الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمان وعشرين ومئة، إلى أن صفت المملكة لبني العباس.
ثم إن عبد الله بن علي عمُّ أبي العباس، عبر الفرات، وحاصر دمشق حتى فتحها، ثم أخلاها من بني أمية، وقتلهم، وهدم سورها، ونبش قبور بني أمية، وأحرق عظامهم بالنار، فنبش قبر معاويةَ بن أبي سفيان، ونبش قبر يزيدَ ابنهِ، وقبرَ عبد الملك بن مروان، وقبر هشام بن عبد الملك، فوجِد صحيحًا، فأمر بصلبه، فصُلِب، ثم أحرقه بالنار، وذَرّاه.
وتتبع، فقتل بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم، ولم يُفْلِت منهم غيرُ رضيع، أو مَنْ هرب، وكذلك قَتَل سليمانُ بن علي بن عبد الله بن عباس جماعةً من بني أمية بالبصرة، وألقاهم في الطريق، فأكلتهم الكلاب.
ثم سار [صالح] بن علي في أثر مروان، فأدركه ببوصير من حدود مصر، فقتله، وبعث برأسه إلى أبي العباس، فبعثه إلى أبي مسلم، وأمره أن يطوف به في خراسان.
وكان مروان لما أيقن بالهلَكَة، دفنَ قضيبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ كيلا يعثر عليه أحد، فدلَّهم على ذلك خَصِيٌّ من خدمه، والله أعلم.
* * *
*
خلافة أبي العباس السفاح القائم بأمر الله *
هو أبو العباس، عبدُ الله بنُ محمد بنِ علي بن عبد الله بنِ العباس
ابنِ عبد المطلب، وأمُّه ريطَة بنتُ عبد الله بن عبد المدان بن الديان بن زياد بن الحارث.
وكان أبو العباس رجلًا طويلًا، أبيض اللون، حسن الوجه، ولد في أيام هشام بن عبد الملك.
بويع بالكوفة يوم الجمعة، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
ثم إنه بنى مدينة الأنبار، وسماها: الهاشمية.
وكان كثير العقل، سامي الهمة، رفيع السؤدد، يحب المفاوضة والمذاكرة، وأخبار الأعراب، والقراءة بالألحان، والحُداء، وغناء الركبان.
وكان أبرَّ خلق الله بأهله وأقاربه، وأحسنهم تعطُّفًا على بني عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
وكان إذا تعادى رجلان من أصحابه، لم يسمع من أحدهما في الآخر شيئًا، ولم يقبله، وإن كان القائل عنده عدلًا في شهادته، ويقول: إن الضغينة القديمة تولِّد العداوة، وتحمل على إظهار المباينة.
وكان سخيًا، وكان يُقعد العلويَّ عن يمينه، والأمويَّ عن شماله، ولم يكن أحدٌ من الخلفاء يحب مسامرة الرجال كأبي العباس، ووقع له لطائف ومسامرات مع الشعراء.
ولما دنت وفاة أبي العباس، نظر يومًا في المرآة، فقال: اللهمَّ إني لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الملكُ الشابُّ، ولكن أقول: