الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما أمر الله نبيه عليه السلام أن يُنْذِر قومَه عذابَ الله على ما هم فيه من عبادة الأصنام دون الله تعالى الذي خلقهم ورزقهم، وأن يُحَدّث بنعمة ربه عليه، وهي النبوة.
فكان أول من آمن به وصدّقه: خديجة زوجته.
ثم كان أول شيء فرض من شرائع الإسلام بعد الإقرار بالتوحيد، والبراءة من الأوثان: الصلاة: أتاه جبريل عليه السلام وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت فيه عين، فتوضأ جبريل، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه؛ ليُريه كيف الطهور للصلاة، ثم توضأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام جبريلُ فصلى به، وصلَّى النبي صلى الله عليه وسلم بصلاته، وانصرف جبريل، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة، فعلَّمها الوضوءَ، ثم صلَّى بها، فصلت بصلاته.
* * *
*
ذكر رمي الشياطين بالشهب لمبعثه *
قال العلماء بالسِّيَر: رأت قريش النجومَ تُرْمى بعد عشرين يومًا من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: انطلق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلت عليهم الشهبُ، فرجعت الشياطينُ إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، [وأرسلت علينا الشهب]،
قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء (1) حدثَ، فاضربوا مشارقَ الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حال بينكم وبين خبر السماء. قال: فانطلَقَ الذين اتجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلةَ وهو عائدٌ إلى سوق عُكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاةَ الفجر، فلما سمعوا القرآن، تسمَّعوا له، فقالوا: هذا الذي حالَ بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن 1: 2]، فأنزل الله على نبيه:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]، أخرجاه في "الصحيحين"(2).
وعن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباس رضي الله عنهما، قال: كان الجن يستمعون الوحي، فيسمعون الكلمة، فيزيدون فيها عشرًا، فيكون ما سمعوا حقًا، وما زادوه باطلًا، وكانت النجوم لا يُرمى بها قبل ذلك، فلما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم، كان أحدهم لا يقعد مقعده إلا رُمي بشهاب يحرق ما أصاب، فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمرٍ قد حدث، فبثَّ جنودَه، فإذا هم بالنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بين جبلَي نخلةَ، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدثُ الذي حدث في الأرض.
قال ابن الجوزي: قلت: وهذا الحديث يدل على أن النجوم لم يُرم بها إلا لمبعث نبينا صلى الله عليه وسلم.
(1) في الأصل: "ما".
(2)
رواه البخاري (4637)، ومسلم (449).