الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّابِع
عَن عَلّي رضي الله عنه «أَن الْعَبَّاس سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن تحل فرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِك» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ، من حَدِيث حجاج بن دِينَار، عَن الحكم بن عتيبة، عَن حُجَيَّة - بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة، وَفتح الْجِيم، وَتَشْديد الْمُثَنَّاة تَحت وَفتحهَا، ثمَّ هَاء - عَن عَلّي رضي الله عنه مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور. وحجاج هَذَا هُوَ الوَاسِطِيّ، وَثَّقَهُ ابْن الْمُبَارك وَيَعْقُوب بن شيبَة وَالْعجلِي، وَقَالَ يَحْيَى بن معِين وَغَيره: هُوَ صَدُوق. وَخَالف أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ فَقَالَ: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَالدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
وحُجَيَّة هُوَ ابْن عدي، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ:(لَا) يحْتَج بحَديثه، شَبيه الْمَجْهُول، شَبيه بشريح بن النُّعْمَان وهبيرة بن يريم. وَقَالَ
فِي بابهما حَقّهمَا: شبيهان بالمجهولين لَا يحْتَج بحديثهما. وَقَالَ ابْن حزم (فِي محلاه) فِي حَقه: هُوَ غير مَعْرُوف بِالْعَدَالَةِ. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: مَا علمت أحدا رَوَى عَنهُ غير سَلمَة بن كهيل.
قلت: قد رَوَى عَنهُ الحكم بن عتيبة كَمَا تقدم، وَأَبُو إِسْحَاق السبيعى. وَقَالَ عبد الْحق: لَا يحْتَج بِهِ. وَأنكر ابْن الْقطَّان عَلَى عبد الْحق هَذِه الْعبارَة وَقَالَ: حُجَيَّة رجل مَشْهُور رُوِيَ عَنهُ جماعات، وعددهم كَمَا أسلفت قَالَ: رَوَوْا عَنهُ عدَّة أَحَادِيث، وَهُوَ فِيهَا مُسْتَقِيم لم يعْهَد مِنْهُ خطأ وَلَا اخْتِلَاط وَلَا نَكَارَة وَقَالَ فِيهِ الْكُوفِي: إِنَّه تَابِعِيّ ثِقَة. قَالَ: والعالم حجَّة عَلَى الْجَاهِل. وَتَبعهُ الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» فَقَالَ بعد مقَالَة أبي حَاتِم فِيهِ: رَوَى (عَنهُ)(جمَاعَة) وعددهم، وَهُوَ صَدُوق - إِن شَاءَ الله - وَقد قَالَ الْعجلِيّ: ثِقَة.
قلت: وَلما أخرجه الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة الْعَبَّاس رضي الله عنه من هَذَا الْوَجْه قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
وَسُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَن حَدِيث حُجَيَّة هَذَا فَقَالَ فِي «علله» : يرويهِ الحكم بن عتيبة، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ حجاج بن دِينَار، وَاخْتلف عَن
حجاج، فَقَالَ: إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا عَنهُ عَن الحكم عَن حُجَيّة عَن عَلّي، (وَقَالَ إِسْرَائِيل: عَن حجاج عَن الحكم عَن (حجر) عَن عَلّي) . وَقَالَ مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي: عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس. وَكلهمْ وهم وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ مَنْصُور عَن الحكم عَن الْحسن بن مُسلم بن ينَّاق مُرْسلا، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وَطَرِيقَة الحكم عَن (حجر) ذكرهَا التِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث الْحجَّاج بن دِينَار عَنهُ عَن عَلّي «أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ لعمر: إنَّا أَخذنَا من الْعَبَّاس صَدَقَة (الْعَام) عَام الأول» وَالْحكم هَذَا وَقع فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ غير مَنْسُوب، وَنسبه التِّرْمِذِيّ فِي رِوَايَته فَقَالَ:(ابْن) جحل وَهُوَ (ثِقَة) كَمَا قَالَ ابْن معِين فِي رِوَايَة.
قَالَ (ابْن) الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : هَذَا الحَدِيث أَقْوَى من الأول. قلت: لَكِن حجر الْعَدوي هَذَا لَا أعرفهُ أصلا، وَهُوَ مِمَّا انْفَرد التِّرْمِذِيّ بِالْإِخْرَاجِ عَنهُ.
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» : حجر (عَن) عليّ لَا يعرف. وَقَالَ فِي «الكاشف» : حجر عَن عَلّي وَعنهُ رجل وَلم يَصح. وَالتِّرْمِذِيّ خَالف فِي هَذَا فَقَالَ: لَا أعرف حَدِيث تَعْجِيل الزَّكَاة (إِلَّا) من حَدِيث إِسْرَائِيل، عَن حجاج بن دِينَار، إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. قَالَ: وَحَدِيث إِسْمَاعِيل - يَعْنِي الأول - عِنْدِي أصح من حَدِيث إِسْرَائِيل عَن الْحجَّاج بن دِينَار [وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث] عَن الحكم بن عتيبة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم[مُرْسلا] .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» : رَوَى هَذَا الحَدِيث أَيْضا هشيم، عَن مَنْصُور بن زَاذَان، عَن الحكم، عَن الْحسن بن مُسلم، التَّابِعِيّ - يَعْنِي فَيكون مُرْسلا - قَالَ: وَهَذَا أصح. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ، كَمَا أسلفناه عَنهُ: إِنَّه الصَّوَاب.
وَنقل الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» عَن الرّبيع، عَن الشَّافِعِي قَالَ: وَيروَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَدْرِي أيثبت أم لَا؟ «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تسلف صَدَقَة مَال الْعَبَّاس، قبل أَن تحل» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: عَنى بِهِ حَدِيث حجية بن عدي عَن عَلّي السالف،
ثمَّ ذكر (مثل) مَا أسلفناه عَن الدَّارَقُطْنِيّ، وَهَذِه لَفظه: وَهَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ عَلَى الحكم بن عتيبة، فَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا، عَن حجاج، عَن الحكم هَكَذَا، وَخَالفهُ إِسْرَائِيل، عَن حجاج فَقَالَ: عَن الحكم عَن حجر الْعَدوي عَن عَلّي. وَخَالفهُ فِي لَفظه فَقَالَ: «قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: إِنَّا قد أَخذنَا من الْعَبَّاس زَكَاة الْعَام عَام الأول» . وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن (عبيد الله) ، هُوَ الْعَرْزَمِي، عَن الحكم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس فِي قصَّة عمر، وَرَوَاهُ الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم، عَن مُوسَى بن طَلْحَة عَن طَلْحَة، وَرَوَاهُ هشيم، عَن مَنْصُور (بن) زَاذَان، عَن الحكم، عَن الْحسن بن مُسلم، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلا، إِلَّا أَنه قَالَ لعمر فِي هَذِه (الْقِصَّة:«إنّا) كُنَّا تعجلنا صَدَقَة مَال الْعَبَّاس لِعَامِنَا هَذَا عَام أول» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَح من هَذِه الرِّوَايَات، قَالَ: وَاعْتمد الشَّافِعِي فِي هَذَا الْبَاب عَلَى مَا ثَبت (عَن) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي «الْيَمين» : «فليكفّر عَن يَمِينه، وليأتِ الَّذِي هُوَ خير» ، (ثمَّ) عَلَى مَا ثَبت عَن (بعض) أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك، مِنْهُم عبد الله بن عمر بن الْخطاب:«رُبمَا كفر (عَن) يَمِينه قبل أَن يَحْنَث وَرُبمَا كفّر بَعْدَمَا يَحْنَث» .