الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذانِ
515 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنا شعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمانَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"المُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْب وَيابِسٍ وَشاهِدُ الصَّلاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلاةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ ما بَينَهُما"(1).
516 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنادِ عَنِ الأعرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطانُ وَلَهُ ضُراطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذا قُضِيَ النِّداءُ أَقْبَلَ حَتَّى إِذا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المرْءِ وَنَفْسِهِ ويَقُولَ: اذْكُرْ كَذا اذْكُرْ كَذا لِما لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَضِلَّ الرَّجلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى"(2).
* * *
باب رفع الصوت بالأذان
[515]
(ثنا حفص بن عمر النمري) بفتح النون والميم، قال:(ثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة)(3) الهمداني الكوفي مولى أبي جعدة بن هبيرة المخزومي.
قال جرير: إذا رأيته ذكرت الله لرؤيته (4).
(1) رواه النسائي 2/ 12، وابن ماجه (724).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(528).
(2)
رواه البخاري (1222)، ومسلم (389/ 19).
(3)
كذا في جميع النسخ التي لدينا، وفي بعض نسخ "السنن" موسى بن أبي عثمان، وأثبتها محققة، لما رواه النسائي وغيره كذلك.
(4)
"تهذيب الكمال" 29/ 92.
(عن أبي يحيى) المكي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(1)، وزعم أنه سمعان الأسلمي. ورواه البيهقي من وجهين آخرين عن الأعمش، قال تارةً: عن أبي صالح، وتارةً عن مجاهد، عن أبي هريرة، ومن طريق أخرى عن مجاهد، عن ابن عمر (2). قال الدارقطني: الأشبه أنه عن مجاهد مرسل (3).
(عن أبي هريرة، عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: المؤذن يغفر له مدى صوته) أي [منتهاه وغايته](4)(ويشهد له كل رطب ويابس) ورواه أحمد والنسائي من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه بلفظ: "المؤذن يغفر له مدّ صوته ويصدقه من يسمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه"(5). وصححه ابن السكن، وقد استدل به على أنه يستحب للمؤذن أن يبالغ في رفع صوته ما أمكنه، بحيث لا يلحقه ضرر، وهذا على وجه الاستحباب، وهو في غير المنفرد متفق عليه، وفي المنفرد على الصحيح، ولا يرفع صوته بمسجد وقعت فيه جماعة لئلا يتوهم وقت صلاة أخرى (6).
(وشاهد الصلاة) أي حاضر صلاة الجماعة (7)(يكتب له خمس وعشرون صلاة) كما سيأتي (ويكفر عنه ما بينهما) أي: ما بين
(1)"الثقات" لابن حبان 7/ 667.
(2)
"السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 431.
(3)
"العلل" 8/ 236.
(4)
في (ص): شهده وعاينه.
(5)
"سنن النسائي" 2/ 13، و"مسند أحمد" 4/ 284، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(235) لغيره.
(6)
انظر: "نهاية المطلب" 2/ 45 - 47، "روضة الطالبين" 1/ 200.
(7)
في (س): الجمعة.
الصلاتين أي (1): ما بين كل صلاتين من الصغائر، وإن لم يوجد صغيرة فَيُرجى أن يخفف عنه من الكبائر إن شاء الله تعالى.
[516]
(ثنا القعنبي (2)، عن مالك، عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان مولى رملة بنت شيبة.
(عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نودي للصلاة) وللنسائي: "بالصلاة"(3)، وهي رواية لمسلم أيضًا، ويمكن حملهما على معنى واحد.
(أدبر الشيطان وله ضراط)(4) هذه رواية البخاري (5)، والرواية المشهورة:"له ضراط (6) " بلا واو، وهي جملة اسمية وقعت حالًا.
قال عياض: يمكن حمله على ظاهره؛ لأنه جسم متغذ يصح منه خروج الريح، ويحتمل أنها عبارة عن شدة [نفاره (7)، ويُقَرِّبُه](8) رواية لمسلم: "وله حصاص"(9) بمهملات مضموم (10) الأول، وفسّره
(1) في (ص): إلى.
(2)
في (ص): الفقيه.
(3)
"سنن النسائي الكبرى"(1176)، وهي رواية أبي داود أيضا.
(4)
في (م): ضراد.
(5)
"صحيح البخاري"(608).
(6)
في (م): طرطه.
(7)
"تنوير الحوالك" 1/ 69.
(8)
في (ص): تعاده وتعديه.
(9)
"صحيح مسلم"(389)(17).
(10)
في (ص، س): مضمومة.
الأصمعي بشدة العدو (1). قال الطيبي: شبه شغل (2) الشيطان نفسه عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره، ثم سمَّاه ضراطًا تقبيحًا له ولفاعله قصدًا، والظاهر أن المراد بالشيطان إبليسُ كما دلَّ عليه كثير من الشراح، ويحتمل أن يراد جنس الشيطان، وهو كل متمرِّد من الجنِّ أو الإنس، لكن المراد هنا شيطان الجنِّ خاصّة (3).
(حتى لا يسمع) منصوب بحتى و"لا" غير حاجزة] (4) كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} (5)(التأذين) ظاهره أنه يتعمد إخراج ذلك إما ليشتغل بسماع الصوت الذي يخرجه عن سماع المؤذن، أو يخرج ذلك استخفافًا بالأذان كما يفعل السفهاء، ويحتمل أن لا يقصد ذلك، بل يحصل له عند سماع الأذان شدة خوف يحدث منه الحدث.
واستدل به على استحباب رفع الصوت بالأذان، لأن قوله:"حتى لا يسمع" ظاهر في أنه يبعد إلى غاية ينتفي (6) فيها سماعه للصوت، وقد وقع بيان الغاية في رواية لمسلم من حديث جابر فقال:"حتى يكون بمكان الروحاء"(7). وبين المدينة والروحاء ستة وثلاثون ميلًا. ولفظ إسحاق
(1)"غريب الحديث" لأبي عبيد 4/ 181.
(2)
في (م): سفل.
(3)
"فتح الباري" 2/ 85.
(4)
في (ص، س، ل): حاححره، وفي (م): ما جحده، ولعل المثبت الصواب.
(5)
الحشر: 7.
(6)
في (ص، س): ينبغي.
(7)
"صحيح مسلم"(388)(15).
في "مسنده": "حتى يكون بالروحاء". وهي ثلاثون ميلًا من المدينة (1). فأدرجه في الخبر.
(فإذا قُضي) بضم أوله وكسر ثانيه، والمراد به الفراغ أو الانتهاء، ويروى بفتح أوله على حذف الفاعل، والمراد المنادي (النداء) واستدل به على أنه كان بين الأذان والأقامة فصل خلافًا من شرط في إدراك فضيلة (2) أول الوقت أن يكون متطهرًا.
(حتى إذا ثوب) بضم المثلثة وتشديد الواو المكسورة. قيل: هو من ثَابَ إذا رجع، وقيل: من ثَوَّبَ إذا أشار بثوبه عند الفراغ لإعلام غيره. قال الجمهور: المراد بالتثويب هنا: الإقامة؛ وبذلك جزم أبو عوانة في "صحيحه" والبيهقي وغيرهما (3).
قال القرطبي: ثُوِّب بالصلاة أي أقيمت، وأصله أنه رجع إلى ما [يشبه الأذان (4)](5)، وكل مردد صوتًا فهو مثوب، ويدل عليه رواية مسلم:"فإذا سمع الإقامة ذهب"(6).
(بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب) يعني الإقامة (أقبل حتى يخطُر) بضم الطاء. قال عياض: كذا سمعناه (7) من أكثر الرواة، وضبطناه عن
(1) لم اْجده في المطبوع من "مسند إسحاق بن راهويه".
(2)
في (ص): فضله.
(3)
"مسند أبي عوانة"(975)، و"السنن الكبرى" 1/ 432.
(4)
"المفهم" للقرطبي 2/ 16.
(5)
في (ص): سببه الإدراك.
(6)
"صحيح مسلم"(389)(16).
(7)
في (م): سمعنا.
المتقنين بالكسر وهو الوجه، ومعناه: فيوسوس، وأصله من خطر البعير بذنبه إذا حرّكه فضرب به فخذيه، وأما بالضم فمن المرور أي يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله (1).
(بين المرء ونفسه) أي: قلبه، وكذا هو في رواية للبخاري في بدء الخلق (2).
قال الباجي: المعنى أنه يحول بين المرء وبين ما يريده من إقباله على صلاته وإخلاصه فيها (3)(ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا) وفي رواية للبخاري بواو (4) العطف: "واذكر كذا"، وهي لمسلم (5) وللبخاري في صلاة السهو.
(لما) أي يذكره بغير (6) ما (لم يكن يذكر) وربما يذكره بما كان نسيه (7) منذ (8) أيام أو أشهر (حتى يظل) بفتح الياء والظاء المشالة، كذا للجمهور، ومعنى يظل في الأصل اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا، لكنها هنا بمعنى يصير أو يبقى، ووقع في رواية البخاري للأُصيلي:"يضِل" بكسر الضاد الساقطة أي ينسى، ومنه قوله
(1)"مشارق الأنوار" 1/ 234.
(2)
"صحيح البخاري"(3285).
(3)
"المنتقى" 2/ 11.
(4)
في (م): كواو.
(5)
"صحيح مسلم"(389)(19).
(6)
في (ص): لغير.
(7)
في (س): يشبه.
(8)
في (ص، س): مثل.
تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} (1) أو بفتحها بمعنى يخطئ بمعنى {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} (2) والمشهور الأول.
(إِنْ) بكسر الهمزة، وهي نافية بمعنى لا كما في رواية البخاري في الأذان (3). وحكى ابن عبد البر عن الأكثر في "الموطأ" بفتح الهمزة (4). قال القرطبي: فتح الهمزة رواية أبي عمر، ومعناها لا يدري، وكذا ضبطها الأصيلي في كتاب البخاري أن بالفتح، قال: وليست هذِه الرواية بشيء إلا مع رواية الضاد فتكون أن مع الفعل (5).
وهو (يدري) بتأويل (6) المصدر، ومفعول ضل (7) أن (8) بإسقاط حرف الجر أي: يضل عن درايته (كم صلى) فينسى كم عدد ركعاته، أي ويبقى متحيرًا في صلاته. والله أعلم.
(1) البقرة: 282.
(2)
طه: 52.
(3)
"صحيح البخاري"(1231).
(4)
"التمهيد" 18/ 319.
(5)
"المفهم" للقرطبي 2/ 17.
(6)
من (م). وفي بقية النسخ: بيا وقيل.
(7)
من (س، ل، م).
(8)
من (م).