الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن ثفنة. وَقَالَ أَحْمد: أَخطَأ فِيهِ وَكِيع، حَدثنَا روح فَقَالَ: مُسلم بن شُعْبَة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم وَكِيع فِي ذَلِك، وَالصَّوَاب مُسلم بن شُعْبَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِنَّه الصَّوَاب (أَيْضا) ، قَالَه يَحْيَى بن معِين، وَغَيره من الْحفاظ.
الحَدِيث التَّاسِع
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي خمس من الْإِبِل شَاة» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، كَمَا تقدم بِطُولِهِ (فِي) أول الْبَاب، وَقد فرق الرَّافِعِيّ مِنْهُ قطعا، وَهُوَ محَال عَلَى مَا ذكرنَا أَولا (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) .
الحَدِيث الْعَاشِر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إياك وكرائم أَمْوَالهم» .
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته، من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما؛ «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمعَاذ بن جبل رضي الله عنه لما بَعثه إِلَى الْيمن: إِنَّك ستأتي قوما أهل كتاب، فَإِذا جئتهم فادعهم إِلَى أَن يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَإِن هم أطاعوا لَك (بذلك) فَأخْبرهُم
(أَن الله قد فرض عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة، فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك فَأخْبرهُم) أَن الله قد فرض عَلَيْهِم صَدَقَة؛ تؤاخذ من أغنيائهم، فَترد (عَلَى) فقرائهم، فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك، فإياك وكرائم أَمْوَالهم، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينه وَبَين الله حجاب» .
وَفِي رِوَايَة لَهما: «إِنَّك تقدم عَلَى قوم أهل كتاب، فَلْيَكُن أول مَا تدعوهم إِلَيْهِ عبَادَة الله، فَإِذا عرفُوا الله فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم خمس صلوَات» .
وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن ابْن عَبَّاس، عَن معَاذ بن جبل، قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ: إِنَّك تَأتي قوما من أهل الْكتاب، فادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
…
» . وَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ.
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «زَكَاة تُؤْخَذ من أَمْوَالهم، فَترد عَلَى فقرائهم» . كرائم المَال: خِيَاره.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب وَأما آثاره؛ فاثنان:
الأول: «أَن أَبَا بكر الصّديق رضى الله عَنهُ قَاتل مانعي الزَّكَاة» وَهَذَا أثر صحيحٌ، اتّفق الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجه، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ؛
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: «عنَاقًا» بدل «عقَالًا» .
فَائِدَة: العقال قيل: هُوَ صَدَقَة (عَام)، وَقيل: الْحَبل الَّذِي يعقل بِهِ الْبَعِير، وَقيل: إِنَّمَا أَرَادَ الشَّيْء التافه الحقير، فَضرب العقال مثلا لَهُ، حَكَاهُ صَاحب «المستعذب عَلَى الْمُهَذّب» .
والعناق: الْأُنْثَى من ولد الْمعز، وَهِي الَّتِي رعت وقويت، وَهِي فَوق الجفرة وَهِي الَّتِي لَهَا أَرْبَعَة، وَدون العنز، وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا حول؛ وَكَانَ قتال الصّديق أهل الرِّدَّة فِي أول خِلَافَته، سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة.
هَذَا الْأَثر رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم عَنهُ، عَن ثَوْر بن زيد [الديلِي] ، عَن ابْن لعبد الله بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ، عَن جده سُفْيَان بن عبد الله «أَن عمر بن الْخطاب بَعثه مُصدقا، فَكَانَ يعد عَلَى النَّاس السخل، (فَقَالُوا) : تعد علينا السخل وَلَا تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا؟ فَلَمَّا قدم عَلَى عمر بن الْخطاب ذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ عمر: نعم؛ تعد عَلَيْهِم السخلة يحملهَا الرَّاعِي وَلَا يَأْخُذهَا (الْمُصدق) وَلَا يَأْخُذ الأكولة، وَلَا الرُّبى وَلَا الماخض، وَلَا فَحل الْغنم، وَيَأْخُذ الْجَذعَة والثنية، وَذَلِكَ عدل بَين أدنَى المَال وخياره» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي أَيْضا عَن سُفْيَان، نَا بشر بن عَاصِم، عَن أَبِيه، «أَن عمر اسْتعْمل (أَبَاهُ) سُفْيَان بن عبد الله عَلَى الطَّائِف ومخالفيها، فَخرج مُصدقا فاعتد عَلَيْهِم بالغذاء وَلم يَأْخُذهُ مِنْهُم، فَقَالُوا (لَهُ) : إِن كنت تَعْتَد علينا بالغذاء (فَخذ مِنْهُ) فَأمْسك حَتَّى لَقِي عمر، فَقَالَ لَهُ:
(اعْلَم أَنهم) يَزْعمُونَ أَنا نظلمهم، نعتد عَلَيْهِم بالغذاء وَلَا نَأْخُذهُ مِنْهُم، فَقَالَ لَهُ عمر: اعْتد عَلَيْهِم بالغذاء حَتَّى بالسخلة يروح بهَا الرَّاعِي عَلَى يَده، وَقل لَهُم: لَا آخذ مِنْكُم الربى، وَلَا الماخض، وَلَا ذَات الدّرّ، وَلَا الشَّاة الأكولة، وَلَا فَحل الْغنم، وَخذ العناق الْجَذعَة، والثنية، فَذَلِك عدل بَين غذَاء المَال وخياره» .
قلت: وَله طَرِيق ثَالِث من حَدِيث أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة بن خَالِد، عَن سُفْيَان.
قَالَ ابْن حزم: لم يرو هَذَا عَن عمر من طَرِيق مُتَّصِلَة، إِلَّا من طَرِيقين؛ إِحْدَاهمَا: من طَرِيق بشر بن عَاصِم بن سُفْيَان، عَن أَبِيه، وَكِلَاهُمَا غير مَعْرُوف، أَو من طَرِيق ابْن لعبد الله، لم يسم. وَالثَّانيَِة: من طَرِيق عِكْرِمَة بن خَالِد، وَهُوَ ضَعِيف.
وَوَقع فِي «الْكِفَايَة» أَن اسْم هَذَا السَّاعِي سعد بن رستم، وَهُوَ غَرِيب، وَالصَّوَاب سُفْيَان كَمَا سلف، وَهُوَ مَا ذكره (صَاحب) الْحَاوِي أَيْضا.
فَائِدَة: الأكولة: بِفَتْح الْهمزَة، الشَّاة الْمعدة للْأَكْل المسمنة، فِي قَول أبي عبيد.
وَقَالَ شمر: أكولة غنم الرجل الْخصي والهرمة: العاقر.
«والرُبّا» : بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء، وَجَمعهَا أَرْبَاب، والمصدر ربَاب بِكَسْرِهَا.
قَالَ الْجَوْهَرِي: قَالَ الْأمَوِي: هِيَ ربى من وِلَادَتهَا إِلَى شَهْرَيْن، قَالَ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ: الرُبى من الْمعز، وَقَالَ غَيره: من الْمعز والضأن، وَرُبمَا جَاءَت فِي الْإِبِل. والماخض: الْحَامِل. والغِذا بالغين الْمَكْسُورَة الْمُعْجَمَة ثمَّ ذال مُعْجمَة أَيْضا وَالْمدّ - جمع غذي بتَشْديد الْيَاء السخال: الصغار، (قَالَه) الرَّافِعِيّ: وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّه الشَّيْء الرَّدِيء والسخلة تقع عَلَى الذّكر وَالْأُنْثَى من أَوْلَاد الْمعز سَاعَة مَا تضعه الشَّاة، ضأنًا كَانَت أَو معزًا، وَالْجمع سخال وسخل.
وَذَات الدّرّ: مَعْنَاهُ ذَات اللَّبن.
وَقَوله: اعْتد، هُوَ بِفَتْح الدَّال عَلَى الْأَمر، خطاب من عمر رضي الله عنه لساعيه سُفْيَان الْمَذْكُور، وَهُوَ سُفْيَان بن عبد الله بن أبي ربيعَة الثَّقَفِيّ الطَّائِفِي، كَانَ عَامل عمر عَلَى الطَّائِف، وَهُوَ صحأبي.