الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«علله» : قَالَ (أبي) : رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس وَهُوَ خطأ. وَالصَّوَاب كَمَا تقدم.
وَخَالف ابْن الْقطَّان فَقَالَ فِي كِتَابه «الْوَهم وَالْإِيهَام» : سكت عبد الْحق عَلَى هَذَا الحَدِيث مصححًا لَهُ وَإنَّهُ [لحريّ] بِأَن لَا يُقَال فِيهِ صَحِيح؛ لِأَن أَبَا عُمَيْر لَا يعرف حَاله، وعمومة أبي عُمَيْر لم يسموا. قلت: وَكَذَا قَالَ ابْن عبد الْبر إِن أَبَا عُمَيْر مَجْهُول.
الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق:
(أَحدهَا) من طَرِيق زيد بن أَرقم، رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الثَّلَاثَة أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» من حَدِيث إِيَاس بن أبي
رَملَة الشَّامي - وَلَيْسَ لَهُ فِي «السّنَن» غَيره - قَالَ: « (شهِدت) مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَهُوَ يسْأَل زيد بن أَرقم قَالَ: «هَل) شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (عيدين) اجْتمعَا فِي يَوْم؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَكيف صنع؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيد ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة، ثمَّ قَالَ: من شَاءَ أَن (يُصَلِّي) فَليصل» هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَابْن مَاجَه.
وَلَفظ النَّسَائِيّ: (قَالَ: نعم، صَلَّى الْعِيد من أول النَّهَار وَرخّص فِي الْجُمُعَة) .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِلَفْظ الْأَوَّلين، وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» أَيْضا وَقَالَ فِي (رِوَايَته: ثمَّ) رخص فِي الْجُمُعَة، وَقَالَ: من شَاءَ أَن يجمع فليجمع» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، قَالَ: وَله شَاهد عَلَى شَرط مُسلم. فَذكره من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَسَيَأْتِي بعد.
وَقَالَ الْأَثْرَم: سُئِلَ أَبُو عبد الله - يَعْنِي أَحْمد بن حَنْبَل - عَن الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي يَوْم (وَاحِد) فَذكر هَذَا الحَدِيث. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : هَذَا حَدِيث يعْتَمد عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي «علله» : إِنَّه أصح
مَا فِي الْبَاب. وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِسْنَاده حسن. وَخَالف ابْن الْقطَّان: فأعله بإياس بن أبي رَملَة، وَقَالَ: إِنَّه مَجْهُول الْحَال. قَالَ: وَلما ذكر ابْن الْمُنْذر هَذَا الحَدِيث قَالَ: إِنَّه لَا يثبت، وَإِن إِيَاس بن أبي رَملَة مَجْهُول. قَالَ: وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَأعله ابْن حزم فِي «محلاه» بإسرائيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي (رَاوِيه) عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة، عَن إِيَاس. وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَلَا يَصح. وَإِسْرَائِيل هَذَا من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» وَبَاقِي الْكتب السِّتَّة، وَوَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو حَاتِم وَغَيرهمَا وَعَن ابْن الْمَدِينِيّ تَضْعِيفه.
الطَّرِيق الثَّانِي:
من طَرِيق أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه (عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «قد اجْتمع فِي يومكم هَذَا عيدَان) فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ عَن الْجُمُعَة، وَإِنَّا مجمعون» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمَا» وَابْن السكن فِي (صحاحه) وَلم يعزه ابْن عَسَاكِر فِي «أَطْرَافه» إِلَى ابْن مَاجَه، وَعَزاهُ إِلَى النَّسَائِيّ وَلم أره فِيهِ.
وَرَوَاهُ الْخلال فِي «علله» بِلَفْظ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «قد أصبْتُم خيرا (فَمن) أحب أَن (يُقيم) فَليقمْ، وَمن أحب أَن ينْصَرف فلينصرف» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِاللَّفْظِ الأول، وَقَالَ: إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
قلت: وَهُوَ من رِوَايَة بَقِيَّة بن الْوَلِيد، عَن شُعْبَة (عَن مُغيرَة (الضَّبِّيّ) عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع الْمَكِّيّ، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، وَبَقِيَّة هَذَا قد علمت حَاله) فِي بَاب النَّجَاسَات من كتَابنَا هَذَا، وَذكرنَا أَقْوَال الْأَئِمَّة فِيهِ. قَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» : بَقِيَّة بن الْوَلِيد لم يخْتَلف فِي صدقه إِذا رَوَى عَن الْمَشْهُورين.
وَهَذَا (حَدِيث) غَرِيب من حَدِيث شُعْبَة، والمغيرة وَعبد الْعَزِيز كلهم مِمَّن يجمع حَدِيثه.
وَقَالَ الْبَزَّار: لَا نعلم رِوَايَة عَن شُعْبَة إِلَّا بَقِيَّة، يرويهِ بَقِيَّة (قَالَ) : أَنا شُعْبَة عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد رَوَاهُ عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع زِيَاد بن عبد الله البكائي، وَذكره الْبَزَّار. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف وَمِنْهُم من يكذبهُ.
قلت: قد رَوَاهُ غير زِيَاد أَيْضا. ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب من حَدِيث مُغيرَة وَلم يرفعهُ (عَنهُ غير شُعْبَة) وَهُوَ أَيْضا غَرِيب عَن شُعْبَة لم يروه عَنهُ غير بَقِيَّة، وَقد رَوَاهُ زِيَاد البكائي وَصَالح بن مُوسَى الطلحي عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع مُتَّصِلا.
وَرَوَاهُ [جمَاعَة] عَن عبد الْعَزِيز، عَن أبي صَالح، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (مُرْسلا) وَلم (يذكرُوا) أَبَا هُرَيْرَة - قَالَ فِي «علله» : وَهُوَ الصَّحِيح - وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاس عَن [أبي] صَالح مُرْسلا، وتعجب من بَقِيَّة كَيفَ رَفعه وَقد كَانَ بَقِيَّة يروي عَن ضعفاء وَيُدَلس.
قلت: قد صرح بَقِيَّة بِالتَّحْدِيثِ فَقَالَ: نَا شُعْبَة. لَكِن لَا يَنْفَعهُ ذَلِك فَإِنَّهُ مَعْرُوف بتدليس التَّسْوِيَة.
(قلت: وَأَبُو صَالح) هَذَا هُوَ السمان الثِّقَة كَمَا صرح بِهِ الْبَيْهَقِيّ.
وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الْعَزِيز مَوْصُولا مُقَيّدا بِأَهْل العوالي، وَفِي إِسْنَاده ضعف، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُقَيّدا بِأَهْل الْعَالِيَة إِلَّا أَنه مُنْقَطع.
الطَّرِيق الثَّالِث:
من طَرِيق نَافِع، عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ:«اجْتمع عيدَان عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَصَلى بِالنَّاسِ، ثمَّ قَالَ: من شَاءَ أَن يَأْتِي الْجُمُعَة فليأتها، وَمن شَاءَ أَن يتَخَلَّف فليتخلف» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» وَفِي إِسْنَاده جبارَة بن الْمُغلس، قَالَ البُخَارِيّ: مُضْطَرب الحَدِيث. ومندل بن عَلّي قد ضعف، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث سعيد بن رَاشد (السماك) نَا عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن ابْن عمر قَالَ:«اجْتمع عيدَان عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم[يَوْم] فطر وجمعة فَصَلى بهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْعِيد، ثمَّ أقبل عَلَيْهِم بِوَجْهِهِ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم قد أصبْتُم خيرا وَأَجرا وَإِنَّا مجمعون، فَمن أَرَادَ أَن يجمع مَعنا فليجمع، و (من) أَرَادَ أَن يرجع إِلَى أَهله فَليرْجع» .
وَسَعِيد هَذَا قَالَ البُخَارِيّ فِي حَقه: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا حَدِيث لَا يَصح.
الطَّرِيق الرَّابِع:
من طَرِيق ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: اجْتمع عيدَان فِي يومكم هَذَا، فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ من الْجُمُعَة، وَإِنَّا مجمعون - إِن شَاءَ الله تَعَالَى» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث (بَقِيَّة) نَا شُعْبَة، نَا مُغيرَة الضَّبِّيّ، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، [عَن أبي صَالح] عَن ابْن عَبَّاس فَذكره، وَهَذَا إِسْنَاد جيد لَوْلَا بَقِيَّة، وَسَيَأْتِي لَهُ طَرِيق (آخر) جيد، وَبِالْجُمْلَةِ (فأصح) هَذِه الطّرق الطَّرِيقَة الأولَى عَلَى مَا فِيهَا - كَمَا سلف، وَنقل عبد الْحق عَن عَلّي بن الْمَدِينِيّ أَنه قَالَ: فِي هَذَا (الْبَاب) غير مَا (حَدِيث) بِإِسْنَاد جيد.
قلت: وَقد رُوِيَ هَذَا الْفِعْل أَيْضا عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أما الأول فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي جملَة حَدِيث طَوِيل عَن عُثْمَان رضي الله عنه « (أَنه) خطب يَوْم عيد فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِن هَذَا يَوْم قد اجْتمع لكم فِيهِ عيدَان، فَمن أحب أَن ينْتَظر الْجُمُعَة من أهل العوالي (فلينتظر) وَمن أحب أَن يرجع فقد [أَذِنت لَهُ] » وَهَذَا الْأَثر ذكره صَاحب «الْمُهَذّب» وَأما الثَّانِي فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي «سُنَنهمَا» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» عَلَى (الصَّحِيحَيْنِ) بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَطاء قَالَ:«صَلَّى ابْن الزبير فِي يَوْم عيد [فِي] يَوْم جُمُعَة أول النَّهَار ثمَّ (رحنا) إِلَى الْجُمُعَة فَلم يخرج إِلَيْنَا فصلينا وحدانًا، وَكَانَ ابْن عَبَّاس بِالطَّائِف، فَلَمَّا قدم ذكرنَا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: أصَاب السّنة» .
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «الْخُلَاصَة» : إِسْنَاده عَلَى شَرط مُسلم. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الحميد، عَن وهب بن كيسَان، عَن ابْن
عَبَّاس نَحوه مُخْتَصرا، وَأعله ابْن حزم فِي «محلاه» بِعَبْد الحميد فَإِنَّهُ قَالَ:«وَإِذا اجْتمع عيد فِي يَوْم جُمُعَة صلي الْعِيد ثمَّ الْجُمُعَة» وَلَا يَصح أثر بِخِلَاف ذَلِك؛ لِأَن فِي رُوَاته إِسْرَائِيل وَعبد الحميد بن جَعْفَر وليسا بالقويين. فَأَما إِسْرَائِيل فقد أسلفنا الْجَواب عَنهُ فِي حَدِيث زيد بن أَرقم السالف قَرِيبا، وَأما عبد الحميد فوثقه أَحْمد وجماعات وَهُوَ من رجال مُسلم، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، نعم ضعفه (يَحْيَى) الْقطَّان، وَضَعفه أَيْضا سُفْيَان لأجل الْقدر.
وَلما رَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق وهب بن كيسَان قَالَ: «شهِدت ابْن الزبير (بِمَكَّة) فَوَافَقَ يَوْم فطر أَو أَضْحَى يَوْم الْجُمُعَة، فَأخر الْخُرُوج حَتَّى ارْتَفع النَّهَار، فَخرج وَصعد الْمِنْبَر فَخَطب فَأطَال، ثمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلم (يصل) الْجُمُعَة (فَعَاتَبَهُ) عَلَيْهِ نَاس من بني أُميَّة بن عبد شمس، فَبلغ ذَلِك ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أصَاب (ابْن) الزبير السّنة. فَبلغ ابْن الزبير فَقَالَ: رَأَيْت عمر بن الْخطاب إِذا اجْتمع عيدَان صنع مثل هَذَا» . قَالَ: هَذَا حَدِيث عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ.
(هَذَا آخر كَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب) .
وَأما آثاره فعشرة:
أَولهَا: عَن جَابر رضي الله عنه «أَنه كبر ثَلَاثًا» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث سعيد بن أبي هِنْد عَنهُ «أَنه سَمعه يكبر فِي الصَّلَوَات أَيَّام التَّشْرِيق: الله أكبر الله أكبر الله أكبر - ثَلَاثًا» .
وَقد أسلفناه مَرْفُوعا أَيْضا فِي أثْنَاء الحَدِيث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ.
ثَانِيهَا: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما «أَنه كَانَ يكبر ثَلَاثًا» .
وَهَذَا (الْأَثر رَوَاهُ) الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الْحصين، عَن أَبِيه، عَن عِكْرِمَة عَنهُ بِمثل حَدِيث جَابر السالف.
وَدَاوُد هَذَا ثِقَة من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» وَبَاقِي السِّتَّة، لكنه قدري، وَلينه أَبُو زرْعَة، ووهاه ابْن حبَان، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث يَحْيَى بن سعيد، عَن الحكم، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس «يكبر (من) غَدَاة (يَوْم) عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام النَّفر، لَا يكبر فِي الْمغرب: الله أكبر الله أكبر الله أكبر (وَللَّه الْحَمد، الله أكبر وَأجل، الله أكبر عَلَى مَا هدَانَا» ) كَذَا أخبرنَا من كِتَابه ثَلَاثًا نسقًا.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ [عَنهُ] عَن جَابر بن عبد الله، وَبِه قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ.
ثَالِثهَا: عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه (ورد) عَنهُ التَّغْلِيظ فِي لبس الصّبيان الْحَرِير.
وَهَذَا الْأَثر لَا يحضرني من خرجه (عَنهُ، بل) رُوِيَ عَنهُ الْجَوَاز فِي نَحْو ذَلِك، نعم هُوَ عَن أَبِيه وَهُوَ مَا فِي نسخ الرَّافِعِيّ الصَّحِيحَة، وَفِي كتاب «تَحْرِيم الذَّهَب وَالْحَرِير» تأليف القَاضِي أبي بكر جَعْفَر بن مُحَمَّد الْفرْيَابِيّ، عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، نَا ابْن عون عَن مُحَمَّد قَالَ:«دخل ابْن عَامر عَلَى ابْن عمر فَرَأَى عَلَى ابْنة لِابْنِ عمر قَمِيصًا من حَرِير قَالَ: فَقَالَ ابْن عمر: إِن عَبدك (لرجل) بَصِير بالسنن، إِنَّا لنَرْجُو من رَحْمَة الله مَا (هُوَ) أفضل من قَمِيص بِثَلَاثَة دَرَاهِم - أَو قَالَ بأَرْبعَة دَرَاهِم - قَالَ: وَلَا عَلَيْكُم أَن تخلعوه عَنْهَا» .
وَفِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» من حَدِيث سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن حسان قَالَ: «رَأَى عليّ (ابْن) عمر أوضاح فضَّة فَقَالَ: إِنَّك قد بلغت - أَو كَبرت - فَأَلْقِهَا (عَنْك) » وَفِي الْكتاب السالف عَن (ابْن) رَاهَوَيْه،
نَا سُفْيَان، عَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة «أَنه قَالَ لابنته: يَا (بنية) قولي إِن أبي لَا يحليني الذَّهَب يخْشَى عليّ من حر (اللهب) » .
وَعَن قُتَيْبَة، نَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة «أَنه كَانَ يَقُول لابنته: لَا تلبسي الذَّهَب فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك اللهب» وَفِيه عَن مُحَمَّد بن عون، عَن ابْن سِيرِين، عَنهُ كَذَلِك.
الْأَثر الرَّابِع:
قَالَ الرَّافِعِيّ: «وَيقف بَين كل تكبيرتين بِقدر قِرَاءَة آيَة لَا طَوِيلَة (وَلَا قَصِيرَة) ، يهلل الله ويكبره ويمجده» . هَذَا لفظ الشَّافِعِي، وَقد رُوِيَ مثل ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود قولا وفعلاً.
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن ترْجم: بَاب يَأْتِي بِدُعَاء الِافْتِتَاح (عقيب) تَكْبِيرَة (الِافْتِتَاح) ثمَّ يقف بَين كل تكبيرتين يهلل الله ويكبره وَيَحْمَدهُ وَيُصلي عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم» . من حَدِيث هِشَام، نَا حَمَّاد [عَن إِبْرَاهِيم عَن] عَلْقَمَة «أَن ابْن مَسْعُود وَأَبا مُوسَى وَحُذَيْفَة خرج إِلَيْهِم الْوَلِيد بن عقبَة قبل الْعِيد (فَقَالَ لَهُم) : إِن هَذَا الْعِيد قد دنا فَكيف التَّكْبِير فِيهِ؟ فَقَالَ عبد الله: تبدأ فتكبر تَكْبِيرَة تفتتح بهَا الصَّلَاة، وتحمد رَبك وَتصلي
عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ تَدْعُو ثمَّ تكبر، وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر (وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك)(ثمَّ تقْرَأ وتركع، ثمَّ تقوم فتكبر وتحمد رَبك وَتصلي عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ تَدْعُو ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر و) تفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا من قَول ابْن مَسْعُود مَوْقُوف عَلَيْهِ، فنتابعه فِي (الذّكر) بَين كل تكبيرتين إِذْ لم يرو خِلَافه عَن غَيره، ونخالفه فِي عدد التَّكْبِيرَات وتقديمهن عَلَى الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا؛ بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ فعل أهل الْحَرَمَيْنِ وَعمل الْمُسلمين إِلَى يَوْمنَا هَذَا. ثمَّ رَوَى من حَدِيث عَلّي بن عَاصِم، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن جَابر قَالَ:«مَضَت السّنة أَن يكبر للصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ سبعا وخمسًا، يذكر الله مَا بَين كل تكبيرتين» .
قلت: قد عرفت قَول ابْن مَسْعُود وَبَقِي فعله، وَقد أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم «أَن الْوَلِيد بن عقبَة دخل الْمَسْجِد وَابْن مَسْعُود يَقُول: الله أكبر. ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ، وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو الله، ثمَّ يكبر ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ، وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو الله، (ثمَّ) يكبر ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (وَيَدْعُو الله ثمَّ كبر) وَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب
وَسورَة، ثمَّ (كبر و) ركع و (سجد) ثمَّ (قَامَ وَقَرَأَ) بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، ثمَّ كبر و (حمد) الله و (أَثْنَى) عَلَيْهِ وَصَلى عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم و (ركع وَسجد) فَقَالَ حُذَيْفَة وَأَبُو مُوسَى: أصَاب» وَفِيه أَيْضا عَنهُ: «أَن بَين (التكبيرتين) قدر كلمة» .
وأسنده ابْن عَسَاكِر من حَدِيث حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة «أَن ابْن مَسْعُود وَأَبا مُوسَى وَحُذَيْفَة خرج عَلَيْهِم الْوَلِيد بن عقبَة قبل الْعِيد يَوْمًا فَقَالَ (لَهُم) : إِن الْعِيد قد دنا فَكيف التَّكْبِير فِيهِ؟ قَالَ عبد الله: (تبدأ فتكبر) تَكْبِيرَة تفتتح بهَا الصَّلَاة وتحمد رَبك وَتصلي عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ تَدْعُو وتكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل (ذَلِك) ثمَّ تركع. فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَحُذَيْفَة: صدق (عبد الله) » .
(الْأَثر الْخَامِس:
عَن عمر رضي الله عنه «أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَات» ) .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ (الْبَيْهَقِيّ) فِي «سنَنه» من حَدِيث أبي زَكَرِيَّا فِي الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ، ثمَّ قَالَ: هُوَ مُنْقَطع. قلت: وَضَعِيف لأجل ابْن لَهِيعَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن بكر بن سوَادَة، عَن أبي زرْعَة اللَّخْمِيّ «أَن عمر. .» فَذكره فِي صَلَاة (الْعِيدَيْنِ) .
الْأَثر السَّادِس:
عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ: «السّنة أَن تبتدئ (الْخطْبَة) بتسع تَكْبِيرَات تترى (ثمَّ تخْطب ثمَّ تجْلِس، ثمَّ تقوم فتفتتح الثَّانِيَة بِسبع تَكْبِيرَات تترى) » .
وَهَذَا الْأَثر ذكره هَكَذَا صَاحب «جمع الْجَوَامِع» بِزِيَادَة: قَالَ الشَّافِعِي: وَيَقُول عبيد الله: نقُول. قلت: و (رَوَاهُ) الشَّافِعِي (أَنا) إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبدٍ (الْقَارِي) عَن إِبْرَاهِيم بن (عبد الله، عَن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبَة: «السّنة أَن
يخْطب الإِمَام فِي الْعِيدَيْنِ خطبتين يفصل بَينهمَا بجلوس، وَالسّنة فِي التَّكْبِير فِي يَوْم الْأَضْحَى وَالْفطر عَلَى الْمِنْبَر قبل الْخطْبَة (أَن يَبْتَدِئ الإِمَام قبل الْخطْبَة) وَهُوَ قَائِم عَلَى الْمِنْبَر بتسع تَكْبِيرَات تترى لَا يفصل بَينهمَا بِكَلَام، ثمَّ يخْطب (ثمَّ يجلس جلْسَة (ثمَّ يقوم) فِي الْخطْبَة الثَّانِيَة فيفتتحها بِسبع تَكْبِيرَات تترى لَا يفصل بَينهمَا بِكَلَام ثمَّ يخْطب)) .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث الدَّرَاورْدِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبدٍ الْقَارِي، (أَن) إِبْرَاهِيم بن عبد الله حَدثهُ، عَن عبيد الله (بن عبد الله) بن (عتبَة) بن مَسْعُود أَنه قَالَ:«السّنة (فِي) تَكْبِير الإِمَام يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى حِين يجلس عَلَى الْمِنْبَر قبل (الْخطْبَة) تسع تَكْبِيرَات وَسبعا حِين يقوم ثمَّ يَدْعُو وَيكبر بَعْدَمَا بدا لَهُ» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ غَيره عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبيد الله «تسعا تترى إِذا قَامَ فِي الأولَى، وَسبعا تترى إِذا قَامَ فِي الْخطْبَة (الثَّانِيَة) » ثمَّ سَاق رِوَايَة الشَّافِعِي السالفة. وَإِبْرَاهِيم هَذَا قد علمت أَقْوَال أهل الْفَنّ فِيهِ فِي كتاب الطَّهَارَة من كتَابنَا هَذَا، وَعبيد الله هَذَا تَابِعِيّ، وَإِذا قَالَ التَّابِعِيّ:
من (السّنة) كَذَا. فَالْأَصَحّ وَقفه، وَقيل: إِنَّه مَرْفُوع مُرْسل. وَلَا حجَّة فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، أما عَلَى هَذَا فلإرساله، وَأما عَلَى الأول فَلِأَنَّهُ لم يثبت (إِسْنَاده) وَلَا حجَّة فِيهِ إِذن عَلَى الصَّحِيح.
الْأَثر السَّابِع:
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» بِلَفْظ: «كبر بِنَا عُثْمَان وَهُوَ مَحْصُور فِي الظّهْر يَوْم النَّحْر إِلَى أَن صَلَّى (الظّهْر) من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَكبر فِي الصُّبْح وَلم يكبر فِي الظّهْر» .
الْأَثر الثَّامِن وَالتَّاسِع:
«أَن ابْن عمر وَزيد بن ثَابت كَانَا (يفْعَلَانِ) كَفعل عُثْمَان» .
(وَهَذَانِ) رَوَاهُمَا (الدَّارَقُطْنِيّ و) الْبَيْهَقِيّ فِي (سُنَنهمَا) قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ بأسانيده عَن عُثْمَان [وَابْن عمر و] زيد بن ثَابت وَأبي سعيد نَحْو مَا روينَا عَن ابْن عمر.
الْعَاشِر:
عَن ابْن عَبَّاس مثل ذَلِك.
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «كتاب عَلّي وَعبد الله» كَمَا عزاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» إِلَيْهِ قَالَ: وَالرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس مُخْتَلفَة فَروِيَ عَنهُ «أَنه كَانَ يكبر من (صَلَاة الظّهْر يَوْم النَّحْر) إِلَى صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق» وَذكر فِي «سنَنه» عَنهُ هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ فِي بَابَيْنِ.
قلت: وَقد اخْتلفت الرِّوَايَة أَيْضا عَن ابْن عمر فَفِي «مُصَنف ابْن أبي شيبَة» (عَنهُ) (أَنه كَانَ يكبر من ظهر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر يَوْم النَّفر يَعْنِي الأول» وَقد اخْتلف أَيْضا عَن زيد فَفِي «المُصَنّف» الْمَذْكُور عَنهُ «أَنه كَانَ يكبر من ظهر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق» .
كتاب صَلَاة الْكُسُوف