الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحْتَجُّوا بِهِ. وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد. كَمَا سلف، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: حَدِيث حسن.
وَذكر هَذَا الحَدِيث الإِمَام أَحْمد فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا وَجهه. وَسُئِلَ عَن إِسْنَاده؟ فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَالح الْإِسْنَاد.
وَنقل ابْن الْأَثِير فِي كِتَابه «جَامع الْأُصُول» وَكَذَلِكَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «جَامع المسانيد» ، عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الْحَافِظ؛ أَنه قَالَ: غلط الرَّاوِي فِي لفظ رِوَايَة هَذَا الحَدِيث، وَإِنَّمَا هُوَ «شطر مَاله» يَعْنِي أَنه يَجْعَل (مَاله) شطرين فَيتَخَيَّر عَلَيْهِ الْمُصدق، (وَيَأْخُذ) الصَّدَقَة من خير الشطرين؛ عُقُوبَة لمَنعه الزَّكَاة، فَأَما مَا لَا يلْزمه فَلَا.
قَالَ ابْن الْأَثِير: وَنقل عَن الشَّافِعِي أَنه رَجَعَ إِلَى هَذَا الحَدِيث فِي الْقَدِيم، وَخَالفهُ فِي الْجَدِيد وَجعله مَنْسُوخا؛ فَإِن ذَلِك كَانَ حَيْثُ كَانَت الْعقُوبَة بِالْمَالِ ثمَّ نسخ.
قَالَ: وَهَذَا القَوْل من الشَّافِعِي يرد مَا ذهب إِلَيْهِ الْحَرْبِيّ (من تغليط) الرَّاوِي، فَإِن الشَّافِعِي جعله (حجَّة) لقَوْله الْقَدِيم.
الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا جلب وَلَا جنب» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق: إِحْدَاهَا: من حَدِيث ابْن إِسْحَاق،
عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا جلب وَلَا جنب، وَلَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ إِلَّا فِي دُورهمْ» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الزَّكَاة من «سنَنه» كَذَلِك (ثمَّ) رُوِيَ (عَن) مُحَمَّد بن إِسْحَاق (أَن) مَعْنَى «لَا جلب» أَن تصدق الْمَاشِيَة فِي موَاضعهَا، وَلَا تجلب إِلَى الْمُصدق، و «لَا جنب» (لَا) يكون الْمُصدق بأقصى مَوَاضِع أَصْحَاب الصَّدَقَة فتجنب إِلَيْهِ، وَلَكِن تُؤْخَذ فِي مَوْضِعه.
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، من حَدِيث ابْن إِسْحَاق أَيْضا، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده عبد الله بن عَمْرو قَالَ: «لما دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاس
…
» فَذكر حَدِيثا، وَفِيه:«لَا جلب وَلَا جنب» (وَفِيه) : «وَلَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ إِلَّا فِي دَارهم» .
ثَانِيهَا: من حَدِيث الْحسن الْبَصْرِيّ، عَن عمرَان بن الْحصين، مَرْفُوعا بِلَفْظ الرَّافِعِيّ سَوَاء.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي
(النِّكَاح)، وَالتِّرْمِذِيّ فِي النِّكَاح بِزِيَادَة:«وَلَا شغار فِي الإِسْلام، و (من) انتهب نهبة فَلَيْسَ منا» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَرَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» أَيْضا. قلت: وَسَمَاع الْحسن من عمرَان مُخْتَلف فِيهِ، ذكر (عَلّي) بن الْمَدِينِيّ وَأَبُو حَاتِم الرازى وَغَيرهمَا من الْأَئِمَّة أَنه لم يسمع مِنْهُ. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَلم يثبت مَا رُوِيَ (من قَوْله) : «أَخذ عمرَان بيدى» قَالَ: وَقد أنكر أَحْمد بن حَنْبَل عَلَى مبارك بن فضَالة قَوْله فِي غير حَدِيث: (عَن) الْحسن، ثَنَا عمرَان. وَأَصْحَاب الْحسن غَيره لَا يَقُولُونَ ذَلِك، وَكَانَ كثير التَّدْلِيس. وَقَالَ الْحَاكِم فِي أَوَاخِر كِتَابه: الَّذِي عِنْدِي أَنه سمع مِنْهُ، ثمَّ ذكر بِإِسْنَادِهِ مَا يدل عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» : زَاد يَحْيَى بن خلف: «فِي الرِّهَان» . (يَعْنِي أَنه عليه السلام قَالَ: «لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان» .
وأعلَّ ابْن الْقطَّان هَذِه الرِّوَايَة بِعَنْبَسَةَ بن سعيد الْقطَّان الْمَذْكُور فِي إسنادها، وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تصح قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ ضَعِيف الحَدِيث يَأْتِي بالطامات. وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي: كَانَ مختلطًا لَا يرْوَى عَنهُ.
ثَالِثهَا: من حَدِيث أنس رضى الله عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام» .
رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار فِي «مسنديهما» ، وَالتِّرْمِذِيّ فِي «علله» ، وَالنَّسَائِيّ فِي «سنَنه» (ثمَّ) قَالَ: إِنَّه خطأ فَاحش وَالصَّوَاب حَدِيث بشر. يَعْنِي حَدِيث عمرَان؛ ذكره فِي النِّكَاح، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفهُ إِلَّا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق، وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن ثَابت غير معمر، وَرُبمَا قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي هَذَا الحَدِيث [عَن
معمر] عَن ثَابت وَأَبَان (عَن) أنس.
وَقَالَ الْبَزَّار: لَا نعلم رَوَاهُ عَن ثَابت عَن أنس (إِلَّا معمر.
قلت: وَقد أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن كثير عَن الْفَزارِيّ عَن حميد عَن أنس) كَمَا سقناه. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَنهُ؟ فَقَالَ: مُنكر جدًّا. وَأما ابْن حبَان فَإِنَّهُ صَححهُ من حَدِيث ثَابت عَن أنس؛ فَقَالَ فِي «صَحِيحه» : حَدثنَا ابْن خُزَيْمَة، نَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، نَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن ثَابت، عَن أنس، رَفعه:« (لَا إسعاد فِي الْإِسْلَام) ، وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام، وَلَا عقر فِي الْإِسْلَام، وَلَا جلب وَلَا جنب، وَمن انتهب فَلَيْسَ منَّا» .
رَابِعهَا: من حَدِيث ابْن عمر رضى الله عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام» .
رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن قراد (أبي) نوح، أَنا عبد الله
بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر
(فَذكره) .
فَائِدَة: فسَّر الرافعيُّ هُنَا «الجلب وَالْجنب» بِأَن قَالَ: أَي لَا يكلفوا بِأَن يجلبوها إِلَى الْبَلَد، وَلَيْسَ لَهُم أَن يجنبوها السَّاعِي فيشقوا عَلَيْهِ. وَقد أسلفنا تَفْسِير ابْن إِسْحَاق أَيْضا.
وَقَالَ مَالك: «الجلب» أَن يتَخَلَّف الْفرس فِي السباق فيحرك وَرَاءه الشَّيْء يستحث بِهِ فَيَسْبق، و «الْجنب» أَن يجنب مَعَ الْفرس الَّذِي يسابق بِهِ فرسا آخر، حَتَّى إِذا دنى تحول (رَاكب الْفرس عَلَى) المجنوب، فَأخذ (السَّبق) ، وَبِهَذَا التَّفْسِير فسّره الرَّافِعِيّ فِي بَاب السَّبق وَالرَّمْي، وَجزم بِهِ (ابْن) الْجَوْزِيّ فِي «جَامع المسانيد» .
وَقَالَ ابْن الْأَثِير: لَهُ تفسيران؛ أَحدهمَا فِي الزَّكَاة وَالثَّانِي فِي السَّبق، فذكرهما بِمَعْنى قَول مَالك وَابْن إِسْحَاق.
وَفِي كتاب «الْجِهَاد» للْقَاضِي أبي بكر أَحْمد بن (عَمْرو) بن أبي عَاصِم النَّبِيل، عِنْد ذكر حَدِيث أنس السالف:«لَا جلب وَلَا جنب» الجلب: الرجل يجلب الْفرس خلف الآخر وَهُوَ يعدو، وَالْجنب: الْفرس. . بِجنب الآخر وَهُوَ يَعْدو.