الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب صَدَقَة الخلطاء
ذكر فِيهِ رحمه الله ثَلَاثَة أَحَادِيث.
الأول وَالثَّانِي
حَدِيث أنس وَابْن عمر، وَغَيرهمَا، أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يجمع بَين مفترق، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع، خشيَة الصَّدَقَة، وَمَا كَانَ من خليطين
…
» . الحَدِيث.
هَذَانِ الحديثان سلفا فِي الْبَاب قبله بطولهما.
وَقَوله: وَغَيرهمَا، أَرَادَ بِهِ حَدِيث (عَمْرو) بن حزم؛ أخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم، كَمَا سَيَأْتِي فِي (الْجِنَايَات) - إِن شَاءَ الله - وَلَفظه:«وَلَا يجمع بَين مفترق، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع، خشيَة الصَّدَقَة، وَمَا أَخذ من الخليطين، فانهما يتراجعان (بَينهمَا) بِالسَّوِيَّةِ» .
الحَدِيث الثَّالِث
عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه؛ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «لَا يجمع بَين مفترق، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع، خشيَة الصَّدَقَة، والخليطان مَا اجْتمعَا فِي الْحَوْض والفحل والراعي» .
هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، من حَدِيث الْوَلِيد، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن السَّائِب (بن يزِيد) ؛ قَالَ:«صَحِبت سعد بن أبي وَقاص؛ فَذكر كلَاما، وَقَالَ (أَلا) إِنِّي سمعته ذَات يَوْم يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يفرق بَين مُجْتَمع، وَلَا يجمع بَين مفترق، والخليطان مَا (اجْتمع) عَلَى الْحَوْض والراعي والفحل» .
وَرَوَاهُ كَذَلِك الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ؛ وَقَالَ: أجمع أَصْحَاب الحَدِيث عَلَى ضعف ابْن لَهِيعَة وَترك الِاحْتِجَاج بِمَا ينْفَرد بِهِ وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث بَاطِل عِنْدِي، وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ (غير) ابْن لَهِيعَة. قَالَ: وَيروَى هَذَا من كَلَام سعد رضي الله عنه.
وَقد أوضح ضعفه الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه «الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل» فأجاد فِيهِ وشفى فَذكره بِإِسْنَادِهِ كَذَلِك إِلَّا
أَنه عَن السَّائِب «صَحِبت سَعْدا زَمَانا فَلم اسْمَعْهُ يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا
…
» فَذكره، (ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق آخر عَن السَّائِب: «صَحِبت سَعْدا عشْرين سنة مَا سمعته يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي حَدِيث وَاحِد
…
» فَذكره) . ثمَّ قَالَ: لم يسمع ابْن لَهِيعَة هَذَا الحَدِيث من يَحْيَى بن سعيد إِنَّمَا كَانَ يرويهِ عَن كِتَابه إِلَيْهِ ذكره أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام، عَن أبي الْأسود، عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: كتب إِلَيّ (يَحْيَى) بن سعيد أَنه سمع السَّائِب بن يزِيد يحدث عَن سعد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «الخليطان مَا اجْتمعَا عَلَى الْفَحْل والمرعى والحوض» قَالَ أَبُو الْأسود: وكل شَيْء حدث بِهِ ابْن لَهِيعَة عَن يَحْيَى بن سعيد فَإِنَّمَا هُوَ كتاب كتب (إِلَيْهِ) قَالَ الْخَطِيب: وَمَتنه لَا يثبت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا هُوَ كَلَام يَحْيَى بن سعيد (قَالَ ابْن (أبي) مَرْيَم: لم يسمع ابْن لَهِيعَة من يَحْيَى بن سعيد) شَيْئا وَلَكِن كتب إِلَيْهِ يَحْيَى وَكَانَ فِيمَا كتب إِلَيْهِ يَحْيَى هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث السَّائِب صَحِبت ابْن أبي وَقاص كَذَا وَكَذَا سنة فَلم أسمعهُ يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثا (وَاحِدًا) وعقبه عَلَى إثره «لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق فِي الصَّدَقَة» (فَظن ابْن لَهِيعَة أَنه من حَدِيث سعد يَعْنِي بقوله: «إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا لايفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق)(فِي الصَّدَقَة) » ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا كلَاما مُبْتَدأ من الْمسَائِل الَّتِي كتب بهَا إِلَيْهِ. قَالَ يَحْيَى بن معِين: الحَدِيث الَّذِي حدث بِهِ
ابْن لَهِيعَة، عَن يَحْيَى (بن) سعيد، عَن السَّائِب «صَحِبت طَلْحَة بن عبيد الله وسعدًا فَلم أسمعهم يحدثُونَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يجمع (بَين) متفرق» بَاطِل إِنَّمَا هُوَ من قَول يَحْيَى بن سعيد «لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق» هَكَذَا حدث بِهِ اللَّيْث بن (سعد) وَغَيره قَالَ الْخَطِيب: وَقد رَوَى سُلَيْمَان بن بِلَال وَحَمَّاد بن زيد، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن السَّائِب بن يزِيد، عَن سعد هَذَا الحَدِيث، فَلم يذكرَا فصل الْجمع و (لَا) التَّفْرِيق، وَلَا ذكرا الخليطين، وَرَوَى اللَّيْث بن سعد عَن (يَحْيَى بن سعيد فِي) الخليطين مثل رِوَايَة (ابْن) لَهِيعَة غير أَن اللَّيْث جعله من قَول يَحْيَى بن سعيد ثمَّ ذكره بِإِسْنَادِهِ كَذَلِك قَالَ أَبُو عبيد: لم يسْندهُ اللَّيْث.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَفِي رِوَايَة «الرَّعْي» بدل «الرَّاعِي» قلت: رَوَاهَا كَذَلِك الْخَطِيب فِي الْكتاب الْمَذْكُور، وَلَفظه:«الْمرْعَى» بدل «الرَّعْي» .
قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «شرح الْمُهَذّب» وَابْن الصّلاح (قبله) فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : رَوَى «الرَّعْي» بِلَفْظ الْمصدر، والراعي عَلَى اسْم الْفَاعِل.
وَذكر الرَّافِعِيّ رحمه الله حَدِيثا فِي الْبَاب قبله، كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر
فِيهِ، وَهُوَ النَّهْي عَن الْمَرِيضَة والمعيبة، ذكره فِي الْكَلَام عَلَى رداءة النَّوْع، وَهُوَ كَمَا قَالَ. قَالَ أَبُو دَاوُد:(قَرَأت) فِي كتاب عبد الله بن سَالم بحمص، عِنْد آل عَمْرو بن الْحَارِث الْحِمصِي، عَن الزبيدِيّ، قَالَ: وَأَخْبرنِي يَحْيَى بن جَابر، عَن جُبَير بن نفير، عَن عبد الله بن مُعَاوِيَة الغاضري، من غاضرة قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاث من فعلهن فقد طعم طعم الْإِيمَان، من عبد الله وَحده وَأَنه لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأعْطَى زَكَاة مَاله، طيبَة بهَا نَفسه، رافدة عَلَيْهِ كل عَام، وَلم يُعْط الهرمة وَلَا (الدرنة) وَلَا الْمَرِيضَة وَلَا الشَّرْط اللئيمة وَلَكِن (من) وسط أَمْوَالكُم، فَإِن الله لم يسألكم خَيره، وَلم يَأْمُركُمْ بشره» .
وجوده الطَّبَرَانِيّ بِزِيَادَة عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه وأسقطه أَبُو دَاوُد، وَفِي آخِره:«وزكى عَن نَفسه، فَقَالَ رجل: مَا تَزْكِيَة الْمَرْء (عَن) نَفسه يَا رَسُول الله؟ قَالَ: يعلم أَن الله مَعَه حَيْثُ مَا كَانَ» (قَوْله: رافدة هِيَ فاعلة) من الرفد رفدته أرفده إِذا أعنته: أَي تعينه نَفسه عَلَى أَدَائِهَا قَالَه ابْن الْأَثِير، قَالَ: وَمِنْه حَدِيث عبَادَة: «أَلا ترَوْنَ أَنِّي لَا أقوم إِلَّا رافدًا» أَي إِلَّا أَن أعَان عَلَى الْقيام، وَيروَى بِفَتْح الرَّاء، وَهُوَ الْمصدر.
والغاضر: بالغين وَالضَّاد المعجمتين، وَهِي مُشْتَقّ من الغضارة (وَهِي النضارة) وَالشّرط: بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُهْملَة مَعًا أَي: رذال المَال وَالنَّاس وَالْخَيْل، يُقَال: الْغنم أَشْرَاط المَال.