الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لضعفهما. ثمَّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (1) مَوْقُوفا عَلَى أبي هُرَيْرَة من طرق، ثمَّ قَالَ
فِي كل (مِنْهَا)(2) : هَذَا إِسْنَاد صَحِيح. وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته»
أَيْضا قَالَ: وَصَحَّ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا عَلَيْهِ مثله.
الحَدِيث السِّتُّونَ
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: " دخل (عليَّ)(3) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ
فَقلت: إِنَّا خبأنا لَك حَيْسًا. قَالَ: أما إِنِّي كنت أُرِيد الصَّوْم (و)(4) لَكِن
قربيه " (5) .
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه فِي الْبَاب فِي الحَدِيث الْعَاشِر مِنْهُ وَمَعْنى
قربيه: أدنيه مني لأشرب مِنْهُ.
الحَدِيث الْحَادِي بعد السِّتين
عَن أم هَانِئ رضي الله عنها قَالَت: " دخل عليَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَأَنا
صَائِمَة، فناولني فضل شرابه، فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت صَائِمَة،
وَإِنِّي كرهت أَن أرد سؤرك. فَقَالَ: إِن كَانَ قَضَاء من رَمَضَان فصومي يَوْمًا
مَكَانَهُ، وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَإِن شِئْت فاقضيه، وَإِن شِئْت فَلَا تقضيه " (6) .
(1)«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 196 - 198 رقم 87، 88، 90، 92) .
(2)
فِي «أ، م» : مِنْهُمَا. والمثبت من «ل» .
(3)
سَقَطت من «أ، ل» والمثبت من «م» و «الشَّرْح الْكَبِير» .
(4)
من «م» و «الشَّرْح الْكَبِير» .
(5)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 244) .
(6)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 244) .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» (1) ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر
معاجمه» (2) وَأَبُو دَاوُد (3) ، وَالتِّرْمِذِيّ (4) ، وَالنَّسَائِيّ (5) ، وَالدَّارَقُطْنِيّ (6) ،
وَالْبَيْهَقِيّ (7) فِي «سُنَنهمْ» من حَدِيث سماك بن حَرْب، عَن هَارُون بن أم
هَانِئ، عَن أم هَانِئ، قَالَ (التِّرْمِذِيّ) (8) : فِي إِسْنَاده مقَال. وَقَالَ
النَّسَائِيّ (9) : اخْتلف عَلَى سماك فِيهِ، وَسماك لَيْسَ يعْتَمد عَلَيْهِ إِذا انْفَرد
بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ عبد الْحق (10) بعد أَن رَوَاهُ من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن حَمَّاد
ابْن سَلمَة، عَن سماك بِهِ: هَذَا أحسن أَسَانِيد هَذَا الحَدِيث، وَإِن كَانَ لَا
يحْتَج بِهِ. قَالَ ابْن الْقطَّان (11) : هُوَ كَمَا ذكر إِلَّا أَن الْعلَّة لم يبينها وَهِي
الْجَهْل بهَارُون بن أم هَانِئ (12) أَو ابْن ابْنة أم هَانِئ فَكل ذَلِك قيل فِيهِ،
وَهُوَ لَا يعرف أصلا. وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي «مُخْتَصر السّنَن» (13) : فِي إِسْنَاده
(1)«الْمسند» (6 / 343 - 344) .
(2)
«المعجم للكبير» (24 / 407 - 409 رقم 990 - 993) .
(3)
كتب حَاشِيَة فِي «م» نَصهَا: «رِوَايَة أبي دَاوُد من طَرِيق عُثْمَان بن أبي شيبَة. قَالَ: نَا جرير
بن عبد الحميد، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أم هَانِئ
…
فَذكره، وَكلهمْ ثِقَات إِلَّا يزِيد بن أبي زِيَاد فمختلف فِيهِ، قَالَ ابْن حجر: كبر فَتغير
حفظه. وَفِيه: " لما كَانَ فتح يَوْم مَكَّة
…
فَذكره ".
قلت: هُوَ فِي «سنَن أبي دَاوُد» من هَذَا الطَّرِيق (3 / 191 رقم 2448) .
(4)
«جَامع التِّرْمِذِيّ» (3 / 109 - 110 رقم 731، 732) .
(5)
«سنَن النَّسَائِيّ الْكُبْرَى» (2 / 250 - 252 رقم 3304 - 3309) .
(6)
«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 174 - 175 رقم 8، 12) .
(7)
«سنَن الْبَيْهَقِيّ (4 / 278 - 279) .
(8)
فِي «أ، ل» : الْبَيْهَقِيّ. وَهُوَ خطأ، والمثبت من «م» وَالْكَلَام لِلتِّرْمِذِي (3 / 110) .
(9)
«سنَن النَّسَائِيّ الْكُبْرَى» (2 / 252) .
(10)
«الْأَحْكَام الْوُسْطَى» (3 / 230) .
(11)
«الْوَهم وَالْإِيهَام» (3 / 434) .
(12)
زَاد فِي «أ، ل» : أَو ابْن أم هَانِئ.
(13)
«مُخْتَصر السّنَن» (3 / 334) .
مقَال وَلَا يثبت. قَالَ (1) : وَفِي إِسْنَاده اخْتِلَاف كثير أَشَارَ إِلَيْهِ النَّسَائِيّ.
قلت: وَحَاصِل الِاخْتِلَاف فِيهِ أَنه اخْتلف عَلَى سماك، فَتَارَة رَوَاهُ
عَن أبي صَالح باذان، وَهُوَ ضَعِيف كَمَا مر فِي الْجَنَائِز، وَتارَة عَن جعدة
وَهُوَ مَجْهُول. قَالَ البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه» (2) : جعدة من ولد أم هَانِئ، عَن
أبي صَالح، عَن أم هَانِئ رَوَى عَنهُ شُعْبَة، لَا يعرف إِلَّا بِحَدِيث فِيهِ نظر.
وَقَالَ النَّسَائِيّ: (3) لم يسمعهُ جعدة من أم هَانِئ وَتارَة عَن هَارُون، وَهُوَ
مَجْهُول الْحَال كَمَا قَالَه ابْن الْقطَّان (4) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ (5) من طرق عَن
سماك و (6) فِيهِ قَوْله: " فَإِن شِئْت فاقضيه وَإِن شِئْت فَلَا تقضيه ". وَرَوَاهُ
بِهَذَا اللَّفْظ من طَرِيق حَمَّاد عَنهُ (فَقَط، وَحَمَّاد هَذَا هُوَ ابْن سَلمَة ثِقَة ثَبت
من رجال مُسلم، لَكنا) (7) أسلفنا عَن الْبَيْهَقِيّ أَنه قَالَ فِي الحَدِيث الثَّالِث
عشر من بَاب شُرُوط الصَّلَاة (إِن حماداً)(8) اخْتلف فِي عَدَالَته، وَقَالَ فِي
بَاب من أَدَّى الزَّكَاة: سَاءَ حفظه فِي آخر عمره، فالحفاظ لَا يحتجون بِمَا
يُخَالف فِيهِ، ويتجنبون مَا ينْفَرد بِهِ عَن قيس بن ثَابت وَأَمْثَاله.
قلت: ووراء ذَلِك كُله أَمر آخر وَهُوَ أَن هَذَا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ كَانَ يَوْم
الْفَتْح (9) - كَمَا أخرجه النَّسَائِيّ، وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث يَحْيَى بن
(1)«مُخْتَصر السّنَن» (3 / 334) .
(2)
«التَّارِيخ الْكَبِير» (2 / 239 رقم 2316) .
(3)
«السّنَن الْكُبْرَى» للنسائي (2 / 252) .
(4)
«الْوَهم وَالْإِيهَام» (3 / 434) .
(5)
«السّنَن الْكُبْرَى» للنسائي (2 / 250 رقم 3305) .
(6)
زَاد فِي «أ، ل، م» : لَيْسَ. وَهِي خطأ.
(7)
جعلهَا فِي «ل» حَاشِيَة؛ فَكتب فَوق «حَمَّاد» : حش من. وَفَوق «مُسلم» : إِلَى.
(8)
فِي «أ» : حَمَّاد. وَفِي «م» : أَنه. والمثبت من «ل» .
(9)
زَاد فِي «م» : بل وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيه يزِيد بن أبي زِيَاد تغير حَال كبر لكنه رَوَى لَهُ مُسلم. وَلَا أعلم موضعهَا لِأَنَّهَا كتبت بَين السطرين.
جعدة السالف عَن أم هَانِئ " أَنه عليه الصلاة والسلام دخل عَلَيْهَا يَوْم
الْفَتْح فَأتي بِإِنَاء فَشرب مِنْهُ، ثمَّ ناولني فَقلت: إِنِّي صَائِمَة؟ فَقَالَ: إِن
المتطوع أَمِير عَلَى نَفسه، فَإِن شِئْت فصومي، وَإِن شِئْت فافطري " هَذَا
لفظ النَّسَائِيّ، وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: " فَشرب مِنْهُ وسقاها. قَالَت: إِنِّي كنت
صَائِمَة وَلَكِن كرهت أَن أرد عَلَيْك (شرابك. قَالَ: كنت تقضين؟ قلت:
لَا. قَالَ: لَا يَضرك " انْتَهَى. فَلْيتَأَمَّل ذَلِك) (1) وَكَيف يَقع الْقَضَاء فِي
رَمَضَان.
فَائِدَة: السؤر بِالْهَمْزَةِ.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِفضل الله وَمِنْه.
وَأما الْآثَار فخمسة عشر أثرا.
الأول: عَن عَلّي رضي الله عنه أَنه قَالَ: " لِأَن أَصوم يَوْمًا من شعْبَان أحب إليَّ
من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان " (2) .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي (3)، ثمَّ الْبَيْهَقِيّ (4) من جِهَته: أَنا عبد
الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان، عَن أمه
فَاطِمَة بنت حُسَيْن " أَن رجلا شهد عِنْد عَلّي بِرُؤْيَة هِلَال رَمَضَان فصَام -
وَأَحْسبهُ قَالَ: وَأمر النَّاس أَن يَصُومُوا - وَقَالَ: أَصوم يَوْمًا من شعْبَان
أحب إليَّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان ".
الثَّانِي: عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: " أَتَانَا كتاب عمر بن الْخطاب
وَنحن بخانقين: إِن الْأَهِلّة بَعْضهَا أكبر من بعض، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال نَهَارا
(1) سَقَطت من «أ، ل» والمثبت من «م» و «المعجم الْكَبِير» .
(2)
الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 173 - 174) .
(3)
«الْأُم» (2 / 94، 7 / 48) .
(4)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 212) .
فَلَا تفطروا حَتَّى تمسوا " وَفِي رِوَايَة: " فَإِذا رَأَيْتُمْ [الْهلَال](1) من أول
النَّهَار فَلَا تفطروا حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رأياه بالْأَمْس " (2) .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (3) ، ثمَّ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح باللفظين
الْمَذْكُورين، وَزَاد فِي آخر الأول: " إِلَّا أَن يشْهد (شَاهِدَانِ)(4) رجلَانِ
مسلمان أَنَّهُمَا أهلاه بالْأَمْس عَشِيَّة " ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي بَابَيْنِ من «سنَنه» :
أَحدهمَا (5) : فِي بَاب الْهلَال يرَى بِالنَّهَارِ. وَالثَّانِي (6) : فِي بَاب من لم
يقبل عَلَى رُؤْيَة هِلَال الْفطر إِلَّا شَاهِدين عَدْلَيْنِ. وَقَالَ فِي هَذَا الْبَاب:
هَذَا أثر صَحِيح عَنهُ. وَرَوَى (7) عَنهُ - أَعنِي الْبَيْهَقِيّ - التَّفْرِقَة بَين رُؤْيَته قبل
الزَّوَال وَبعده، ثمَّ قَالَ: إِنَّه مُنْقَطع وَحَدِيث شَقِيق أصح مِنْهُ. (وَرَوَى (8)
عَنهُ أَيْضا " إِنَّمَا يَكْفِي الْمُسلمين الرجل " وَهُوَ من رِوَايَة عبد الْأَعْلَى
الثَّعْلَبِيّ) (9) عَن ابْن أبي لَيْلَى عَنهُ، وَنقل (10) عَن يَحْيَى بن معِين أَنه لم
يثبت سَماع ابْن أبي لَيْلَى من عمر، وَعَن الدَّارَقُطْنِيّ أَن عبد الْأَعْلَى غَيره
أثبت مِنْهُ، وَحَدِيث شَقِيق أصح إِسْنَادًا مِنْهُ.
فَائِدَة: قَوْله «بخانقين» هُوَ بخاء مُعْجمَة، ثمَّ نون ثمَّ قَاف
مكسورتين: بَلْدَة بالعراق قريبَة من بَغْدَاد، وَفِي «أَسمَاء الْأَمَاكِن»
(1) سَقَطت من «أ، ل، م» والمثبت من «الشَّرْح الْكَبِير» .
(2)
الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 182) .
(3)
«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 168 - 169 رقم 7، 8 - 11) .
(4)
لَيست فِي «السّنَن الْكُبْرَى» .
(5)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 212 - 213) .
(6)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 248) .
(7)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 212 - 213) .
(8)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 248 - 249) .
(9)
سقط من «أ، ل» والمثبت من «م» .
(10)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 249) .
للبكري (1) خانقون عَلَى وزن فاعلون: مَوضِع من بِلَاد فَارس، وَهُوَ
طَسُّوج من طساسيج حُلْوان. قَالَ كرَاع: سمي خانقين لِأَن عديًّا خُنق فِيهِ.
وَقيل: الخانق مضيق فِي الْوَادي. وَقيل: شعب ضيق فِي أَعلَى الْجَبَل،
وَبِه سمي خانقون.
وَقَوله: " إِن الْأَهِلّة بَعْضهَا أكبر من بعض " أَرَادَ ارْتِفَاع الْمنَازل لَا
عظم الدارة. وَوَقع فِي بعض نسخ الْكتاب «سُفْيَان) بدل «شَقِيق» وَهُوَ من
تَحْرِيف النَّاسِخ.
الثَّالِث: أثر ابْن عمر فِي الاستقاءة (2) تقدم فِي آخر الحَدِيث الْحَادِي
عشر.
الرَّابِع: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ: " الْفطر مِمَّا دخل،
وَالْوُضُوء مِمَّا خرج " (3) .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ (4) عَنهُ تَعْلِيقا بِصِيغَة جزم
وَلَفظه: قَالَ ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة: " [الصَّوْم](5) مِمَّا دخل، وَلَيْسَ مِمَّا
خرج ". وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (6) أَيْضا وَلَفظه عَن ابْن عَبَّاس: " أَنه ذكر عِنْده
الْوضُوء من الطَّعَام - قَالَ الْأَعْمَش مرّة: والحجامة للصَّائِم - فَقَالَ: إِن
الْوضُوء مِمَّا يخرج وَلَيْسَ مِمَّا دخل، وَإِنَّمَا الْفطر مِمَّا دخل وَلَيْسَ مِمَّا
خرج ". وَقد ذكره الرَّافِعِيّ مَرْفُوعا فِي الإحداث، وتكلمنا عَلَيْهِ هُنَاكَ.
الْخَامِس: " أَن النَّاس أفطروا فِي زمَان عمر ثمَّ انْكَشَفَ السَّحَاب
وَظَهَرت الشَّمْس ". (7) .
(1)«مُعْجم مَا استعجم» (1 / 114) .
(2)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 191) .
(3)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 192) .
(4)
«صَحِيح البُخَارِيّ» (4 / 205) .
(5)
فِي «أ، ل، م» : الْوضُوء. والمثبت من «صَحِيح البُخَارِيّ» .
(6)
«السن الْكُبْرَى» (1 / 116) .
(7)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 205) .
وَهَذَا أثر صَحِيح، رَوَاهُ الشَّافِعِي (1) ، وَالْبَيْهَقِيّ (2) عَنهُ، عَن زيد بن
أسلم، عَن أَخِيه خَالِد بن أسلم " أَن عمر بن الْخطاب أفطر فِي رَمَضَان فِي
يَوْم ذِي غيم، وَرَأَى أَنه قد أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْس، فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: قد
طلعت الشَّمْس. فَقَالَ: الخَطْب يسير وَقد اجتهدنا " قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك:
يَعْنِي قَضَاء يَوْم مَكَانَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرُوِيَ من وَجْهَيْن آخَرين عَن عمر
مُفَسرًا فِي الْقَضَاء. فذكرهما بِإِسْنَادِهِ. إِحْدَاهمَا: عَن عَلّي بن حَنْظَلَة، عَن
أَبِيه - وَكَانَ أَبوهُ صديقا لعمر - قَالَ: " كنت عِنْد عمر فِي رَمَضَان فَأفْطر
وَأفْطر النَّاس، فَصَعدَ الْمُؤَذّن ليؤذن فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، هَذِه الشَّمْس
(مَا)(3) تغرب. فَقَالَ عمر: [كفانا الله شرك، إِنَّا لم نبعثك رَاعيا. ثمَّ قَالَ
عمر رضي الله عنه] (4) : من كَانَ قد أفطر فليصم يَوْمًا مَكَانَهُ " وَفِي الْأُخْرَى " فَقَالَ
عمر: مَا نبالي وَالله نقضي يَوْمًا مَكَانَهُ " ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَفِي (نَظَائِر)(5)
هَذِه الرِّوَايَات عَن عمر فِي الْقَضَاء دَلِيل عَلَى خطأ رِوَايَة زيد بن وهب فِي
ترك الْقَضَاء. ثمَّ سَاقهَا وَبَين (ضعفها)(6) .
السَّادِس وَالسَّابِع: رُوِيَ عَن عَلّي وَابْن عمر " أَنه لَا بَأْس بِالسِّوَاكِ
الرطب " (7) .
أما أثر عَلّي فَلَا يحضرني من خرجه، وَأما أثر ابْن عمر فَذكره
البُخَارِيّ (8) بِنَحْوِهِ، وَهَذَا لَفظه: وَقَالَ ابْن عمر: " يستاك أول النَّهَار
وَآخره " وَفِي الْبَيْهَقِيّ (9) عَنهُ «أَنه كَانَ يستاك وَهُوَ صَائِم» وَرُوِيَ عَنهُ
(1)«الْأُم» (2 / 96) .
(2)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 217) .
(3)
فِي «السّنَن الْكُبْرَى» : لم.
(4)
من «السّنَن الْكُبْرَى» .
(5)
فِي «السّنَن الْكُبْرَى» : تظاهر.
(6)
فِي «أ، ل» : صفتهَا والمثبت من «م» .
(7)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 216) .
(8)
«صَحِيح البُخَارِيّ» (4 / 181) .
(9)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 273) .
مَرْفُوعا، وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن عبد الله بن ميسرَة النهاوندي (1) ، قَالَ ابْن
حبَان: لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ. وَقَالَ ابْن عدي: يحدث عَن الثِّقَات
بِالْمَنَاكِيرِ وَيسْرق حَدِيث النَّاس. وَالصَّحِيح وَقفه عَلَى ابْن عمر.
الثَّامِن وَالتَّاسِع والعاشر وَالْحَادِي عشر: عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس،
وَأنس، وَأبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وجوب الْفِدْيَة عَلَى الشَّيْخ الْكَبِير الْمُفطر بِعُذْر
الْهَرم) (2) .
أما أثر ابْن عمر: فَذكره صَاحب «الْمُهَذّب» (3) وَلم يعزه النَّوَوِيّ (4)
وَلَا الْمُنْذِرِيّ، وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ (5) من حَدِيث نَافِع مولَى ابْن عمر «أَنه سُئِلَ
عَن رجل مرض فطال عَلَيْهِ مَرضه حَتَّى مرَّ عَلَيْهِ رمضانان أَو ثَلَاثَة، فَقَالَ
نَافِع: كَانَ ابْن عمر يَقُول: من أدْركهُ رَمَضَان وَلم يكن صَامَ رَمَضَان
(الجائي)(6) فليطعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا مدًّا من حِنْطَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء "
وَفِي البُخَارِيّ (7) من حَدِيث نَافِع، عَن ابْن عمر " أَنه قَرَأَ (فَدِيَة طَعَامُ
مَسَاكِينَ) (8) قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة ".
وَأما أثر ابْن عَبَّاس، فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» (9) فِي كتاب
التَّفْسِير مِنْهُ، عَن عَطاء «سمع ابْن عَبَّاس يقْرَأ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقونَهُ فِدْية
(1) تَرْجَمته فِي «ميزَان الِاعْتِدَال» (1 / 108 رقم 423) .
(2)
سَقَطت من «أ، ل» والمثبت من «م» . وَانْظُر «الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 238) .
(3)
«الْمُهَذّب» (1 / 178) .
(4)
«الْمَجْمُوع» (6 / 393) .
(5)
«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 196 رقم 85) .
(6)
فِي «سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» الْخَالِي.
(7)
«صَحِيح البُخَارِيّ» (4 / 221 رقم 1949) .
(8)
الْبَقَرَة: 184. وَهِي قِرَاءَة المدنيَّيْن وَابْن عَامر. انْظُر النشر (2 / 170) .
(9)
«صَحِيح البُخَارِيّ» (8 / 28 رقم 4505) .
طَعَامُ مِسْكِين) (1) قَالَ ابْن عَبَّاس: لَيست مَنْسُوخَة، وَهُوَ الشَّيْخ الْكَبِير
وَالْمَرْأَة الْكَبِيرَة لَا يستطيعان أَن يصوما فيطعمان مَكَان كل يَوْم مِسْكينا ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد (2) من حَدِيث سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس (وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (3) قَالَ: كَانَت رخصَة للشَّيْخ الْكَبِير
وَالْمَرْأَة الْكَبِيرَة وهما يطيقان الصّيام أَن يفطرا (و)(4) يطعما مَكَان كل يَوْم
مِسْكينا، والحبلى والمرضع إِذا خافتا - قَالَ أَبُو دَاوُد: يَعْنِي (عَلَى)(5)
أولادهما - أفطرتا وأطعمتا ". وَفِي أبي دَاوُد (6) أَيْضا من حَدِيث عِكْرِمَة،
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " (أَثْبَتَت) (7) للحبلى والمرضع ". وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي
«سنَنه» (8) من هَذَا الْوَجْه عَنهُ بِلَفْظ: " رخص للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز
(الْكَبِيرَة)(9) فِي ذَلِك، وهما يطيقان الصَّوْم أَن (يفطرا إِن شاءا)(10)
ويطعما مَكَان كل يَوْم مِسْكينا، ثمَّ نسخ ذَلِك فِي هَذِه الْآيَة (فَمَنْ شَهِدَ
مِنكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (11) . وَثَبت للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة إِذا كَانَا
لَا يطيقان الصَّوْم، وَالْحَامِل والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مَكَان كل
يَوْم مِسْكينا " وَفِي رِوَايَة لَهُ (12) من حَدِيث مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس: «يطعم
(1) الْبَقَرَة: 184.
(2)
«سنَن أبي دَاوُد» (3 / 132 رقم 2312) .
(3)
الْبَقَرَة: 184.
(4)
فِي «أ» : أَو. والمثبت من «م، ل) و «سنَن أبي دَاوُد» .
(5)
سَقَطت من «أ، ل» والمثبت من «م» و «سنَن أبي دَاوُد» .
(6)
«سنَن أبي دَاوُد» (3 / 131 رقم 2311) .
(7)
فِي «أ، ل» ، أثبت. والمثبت من «م» و «سنَن أبي دَاوُد» .
(8)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 230) .
(9)
فِي «أ» : الْكَبِير. والمثبت من «م، ل» و «السّنَن الْكُبْرَى» .
(10)
فِي «أ» : يفْطر إِن شَاءَ. والمثبت من «م، ل» و «السّنَن الْكُبْرَى» .
(11)
الْبَقَرَة: 185.
(12)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 271) .
نصف صَاع [من حِنْطَة](1) مَكَان يَوْم " ثمَّ قَالَ: كَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة
" نصف صَاع من حِنْطَة " وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: " مدًّا لطعامه، ومدًّا لإدامه "
وَفِي رِوَايَة لَهُ: " إِذا عجز الشَّيْخ الْكَبِير عَن الصّيام أطْعم عَن كل [يَوْم مدًّا
مدًّا] (2» وَفِي رِوَايَة لَهُ: " رخص للشَّيْخ الْكَبِير أَن يفْطر وَيطْعم عَن كل يَوْم
مِسْكينا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ ". (وَرَوَاهُ)(3) الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» (4) بِهَذَا اللَّفْظ
الْأَخير ثمَّ قَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ. وَفِي رِوَايَة لَهُ (5) عَنهُ فِي قَوْله
تَعَالَى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) وَاحِد (فَمَنْ تَطَوَّعَ
خَيْراً) (قَالَ: و)(6) زَاد مِسْكينا آخر (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ)(7) وَلَيْسَت بمنسوخة
إِلَّا أَنه قد وضع للشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصّيام وَأمر أَن يطعم الَّذِي
[يعلم أَنه](8) لَا يطيقه» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
وَأما أثر أنس، فَرَوَاهُ الشَّافِعِي (9) عَن مَالك " أَن أنس بن مَالك كبر
حَتَّى كَانَ لَا يقدر عَلَى الصّيام فَكَانَ يفتدي " قَالَ الشَّافِعِي: وَخَالفهُ مَالك
فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِب. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» (10) : هَذَا مُنْقَطع،
وَقد رَوَيْنَاهُ عَن قَتَادَة مَوْصُولا عَن أنس " أَنه ضعف عَاما قبل مَوته فَأفْطر
وَأمر أَهله أَن يطعموا مَكَان كل يَوْم مِسْكينا ".
قلت: وَأخرج هَذَا الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» (11) .
(1) سَقَطت من «أ، ل، م» والمثبت من «السّنَن الْكُبْرَى» .
(2)
فِي «أ، ل» : مد يَوْمًا يَوْمًا. فِي «م» : مدًّا. والمثبت من «السّنَن الْكُبْرَى» .
(3)
فِي «م» : وَفِي رِوَايَة. والمثبت من «أ، ل» .
(4)
«الْمُسْتَدْرك» (1 / 440) .
(5)
«الْمُسْتَدْرك» (1 / 440) .
(6)
فِي «الْمُسْتَدْرك» : فَإِن.
(7)
الْبَقَرَة: 184.
(8)
سَقَطت من «أ، ل، م» والمثبت من «الْمُسْتَدْرك» .
(9)
«الْأُم» (7 / 245) .
(10)
«الْمعرفَة» (3 / 415) .
(11)
«المعجم الْكَبِير» (1 / 242 رقم 675) .
وَالدَّارَقُطْنِيّ (1) وَالْبَيْهَقِيّ (2) فِي «سُنَنهمَا» .
وَأما أثر أبي هُرَيْرَة، فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (3) من حَدِيث سُلَيْمَان بن
مُوسَى، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " من أدْركهُ الْكبر
فَلم يسْتَطع صِيَام شهر رَمَضَان فَعَلَيهِ لكل يَوْم مد من قَمح ".
الْأَثر الثَّانِي عشر: أَن ابْن عَبَّاس قَرَأَ " وَعَلَى الَّذين (يطوقونه)(4) فديَة
طَعَام مِسْكين " (5) وَمَعْنَاهُ يكلفون الصَّوْم فَلَا يطيقُونَهُ (6) .
وَهَذِه الْقِرَاءَة مَشْهُورَة عَنهُ فِي كتب التَّفْسِير.
الْأَثر الثَّالِث عشر: عَن ابْن عَبَّاس " أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) (7) : إِنَّهَا مَنْسُوخَة الحكم إِلَّا فِي حق الْحَامِل
والمرضع " (8) .
وَهَذَا الْأَثر سلف بَيَانه قَرِيبا.
الْأَثر الرَّابِع عشر: عَن ابْن عمر رضي الله عنهما " أَنه قَالَ: فِيمَن عَلَيْهِ
صَوْم فَلم يصمه حَتَّى أدْركهُ رَمَضَان آخر: يطعم عَن الأول " (9) .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» (10) من رِوَايَة نَافِع عَنهُ أَنه
كَانَ يَقُول: " من أدْركهُ رَمَضَان وَعَلِيهِ من رَمَضَان شَيْء فليطعم (مَكَان كل
يَوْم مِسْكينا) (11) مدًّا من حِنْطَة " وَفِي رِوَايَة لَهُ (12) مثلهَا تقدّمت فِي الْأَثر
(1)«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 207 - 208 رقم 17) .
(2)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 271) .
(3)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 271) .
(4)
فِي «م، ل» : يطيقُونَهُ. والمثبت من «أ» .
(5)
الْبَقَرَة: 184.
(6)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 238) .
(7)
الْبَقَرَة: 184.
(8)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 240) .
(9)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 242) .
(10)
«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 196 رقم 86) .
(11)
فِي «أ، ل» : كل مِسْكين يَوْمًا. والمثبت من «م» و «سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» .
(12)
«سنَن الدَّارَقُطْنِيّ» (2 / 196 رقم 85) .
الثَّامِن. قَالَ ابْن حزم (1) : روينَا - يَعْنِي الْإِطْعَام - عَن عمر وَابْن عمر من
طَرِيق (2) مُنْقَطِعَة، وَبِه يَقُول الْحسن، وَعَطَاء، وروينا عَن ابْن عمر من
طَرِيق صَحِيحَة " أَنه يَصُوم رَمَضَان الآخر وَلَا يقْضِي الأول بصيام لَكِن
يطعم عَنهُ مَكَان كل يَوْم مِسْكينا مِسْكينا مًدًّا مدًّا " قَالَ: وروينا عَنهُ أَيْضا
" يهدي (مَكَان) (3) كل (يَوْم) (4) فرط فِي قَضَائِهِ بَدَنَة مقلدة ".
الْأَثر الْخَامِس عشر: عَن ابْن عَبَّاس مثله (5) .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (6) من رِوَايَة مَيْمُون بن مهْرَان عَنهُ " فِي
رجل أدْركهُ رَمَضَان وَعَلِيهِ رَمَضَان آخر قَالَ: يَصُوم (عَن)(7) هَذَا، وَيطْعم
عَن ذَاك كل يَوْم مِسْكينا ويقضيه ".
(1)«الْمُحَلَّى» (6 / 261) .
(2)
زَاد فِي «م» : صَحِيحَة.
(3)
فِي «أ، ل» : مَكَانَهُ. والمثبت من «م» و «الْمُحَلَّى» .
(4)
فِي «الْمُحَلَّى» : رَمَضَان.
(5)
«الشَّرْح الْكَبِير» (3 / 242) .
(6)
«السّنَن الْكُبْرَى» (4 / 253) .
(7)
لَيست فِي «السّنَن الْكُبْرَى» .