الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الرَّابِع
عَن معَاذ (بن جبل) رضي الله عنه «أَنه [لم يَأْخُذ] زَكَاة الْعَسَل، وَقَالَ: لم يَأْمُرنِي فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشَيْء» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، من حَدِيث طَاوس عَن معَاذ أَنه أُتِي بوقص الْبَقر (وَالْعَسَل)، فَقَالَ معَاذ: كِلَاهُمَا لم يَأْمُرنِي فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشَيْء» .
قلت: وَهَذَا مُرْسل؛ طَاوس لم يدْرك معَاذًا كَمَا سلف فِي الحَدِيث السَّادِس من بَاب زَكَاة النعم.
الحَدِيث الْخَامِس
ورد فِي الْخَبَر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «فِي أَخذ الزَّكَاة من الْعَسَل» .
هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد ورد فِي عدَّة أَخْبَار؛ (أَحدهَا) : خبر ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي الْعَسَل فِي كل عشرَة أزق زق» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» ، من حَدِيث عَمْرو بن أبي سَلمَة التنيسِي، عَن صَدَقَة بن عبد الله، عَن مُوسَى بن يسَار، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر (بِهِ) كَذَلِك. وَالْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ:«أزقاق» بدل «أزق» . وَصدقَة هَذَا هُوَ السمين، وَهُوَ ضَعِيف، وَقد سلف حَاله فِي كتاب الطَّهَارَة فِي أثر عمر فِي المشمس.
وَعَمْرو هَذَا من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» وَإِن ضعفه ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم.
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد (بن) يُوسُف، عَن عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن مُوسَى بن يسَار؛ قَالَ ابْن حبَان: إِسْمَاعِيل هَذَا يقلب الْأَسَانِيد، وَيسْرق الحَدِيث لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ. قَالَ يَحْيَى بن معِين: وَعَمْرو بن أبي سَلمَة وَزُهَيْر ضعيفان. وعلَّل ابْن الْجَوْزِيّ هَذِه الطَّرِيقَة بِهَذَا، وَقَالَ فِي «علله» : إِنَّهَا لَا تصح لأجل ذَلِك. وَزُهَيْر هَذَا من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» وَفِيه لين.
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» بعد أَن أخرجه: هَذَا حَدِيث فِي إِسْنَاده مقَال، وَلَا يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا (الْبَاب) كَبِير شَيْء، وَصدقَة لَيْسَ بحافظ، وَقد خُولِفَ فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن نَافِع. وَقَالَ فِي
«علله» : سَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ؟ فَقَالَ: (هُوَ) عَن نَافِع، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسل.
وَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد بِهِ هَكَذَا صَدَقَة، وَهُوَ ضَعِيف، قد ضعفه أَحْمد وَيَحْيَى وَغَيرهمَا.
ثَانِيهَا: خبر عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ:«جَاءَ هِلَال - أحد بني مُتعَانَ - إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعشور (نحلٍ) لَهُ، قَالَ: وَسَأَلَهُ أَن يحمي وَاديا يُقَال لَهُ سَلبَهْ، فحمى لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَلِك الْوَادي، فَلَمَّا تولى عمر بن الْخطاب كتب سُفْيَان بن وهب إِلَى عمر بن الْخطاب (يسْأَله) عَن ذَلِك، فَكتب عمر: إِن أَدَّى إِلَيْك مَا كَانَ (يُؤَدِّي) إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عشور (نحله) فَاحم لَهُ سَلبَه، وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غيث يَأْكُلهُ من يَشَاء» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وسَلبه بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَاللَّام (مَعًا) ، كَمَا قَيده الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» .
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «إِن شَبابَة - بطن من فهم -
…
» فَذكر نَحوه، وَقَالَ:«فِي (كل) عشر قرب قربَة» وَقَالَ سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ: «وَكَانَ يحمى لَهُم واديين» زَاد: «فأدوا إِلَيْهِ مَا كَانُوا يؤدون إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَحمى لَهُم (وَادِيهمْ)) .
وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن عَمْرو.
وَهَذِه التَّرْجَمَة، وَهِي عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده احْتج بهَا الْأَكْثَرُونَ، كَمَا أسلفناه فِي بَاب الْوضُوء، لَا جرم أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين لما ذكره فِي «إلمامه» قَالَ: إِن ابْن مَاجَه رَوَاهُ من حَدِيث نعيم بن حَمَّاد، وَهُوَ حَافظ أخرج لَهُ البُخَارِيّ - وَقد (مُس) - عَن ابْن الْمُبَارك - وَهُوَ إِمَام - عَن أُسَامَة بن زيد، وَأخرج لَهُ مُسلم، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده عبد الله بن عَمْرو «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَخذ من الْعَسَل الْعشْر» . قَالَ: وَمن يحْتَج بنسخة عَمْرو يحْتَج بِهِ.
قلت: لَا جرم حسنه ابْن عبد الْبر فِي «استذكاره» ، وَفِي «علل الدَّارَقُطْنِيّ» وَقد سُئِلَ عَن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو عَن عمر، قصَّة بني
شَبابَة الحَدِيث؛ فَقَالَ: هُوَ حَدِيث يرويهِ عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث وَعبد الله بن لَهِيعَة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، مُسْندًا عَن عمر، وَرَوَاهُ يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب مُرْسلا عَن عمر.
ثَالِثهَا: خبر سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن أبي سيارة (المتعي) ؛ قَالَ: «قلت يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن لي نحلاً قَالَ: أدّ العشور. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله) احم لي جبلها فحمى (لي) جبلها» .
رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل فِي «مُسْنده» ، وَابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَكَذَا الْبَيْهَقِيّ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي سيارة (المتَعي) وَهُوَ حَدِيث مُنْقَطع؛ لِأَن سُلَيْمَان بن مُوسَى لم يدْرك
أَبَا سيارة (المتَعي)، وَمَعَ ذَلِك فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هُوَ أصح مَا رُوِيَ فِي وجوب الْعشْر فِيهِ مَعَ انْقِطَاعه. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عِيسَى: سَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ؟ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُرْسل وَسليمَان بن مُوسَى لم يدْرك أحدا من (أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم) ، وَلَيْسَ فِي زَكَاة الْعَسَل شَيْء يَصح.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هَذَا حَدِيث مُنْقَطع، وَلَا يعرف أَبُو سيارة بِغَيْر هَذَا، وَلَا تقوم لأحد بِمثلِهِ حجَّة.
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي «الْكَمَال» : أَبُو سيارة [المتعي الْقَيْسِي]، قيل: اسْمه عميرَة بن الأعلم، وَقيل: إِنَّه شَامي، وَحَدِيثه فِي الشاميين، رَوَى عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثا فِي الْعَسَل، وَلَيْسَ لَهُ سواهُ.
وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «جَامع المسانيد» فِي تَرْجَمَة: من عرف بكنيته دون اسْمه.
رَابِعهَا: خبر أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه؛ قَالَ: «كتب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل الْيمن: أَن يُؤْخَذ من (الْعَسَل الْعشْر)) .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، من حَدِيث عبد الله بن مُحَرر، [عَن الزُّهْرِيّ] ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة.
وَعبد الله هَذَا تَرَكُوهُ، قَالَ ابْن حزم:(هُوَ) أسقط من كل سَاقِط مُتَّفق عَلَى (إطراحه) .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وَقَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: عبد الله (وَالِد) مُنِير عَن سعد بن أبي ذُبَاب لَا يَصح حَدِيثه. (وَقَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ:) مُنِير هَذَا لَا نعرفه إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ الْأَزْدِيّ: مُنِير لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ هُوَ ضَعِيف. قَالَ الشَّافِعِي: وَسعد بن أبي ذُبَاب يَحْكِي مَا يدل عَلَى (أَن) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يَأْمُرهُ بِأخذ الصَّدَقَة من الْعَسَل، وَأَنه شَيْء رَآهُ فتطوع لَهُ أَهله.
فَهَذِهِ أَحَادِيث إِيجَاب زَكَاة الْعَسَل مطعون فِي كلهَا وأجودها: (ثَانِيهَا)
وَقد صرح جماعات من الْحفاظ بِأَنَّهُ لَا يَصح شَيْء فِي إِيجَاب زَكَاته، قَالَ الزَّعْفَرَانِي: قَالَ الشَّافِعِي: الحَدِيث فِي أَن فِي الْعَسَل الْعشْر ضَعِيف، وَفِي أَن لَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر ضَعِيف، إِلَّا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، أَنا مَالك، عَن عبد الله بن أبي بكر قَالَ:« (جَاءَنِي) كتاب من عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أبي و (هُوَ) بمنى: أَلا تَأْخُذ من الْخَيل وَلَا من الْعَسَل صَدَقَة» .