الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْن حزم: ذكرُوا آثاًرا فِي إِيجَاب الزَّكَاة فِي (الزَّبِيب) لَيْسَ مِنْهَا شَيْء يَصح، مِنْهَا حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة «عندنَا كتاب معَاذ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه إِنَّمَا أَخذ الصَّدَقَة من التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَالشعِير» ثمَّ (قَالَ) هَذَا مُنْقَطع؛ لِأَن مُوسَى بن طَلْحَة لم يدْرك معَاذًا (يَعقله) .
الحَدِيث الثَّانِي
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصَّدَقَة فِي أَرْبَعَة: فِي التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَالشعِير، وَلَيْسَ فِيمَا سواهَا صَدَقَة» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» و «خلافياته» من حَدِيث (أبي) بُرْدَة، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، ومعاذ بن جبل، رضى الله عَنْهُمَا، حِين بعثهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيمن، يعلمَانِ النَّاس أَمر دينهم:«لَا تَأْخُذُوا الصَّدَقَة (إِلَّا) من هَذِه الْأَرْبَعَة: الشّعير، وَالْحِنْطَة، وَالتَّمْر، وَالزَّبِيب» .
قَالَ الْحَاكِم: إِسْنَاده صَحِيح. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : رُوَاته ثِقَات، وَهُوَ مُتَّصِل.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث مُوسَى
بن طَلْحَة، عَن عمر بن الْخطاب؛ قَالَ:«إِنَّمَا سنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الزَّكَاة فِي هَذِه الْأَرْبَعَة: فِي الْحِنْطَة، وَالشعِير، وَالزَّبِيب، وَالتَّمْر» .
وَمن حَدِيث الْعَرْزَمِي - وَهُوَ واه - عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، قَالَ:«سُئِلَ عبد الله بن عَمْرو عَن الْجَوْهَر والدر والفصوص والخرز، وَعَن نَبَات الأَرْض؛ البقل والقثاء وَالْخيَار، فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحجر زَكَاة، وَلَيْسَ فِي الْبُقُول زَكَاة، إِنَّمَا سنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب» .
(وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه مُخْتَصرا؛ وَهَذَا لَفظه: عَن جده عبد الله بن (عَمْرو) قَالَ: «إِنَّمَا سنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الزَّكَاة فِي هَذِه الْخَمْسَة: فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب) والذرة» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة؛ قَالَ: «عندنَا كتاب معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؛ أَنه إِنَّمَا أَخذ الصَّدَقَة من الْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب وَالتَّمْر» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» أَيْضا، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث قد احْتج بِجَمِيعِ (رُوَاته) . قَالَ: (و) مُوسَى بن طَلْحَة تَابِعِيّ كَبِير (لَا) يُنكر لَهُ (أَنه) يدْرك أَيَّام معَاذ. وَاعْترض عَلَيْهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي
«الْإِلْمَام» ؛ فَقَالَ بعد أَن نقل عَن الْحَاكِم أَنه قَالَ فِيهِ: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَزعم أَن مُوسَى بن طَلْحَة تَابِعِيّ كَبِير لَا يُنكر أَن يدْرك أَيَّام (معَاذ) : وَفِيمَا قَالَ نظر كَبِير؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ من حَدِيث مُوسَى أَنه قَالَ: «عندنَا كتاب معَاذ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه إِنَّمَا أَخذ الصَّدَقَة من الْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب وَالتَّمْر» وَهَذَا يشْعر أَنه كتاب، وَذكر أَبُو زرْعَة أَن مُوسَى عَن عمر مُرْسل؛ فَإِن كَانَ لم يدْرك (عمر فَلم يدْرك) معَاذًا. وَقَالَ فِي «الإِمَام» : فِي قَول الْحَاكِم نظر - أَعنِي فِي الِاتِّصَال مَا بَين مُوسَى ومعاذ - وَقد ذكرُوا فِي وَفَاة مُوسَى (أَنَّهَا) كَانَت فِي سنة ثَلَاث وَمِائَة وَقيل: أَربع.
قلت: وَأما ابْن عبد الْبر فَقَالَ فِي «استذكاره» : لم يلق معَاذًا وَلَا أدْركهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعد تَخْرِيجه: رَوَى هَذَا الحَدِيث عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي، عَن سُفْيَان، وَزَاد فِيهِ: قَالَ: «بعث الْحجَّاج بمُوسَى بن الْمُغيرَة عَلَى الْخضر والسواد، فَأَرَادَ أَن يَأْخُذ من الْخضر الرطاب والبقول، فَقَالَ مُوسَى بن طَلْحَة: عندنَا كتاب معَاذ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه أمره أَن يَأْخُذ من الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب. قَالَ: فَكتب إِلَى الْحجَّاج فِي ذَلِك، فَقَالَ: صدق» وَفِي رِوَايَة لَهُ: إِن مُوسَى بن طَلْحَة أعلم من مُوسَى بن الْمُغيرَة. ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن مُجَاهِد؛
قَالَ: «لم تكن الصَّدَقَة فِي عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي خَمْسَة (أَشْيَاء) : الْحِنْطَة، وَالشعِير، وَالتَّمْر، وَالزَّبِيب، والذرة» . ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن الْحسن قَالَ: «لم يفْرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي عشرَة أَشْيَاء: الْإِبِل، وَالْبَقر، وَالْغنم، وَالذَّهَب، وَالْفِضَّة، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير، وَالتَّمْر، وَالزَّبِيب» قَالَ ابْن عُيَيْنَة: أرَاهُ قَالَ - والذرة» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن الْحسن؛ قَالَ: «لم يَجْعَل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الصَّدَقَة إِلَّا فِي عشرَة
…
» فَذَكرهنَّ، وَذكر (فِيهِنَّ) «السُلت» وَلم يذكر:«الذّرة» . وَفِيه (عَمْرو) بن عبيد، رَأس الاعتزال، الْمَتْرُوك. ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن الشّعبِيّ؛ قَالَ:«كتب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل الْيمن: إِنَّمَا الصَّدَقَة فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب» . ثمَّ رَوَى أَيْضا حَدِيث معَاذ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الأول، ثمَّ قَالَ: هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا مَرَاسِيل، إِلَّا (أَنَّهَا) من طرق مُخْتَلفَة فيؤكّد بَعْضهَا بَعْضًا، وَمَعَهَا حَدِيث أبي مُوسَى، وَمَعَهَا قَول بعض الصَّحَابَة؛ كَقَوْل عمر:«لَيْسَ فِي الخضروات صَدَقَة» ، (وَقَول عَلّي: لَيْسَ فِي الخضروات [والبقول] صَدَقَة» ) وَقَول عَائِشَة فِيمَا ذكرت أَن السّنة جرت بِهِ: «وَلَيْسَ فِيمَا أنبتت الأَرْض