الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب تَارِك الصَّلَاة
ذكر فِيهِ رحمه الله ثَلَاثَة أَحَادِيث
(أَحدهَا)
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خمس صلوَات كتبهن الله عَلَيْكُم فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة، فَمن جَاءَ بِهن فَلم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا كَانَ لَهُ عِنْد الله عهد أَن يدْخلهُ الْجنَّة، وَمن لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد، إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ أدخلهُ الْجنَّة» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حبَان، عَن بن محيريز «أَن رجلا من بني كنَانَة يُدعَى المخدجي سمع رجلا بِالشَّام يكنى أَبَا مُحَمَّد يَقُول: إِن الْوتر وَاجِب. قَالَ المخدجي: فَرُحتُ إِلَى عبَادَة بن الصَّامِت، فعرضت لَهُ وَهُوَ رائح إِلَى الْمَسْجِد. فَأَخْبَرته بِالَّذِي، قَالَ أَبُو مُحَمَّد. قَالَ عبَادَة: كذب أَبُو مُحَمَّد؛ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: خمس صلوَات كتبهن الله عَلَى الْعباد، فَمن جَاءَ بِهن، لَا يُضيع مِنْهُنَّ شَيْئا، اسْتِخْفَافًا بحقهن؛ كَانَ لَهُ عهد عِنْد الله (أَن يدْخلهُ الْجنَّة. وَمن لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن) شَاءَ عذبه، وَإِن شَاءَ أدخلهُ الْجنَّة» .
وَرَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن أَيْضا، رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث مَالك أَيْضا، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث شُعْبَة، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حبَان، عَن ابْن محيريز، عَن المخدجي، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «خمس صلوَات افترضهن الله عَلَى عباده، فَمن جَاءَ بِهن لم ينتقص مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن فَإِن الله جَاعل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة عهدا أَن يدْخلهُ الْجنَّة، وَمن جَاءَ بِهن قد نقص مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن؛ لم يكن لَهُ عِنْد الله عهد، إِن شَاءَ عذبه، وَإِن شَاءَ غفر لَهُ» .
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» فَقَالَ: نَا يزِيد، أَنا يَحْيَى بن سعيد. فَذكره كَرِوَايَة مَالك، إِلَّا أَنه قَالَ فِي آخِره:«وَإِن شَاءَ غفر لَهُ» .
قَالَ ابْن عبد الْبر: وَعبد الله بن محيريز من جلة التَّابِعين، وَهُوَ مَعْدُود فِي الشاميين، قَالَ: والمخدجى مَجْهُول لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ مَالك: المخدجي لقب وَلَيْسَ ينْسب فِي شي من قبائل الْعَرَب، وَقيل: إِن المخدجي اسْمه رفيع، وَذكر ذَلِك عَن يَحْيَى بن معِين.
وَأما أَبُو مُحَمَّد فَيُقَال: إِنَّه مَسْعُود بن أَوْس الْأنْصَارِيّ، وَيُقَال: سعيد بن أَوْس، وَيُقَال: إِنَّه بَدْرِي.
وَاعْترض الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» عَلَى ابْن عبد الْبر فِيمَا قَالَه، فَقَالَ: هَكَذَا ذكر أَبُو عمر أَن المخدجي مَجْهُول، وَقد كَانَ،
(قدم) قبل ذَلِك أَنه لم يخْتَلف عَن مَالك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، وَأَنه حَدِيث صَحِيح ثَابت، فَتَأمل تَصْحِيح أبي عمر مَعَ حكمه بِأَن المخدجي مَجْهُول.
قلت: والمخدجي ذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، فَقَالَ: أَبُو رفيع المخدجي من بني كنَانَة، يروي عَن عبَادَة بن الصَّامِت، رُوِيَ عَنهُ: ابْن محيريز، ثمَّ سَاق لَهُ الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأخرجه فِي «صَحِيحه» من طَرِيقين إِلَيْهِ، وَلَفظه:«من جَاءَ بالصلوات الْخمس قد كملهن لم ينقص من حقهن شَيْئا كَانَ لَهُ عِنْد الله عهد أَن لَا يعذبه، وَمن جَاءَ بِهن وَقد أنقص من حقهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد، إِن شَاءَ رَحمَه، وَإِن شَاءَ عذبه» .
ثمَّ قَالَ: وَأَبُو مُحَمَّد هَذَا اسْمه مَسْعُود بن زيد بن سبيع الْأنْصَارِيّ، من بني دِينَار بن النجار، لَهُ صُحْبَة، سكن الشَّام. قَالَ: وَقَول عبَادَة: كذب أَبُو مُحَمَّد يُرِيد بِهِ أَخطَأ، وَهَذِه لَفْظَة مستعملة لأهل الْحجاز، إِذا أَخطَأ أحدهم يُقَال لَهُ: كذب، وَالله - تَعَالَى جلّ وَعلا - نزه أقدار الصَّحَابَة عَن إلزاق الْقدح بهم، حَيْثُ قَالَ: (يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه نورهم
…
) ، فَمن (أخبر) الله - جلّ وَعز - أَن لَا يخزيه فِي الْقِيَامَة