الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خْلَافَةُ الحَسَن بن عَليّ بن أَبي طَلِبْ رضي الله عنهما
-
هو أبو محمد الحسنُ بنُ عليِّ بنِ أبي طالبِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ، القرشى، الهاشميُّ، المدنيُّ، سبطُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانتُه، وابن فاطمةَ الزهراء سيدةِ نساءِ العالمين.
وُلد رضي الله عنه في نصف رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، سماه النبي صلى الله عليه وسلم: الحسن، وعَقَّ عنه يوم سابعه، وحلق شعره، وأمر أن يتصدق بِزِنته فضةً، وأرضعته أم الفضل امرأةُ العباس مع ابنها قُثَمَ.
بويع بالخلافة يوم مات أبوه، وكان أشبهَ الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حليمًا كريمًا ورِعًا، دعاه ورعُه وحلمه إلى أن ترك الدنيا والخلافةَ لله تعالى.
ولي الخلافةَ بعد قتل أبيه رضي الله عنه، وبايعه أكثرُ من أربعين ألفًا، كانوا بايعوا أباه، وبقي نحو ستة أشهر خليفةً بالحجاز واليمن والعراق وخراسان، وغير ذلك.
ثم سار إليه معاوية من الشام، وسار هو إلى معاوية، فلما تقاربا، علم أنه لن تُغلب إحدى الطائفتين، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليمَ الأمر إليه، على أن تكون له الخلافةُ بعده، وعلى أن لا يطالب أحدًا من
أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية إلى ما طلب، واصطلحا على ذلك، وظهرت المعجزةُ النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم للحسن:"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ"(1)، فسَلَّم الأمرَ إلى معاوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الهجرة.
وكانت مدة خلافته نحو ستة أشهر، ولما سَلَّم الأمرَ إلى معاوية، خطب، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال:
أما بعد:
فإن أَكْيَسَ الكَيْسِ التُّقى، وأحمقَ الحمقِ الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفتُ فيه أنا ومعاويةُ، إنما هو حقُّ امرئٍ كان أحقَّ به مني، وهو حقٌّ لي تركتُه لمعاوية، إرادةً لصلاح الأمة، وحَقْنا لدمائهم، وإن الله تعالى قد هداكم بأَوَّلِنا، وحقنَ دماءكم بآخرِنا، وإن هذا الأمر مدة، والدنيا دول.
وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111].
وبخلافة الحَسَن بيانُ قوله صلى الله عليه وسلم: "الخِلافَةُ بعدي ثلاثونَ سنةً"(2)،
(1) رواه البخاري (2557)، عن أبي بكْرة رضي الله عنه.
(2)
رواه أبو داود (4646)، والترمذي (2226)، والنسائي في "السنن الكبرى"(8155)، والإمام أحمد في "المسند"(5/ 221)، عن سَفِينة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لأن أبا بكر رضي الله عنه تقلدها سنتين، وثلاثة أشهر، وعشرة أيام، وعمر رضي الله عنه عشر سنين، وستة أشهر، وثمانية أيام، وعثمان رضي الله عنه اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يومًا، وعلي رضي الله عنه أربع سنين، وتسعة أشهر، والحسن رضي الله عنه نحو ستة أشهر، فذلك ثلاثون سنة.
روى سفينةُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخلافةُ بعدي ثلاثونَ سنةً، ثم تعودُ مُلْكًا عَضوضًا"(1)، وكان آخر ولاية الحسن تمام ثلاثين سنة؛ لأن ابتداء خلافة أبي بكر رضي الله عنه في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وانتهاء خلافة الحسن في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الهجرة.
وعاش الحسن بالمدينة إلى أن مات بها مسمومًا، في شهر ربيع الأول، سنة تسع وأربعين، وله سبع وأربعون سنة.
وقيل: مات ليلة السبت لثمان خلون من المحرم سنة خمسين، وصلَّى عليه سعيدُ بن العاص، ودُفِن بالبقيع، وهو أكبر من الحسين بسنة.
وتزوج الحسن كثيرًا من النساء، وكان مِطْلاقًا، وكان له خمسة عشر ولدًا ذكرًا، وثمان بنات، وكان يشبه جده رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من رأسه إلى سُرَّته، وكان الحسين يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرته إلى قدميه.
(1) تقدم تخريج الشطر الأول منه، وروى الشطر الثاني: الطيالسي في "مسنده"(228)، وأبو يعلى في "مسنده "(873)، عن معاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما.