الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتَارَهُ الله - تَعَالَى - لنَبيه صلى الله عليه وسلم، كَمَا ستعلمه، وَفِي «صَحِيح مُسلم» عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه أَنه قَالَ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ:«الحدوا لي لحدًا، وانصبوا عَلّي اللَّبن نصبا، كَمَا صنع برَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
الثَّالِثَة: الشق: بِفَتْح الشين (واللحد: بِفَتْح اللَّام وَضمّهَا لُغَتَانِ)، قَالَ الْجَوْهَرِي: الضريح، الشق فِي وسط الْقَبْر، واللحد فِي الْجَانِب.
الحَدِيث (الثَّانِي) بعد السِّتين
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ: «لما توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجل يلْحد وَآخر يضرح، فَقَالُوا: نستخير رَبنَا ونبعث إِلَيْهِمَا، فَأَيّهمَا سبق تَرَكْنَاهُ. فَأرْسل إِلَيْهِمَا، فَسبق صَاحب اللَّحْد؛ فلحد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَابْن مَاجَه فِي «سنَنه» بِإِسْنَاد كل رِجَاله ثِقَات، إِلَّا مبارك بن فضَالة؛ فَإِن النَّسَائِيّ ضعفه، وَقَالَ عَفَّان: ثِقَة من النساك [وَكَانَ وَكَانَ] . وَقَالَ أَبُو زرْعَة: إِذا قَالَ: (ثَنَا) فَهُوَ ثِقَة.
قلت: قد صرح بِالتَّحْدِيثِ فِي هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: ثَنَا حميد.
ثَانِيهَا: من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: «لما أَرَادوا أَن يحفروا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعثوا إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح، وَكَانَ يضرح كضريح أهل مَكَّة، وبعثوا إِلَى أبي طَلْحَة، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يحْفر لأهل الْمَدِينَة وَكَانَ يلْحد، فبعثوا إِلَيْهِمَا رسولين، وَقَالَ: اللَّهُمَّ خر لِرَسُولِك. فوجدوا أَبَا طَلْحَة، فجيء بِهِ - وَلم يُوجد أَبُو عُبَيْدَة - فلحد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم» ثمَّ ذكر بَاقِي الحَدِيث، وَهُوَ قِطْعَة من الحَدِيث السالف فِي دَفنه فِي الْحُجْرَة الشَّرِيفَة، وَقد أسلفنا أَن فِي سَنَده حُسَيْن بن عبد الله، وَأَن النَّسَائِيّ تَركه، وَقَالَ يَحْيَى مرّة: لَا بَأْس بِهِ، يكْتب حَدِيثه. وَرَوَاهُ أَحْمد بِلَفْظ:«ثمَّ دَعَا الْعَبَّاس رجلَيْنِ، فَقَالَ: (ليذْهب أَحَدكُمَا إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح - وَكَانَ يُصَرح لأهل مَكَّة -) وليذهب الآخر إِلَى أبي طَلْحَة - وَكَانَ يلْحد لأهل الْمَدِينَة - قَالَ: ثمَّ قَالَ الْعَبَّاس لَهما حِين سرحهما: اللَّهُمَّ خر لِرَسُولِك. فذهبا، فَلم يجد صَاحب أبي عُبَيْدَة أَبَا عُبَيْدَة، وَوجد صَاحب أبي طَلْحَة أَبَا طَلْحَة، فجَاء فلحد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
ثَالِثهَا: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة، رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا، قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَعبد الرَّحْمَن يضعف من قبل حفظه، (وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك) . وَقَالَ البُخَارِيّ: ضَعِيف ذَاهِب
الحَدِيث. وَقَالَ ابْن حبَان: ينْفَرد عَن الثِّقَات بِمَا لَا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات، فَلَا أَدْرِي كثر الْوَهم مِنْهُ أَو من ابْنه مُحَمَّد، وَابْنه فَاحش الْخَطَأ وَأكْثر رواياته تَدور عَلَى ابْنه؛ فَوَجَبَ تَركه لاشتباه أمره.
وَفِي «علل الدَّارَقُطْنِيّ» عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: «كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلَانِ، أَحدهمَا يشق، والأخر يلْحد، فجَاء الَّذِي يلْحد، فلحد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، من طَرِيق [يَحْيَى بن] عُرْوَة بن الزبير، وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه مُرْسلا، وَهُوَ الْمَحْفُوظ، قَالَ: كَذَلِك رَوَاهُ مَالك وَابْن عُيَيْنَة.
وَفِي «علل ابْن أبي حَاتِم» : سَأَلت أبي عَن حَدِيث عَائِشَة هَذَا، فَقَالَ: الصَّحِيح عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، بِإِسْقَاط عَائِشَة. - قلت: الَّذِي رَوَاهُ (بإثباتها) هُوَ أَبُو الْوَلِيد عَن حَمَّاد بن سَلمَة - فالخطأ من أَيهمَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَفِي كتاب «أَسمَاء رُوَاة مَالك» للخطيب الْحَافِظ من حَدِيث ابْن عمر: «أَنه عليه السلام لحد لَهُ» . ثمَّ قَالَ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ إِسْمَاعِيل بن يَحْيَى، وَهُوَ ضَعِيف، مَتْرُوك الحَدِيث.