الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي «مسنديهما» ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي «سُنَنهمَا» من حَدِيث جَابر بن عتِيك رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَاءَ يعود عبد الله بن ثَابت، فَوَجَدَهُ قد غلب، فصاح بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يجبهُ، فَاسْتَرْجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: فلنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع. فصاح النسْوَة وبكين، فَجعل ابْن عتِيك يسكتهن؛ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: دَعْهُنَّ، فَإِذا وَجَبت فَلَا تبكين باكية، قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا الْوُجُوب؟ قَالَ: الْمَوْت» . وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، رُوَاته مدنيون قرشيون. وللنسائي فِي بعض الرِّوَايَات من غير حَدِيث مَالك عَن (جبر) : «أَنه دخل مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم
…
» الحَدِيث. قَالَ ابْن عَسَاكِر: وَحَدِيث مَالك أشهر، وَمَعْنى «وَجَبت» : خرجت روحه.
الحَدِيث الثَّانِي بعد التسعين
هَذَا الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ: «دخلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أبي سيف الْقَيْن وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيم عليه السلام فَأخذ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيم فَقبله وشمَّه، ثمَّ دَخَلنَا عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَإِبْرَاهِيم يجود بِنَفسِهِ، فَجعلت عينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: وَأَنت يَا رَسُول الله؟ ! فَقَالَ: يَا ابْن عَوْف، إِنَّهَا رَحْمَة، ثمَّ أتبعهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ: إِن الْعين تَدْمَع، وَالْقلب يحزن، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ» .
الْقَيْن: الحدّاد، والظِّئْر: بِكَسْر الظَّاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة زوج الْمُرضعَة. وَفِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» من حَدِيث أبي عوَانَة، عَن ابْن أبي لَيْلَى، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: «خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِعَبْد الرَّحْمَن بن عَوْف إِلَى النّخل، فَإِذا ابْنه إِبْرَاهِيم يجود بِنَفسِهِ؛ فَوَضعه فِي حجره، فَفَاضَتْ عَيناهُ، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: اتبكي وَأَنت تنْهَى النَّاس؟ ! فَقَالَ: إِنِّي لم أَنه عَن الْبكاء، إِنَّمَا نهيت عَن النوح، صَوْتَيْنِ (أَحْمَقَيْنِ) فاجرين: صَوت عِنْد (نعْمَة) لَهو وَلعب وَمَزَامِير شَيْطَان، وَصَوت عِنْد (معصيه) خَمْش وُجُوه، وشق جُيُوب، ورنَّة، وَهَذَا هُوَ رَحْمَة، وَمن لَا يرحم لَا يرحم، يَا إِبْرَاهِيم، لَوْلَا أَنه أَمر حق، ووعد صدق، وَأَن آخِرنَا سيلحق بأولنا؛ لحزنا عَلَيْك حزنا هُوَ أَشد من هَذَا، وَإِنَّا بك لمحزنون،
تبْكي الْعين، (ويحزن) الْقلب، وَلَا نقُول مَا يسْخط (الرب) » . وَخرج التِّرْمِذِيّ بعضه وَحسنه، وَقد عرفت أَنه من رِوَايَة ابْن أبي لَيْلَى، وَهُوَ ضَعِيف وَفِي (الصَّحِيحَيْنِ» من حَدِيث أُسَامَة بن زيد «أَن بِنْتا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرْسلت إِلَيْهِ أَن ابْنا لَهَا فِي الْمَوْت، فَقَالَ للرسول: ارْجع إِلَيْهَا واقرأ عَلَيْهَا قل: إِن لله مَا أَخذ، وَله مَا أعْطى، وكل شَيْء عِنْده إِلَى أجل. فَأرْسلت تقسم عَلَيْهِ، فَأَتَاهَا، فَوضع الصَّبِي فِي حجره وَنَفسه تتقعقع؛ فَفَاضَتْ عَيناهُ، فَقَالَ لَهُ سعد: (مَا هَذَا) ؟ ! قَالَ: إِنَّهَا رَحْمَة يَضَعهَا الله فِي قُلُوب من يَشَاء، وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء» .
فَائِدَة: مَعْنَى «يجود بِنَفسِهِ» : يُخرجهَا، وَالَّذِي يجود بِمَالِه فيخرجه، ومصدره عَلَى وزن فعول. و «ذرفت» - بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة - أَي: سَالَتْ، (يُقَال) : ذرف يذرف ذرفًا، كضرب يضْرب ضربا.
«وَغسل إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْفضل بن الْعَبَّاس، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَالْعَبَّاس، وَجعل عَلَى سَرِير، وَنزل فِي قَبره الْفضل وَأُسَامَة بن زيد» . كَذَا سَاقه أَبُو نعيم فِي «معرفَة الصَّحَابَة» بِسَنَدِهِ، فِي تَرْجَمَة سِيرِين الْقبْطِيَّة أُخْت مَارِيَة.