الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الرَّابِع
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل صَدَقَة» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طرق
إِحْدَاهَا: من حَدِيث سوار، عَن لَيْث، عَن مُجَاهِد وَطَاوُس، عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه مَرْفُوعا كَذَلِك سَوَاء، وَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف، سوار هُوَ ابْن مُصعب مَتْرُوك كَمَا قَالَه أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ، (وَلَيْث قد علمت حَاله فِي الْوضُوء قَالَ (أَحْمد) : هُوَ) مُضْطَرب الحَدِيث لَكِن قد حدث عَنهُ النَّاس.
وأجمل الْبَيْهَقِيّ القَوْل فِي تَضْعِيفه، فَقَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف.
ثَانِيهَا: من حَدِيث غَالب الْقطَّان، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، مَرْفُوعا، إِلَّا أَنه قَالَ:«الْإِبِل» بدل «الْبَقر» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَا قَالَ: غَالب الْقطَّان، وَهُوَ عِنْدِي غَالب بن عبيد الله.
قلت: (ليته) الْقطَّان (فَإِنَّهُ) ثِقَة، وجرحه ابْن حبَان بِلَا
حجَّة، أما غَالب بن عبيد الله فَهُوَ (الْجَزرِي) تَرَكُوهُ. قَالَ أَبُو حَاتِم: مَتْرُوك الحَدِيث مُنكر.
ثَالِثهَا: من حَدِيث الصَّقْر بن حبيب، عَن أبي رَجَاء العطاردي، يحدث عَن ابْن عَبَّاس، عَن عَلّي؛ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِي العوامل صَدَقَة، وَلَا فِي الْجَبْهَة صَدَقَة» . قَالَ الصَّقْر: الْجَبْهَة الْخَيل وَالْبِغَال وَالْعَبِيد وَقَالَ أَبُو عبيد: الْجَبْهَة الْخَيل.
قلت: والصقر هَذَا ضَعِيف، وَابْن حبَان يُسَمِّيه الصَّعق، وَالدَّارَقُطْنِيّ يُسَمِّيه الصَّقْر.
قَالَ ابْن حبَان: لَيْسَ من كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يعرف بِإِسْنَاد مُنْقَطع (فقلبه) الصَّعق (عَلَى) أبي رَجَاء و (هُوَ) يَأْتِي بالمقلوبات عَن الْأَثْبَات.
رَابِعهَا: من حَدِيث جَابر، رَفعه:«لَيْسَ فِي المثيرة صَدَقَة» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فِي (إِسْنَاده) ضعف.
خَامِسهَا - وَهُوَ أمثلها، بل هُوَ عِنْدِي صَحِيح -: من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبيد الله بن المنادى، نَا أَبُو بدر - هُوَ شُجَاع بن الْوَلِيد - نَا زُهَيْر، نَا أَبُو إِسْحَاق، عَن الْحَارِث وَعَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل شَيْء» .
وَفِي حَدِيث الْحَارِث: «لَيْسَ عَلَى الْبَقر العوامل شَيْء» .
وَقد أسلفنا الْكَلَام عَلَى هَذَا الْإِسْنَاد فِي الحَدِيث الأول وَابْن الْقطَّان لما ذكره من حَدِيث الصَّقْر (قَالَ: الصَّقْر) هَذَا مَجْهُول.
قلت: لَا، بل ضَعِيف كَمَا مر.
قَالَ: وَأحمد بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ - بِالْبَاء - الَّذِي يرويهِ عَنهُ مثله.
قلت: بل مَتْرُوك كَمَا قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَهُوَ الغساني، مَعْرُوف.
قَالَ: وَلِهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد أَجود من هَذَا، بل هُوَ صَحِيح، إِلَّا أَنه (لَيْسَ (فِيهِ) ذكر الْجَبْهَة، ثمَّ سَاقه من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، كَمَا أسلفناه، ثمَّ قَالَ: لم أعن) إِلَّا رِوَايَة عَاصِم لَا رِوَايَة الْحَارِث. قَالَ: وكل من فِي هَذَا الْإِسْنَاد ثِقَة مَعْرُوف، وَابْن الْمُنَادِي أحد الْأَثْبَات.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : ابْن الْقطَّان لَيْسَ يُعلل الحَدِيث بالاختلاف فِي رَفعه وَوَقفه، فَلذَلِك قَالَ بِالصِّحَّةِ، وَقد رَوَاهُ ابْن أبي
شيبَة مَوْقُوفا، وَبَنَى ابْن الْقطَّان تَصْحِيحه عَلَى تَوْثِيق عَاصِم بن ضَمرَة والاحتجاج بِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : وَأشهر مَا رُوِيَ فِي ذَلِك مُسْندًا وموقوفًا حَدِيث أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي مَرْفُوعا، ثمَّ رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَلّي مَرْفُوعا، باللفظين السَّالفين، ثمَّ قَالَ: رَفعه أَبُو الْبَدْر شُجَاع بن الْوَلِيد، عَن زُهَيْر (من) غير شكّ، وَرَوَاهُ النُّفَيْلِي، عَن زُهَيْر بِالشَّكِّ، فَقَالَ: قَالَ زُهَيْر: أَحْسبهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ غَيره عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عَلّي (مَوْقُوفا) عَلَيْهِ:«لَيْسَ عَلَى العوامل من الْبَقر الحراثة شَيْء» وَفِي لفظ (لَهُ) : «لَيْسَ فِي الْإِبِل العوامل، وَلَا فِي الْبَقر العوامل صَدَقَة» ثمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ:«لَيْسَ عَلَى مثير الأَرْض زَكَاة» . قَالَ: وَرُوِيَ عَن جَابر مَرْفُوعا، وَفِي إِسْنَاده ضعف، وَقد أسلفنا هَذَا عَنهُ، وَالصَّوَاب مَوْقُوف، ثمَّ (رُوِيَ) بِإِسْنَادِهِ عَن جَابر قَالَ:«لَا يُؤْخَذ من الْبَقر الَّتِي يحرث عَلَيْهَا من الزَّكَاة شَيْء» . قَالَ: وَإِسْنَاده صَحِيح. قَالَ: وَهُوَ قَول مُجَاهِد، وَسَعِيد بن جُبَير، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. قَالَ: وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل صَدَقَة إِذا كَانَت فِي مصر.