الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول
ذكر فِيهِ رحمه الله أَحَادِيث وآثارًا
أما الْأَحَادِيث فثمانية:
الحَدِيث الأول
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» .
هَذَا الحَدِيث مريٌّ من طرق (أحْسنهَا) من حَدِيث عَلّي رضى الله عَنهُ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» ، من حَدِيث الْحَارِث الْأَعْوَر وَعَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي رضي الله عنه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، والْحَارث ضعفه الْجُمْهُور وَوَثَّقَهُ بَعضهم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي بَاب فرض التَّشَهُّد: هُوَ غير مُحْتَج بِهِ، وَكَانَ ابْن الْمُبَارك يُضعفهُ.
وَعَاصِم وَثَّقَهُ ابْن الْمَدِينِيّ وَابْن معِين وَالنَّسَائِيّ فَقَالَ فِي تَمْيِيزه: لَا بَأْس بِهِ، وَالْحَاكِم يصحح حَدِيثه، وَأما ابْن عدي وَابْن حبَان فضعفاه، وَاعْتمد عَلَيْهِ صَاحب «الإِمَام» لأجل عَاصِم.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن (أَو صَحِيح) وَخَالف فِي «شَرحه للمهذب» فَقَالَ: إِنَّه حَدِيث ضَعِيف. قَالَ: وَلذَلِك احْتج صَاحب «الْمُهَذّب» فِي الْمَسْأَلَة بالآثار المنتشرة عَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم دونه.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الِاعْتِمَاد فِي اشْتِرَاط الْحول عَلَى الْآثَار الصَّحِيحَة فِيهِ، عَن أبي بكر وَعُثْمَان وَابْن عمر (وَغَيرهم.
قلت: وَالصَّوَاب الأول وَيَكْفِي رِوَايَة غَيره - يَعْنِي الْحَارِث الْأَعْوَر) وَقد نحى الْقُرْطُبِيّ فِي «مفهمه» إِلَى تَصْحِيحه أَيْضا فَقَالَ: يعْتَمد عَلَى رِوَايَة الثِّقَة - يَعْنِي عَاصِم بن ضَمرَة.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث أنس رضي الله عنه، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث ثَابت عَنهُ؛ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» .
إِسْنَاده ضَعِيف؛ لِأَن فِيهِ حسان بن سياه الْبَصْرِيّ؛ (رَاوِيه) عَن ثَابت، ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن حبَان، وَكَذَا ابْن عدي وَقَالَ: حدث (عَن) ثَابت وَعَاصِم بن بَهْدَلَة (وَالْحسن) بن ذكْوَان وَغَيرهم بِمَا لَا يتابعونه عَلَيْهِ. وَلما أورد هَذَا الحَدِيث قَالَ: لَا أعلم يرويهِ عَن ثَابت غير [حسان بن سياه] .
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا، رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمْ» بِلَفْظ:«لَيْسَ فِي المَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» .
إِسْنَاده ضَعِيف؛ لِأَن فِيهِ حَارِثَة بن أبي الرِّجَال، (وَهُوَ ضَعِيف) . قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ. قَالَ: وَرَوَاهُ (الثَّوْريّ) عَن حَارِثَة مَوْقُوفا عَلَى عَائِشَة.
وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع حَارِثَة عَلَى هَذَا الحَدِيث إِلَّا من هُوَ دونه أَو مثله. قَالَ: وَله غير حَدِيث لَا يُتَابع عَلَيْهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مَوْقُوفا عَلَى عَائِشَة وَمَرْفُوعًا، وَيُشبه أَن يكون هَذَا من عمل حَارِثَة.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بَقِيَّة، عَن إِسْمَاعِيل، عَن عبيد الله (بن عمر) ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا:«لَا زَكَاة فِي مَال امْرِئ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن عَيَّاش، وَهُوَ ضَعِيف فِي رِوَايَته عَن غير الشاميين، وَعبيد الله هَذَا مدنِي.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة ابْن نمير، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ:«لَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» ثمَّ قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح مَوْقُوف. قَالَ: رَوَاهُ بَقِيَّة، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن عبيد الله بن عمر مَرْفُوعا، وَلَيْسَ بِصَحِيح.
وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ مُعْتَمر وَغَيره مَوْقُوفا. وَقَالَ فِي «علله» : إِنَّه الصَّحِيح وَإنَّهُ لَا يَصح رَفعه.
قلت: والاعتماد فِي (هَذِه) الْمَسْأَلَة عَلَى الحَدِيث الأول وأقوال الصَّحَابَة، وَإِن كَانَ الْبَيْهَقِيّ رحمه الله اعْتمد فِيهَا عَلَى الْآثَار كَمَا سلف.