الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبيب ضَعِيف وَسكت عَنهُ فِي الْجِهَاد، وَقَالَ مرّة: إِنَّه لَيْسَ بالمشهور، وَلَا أعلم رَوَى عَنهُ إِلَّا جَعْفَر بن سعد، وَلَيْسَ جَعْفَر مِمَّن يعْتَمد عَلَيْهِ.
قَالَ الذَّهَبِيّ: وَسليمَان هَذَا زهري من أهل الْكُوفَة لَيْسَ بالمشهور. وَقَالَ فِي تَرْجَمَة خبيب: إِنَّه - أَعنِي خبيبًا - لَا يعرف. قَالَ: وَبِكُل حَال هَذَا إِسْنَاد مظلم لَا ينْهض بِحكم.
قلت: لَا يسلم لَهُ ذَلِك، فقد قَالَ ابْن عبد الْبر: ذكره أَبُو دَاوُد وَغَيره بِالْإِسْنَادِ الْحسن، عَن سَمُرَة. وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي «عمدته الْكُبْرَى» : إِسْنَاده مقارب، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : فِيهِ رجال لَا أعرف حَالهم، وَلَكِن لم يُضعفهُ أَبُو دَاوُد فَهُوَ حسن أَو صَحِيح عَلَى قَاعِدَته.
وَقَالَ شَيخنَا فتح الدَّين الْيَعْمرِي: هَذَا إِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ، وَأَقل مراتبه أَن يكون حسنا؛ فَإِن جَعْفَر بن سعد مَسْتُور الْحَال، وخبيب وَأَبوهُ (وثقهما) ابْن حبَان. قلت: وَكَذَا جَعْفَر أَيْضا كَمَا أسلفناه عَنهُ.
الحَدِيث الثَّالِث
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» .
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه فِي بَابه وَاضحا.
(انتهي الْكَلَام عَلَى الْأَحَادِيث) .
وَأما الْأَثر: مَا اعْتَمدهُ الشَّافِعِي عَن [أبي] عَمْرو بن حماس، أَن أَبَاهُ حماسًا قَالَ:«مَرَرْت عَلَى عمر بن الْخطاب وَعَلَى عنقِي أدمة أحملها، فَقَالَ: أَلا تُؤدِّي زكاتك يَا حماس؟ فَقلت: مَا لي غير هَذَا وَأهب فِي الْقرظ. قَالَ: ذَلِك مَال فضع. فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ، فحسبها، فَوجدت قد وَجب فِيهَا الزَّكَاة، فَأخذ مِنْهَا الزَّكَاة» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد، نَا يَحْيَى بن سعيد، عَن أبي عَمْرو بن حماس، أَو [عَن] عبد الله بن أبي سَلمَة، عَن أبي عَمْرو بن حماس، عَن أَبِيه أَنه قَالَ:«كنت أبيع (الْأدم والجعاب) ، فمرّ بِي عمر بن الْخطاب، فَقَالَ لي: أدِّ صَدَقَة مَالك. فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنَّمَا هُوَ (فِي) الْأدم. قَالَ: قوّمه ثمَّ أخرج صدقته» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان، نَا يَحْيَى (بن سعيد) عَن عبد الله بن أبي سَلمَة، عَن أبي عَمْرو بن حماس؛ أَن أَبَاهُ قَالَ: «مَرَرْت بعمر بن الْخطاب
…
» فَذكره، وَقَالَ فِيهِ «فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا لي غير هَذِه الَّتِي عَلَى ظَهْري وأهبة فِي الْقرظ. فَقَالَ:(ذَاك) مَال (بدل مَا) ذكر وَالْبَاقِي بِمثلِهِ سَوَاء.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ جَعْفَر بن (عون)، عَن يَحْيَى مُخْتَصرا قَالَ:«كَانَ حماس يَبِيع الْأدم و (الجعاب) ، فَقَالَ لَهُ عمر: أدِّ زَكَاة مَالك. فَقَالَ: إِنَّمَا مَالِي (جعاب) وأدم فَقَالَ: قوِّمه وأدّ زَكَاته» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي أَيْضا عَن سُفْيَان، نَا ابْن عجلَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن أبي (عَمْرو) بن حماس، عَن أَبِيه. مثل رِوَايَة سُفْيَان الأولَى.
وَفِي رِوَايَة لسَعِيد بن مَنْصُور عَن حماس - وَكَانَ يَبِيع الْأدم - قَالَ: «قَالَ لي عمر بن الْخطاب: يَا حماس، أدّ زَكَاة مَالك. فَقلت: مَا لي مَال، إِنَّمَا أبيع الْأدم. قَالَ: قوّمه وأدّ زَكَاة مَالك. فَفعلت.
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق كَمَا حَكَاهُ أَبُو عمر عَنهُ، عَن الثَّوْريّ [عَن يَحْيَى بن سعيد] عَن أبي سَلمَة، عَن ابْن حماس، عَن أَبِيه. وجَهَّلَ ابنُ حزمٍ حماسًا وَابْنه، فَقَالَ: أَبُو عَمْرو ابْن حماس مَجْهُول (كأبيه) فَقَالَ: وروينا من طَرِيق عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل، نَا عَارِم
بن الْفضل، قَالَ: سَمِعت أَبَا الْأسود - هُوَ حميد بن الْأسود - يَقُول: ذكرت لمَالِك بن أنس حَدِيث ابْن حماس فِي الْمَتَاع يزكَّى، عَن يَحْيَى بن سعيد. فَقَالَ مَالك: يَحْيَى قماش.
قَالَ ابْن حزم: مَعْنَاهُ أَنه يجمع القماش، وَهُوَ الكناسة، أَي يروي عَمَّن لَا قدر لَهُ وَلَا يسْتَحق.
فَائِدَة: حِمَاس بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْمِيم وَآخره سين مُهْملَة. (وَقَوله: «أدمة» اعْلَم أَن الْأَدِيم يجمع عَلَى أَدم، بِفَتْح الْهمزَة، وَعَلَى آدمة بِأَلف بعد الْهمزَة، كرغيف وأرغفة. وَأما الأَدمة بِفَتْح الْهمزَة وَالدَّال وبالتاء فَهُوَ بَاطِن الْجلد الَّذِي يَلِي اللَّحْم و [الْبشرَة] ظَاهرهَا، كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي، وحينئذٍ فَيتَعَيَّن عَلَى مَا نَقله أَن تكون اللَّفْظَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا هِيَ جمع الْأَدِيم؛ فَإِن الْمَفْتُوحَة لَا يظْهر ضمهَا هُنَا. والإهاب: الْجلد، وَجمعه أَهَب، بِفَتْح الْهمزَة وَالْهَاء، عَلَى غير الْقيَاس، كأديم وأدم. وَقد قَالُوا أَيْضا: أُهب بِالضَّمِّ. [قَالَه] الْجَوْهَرِي وَمُقْتَضَى كَلَامه أَن الأول هُوَ الْمَعْرُوف) .