الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* وفيها: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة (الأبواء): ورجع منصورًا، ولم يلقَ كيدًا، وغزوة العشيرة.
* * *
*
السنة الثانية من الهجرة *
* فيها: حُوِّلت الصلاة إلى الكعبة: وكانت الصلاة بمكة، وبعد مقدمه بثمانية عشر شهرًا، إلى بيت المقدس، وذلك يوم الثلاثاء منتصف شعبان، فاستقبل الكعبة في صلاة [العصر](1)، وبلغ أهلَ قُباء ذلك، فتحولوا إلى جهة الكعبة، وهم في الصلاة (2).
* وفيها: في شعبان، فرض صوم شهر رمضان.
* وفيها: أمر الناس بإخراج زكاة الفطر، قبل الفطر بيوم أو يومين.
* وفيها: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى، فصلى صلاة العيد، وحُملت بين يديه العَنَزَةُ، وكانت للزبير، وَهَبَها له النجاشيُّ.
* وفيها: أُري عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري صورة الأذان في النوم، وورد الوحي به (3).
وقال ابن الجوزي: في السنة الأولى.
(1) في الأصل"الظهر"، والمثبت من البخاري (40)، عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
(2)
رواه مسلم (527)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(3)
رواه أبو داود في "سننه"(499).
* وفيها: تزوج علي رضي الله عنه بفاطمة بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* وفيها: كانت غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة التي أظهر الله بها الدين.
وكان سببها: قتل عمرو بن الحضرمي، وإقبال أبي سفيان بن حرب في عيرٍ لقريش عظيمة من الشام، وفيها أموال كثيرة، ومعها ثمانون رجُلًا من قريش، منهم: مخرمة بن نوفل الزهري، وعمرو بن العاص.
فلما سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ندب المسلمين إليهم، وقال:"هذهِ عِيرُ قُرَيشٍ، فيها أموالُهم، فاخْرُجوا إليهم، لعلَّ الله تعالى أن يُنَفِّلَكُمُوها"، فانتدب الناس، فخفَّ بعضهم، وثقل بعضهم (1).
وبلغ أبا سفيان ذلك، فبعث إلى مكة، وأعلم قريشًا بذلك، فخرج الناس من مكة سِراعًا، ولم يتخلف سوى أبي لهب، وكانت عِدَّتهم تسع مئة وخمسين رجلًا، فيهم مئة فرس.
وخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لثلاثٍ خلوْنَ من رمضان، ومعه ثلاث مئة، وثلاثة عشر رجلًا (2)، ولم يكن فيهم إلا فارسان، وكانت الإبل سبعين، يتعاقبون عليها.
ونزل النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء، وجاءته الأخبار بأن العير قاربت بدرًا، وأن المشركين خرجوا ليمنعوا عنها، ثم ارتحل عليه السلام، ونزل في
(1) رواه ابن هشام في "السيرة النبوية"(3/ 153)، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري (3958)، عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
بدر، وأشار سعدُ بنُ معاذ ببناء عريشٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعُمِل، وجلس عليه، ومعه أبو بكر.
وأقبلت قريش، فلما رآهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال:"اللهمَّ هذهِ قريشٌ قد أقبلَتْ بِخُيَلَائِها وفَخْرِها تُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ فَنَصْرَكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي بِه"(1).
وتقاربوا، وبرز من المشركين عُتبةُ بن ربيعة، وشَيبةُ بن ربيعة، والوليدُ بن عتبة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارز عُبيدةُ بنُ الحارث بنِ المطلبِ عتبةَ، وحمزُة عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم شيبةَ، وعليُّ بن أبي طالب الوليدَ بنَ عُتبة. فقَتَل حمزةُ شيبةَ، وعليٌّ الوليدَ، وضَرَب كلُّ واحد من عُبيدة وعُتبة صاحبَه، وكرَّ عليٌّ وحمزةُ على عتبةَ، فقتلاه، واحتملا عُبيدة، وقد قُطِعت رجلُه، ثم مات.
وتراجف القوم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر على العريش، وهو يدعو ويقول:"اللهمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ، لا تُعْبَدْ في الأَرْضِ، اللهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي"(2).
ولم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، فوضعها أبو بكر عليه، وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انتبه، فقال:"أَبْشِرْ يا أبا بَكْرٍ؛ فقدْ أتى نصرُ الله".
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش يحرّض المسلمين على القتال،
(1) رواه ابن هشام في "السيرة النبوية"(3/ 168).
(2)
رواه مسلم (1763)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأخذ حفنةً من الحصا، ورمى بها قريشًا، وقال:"شاهَتِ الوجوهُ"(1)، وقال لأصحابه:"شُدُّوا عليهم"، فكانت الهزيمة.
وكانت الوقعة صبيحة الجمعة، لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان.
وحمل عبدُ الله بنُ مسعود رأسَ أبي جهل بنِ هشام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسجد شكرًا لله تعالى، وقُتِل أبو جهل وله سبعون سنة، واسم أبي جهل: عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وقُتل أخو أبي جهل، وهو العاص بن هشام.
ونَصَر الله نبيه بالملائكة، قال الله تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} [الأنفال: 9].
وكان عدة قتلى بدر من المشركين سبعين رجلًا، والأسرى كذلك.
فمن القتلى غير من ذكر: حنظلة بن أبي سفيان بن حرب، وعُبيدة ابن سعيد بن العاص بن أمية، قتله علي بن أبي طالب، وزمعةُ بن الأسود، قتله حمزة، وغيرهم جماعة من أكابر قريش.
وكان من جملة الأسرى: العباسُ عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، وابنا أخيه: عَقيلُ ابن أبي طالب، ونوفلُ بن الحارث بن عبد المطلب.
ولما انقضى القتال، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسحب القتلى إلى القَليب، وكانوا أربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقُذفوا فيه.
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 203)، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه.
وأقام عليه السلام بعَرَصَة بدر ثلاثَ ليال، وجميع من استُشهد من المسلمين أربعة عشر رجلًا: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار.
ولما وصل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الصفراء راجعًا من بدر، أمر عليًا بضرب عنق النَّضْر بن الحارث، وكان من شدة عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم، إذا تلا النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، يقول لقريش: ما يأتيكم محمدٌ إلا بأساطيرِ الأولين.
ثم أمر بضرب عنق عُقبة بن أبي مُعَيْطِ بنِ أمية.
وكان عثمان بن عفان قد تخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بأمره، بسبب مرض زوجته رقيةَ بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت رقيةُ في غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مدةُ غيبةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يومًا.
* وفيها: هلك أبو لهب عبدُ العُزَّى بنُ عبد المطلب بن هشام، لما جاءه الخبر بمكة، وما وقع في غزوة بدر، فلم يبقَ غير سبع ليال، ومات كَمَدًا وحزنًا، بمرض العدسة، وهي قرحة كانت العرب تتشاءم بها، ويرون أنها تُعدي أشدَّ العدوى، فلما أصابت أبا لهب، تباعدَ عنه بنوه، وبقي بعد موته ثلاثًا، لا يَقْرَبُه أحد، فلما خافوا السُّبَّة في تركه، حفروا له حفرةً، ثم دفعوه بعُود في حفرته، وقذفوه بالحجارة من بعيدٍ حتى وارَوْه.
* وفيها: غزوةُ بني قينقاع من اليهود، وأمر بإجلائهم، وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون جميع أموالهم.
* وفيها: غزوة السويق، وكان من أمرها: أن أبا سفيان حلف أن
لا يمسَّ الطيبَ والنساء، حتى يغزو محمدًا صلى الله عليه وسلم، بسبب قتلى بدر، فخرج في مئتي راكب، وبعث قُدَّامه رجالًا إلى المدينة، فوصلوا إلى العريض، وقتلوا رجالًا من الأنصار، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ركب في طلبه، وهرب أبو سفيان وأصحابُه، وجعلوا يُلقون جُرُبَ السَّويق تخفيفًا، فسميت: غزوة السويق.
* وفيها: غزوة قرقرة الكدر، وقرقرة الكدر: ماء، مما يلي جادة العراق إلى مكة، بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن بهذا الموضع جمعًا من سليم وغطفان، فخرج لقتالهم، فلم يجد أحدًا، فاستاق ما وجد من النَّعَم، ثم قدم المدينة.
* وفيها - أعني: سنة اثنتين -: توفي عثمان بن مظعون، وكان عابدًا مجتهدًا، من فضلاء الصحابة، وهو أحد من حرّم الخمر في الجاهلية، وقال: لا أشرب شرابًا يُذهِب عقلي، ويضحك بي مَنْ هو أدنى مني.
* وفيها: قُتِل كَعْبُ بنُ الأَشْرَف اليهوديُّ، وهو أحد بني نبهان من طَيِّئ، وكانت أمه من بني النضير، وكان قد كبُر عليه من قُتِل ببدر من قريش، فصار إلى مكة، وحرّض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى أصحاب بدر، وكان يُشَبِّبُ بنساء المسلمين حتى آذاهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، فقُتل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ ظَفِرْتُمْ بهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ، فَاقْتُلوُهُ"(1)، وكانت قَتَلةُ ابنِ الأشرف من الأوس.
(1) رواه أبو داود في "سننه"(3002)، عن محيصة رضي الله عنه.