الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ من رجال مُسلم، وَفِيه لين - عَن مُحَمَّد بن صَالح - هُوَ التمار، قَالَ أَحْمد: ثِقَة ثِقَة. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: شيخ لَيْسَ بِالْقَوِيّ - عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عتاب بِهِ.
وَرَوَاهُ كَذَلِك التِّرْمِذِيّ إِسْنَادًا ومتنًا، (ثمَّ) قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن حَدِيث عَائِشَة - يَعْنِي الْآتِي - فَقَالَ: حَدِيث عتاب أثبت وَأَصَح.
وَذكر أَبُو دَاوُد إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث دون مَتنه محيًلا لَهُ عَلَى مَا قبله. قَالَ عبد الْحق: وَهُوَ حَدِيث مُنْقَطع وَلَا يتَّصل من وجهٍ صَحِيح.
قلت: (لِأَن)(سعيد) بن الْمسيب لم يسمع من عتاب بن أسيد - كَمَا ستعلمه فِي الحَدِيث الْآتِي بعد، إِن شَاءَ الله - وَأما ابْن حبَان فَذكره فِي «صَحِيحه» من هَذَا الْوَجْه، وَمن شَرطه الِاتِّصَال.
الحَدِيث الرَّابِع عشر
(أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي زَكَاة الْكَرم: (إِنَّهَا تخرص كَمَا يخرص لنخل، ثمَّ تُؤَدَّى زَكَاته زبيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاة النّخل تَمرا) .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث سعيد بن الْمسيب، عَن عتاب بن أسيد رضي الله عنه.
(أما أَبُو دَاوُد فَرَوَاهُ من حَدِيث بشر بن مَنْصُور، عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عتاب بن أسيد) قَالَ: (أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يخرص الْعِنَب كَمَا يخرص النّخل، وَتُؤْخَذ زَكَاته زبيبًا، كَمَا تُؤْخَذ (صَدَقَة) النّخل تَمرا) .
وَأما التِّرْمِذِيّ فَرَوَاهُ بِإِسْنَاد الحَدِيث الَّذِي قبله - وَقد تقدم - ثمَّ قَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.
وَأما النَّسَائِيّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ من حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع وَغَيره، عَن عبد الرَّحْمَن - كَمَا سلف - بِلَفْظ:(أَنه عليه السلام أَمر عتاب بن أسيد (أَن) يخرص الْعِنَب
…
) الحَدِيث كَمَا سلف - وَعبد الرَّحْمَن هَذَا ثِقَة صَالح الحَدِيث، كَمَا قَالَه يَحْيَى بن معِين، وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه: لَيْسَ بِهِ بَأْس. (فَقَالَ لَهُ: يَحْيَى بن سعيد يَقُول: سَأَلت عَنهُ بِالْمَدِينَةِ فَلم يحمدوه) فَسكت عَنهُ. وَرَوَى أَبُو طَالب عَنهُ قَالَ: سَأَلت الإِمَام أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمَدِينِيّ فَقَالَ: رَوَى عَن أبي الزِّنَاد أَحَادِيث
مُنكرَة، وَكَانَ يَحْيَى لَا يُعجبهُ. قلت: كَيفَ هُوَ؟ قَالَ: صَالح الحَدِيث. وَذكره ابْن حَيَّان فِي ثِقَات أَتبَاع الأتباع.
وَتَابعه عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز (الأُمامي) بِضَم الْهمزَة، نِسْبَة إِلَى أبي أُمَامَة، فَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيقه، وَعبد الرَّحْمَن (هَذَا) من رجال مُسلم وَفِيه شَيْء.
قلت: وَمَعَ ذَلِك فَفِيهِ انْقِطَاع بَين سعيد بن الْمسيب وعتاب بن أسيد. قَالَ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) : سعيد لم يسمع من عتاب شَيْئا. وَقَالَ عبد الْبَاقِي بن قَانِع: لم يُدْرِكهُ. وَقَالَ عبد الْحق: هَذَا إِسْنَاد مُنْقَطع. وَكَذَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي (مُخْتَصر السّنَن) و «الموافقات» : إِنَّه مُنْقَطع. قَالَ: وانقطاعه ظَاهر جدًّا؛ لِأَن عتاب بن أسيد مَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ الصّديق، ومولد سعيد بن الْمسيب فِي خلَافَة عمر، وَقيل: كَانَ مولده سنة عشر.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي (الإِمَام) : هَذَا حَدِيث إِسْنَاده لَيْسَ بِمُتَّصِل؛ فَإِن سعيد بن الْمسيب لم يدْرك عتاب بن أسيد؛ لِأَن الْمَشْهُور فِي مولد سعيد أَنه (سنة) خمس عشرَة من الْهِجْرَة بعد وَفَاة عتاب بِسنتَيْنِ. وَقد قيل: إِن مولده بعد سنة عشْرين. وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : هَذَا الحَدِيث مُرْسل؛ لِأَن عتابًا توفّي سنة ثَلَاث عشرَة، وَسَعِيد بن الْمسيب ولد بعد ذَلِك بِسنتَيْنِ، وَقيل: بِأَرْبَع.
قلت: وَمِمَّا يُؤَكد إرْسَال هَذَا (الحَدِيث) وانقطاعه أَن الدَّارَقُطْنِيّ أخرجه من حَدِيث الْوَاقِدِيّ بِزِيَادَة الْمسور بن مخرمَة (بَين) سعيد وعتاب. وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي مَرَاسِيل سعيد بن الْمسيب، فَقيل: إِنَّهَا حجَّة مُطلقًا. وَالأَصَح أَنَّهَا حجَّة إِذا اعتضدت بِأحد أُمُور: إِمَّا أَن يسند أَو يُرْسل من جِهَة أُخْرَى، أَو يَقُول بِهِ بعض الصَّحَابَة، أَو أَكثر الْعلمَاء، وَقد وجد ذَلِك هُنَا؛ فقد أجمع الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ عَلَى وجوب الزَّكَاة فِي التَّمْر وَالزَّبِيب.
وَخَالف ابْن حبَان فَذكر الحَدِيث فِي (صَحِيحه) من طَرِيق ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه: (الْكَرم يخرص كَمَا يخرص النّخل ثمَّ (تُؤْخَذ) زَكَاته زبيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاة النّخل تَمرا) . وَمن شَرطه الِاتِّصَال،
كَمَا ذكره فِي خطْبَة (صَحِيحه) .
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عَلّي سعيد بن عُثْمَان بن السكن: لم يرو هَذَا الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من وَجه غير هَذَا، وَهَكَذَا رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَمر عتابًا) وَلم (يقل) : عَن عتاب. ويحكى أَن أَبَا حَاتِم وَأَبا زرْعَة سئلا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَا: هُوَ خطأ. قَالَ أَبُو حَاتِم: وَالصَّحِيح عَن سعيد أَنه مُرْسل.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَعبد الله بن نَافِع، وَكِلَاهُمَا فِي غَايَة الضعْف. (وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي، وَهُوَ فِي غَايَة الضعْف) وَمن طَرِيق عبد الْملك بن حبيب الأندلسي، عَن أَسد بن مُوسَى - وَهُوَ مُنكر الحَدِيث - عَن نصر بن طريف، وَهُوَ (أَبُو جُزْء) ، وَهُوَ سَاقِط الْبَتَّةَ، كلهم يذكر عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عتاب (أَنه أَمر بخرص الْعِنَب) وَسَعِيد لم يُولد إِلَّا بعد موت عتَّاب بِسنتَيْنِ، وعتاب لم يوله النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلَاّ مَكَّة، وَلَا زرع بهَا، وَلَا عِنَب.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ فِي آخر هَذَا الحَدِيث: (ثمَّ ينجلي بَينه وَبَين أَهله) . قلت: وَهَذِه الراوية غَرِيبَة لَا أعلم من خرجها بعد الْبَحْث عَنْهَا.