الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالت: نعم، وإلَّا عذبني الله عذاب العشار، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تلبث أن جاءت تَلَمَّظ، فشدَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخباء، وأقبل الأعرابي ومعه قربة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتبِيعُنِيْها؟ "، قال: هي لك يا رسول الله، فأطلقَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
قال زيد بن أرقم: فأنا - والله - رأيتها تسيح في البرية، وتقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله (1).
*
ذكر قصة الجمل المستجير بالنبي صلى الله عليه وسلم
-:
عن تميم بن أوس الدارِيِّ، قال: كنا جلوسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل بعير يعدو حتى وقف على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيُّها البعيرُ! اسْكُنْ، فإن تَكُ صادقًا، فلكَ صدقُك، وإن تَكُ كاذبًا، فعليكَ كذبُك، مع أن الله تعالى قد آمَنَ عائذَنا، وليس بخائبٍ لائذُنا".
فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ فقال: "هذا بعير همَّ أهلُه بنحره، وأكلِ لحمه، فهرب منهم، فاستغاث بنبيكم".
فبينما نحن كذلك، إذ أقبل أصحابه، فلما رآهم البعير، عاد إلى هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلاذ بها، فقالوا: يا رسول الله! هذا بعيرنا هرب منا منذ ثلاثة أيام، فلم نَلْقَه إلا بين يديك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَما إنه يشكو، فبِئْسَتِ الشِّكايةُ".
(1) تقدم تخريجه. وفي بعضه نكارة، كما قال ابن كثير في "البداية والنهاية"(6/ 149).
فقالوا: يا رسول الله! ما يقول؟ قال: "إنه يقول: إنه رُبِّيَ في أَمْنِكم أَحوالًا، وكنتم تحملون عليه في الصيف في موضع الكلأ، فإذا كان في الشتاء، رحلتم عليه إلى موضع الدفء، فلما كبر، استفحلتموه، فرزقكم الله إبلًا سليمة، فلما أدركَتْه هذه السنةُ الخصيبة، هممتم بنحره، وأكلِ لحمه".
فقالوا: والله قد كان ذلك يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما هذا جزاء المملوك الصالح من مواليه".
قالوا: يا رسول الله! إنا لا نبيعه، ولا ننحره.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبتُم، قد استغاثَ بكم، فلم تُغيثوه، وأنا أَوْلى بالرحمة منكم؛ لأن الله قد نزعَ الرحمةَ من قلوبِ المنافقين، وأسكَنَها في قلوب المؤمنين"، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمئة درهم، وقال:"أيها البعير! انطلق، فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى".
فرغا على هامة رسولِ الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"آمين"، ثم رغا الثانية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"آمين"، ثم رغا الثالثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"آمين"، ثم رغا الرابعة، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ فقال: "قال: جزاكَ الله أيها النبي عن الإسلام والقرآن خيرًا، قلت: آمين، قال: حقن الله دمَ أمتك من أعدائها كما حقنتَ دمي، قلت: آمين، قال: سكّن الله رعبَ أمتك يومَ القيامة كما سَكَّنت رعبي، قلت: آمين، قال: لا جعلَ الله بأسَها بينها،