الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«مستخرجه عَلَى مُسلم» بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: وَقد اتفقَا عَلَى إِخْرَاج حَدِيث عباد بن تَمِيم. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» : رِجَاله رجال «الصَّحِيح» ، وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَقَالَ فِي آخِره:«فَثقلَتْ عَلَيْهِ فَقَلَبَهَا، الْأَيْمن عَلَى الْأَيْسَر والأيسر عَلَى الْأَيْمن» .
فَائِدَة: الخميصة: كسَاء أسود لَهُ عَلَمَان فِي طرفه، قَالَ (أَبُو عُبَيْدَة) : هُوَ كسَاء مربَّع لَهُ عَلَمَان. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كسَاء من صوف أوْ خَزٍّ مُعْلمة سُود، كَانَت من لِبَاس النَّاس. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: كسَاء رَقِيق أَحْمَر، أَو أَحْمَر وأسود.
الحَدِيث (الثَّامِن عشر)
«أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يحب الفأل» .
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته من حَدِيث أنس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا عَدْوّى، وَلَا طِيَرَة، ويعجبني الفأل الْكَلِمَة الْحَسَنَة والكلمة
الطّيبَة» . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: «قيل: وَمَا الفألُ؟ قَالَ: الْكَلِمَة الطّيبَة» . وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «لَا طيرة، وَخَيرهَا الفأل. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الفألُ؟ قَالَ: الْكَلِمَة الصَّالِحَة يسْمعهَا أحدكُم» . وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «لَا عَدْوّى، وَلَا هَامة، وَلَا طيرة، وَأحب الفأل الصَّالح» . (هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب) .
وأمَّا آثاره:
ذكر فِيهِ «أَن عمر بن الْخطاب استسقى بِالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» من رِوَايَة أنس رضي الله عنه «أَن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا قحطوا استسقى بِالْعَبَّاسِ بن عبد الْمطلب، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نتوسَّل إِلَيْك بنبينا (فتسقينا، وَإِنَّا نتوسل إِلَيْك بعم نَبينَا فاسقنا، فيسقون» . وَفِي «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» فِي تَرْجَمَة الْعَبَّاس، من حَدِيث دَاوُد بن عَطاء الْمدنِي - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن زيد بن أسلم، عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: «استسقى عمر بن الْخطاب عَام الرَّمَادَة بِالْعَبَّاسِ
بن عبد الْمطلب، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَم نبيك (نتوجه إِلَيْك بِهِ؛ فاسقنا. فَمَا برحوا حَتَّى سقاهم الله عز وجل قَالَ: فَخَطب عمر النَّاس فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يرَى للْعَبَّاس مَا يرَى الْوَلَد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أَيهَا النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي عَمه الْعَبَّاس، واتخذوه وَسِيلَة إِلَى الله عز وجل فِيمَا نزل بكم» .
وَفِي «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» أَيْضا من حَدِيث ثُمَامَة عَن أنس قَالَ: (كَانُوا إِذا قحطوا عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم استسقوا برَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَسْقَى لَهُم، فيُسقَون، فلمَّا كَانَ بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي إِمَارَة عمر قحطوا، فَخرج عمر بِالْعَبَّاسِ يَسْتَسْقِي بِهِ؛ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذا قحطنا عَلَى عهد نبيك استسقينا بِهِ فسُقينا، وَإِنَّا نتوسل (إِلَيْك) الْيَوْم بعم نبيك فاسقنا. قَالَ: فسُقوا» . وَفِي «أمالي» المُصَنّف - أَعنِي: الرَّافِعِيّ رحمه الله «أَن عمر استسقى بِالْعَبَّاسِ عَام الرَّمَادَة؛ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن هَؤُلَاءِ عِبَادك وَبَنُو إمائك، أتوك راغبين متوسلين إِلَيْك بعم نبيك، اللَّهُمَّ إِنَّا نستسقيك بعم نبيك، ونستشفع إِلَيْك بشيبته. فسُقوا» . وَفِي ذَلِك يَقُول بعض بني هَاشم فِي أبياتٍ لَهُ:
وَأَهله عَشِيَّة يَسْتَسْقِي بشيبته عمر
بِعَمِّي سَقَى الله الحجازَ
فَائِدَة: الرَّمَادَة - برَاء ودال مهملتين وبالميم -: الْهَلَاك. قَالَ الْجَوْهَرِي: هِيَ أَعْوَام (جَدب) تَتَابَعَت عَلَى النَّاس، سمي بذلك
لهلاك النَّاس وَالْأَمْوَال فِيهِ، يُقَال: رَمَدَ - بِالْفَتْح - يَرمد - بِالْكَسْرِ وَالضَّم - رمْدًا - بِالسُّكُونِ - ورمادة: إِذا هلك.
ثمَّ ذكر الرَّافِعِيّ أَيْضا «أَن مُعَاوِيَة استسقى بِيَزِيد بن الْأسود رضي الله عنه» .
وَهَذَا الْأَثر ذكره تبعا لصَاحب «الْمُهَذّب» ، فَإِنَّهُ قَالَ:«إِن مُعَاوِيَة استسقى بِيَزِيد بن الْأسود فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نستسقي بخيرنا وأفضلنا، اللَّهُمَّ إِنَّا نستسقي بِيَزِيد بن الْأسود، يَا يزِيد، ارْفَعْ يَديك إِلَى الله - تَعَالَى - فَرفع يَدَيْهِ، وَرفع النَّاس أَيْديهم، فثارت سَحَابَة من الْمغرب، كَأَنَّهَا ترس، وهَبَّ لَهَا ريح، فَسُقُوا حَتَّى كَاد الناسُ أَن لَا يبلغُوا مَنَازِلهمْ» . وبيَّض لَهُ الْمُنْذِرِيّ فِي «تَخْرِيجه لأحاديث الْمُهَذّب» ، وأسنده ابْن عَسَاكِر فِي «تَخْرِيجه لأحاديثه» من حَدِيث أبي زرْعَة، عَن الحكم بن نَافِع، عَن صَفْوَان بن عَمْرو، عَن سليم بن عَامر «أَن النَّاس قحطوا بِدِمَشْق، فَخرج مُعَاوِيَة يَسْتَسْقِي بِيَزِيد بن الْأسود» قَالَ أَبُو زرْعَة: وثنا أَبُو مسْهر، نَا سعيد بن عبد الْعَزِيز «أَن الضَّحَّاك بن قيس خرج يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَقَالَ ليزِيد بن الْأسود: قُم يَا بكَّاءُ» . وَلم يعزه النوويُّ فِي «شَرحه» وَإِنَّمَا قَالَ: إِنَّه أثر مَشْهُور.
خَاتِمَة: ذكر الرَّافِعِيّ رحمه الله أَن الاسْتِسْقَاء أَنْوَاع، أدناها: الدُّعَاء المجرَّد من غير صَلَاة وَلَا خلف صَلَاة، إمَّا فُرَادَى أَو مُجْتَمعين (لذَلِك) . وأوسطها: الدُّعَاء خلف الصَّلَاة وَفِي خطْبَة الْجُمُعَة، وَنَحْو ذَلِك. وأفضلها: الاسْتِسْقَاء بِرَكْعَتَيْنِ وخطبتين، كَمَا سنصفه، وَالْأَخْبَار وَردت بِجَمِيعِ ذَلِك.
هَذَا آخر كَلَامه، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقد ورد مفرَّقًا فِي الْبَاب، فتدبره تَجدهُ كَذَلِك، وَحَاصِل مَا استسقى بِهِ عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام عدَّة أَنْوَاع:
أَحدهَا: يَوْم الْجُمُعَة عَلَى المنبرِ فِي أثْنَاء خطبَته، كَمَا سلف (من) حَدِيث أنس.
ثَانِيهَا: خرج إِلَى الْمُصَلى وَصَلى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا سلف من حَدِيث عبد الله بن زيد وَغَيره.
ثَالِثهَا: استسقى عَلَى الْمِنْبَر بِالدُّعَاءِ الْمُجَرّد، كَمَا سلف من حَدِيث ابْن عَبَّاس.
رَابِعهَا: استسقى وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد، كَمَا سلف من حَدِيث كَعْب بن مرّة.
خَامِسهَا: فِي بعض أَسْفَاره، كَمَا سلف من رِوَايَة سعد، (وَالِد عَائِشَة) وَغير ذَلِك كَمَا سلف فِي الْبَاب، فتدبره.