَسْوَسَة خارجَه، وفيه حفظ قائل هذا الدعاء من الشيطان في المَسْجِد وخَارجه إلى غرُوب الشمس، والظاهِر أنَّ قَوله:(حُفِظ مِنِّي) لَا يختصُّ بشَيطَان وَاحِد بَل يحفَظ (1) من جَميع الشيَاطين، فَإنَّ الأَلِف واللام في قولهِ:(مِنَ الشَيطَان) للجنس فَتعم كل شَيطان.
* * *
(1) سقطت من (د).