الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ أَن يبلغهُ (فِيهِ) مَا يُوجب تعديله.
قلت: قد عدل وَللَّه الْحَمد، ذكره ابْن أبي حَاتِم، وَقَالَ: رَوَى عَن أُسَامَة بن زيد بن أسلم، رَوَى عَنهُ عبد الْعَزِيز بن عمرَان. ثمَّ نقل عَن أبي زرْعَة أَنه قَالَ: هُوَ أَبُو عُبَيْدَة مصري، لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَفِي «الْإِكْمَال» لِابْنِ مَاكُولَا: عَافِيَة بن أَيُّوب بن عبد الرَّحْمَن بن مُسلم مولَى دوس أَبُو عُبَيْدَة، يروي عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، وَمُعَاوِيَة بن صَالح، وَالْمُحَرر بن بِلَال بن أبي هُرَيْرَة، وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، وَاللَّيْث بن سعد، وَمَالك بن أنس، وَغَيرهم، آخر من حدث عَنهُ (بِمصْر) بَحر بن نصر.
قلت: فقد زَالَت عَنهُ الْجَهَالَة العينية والحالية إِذا، والحافظ شمس الدَّين الذَّهَبِيّ فِي «مِيزَانه» تبع الْبَيْهَقِيّ فَقَالَ: عَافِيَة بن أَيُّوب رَوَى عَن اللَّيْث بن سعد، تكلم فِيهِ، مَا هُوَ بِحجَّة، وَفِيه جَهَالَة. هَذَا لَفظه.
الحَدِيث الثَّامِن
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه فِي بَاب الْآنِية وَاضحا فَرَاجعه من ثَم.
الحَدِيث التَّاسِع
«أَن رجلا قطع أَنفه يَوْم الْكلاب، فَاتخذ أنفًا من فضَّة، فَأَنْتن عَلَيْهِ،
فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يتَّخذ (أنفًا) من ذهبٍ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَئِمَّة أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن طرفَة «أَن جده عرْفجَة - بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة، ثمَّ رَاء سَاكِنة، ثمَّ فَاء، ثمَّ جِيم، ثمَّ هَاء - بن (أسعد) أُصِيب أَنفه يَوْم الْكلاب فِي الْجَاهِلِيَّة، فَاتخذ أنفًا من ورق
…
» الحَدِيث.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث أبي الْأَشْهب عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة، وَقد رَوَى (سَلم) بن (زَرير) - أَي بِفَتْح الزَّاي - عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة، نَحْو حَدِيث أبي الْأَشْهب، وزرير أصح. وَقَالَ ابْن مهْدي: سلم بن (وَزِير) وَهُوَ وهم، وَقد رَوَى غير وَاحِد من أهل الْعلم أَنهم شدوا أسنانهم بِالذَّهَب، وَفِي هَذَا الحَدِيث حجَّة لَهُم.
قلت: (سلم) هَذَا ثِقَة من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» وَإِن ضعفه
ابْن معِين. وَأَبُو الْأَشْهب جَعْفَر بن الْحَارِث ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ (البُخَارِيّ) : مُنكر الحَدِيث. وَأما ابْن حبَان فَذكره فِي «ثقاته» ، وَقَالَ: إِنَّه ثِقَة. قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ بِأبي الْأَشْهب (العطاردي)، ذَلِك بَصرِي وَهَذَا واسطي. قَالَ: وهما جَمِيعًا ثقتان. وَأخرج هَذَا الحَدِيث فِي «صَحِيحه» من جِهَته، وَخَالف ابْن الْقطَّان فضعفه، وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة أبي الْأَشْهب، وَاخْتلف عَنهُ؛ فالأكثر يَقُول: عَنهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة (بن) عرْفجَة عَن جده، وَابْن عليَّة
يَقُول: عَنهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة (عَن أَبِيه عَن) عرْفجَة. فعلَى طَريقَة الْمُحدثين يَنْبَغِي أَن تكون رِوَايَة الْأَكْثَرين مُنْقَطِعَة؛ فَإِنَّهَا معنعنة، وَقد زَاد فِيهَا ابْن علية وَاحِدًا، وَلَا يدْرَأ هَذَا قَوْلهم: إِن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة سمع من جده. وَقَول يزِيد بن زُرَيْع: إِنَّه سمع من جده. فَإِن هَذَا الحَدِيث لم يقل فِيهِ: إِنَّه سَمعه مِنْهُ، وَقد أَدخل بَينهمَا فِيهِ (الْأَب) ، وأنى هَذَا؟ فَإِن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة الْمَذْكُور لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَلَا يعرف (رَوَى) عَنهُ غير أبي الْأَشْهب، فَإِن احْتِيجَ فِيهِ إِلَى أَبِيه طرفَة - عَلَى مَا قَالَ ابْن علية عَن أبي الْأَشْهب - كَانَ الْحَال أَشد؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْرُوف الْحَال وَلَا مَذْكُور فِي رُوَاة الْأَخْبَار.
فَائِدَتَانِ: (الأولَى) : رَوَى ابْن حبَان فِي «ضُعَفَائِهِ» فِي تَرْجَمَة أبان (بن) سُفْيَان وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة عبد الله بن (عبد الله) بن أبيّ «أَنه أُصِيب ثنيته - (أَعنِي) عبد الله هَذَا - يَوْم أحد، فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يتَّخذ ثنية من ذهب» .
قَالَ ابْن حبَان: وَأَبَان هَذَا يروي عَن الثِّقَات أَشْيَاء مَوْضُوعَة. قَالَ:
وَهَذَا الْخَبَر مَوْضُوع، وَكَيف يَأْمر المصطفي (باتخاذ ثنية من ذهب و (قد) قَالَ:«إِن الذَّهَب وَالْحَرِير محرمان عَلَى ذُكُور أمتِي، و (حل) لإناثهم» ؟ لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهَذَا الشَّيْخ و (لَا) الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا عَلَى سَبِيل الِاعْتِبَار.
قلت: وَحكمه عَلَى الْوَضع بِمُجَرَّد هَذَا غير جيد، وَقد أخرج هُوَ فِي «صَحِيحه» حَدِيث اتِّخَاذ الْأنف من ذهب، وَأي فرق بَينهمَا؛ وَخص ذَلِك من النَّهْي كَمَا خص لبس الْحَرِير للحكة وَغَيرهَا، نعم أبان هَذَا مُتَّهم، وَفِي إِسْنَاد الْحَاكِم: عَاصِم بن سُلَيْمَان الْكذَّاب.
الثَّانِيَة: الكُلَاب - (بِضَم) الْكَاف وَفتح اللَّام المخففة -: اسْم لماءٍ من مياه الْعَرَب، كَانَت عِنْده وقْعَة فسمّي ذَلِك الْيَوْم بِهِ. وَقيل: كَانَ عِنْده يَوْمَانِ مشهوران يُقَال فيهمَا: الْكلاب الأول وَالْكلاب الثَّانِي. حَكَاهُ ابْن الصّلاح ثمَّ النَّوَوِيّ.
وَقَالَ الْحَازِمِي بعد أَن ضَبطه كَمَا أسلفته: هُوَ مَاء بَين الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، عَلَى سبع لَيَال من الْيَمَامَة، يذكر فِي أَيَّام الْعَرَب. قَالَ: وكُلاب أَيْضا اسْم وَاد بثهلان بِهِ نخل، وثهلان جبل لباهلة؛ ذكره فِي كِتَابه «الْمُخْتَلف والمؤتلف فِي أَسمَاء الْأَمَاكِن» .
وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي «مُعْجم مَا استعجم» : الكُلاب - بِضَم أَوله وبالباء الْمُوَحدَة - هُوَ قِدَةُ بِعَينهَا، وَبَين أدناه وأقصاه مسيرَة يَوْم،