الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرَّقِيق، وَلَكِن هاتوا (ربع) العشور من كل أَرْبَعِينَ [درهما] دِرْهَم» .
قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن (رَوَاهُ) : رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن عُيَيْنَة وَغير وَاحِد عَن (أبي) إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَلّي قَالَ: وَسَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي: البُخَارِيّ - عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيح عَن أبي إِسْحَاق، يحْتَمل أَن يكون عَنْهُمَا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّوَاب وَقفه عَلَى عليٍّ رضي الله عنه، وَقَالَ الْبَزَّار: لَا يرويهِ غير عَاصِم عَن عَلّي.
قلت: قد رَوَاهُ الْحَارِث عَنهُ، وَلَا يعرف مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث عليٍّ.
الحَدِيث الثَّالِث
عَن عليٍّ رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «هاتوا ربع الْعشْر من الْوَرق، وَلَا شَيْء (فِيهِ) حَتَّى يبلغ (مِائَتي) دِرْهَم وَمَا زَاد فبحسابه» . وَرُوِيَ مثله فِي الذَّهَب.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، نَا زُهَيْر، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة وَعَن الْحَارِث الْأَعْوَر، عَن عَلّي - قَالَ زُهَيْر: أَحْسبهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «هاتوا ربع (العشور) ، من كل أَرْبَعِينَ درهما دِرْهَم، وَلَيْسَ عَلَيْكُم شَيْء حَتَّى تتمّ مِائَتي دِرْهَم، فَإِذا كَانَت عِنْده مِائَتي دِرْهَم فَفِيهَا خَمْسَة (دَرَاهِم) ، فَإِن زَاد فعلَى حِسَاب ذَلِك» ثمَّ ذكر صَدَقَة الْغنم وَغَيرهَا.
ثمَّ رَوَى عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي جرير بن (حَازِم) ، وَسَمَّى آخر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة والْحَارث الْأَعْوَر، عَن عَلّي (عَن) النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِبَعْض أول الحَدِيث، قَالَ:«فَإِذا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَم، وَحَال عَلَيْهَا الْحول، فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم، وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْء - يَعْنِي فِي الذَّهَب - حَتَّى يكون لَك عشرُون دِينَارا، فَإِذا كَانَت لَك عشرُون دِينَارا، وَحَال عَلَيْهَا الْحول، فَفِيهَا نصف دِينَار، فَمَا زَاد (فبحساب) ذَلِك» .
قَالَ: لَا أَدْرِي أعليٌّ يَقُول: [فبحساب] ذَلِك، أَو رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
ثمَّ قَالَ: رَوَى هَذَا الحَدِيث الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، كَمَا قَالَ أَبُو عوَانَة، وَرَوَاهُ شَيبَان [أَبُو مُعَاوِيَة] وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، (عَن عَلّي) ، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى حَدِيث النُّفَيْلِي: شُعْبَة وسُفْيَان وَغَيرهمَا، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عليٍّ لم يرفعوه.
وَقَالَ (أَبُو مُحَمَّد) بن حزم فِي «محلاه» : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن وهب، عَن جرير بن حَازِم، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة والْحَارث الْأَعْوَر، قرن فِيهِ أَبُو إِسْحَاق (بَين) عَاصِم والْحَارث، والْحَارث كَذَّاب، وَكثير من الشُّيُوخ يجوز عَلَيْهِ مثل هَذَا، وَهُوَ أَن الْحَارِث أسْندهُ وَعَاصِم لم يسْندهُ، فجمعهما جرير، وَأدْخل حَدِيث أَحدهمَا فِي الآخر، وَقد رَوَاهُ شُعْبَة وسُفْيَان وَمعمر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عليٍّ، مَوْقُوفا عَلَى عليٍّ، وَكَذَلِكَ كل ثِقَة رَوَاهُ عَن عَاصِم إِنَّمَا وَقفه عَلَى عليٍّ، وَقد بيَّنَّا أَنه حَدِيث هَالك، فَلَو أَن جَرِيرًا أسْندهُ عَن عَاصِم وَحده لأخذنا بِهِ، وَلَكِن لما (لم) يسْندهُ إِلَّا عَن الْحَارِث مَعَه لم يَصح لنا إِسْنَاده من طَرِيق عَاصِم. هَذَا آخر كَلَامه.
وَلما نَقله عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» عَنهُ نقل عَن غَيره أَن هَذَا لَا
يلْزم؛ لِأَن جَرِيرًا ثِقَة، وَقد أسْندهُ عَنْهُمَا، وَقد أسْندهُ (أَيْضا) أَبُو عوَانَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عليٍّ مَرْفُوعا فِي زَكَاة الْوَرق؛ ذكر حَدِيثه التِّرْمِذِيّ، وَأَبُو عوَانَة ثِقَة.
قلت: وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن سَلمَة بن صَالح وَأَيوب بن جَابر رَفَعَاهُ عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عَلّي فهذان قد رَفَعَاهُ أَيْضا، ثمَّ إِن ابْن حزم نَاقض كَلَامه فِي آخر الْمَسْأَلَة فَقَالَ: ثمَّ استدركنا فَرَأَيْنَا أَن حَدِيث جرير بن حَازِم مُسْند صَحِيح، لَا يجوز خِلَافه، وَأَن الاعتلال فِيهِ بِأَن عَاصِم بن ضَمرَة أَو أَبَا إِسْحَاق أَو جَرِيرًا خلط إِسْنَاد الْحَارِث بإرسال عَاصِم، وَهُوَ الظَّن الَّذِي لَا يجوز، وَمَا علينا من مُشَاركَة الْحَارِث لعاصم، وَجَرِير ثِقَة، وَالْأَخْذ بِمَا أسْندهُ لَازم. هَذَا لَفظه وَلَا يلتئم مَعَ الأول.
وَأما قَوْله: « (فبحساب) ذَلِك» فقد أسْندهُ زيد بن حبَان (الرقي) - وَأَصله كُوفِي - عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عليٍّ مَرْفُوعا. وَزيد هَذَا وَثَّقَهُ (يَحْيَى)، وَقَالَ أَحْمد: تركُوا حَدِيثه. وَقَالَ ابْن عدي: لَا أرَى بروايته بَأْسا.
قَالَ ابْن حزم: وَرَوَى [الْمنْهَال بن الْجراح]- وَهُوَ كَذَّاب - عَن حبيب (بن) نجيح - وَهُوَ مَجْهُول - عَن عبَادَة بن نسي، عَن معَاذ «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمره حِين وَجهه إِلَى الْيمن: أَن لَا يَأْخُذ من الكسور شَيْئا إِذا بلغ الْوَرق مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم، وَلَا يَأْخُذ (مِمَّا) زَاد حَتَّى يبلغ أَرْبَعِينَ درهما) .
ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، قَالَ: وَلم يسمع (عبَادَة) من معَاذ. قَالَ: وَرُوِيَ من طَرِيق الْحسن بن عمَارَة - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عَلّي مَرْفُوعا، فِي صَدَقَة الْوَرق:«لَا زَكَاة فِيمَا زَاد عَلَى المائتي دِرْهَم حَتَّى تبلغ أَرْبَعِينَ درهما» . قَالَ: وَرُوِيَ مثله من طَرِيق أبي أويس، عَن عبد الله وَمُحَمّد ابْني أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، عَن أَبِيهِمَا، عَن جدهما. قَالَ: وَهَذِه صحيفَة مُنْقَطِعَة.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: لم يثبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي زَكَاة الذَّهَب شَيْء من جِهَة نقل الْآحَاد الْعُدُول الثِّقَات. وَكَلَامه هَذَا يحمل عَلَى تَقْدِير نصابه، لَا عَلَى أصل إِيجَاب الزَّكَاة فِيهِ، كَمَا نبه عَلَيْهِ صَاحب «الإِمَام» .