الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّمَانِينَ
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لِأَن يجلس أحدكُم عَلَى جَمْرَة، فتحرق ثِيَابه، فتخلص إِلَى جلده: خير لَهُ من أَن يجلس عَلَى قبر» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه بِهَذَا اللَّفْظ، وَقد تقدم فِي الحَدِيث الثَّالِث بعد السّبْعين النَّهْي عَن الْقعُود عَلَيْهِ أَيْضا.
الحَدِيث السَّادِس بعد الثَّمَانِينَ
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، فَإِنَّهَا تذكركم الْآخِرَة» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَله طرق كَثِيرَة.
أَحدهَا: من طَرِيق: (بُرَيْدَة) رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قد (كنت) نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فقد أذن لمُحَمد فِي زِيَارَة قبر أمه، فزوروها فَإِنَّهَا تذكركم الْآخِرَة» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
وَقَالَ: حسن صَحِيح. وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» بلفظين: أَحدهمَا: «إِنِّي نَهَيْتُكُمْ عَن ثَلَاث: عَن زِيَارَة الْقُبُور، وَعَن لُحُوم
الْأَضَاحِي أَن (تبقوها) فَوق ثَلَاثَة أَيَّام، وَعَن الظروف إِلَّا مَا كَانَ سقاءٍ، فقد رخص لمحمدٍ فِي (زِيَارَة قبر) أمه» .
الثَّانِي: « (إِنِّي اسْتَأْذَنت) فِي الاسْتِغْفَار (لأمي) فَلم يَأْذَن لي، فَدَمَعَتْ عَيْني رَحْمَة لَهَا من النَّار، وَإِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن ثَلَاث: عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا
…
» وَذكر بَاقِي الحَدِيث. وَرَوَاهُ الْحَاكِم (بِلَفْظ) : «إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزورها، ولتردكم زيارتها خيرا» . ثمَّ قَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَرَوَاهُ أَيْضا فِي مَنَاقِب النَّبِي صلى الله عليه وسلم من «مُسْتَدْركه» بِلَفْظ: «أَنه عليه السلام زار قبر أمه فِي ألف مقنع، فَمَا رُئي باكيًا أَكثر من ذَلِك الْيَوْم» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، إِنَّمَا أخرج مُسلم وَحده حَدِيث محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه:«اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي الاسْتِغْفَار، فَلم يُؤذن لي» .
قلت: لم يخرج مُسلم هَذَا اللَّفْظ من حَدِيث بُرَيْدَة هَذَا؛ إِنَّمَا أخرجه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة كَمَا ستعلمه بعد هَذَا، وَلَفظه فِي حَدِيث بُرَيْدَة: «نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها
…
» الحَدِيث، وَأغْرب من
هَذَا قَوْله فِي الْجَنَائِز من «مُسْتَدْركه» لما أخرج حَدِيث بُرَيْدَة: «كنت نَهَيْتُكُمْ) كَمَا سقناه: إنّ هَذَا الحَدِيث مخرج فِي الْكِتَابَيْنِ «الصَّحِيحَيْنِ» لِلشَّيْخَيْنِ. وَقد عرفت أَنه من أَفْرَاده، كَمَا قَالَه مرّة أُخْرَى.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه، فَبَكَى؛ وأبكى من حوله، فَقَالَ: (اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي أَن أسْتَغْفر لَهَا، فَلم يُؤذن لي، واستأذنته فِي أَن أَزور قبرها، فَأذن لي، فزوروا الْقُبُور؛ فَإِنَّهَا تذكركم الْمَوْت» . رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» مُنْفَردا بِهِ، وَلم يَقع فِي رِوَايَة عبد الغافر الْفَارِسِي، وَوَقع لغيره من الروَاة عَن الجلودي، وَعَزاهُ إِلَى «مُسلم» : الْبَيْهَقِيّ، وَعبد الْحق، وَالْمُنْذِرِي، وَغَيرهم، وَأما الْحَاكِم فاستدركه وَقَالَ: إِنَّه عَلَى شَرط مُسلم. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه مُخْتَصرا بِلَفْظ: «زوروا الْقُبُور؛ فَإِنَّهَا تذكركم الْآخِرَة» .
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، فَإِنَّهَا تزهد فِي الدُّنْيَا وتذكر فِي الْآخِرَة» . رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَفِيه أَيُّوب بن هَانِئ ضعفه ابْن معِين، وَقواهُ أَبُو
حَاتِم، وَاقْتصر الذَّهَبِيّ فِي «الْمُغنِي» (عَلَى) مقَالَة ابْن معِين. وَقَالَ فِي «الكاشف» : إِنَّه صَدُوق. وَلم يذكر غير ذَلِك، وَرَوَاهُ أَحْمد بِنَحْوِهِ.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، فَإِنَّهَا عِبْرَة» . رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. وَرَوَاهُ الشَّافِعِي كَذَلِك، لَكِن قَالَ بدل:«فَإِنَّهَا عِبْرَة» : «وَلَا تَقولُوا هجرًا» . وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» بِلَفْظ: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فَإِن زرتموها فَلَا تَقولُوا هجرًا» .
الطَّرِيق الْخَامِس: من حَدِيث أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نهيت عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها؛ فَإِنَّهَا تذكركم الْمَوْت» . رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَفِيه يَحْيَى الجابر، وَقد ضعَّفوه كَمَا سلف فِي الْبَاب فِي الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين مِنْهُ. ثمَّ رَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق آخر جيد، عَن أنس بِلَفْظ:«نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، فَإِنَّهَا ترق الْقلب، وتدمع الْعين، وتذكركم الْآخِرَة، وَلَا تَقولُوا هجرًا» . وَرَوَاهُ أَحْمد بِنَحْوِهِ.
الطَّرِيق السَّادِس: من حَدِيث أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
«زر الْقُبُور، تذكر بهَا الْآخِرَة» . رَوَاهُ الْحَاكِم هُنَا، و (فِي) بَاب الرقَاق من «مُسْتَدْركه» ، وَقَالَ هُنَا: رُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات.
قلت: لَكِن فِي سَنَده يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَهُوَ واه، وَيَحْيَى بن سعيد عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ، وَيَحْيَى لم يدْرك أَبَا مُسلم، فَهُوَ مُنْقَطع، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «اختصاره للمستدرك» : أَبُو مُسلم هَذَا رجل مَجْهُول، وَالْخَبَر مُنكر.
الطَّرِيق السَّابِع: من حَدِيث عَلّي بن أبي طَالب رضي الله عنه «أَنه عليه الصلاة والسلام نهَى عَن زِيَارَة الْقُبُور، ثمَّ قَالَ: إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زيارتها؛ فزوروها؛ فَإِنَّهَا تذكركم الْآخِرَة» . رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَلّي بن يزِيد، عَن ربيعَة بن النَّابِغَة، عَن أَبِيه، عَن عَلّي بِهِ. قَالَ البُخَارِيّ: ربيعَة بن النَّابِغَة، عَن أَبِيه عَن عَلّي لَا يَصح حَدِيثه.