الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب فِي وقْت صَلاةِ الظُّهْرِ
399 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قالا: حَدَّثَنا عَبّادُ بْنُ عَبّادٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحارِثِ الأنصَارِيِّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: كُنْتُ أُصَلِّي الظُّهْرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَآخُذُ قَبْضَةً مِنَ الحَصى لِتَبْرُدَ فِي كَفِّي أَضَعُها لِجَبْهَتِي أَسْجُدُ عَلَيْها لِشِدَّةِ الحرِّ (1).
400 -
حَدَّثَنا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي مالِكٍ الأشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طارِقٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ عَنِ الأسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قالَ: كانَتْ قَدْرُ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّيْفِ ثَلاثَةَ أَقْدامِ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدامٍ وَفِي الشِّتاءِ خَمْسَةَ أَقْدامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدامٍ (2).
401 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَليدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو الحَسَنِ -قالَ أَبُو داودَ: أَبُو الحَسَنِ هُوَ مُهاجرٌ- قالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبا ذَرٍّ يَقُولُ كُنّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ الظُّهْرَ فَقالَ: "أَبْرِدْ". ثُمَّ أَرادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقالَ: "أَبْرِدْ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى رَأَيْنا فَىْءَ التُّلُولِ ثُمَّ قالَ: "إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ"(3).
402 -
حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الهَمْدانِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ اللَّيْثَ حَدَّثَهُمْ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
(1) رواه النسائي 2/ 204، وأحمد 3/ 327.
وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(428).
(2)
رواه النسائي 1/ 250، والطبراني في "الكبير" 10/ 130 (10204)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 199.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(429).
(3)
رواه البخاري (535)، ومسلم (616).
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذا اشْتدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاةِ". قالَ ابن مَوْهَبٍ: "بِالصَّلاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"(1).
403 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ سِماكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ بِلالًا كانَ يُؤَذِّنُ الظُّهْرَ إِذا دَحَضَتِ الشَّمْسُ (2).
* * *
باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ
[399]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل وَمُسَدَّدٌ قَالَا، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ) بن حَبيب بن المُهَلب بن أبي صفرة، قالَ الترمذي عَن قتيبة (3):[كنا نرضى أن نرجع](4) من عند (5) عباد كل يوم بحديثين (6)، روى لهُ الجماعة.
(قال: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) ابن عَلقمة بن وقاص (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ) ابن المعلي (الأَنْصَارِيِّ) الحجازي قاضِي المدينة مِن مَشاهير التابعين.
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي الظُّهْرَ) روَاية النسَائي: كُنْا نُصَلِّي الظُّهْر (7)(مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَآخُذُ قَبْضَة مِنَ الحَصَى) أي: وأنا في الصَّلاة (لِيَبْرُدَ فِي كَفِّي) زادَ النسَائي ولفظه: فَآخُذُ قَبْضةً مِنَ حصى في كفي أبردهُ ثم أُحَوِّلهُ (8) فِي كَفِّي الأخرى (9) فإذا سَجدتُ وضَعته
(1) رواه البخاري (536)، ومسلم (615/ 180 - 181).
(2)
رواه مسلم (606).
(3)
في (م): قريبة.
(4)
في (ص): كان رضي يرجع. وفي (ل، س): كان يرضى أن يرجع.
(5)
في (م): عندنا.
(6)
"سنن الترمذي" 5/ 10.
(7)
"سنن النسائي" 2/ 204.
(8)
"سنن النسائي" 2/ 204.
(9)
في (م): الآخر.
[في جَبْهَتي](1)(أَضَعُهَا) أي: عَلَى الأرض.
(لجبهتي (2) أَسْجُدُ عَلَيْهَا لِشِدَّةِ الحَرِّ) بَوَّبَ عليه النسَائي. بَاب تَبريد الحَصَى للسجود عَليه (3) وسَاقهُ المُصنف في وقت صَلاة الظهر لما فيه من تعجيل الصَّلاة في أوَّل وقتها عند شدَّة الحَر، وحمو الأرض بالشمس، حَتى كانوا يُبرِّدُوا الحَصَى التي يسجدون عَليهَا ليَقِيَهُمْ مِن حَرِّ الرمضَاء، وقَريب منه روَاية مُسْلم: شكونا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم حَر الرمْضَاء فلم يشكنا (4) أي: لم يجبنا إلى طَلبنَا لما شكونا إليه.
[وهَذان الحَديثان معَارضان](5) لأحَاديث الإبراد ولهذا مَال الأثرم والطحَاوي إلى نسخ حَديث خباب، قال الطحَاوي (6): ويَدُل عليه حَديث المغيرة: كنا نُصلي بالهَاجِرة فقَالَ لنَا: "أبْردُوا"(7) فتبَين أن الإبرَاد كانَ بعدَ التهجير (8).
قال السُّبكي: أحَاديث الإبراد ناسِخَة للتعجيل بهَا في شدة الحَر ويدل عليه ما وَرَدَ في روَاية الخلال: كانَ آخر الأمرين مِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد يعني بالظهر ثم استمر عليه العَمل.
[400]
(ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: ثَنَا عَبِيدَةُ) بفَتح العَين المهملة
(1) في (د، م): لجبهتي.
(2)
في (ص): بجبهتي.
(3)
"سنن النسائي" 2/ 204.
(4)
"صحيح مسلم"(619)(189).
(5)
في (ص): وهذا الحديث معارض.
(6)
شرح معاني الآثار 1/ 188.
(7)
أخرجه أحمد في "المسند" 4/ 250، وابن ماجه في "سننه"(680) وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"(554).
(8)
انظر: "التلخيص الحبير" 1/ 326.
وكسْر البَاء الموحَّدة (بْنُ حُمَيْدٍ) ابن عَبْد الرحمن التيمي النحوي رَوَى عنه البخاري. (عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشْجَعِيِّ) وهوَ (سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ) بن أشيم الكوفي يُعَدّ في التابعين. (عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ) الأشجعي أخرَج له مُسلم.
(عَنِ الأَسْوَدِ) ابن يزيد النخعي نسبة إلى جدّه [نَخع، خال](1) إبرَاهيم النخعي أدرَك زَمَن النَّبي صلى الله عليه وسلم ولم يرهُ.
(أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم) لفظ روَاية النسَائي: كانَ قدر صَلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم الظهر (2)(فِي الصَّيْفِ ثَلاثةَ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ وَفِي الشَّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامِ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ)(3).
قال الشيخ تقي الدين السبكي: قد اختلف الناس في معنى هذا الحَديث والذي عندي فيه أنهُ كانَ يُصَليهَا في الصَّيف بعد نصف الوقت وفي الشتاء أوله، ومنه يُؤخذ حَد الإبرَاد (4) وإنما قُلت ذَلك؛ لأن أول الصَّيف لا يبقى بالمدينة ظِل وقت الزوَال وأوَّل الشتَاء يَكونُ عندَ الزوَال سَبْعَة أقدَام فصَلاته عندَ كَون الظل [ثلاثة أقدَام](5)، وهو في أوَّل الصَّيف في بُرج السَّرطان.
ويَكونُ الماضِي مِنْ وقت الظهر إذ ذَاك ثلاثة أخماسه إلا دقَائق وصَلاتهُ عندَ كونه خَمْسَة أقدَام في وقت يكونُ ظل الزوال قَدَمين فتضمهَا إلى الثَلاثة التي يؤخرهَا بسبَب الإبرَاد يكون خَمسَة، وذلكَ حين يَبقى من فَصل الصَيْف خَمسَة عَشر يومًا ويكونُ المَاضي من وقت
(1) سقطت من (م).
(2)
"سنن النسائي" 1/ 250.
(3)
كتب عندها حاشية في (م): وأخرجه النسائي ستة.
(4)
انظر: "مرقاة المفاتيح" 3/ 45.
(5)
تكررت في (د، م).
الظهر ثلاثة أخماس ونصف خُمس تقريبًا.
ويكون ذَلك قبلَ أوَّل الصَّيف أيضًا حينَ يشتَد الحرُّ وصَلاته صلى الله عليه وسلم حينَ يَكونُ الظِّل سبعة هوَ في أول الشتاء حينَ يَكون الزوال سَبعَة أقدَام فَإنهُ يُصَليهَا في أوَّل الوَقت وصَلاته مَا بَيْنَ الخمسَة والسَّبعة قبل ذَلك بقليل، وبعد بقليل وذاك أيضًا في أول الوَقت إذ لا حَاجَة إلى الإبراد فوقت صَلاته صلى الله عليه وسلم في الشتاء أوَّل الوَقت لم يختلف [وفي الصيف بَعد نصف الوقت](1) لم يختلف وإنما اختلف حَال الظل بسَبَب زيَادَة ظِل الزوَال ونقصه فاعلم ذلك فإني حَرَّرتُه.
[401]
(ثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عَبد الملك الطَّيَالِسِيُّ شيخ البخاري، (قال: ثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الحَسَنِ هو (2) مُهَاجِرٌ) التيمي مَولاهم الصَّائغ روى له الشيخان في الصَّلاة (قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يقول (3) سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ) جندب (4) ابن جنادة رضي الله عنه (يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُول صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ) يَعْني: المعرُوف وهوَ بلال. (أَنْ يُؤَذِّنَ) فيه أن الأذَان يتعلق بنظر المؤَذن ولا يَحتاج إلى إذن الإمَام بخلاف الإقَامَة وأن المستحب أن يَكون للأذَان مُؤذن مَعْروف وأن يَكونَ مُتَطوِّعًا كبِلَال.
(الظُّهْرَ) بالنصب أي: وقت الظهر (فَقَالَ): ظاهِر هذا الحَديث أن الأَمْر بالإبراد (5) وقَع قبل الأذان (6) وروَاية البَخاري: أذن مؤذن النبي
(1) تكررت في (م).
(2)
من (د).
(3)
ساقطة من (ص).
(4)
في (م): حنيدر.
(5)
في جميع النسخ: بالأذان. والمثبت هو الصواب؛ إذ الأمر كان بالإبراد ولم يكن بالأذان.
(6)
من (د، م).
- صلى الله عليه وسلم الظُهر فقال: (أبرد) أنَّ ذَلك وقع بعَد تقدم الأذان منه فيجمَع بينَهما عَلى أنه شرع في الأذان فقال لهُ أبرد فترك فعَلى هذا تقدير روَاية المصَنف: فأرَادَ أن يتم الأذان، وَروَاية البُخاري معْنَى أذَّنَ شَرع في الأذان.
(أَبْرِدْ) بفتح الهَمزة و (1)[بقطع الهمزة](2) وكسْر الراء أي: أَخِّرْ إلى أن يَبْرُد الوَقت. يُقَال: أبرد إذا دَخل في البرد، وأظهر إذا دَخل في الظهيرة ومثلهُ في المكان أنجد إذا دَخل نجدًا (3) وأتهم إذا دَخل تهامة، والأمر بالإبرَاد أمر استحباب، وقيل: أمر إرشاد، وقيل: بَل هوَ للوجُوب حَكاهُ عيَاض (4) وغَيره، وغفل الكرمَاني فنقل الإجماع عَلى عَدَم وجُوبه نعم قَالَ جُمهُور أهل العلم: يُستَحبُّ (5).
(ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ: أَبْرِدْ) قيدَ الشافعي استحباب الإبراد باختصاصه ببَلد حَار وجماعة مَسْجِد يقصدونه من بعد (6)، والمشهور عَن أحمدَ (7) التسوية مِن غَير تخصيص ولا قيد (8)، وهوَ قول إسحاق (9) والكوفيين (10) وابن المنذر (11).
وفيه دلالة على أستحبَاب الإبرَاد بالأذان كما يُستحب الإبراد بالصَّلاة
(1) من (م).
(2)
ليست في (د).
(3)
في (د): بهذا.
(4)
"إكمال المعلم" 2/ 581.
(5)
انظر: "فتح الباري" 2/ 21.
(6)
"الأم" 1/ 153.
(7)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(127)، وانظر:"المغني" 2/ 35.
(8)
في (م): فيه.
(9)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(127)، وانظر:"المغني" 2/ 35.
(10)
انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 295.
(11)
"الأوسط" 2/ 360 - 361.
لقوله للمؤَذن: "أبْرِد" ولقَول عُمر لأبي مَحْذُورَة مُؤذن مَكة: إنكَ في بَلدَ حَار فأبرد على الناس (1).
قالَ السبكي (2): ونقل بَعض المتأخرين عَن المذهب أنه لا يُستَحب، والحَديث حجة عليه، ثم قال: ولعَلَّ ذلك محمول على مَا إذَا علم من حَال السَّامعين أنهمُ يَحضرُون عقب (3) الأذَان فَيبرد لئلا يَشق عَليهم، أمَّا إذا كانَ في نَاس لا يَحْضُرُون عَقب (4) الأذَان فينبغي الأذان في أول الوقت ليعلم دخوله.
(مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) شَك من الراوي (حَتَّى رَأَيْنَا) هذِه الغاية بقَوله: فقال له: "أبرد" أي: كانَ يقول في الزمَان الذي قبل الرؤية أبْرد فَأبْرد إلى أن رَأينَا (فَئءَ) بفتح الفاء وسُكون اليَاء بَعْدَهَا هَمزَة وهوَ مَا بَعد الزوَال منَ الظل (التُّلُولِ) بِضَم التاء جَمْع تَلّ بِفَتح المثَناة وتشديد اللام وهوَ كُل مَا اجتمعَ عَلى الأرض مِنْ تراب ورمل أو نحو ذلكَ، وهي في الغَالب مُسَطحة غَير شاخصَة ولا يظهر لها ظل إلا إذا (5) ذَهَبَ (6) أكثر وقت الظهر.
وقد اختلفَ العُلماء في غَايَة الإبراد فقيل: حَتى يَصل الظل ذراعًا بعد ظل الزوَال، وقيل: ربع قامة، وقيلَ ثلثها، وقيل: نصفها، ونزلهَا
(1) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 439.
(2)
في (ص): الشبلي، وانظر:"أسنى المطالب" 1/ 120، "تحفة المحتاج" 4/ 426.
(3)
في (م): عقيب.
(4)
في (م): عقيب.
(5)
ليست في (د، م).
(6)
زاد في (ص): وقت.
المَازري (1) على اختلاف الأوقات، والجَاري على القواعد أنه يختلف باختلاف الأحوَال لكن يشترط أن لا يمتَد إلى آخِر الوقت (2).
وأمَا روَاية البخاري في الأذان عن شعبة بلفظ حَتى سَاوى الظل التلول (3) فظاهرُه يقتضي أَنَّه أَخَّرهَا إلى أن صَار ظل كل شيء مثله ويحَتمل أن يَراد بهذِه المسَاوَاة (4) ظهُور الظل بَجنب (5) التل بعد أن لم يَكن ظاهرًا فسَاوَاهُ في الظهور لا في المقدَار أو (6) يُقَالُ قد كَانَ ذلكَ في السَّفَر فلعَلهُ أخَّرَ الظهر حَتى يَجْمَعَها مَعَ العَصر.
(ثُمَّ قَالَ: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ) تعليل لمشروعية التأخير المذكور. وهَل الحكمة فيه دَفع المشقة؛ لكونها قد تسلبُ الخشوع؟ أو لأنها الحَالة التي ينتشر فيها العَذاب؟ ويؤيده روَاية عَمرو بن عبسة لمُسلم حَيث قالَ: "أقصر عن الصَّلاة عند استواء الشمس فإنهَا سَاعَة تسجر فيها جَهَنم"(7).
وقد يستشكل هذا بأن الصلاة سَبَب الرحمة؛ ففعلهَا مَظنة لطرد العَذاب فكيفَ أمَر بتركها وأجَابَ عليه (8) أبو الفتح اليعمري بأن التعليل إذا جَاء من جهَة الشارع وَجَبَ قبُوله، وإن لم يفهم مَعناه واستنبط لهُ ابن المنَير معنى مناسبًا فقال: وقت ظهور أثر الغَضَب لا
(1) في الأصول الخطية: البادري. والمثبت من "فتح الباري".
(2)
انظر: "فتح الباري" 2/ 25.
(3)
"صحيح البخاري"(629).
(4)
في (د): المسافات.
(5)
في (ص): بحيث. وفي (ل): تحت.
(6)
في (د): و.
(7)
أخرجه مسلم (832)(294).
(8)
في (د): عنه.
ينجع فيه الطَلب إلا ممن أذنَ لهُ فيه واستدل بحَديث الشفاعَة (1) حَيث اعتذر الأنبياء كلهمُ سَوى نبينَا صلى الله عليه وسلم لكونه أذن لهُ في ذلك (2).
(مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) أي: من سعة انتشارهَا وتنفسها ومنهُ مكان أفيح أي: متسع وظاهره أن مثار وَهج الحرِّ في الأرض من فيحَ جَهَنم في الأرض حَقيقة، وقيل: هو من مجاز التشبيه (3) أي: كأنهُ نار جَهَنم في (4) الحَر، والأول أولى، ويؤَيدهُ حَديث الصَّحيحين (5)"اشتكت النار إلى ربها، فأذِنَ لهَا بنَفَسَين"(6). وهذا على القَول بأن جَهَنم تَحت الأرض.
(فَإِذَا اشْتَدَّ) أصله اشتدد بوَزن افتعَل من الشدة ثم أدغمت أحدَى الدالين في الأخرى ومفهُوم (7) الصفة أن (الحر) إذا لم يشتد لا يشرع (8) الإبراد وكذَا لا يشرع في البرد من بَاب أولى، ويحتمل أن يأتي مِنَ جُمَلِ (9) التعليل للإبرَاد: دَفع المشقة لكونها حَالة تسلب الخشوع أن تؤخر الصَّلاة لشدة البرَد كما في صلاة الصُبح في وقت السَّحر، فإنه يَأتي في الشتاء وقت السَّحر زَمهرير يشق مَعَهُ الذهَاب إلى المَسْجد لحُضور الجماعة، ولهذا سوّوا بين شدة الحر والبَرْد في ترك الجماعة والجُمعَة ليلًا كانَ أو نَهارًا، وكذَا يأتي في التعليل بأنها سَاعة ينتشر فيهَا العَذاب، فإن شدة البرد من فيح جَهَنم كما في الحديث
(1) في (د، س، م، ل): الساعة.
(2)
"فتح الباري" 2/ 17.
(3)
في (د): السببية.
(4)
من (ل)، "فتح الباري".
(5)
في (ص، س، ل): الصحيح.
(6)
"صحيح البخاري"(537)، و"صحيح مسلم"(617)(185).
(7)
وفي (م): ومفهم.
(8)
سقط من (م). وفي (د): يمتنع.
(9)
من (ل).
"نفس في الشتاء"(1) واللهُ أعلم.
(فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ)(2) وهذا رُخصَة حَتى لو تكلف وصَلى في أول الوَقت كانَ أفضَل وصحَّحَهُ بعض أصحَابنَا الخراسَانيين وليسَ كذَلك.
[402]
(ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ) بفتح الميم والهَاء (الْهَمْدَانِيُّ) بإسْكان الميم (وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ) البَلخي (أَنَّ اللَّيْثَ)(3) ابن سعْد (حَدَّثَهُمْ، عَنِ) محَمد (ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ) عَبْد الله بن عبد الرَّحمن. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا) أي: أخرُوا الصَّلاة عن ذَلك الوَقت وأدخلوهَا في وقت البَرد وهوَ الزمَان الذي يبين (4) فيه انكسَار شدة الحَر.
(عَنِ الصَّلَاةِ)(عَن) بِمعَنى البَاء كقوله تَعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (5)، وقيل:(عن) هُنا زَائدَة أي: أبردُوا الصَّلاة. يقال: أبرَد الرجل كذَا إذَا فعَلهُ في بَرد النهَار.
(قَالَ) خَالد (ابْنُ مَوْهَبٍ)(6) فَأَبْردُوا (بِالصَّلَاةِ) وعَلَى القَول الثاني أنَّ عَنْ زَائدة فتكون الباء في روَاية ابن موهب (7) أيضًا زَائدَة ودَخلت لتأكيد (8) الاتصَال لتوكيد (9) شدة الفعْل بالفَاعِل كقوله تعَالى: {وَكَفَى
(1)"صحيح البخاري"(537)، و"صحيح مسلم"(617)(185).
(2)
كتب عندها حاشية في (م): وأخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
(3)
في (س): أنس.
(4)
في (ص، ل): يثبت.
(5)
الفرقان: 59.
(6)
في (ص): وهب.
(7)
في (ص): وهب.
(8)
في (ص، س، ل): ليتأكد.
(9)
في (د): لتؤكد.
بِاللَّهِ شَهِيدًا} (1){وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2) و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (3) و {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (4) عندَ بَعضهم، والجمهور على أنها ليست بِزَائَدة فإنهُ إنما يَجوز الحكم بِزيَادَتها إذا تأدى المعنى المقصود بِوجُودهَا حَالَة [عَدَمهَا عَلى](5) السواء وليسَ كذَلك في هذِه الأمثلة.
(فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ)(6) وفيحهَا شدة حَرهَا وشدة غليَانها يقال: فاحَت القدر تفيح أي: هَاجَت وغَلت (7).
[403]
(ثَنَا مُوسَى بْنُ (8) إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَن بِلالًا كَانَ يُؤَذِّنُ الطهْرَ إِذَا دَحَضَتِ) بِفَتح الحاء المُهملة والضاد المعجمَة أي: زَالت عن كبد السَّماء مَأخوذ مِنَ الدَّحَض وهو الزلَق والميل عَن الشيء.
(الشَمْسُ) ومقتَضى هذا أنهُ كانَ يُصَلى الظهر في أوَّل وقتها ولا يخالف ذَلكَ الإبراد لاحتمال أن يَكون ذَلك في زمَن البَرد، [أو قبل](9) الأمر بالإبراد أو عند فقد شروط الإبراد.
* * *
(1) النساء: 79.
(2)
البقرة: 195.
(3)
العلق: 1.
(4)
الإنسان: 6.
(5)
تكررت في (م).
(6)
كتب عندها حاشية في (م): وأخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
(7)
هذا هو المعنى الثاني للفيح، وقد ذكر المصنف المعنى الأول بمعنى السَّعة انظر:"لسان العرب": فَيح.
(8)
زاد هنا في (م): إبراهيم بن.
(9)
في (ص): وقيل.