الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما وصل إلى ذي قار، أتاه عثمان بن حُنيف، وقال: يا أمير المؤمنين! بعثتَني ذا لحية، وجئتك أمردَ، فقال: أصبتَ أجرًا وخيرًا.
*
وقعة الجمل:
واجتمع إلى (1) عليٍّ من أهل الكوفة جمعٌ، واجتمع إلى عائشة وطلحة والزبير جمعٌ، وسار بعضهم إلى بعض، بمكان يقال له: الخريبة، في النصف من جمادى الآخرة، ووقع القتال، وعائشة راكبةٌ الجمل المسمى: عسكر، في هودج، وقد صار مثل القنفذ من النشاب، وتمت الهزيمة على أصحاب عائشة وطلحة والزبير.
ورمى مروانُ بن الحكم طلحةَ بسهم، فقتله، وكلاهما كانا مع عائشة.
وقيل: إنه طلب بذلك أخذ ثأر عثمان منه؛ لأنه نسبه إلى أنه أعان على قتل عثمان.
وانهزم الزبير طالبًا المدينة، وقطعت على خطام الجمل أيدٍ كثيرة، وقتل - أيضًا - من الفريقين خلق كثير، ولما كثر القتل على خطام الجمل، قال علي: اعقروا الجمل، فضربه رجل، فسقط، فبقيت عائشة في هودجها إلى الليل، فأدخلها محمد بن أبي بكر أخوها إلى البصرة، أنزلها في دار عبد الله بن خلف.
وطاف عليٌّ على القتلى من أصحاب الجمل، وصلَّى عليهم،
(1) في الأصل: "على".
ودفنهم، ولما رأى طلحةَ قتيلًا، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد كنتُ أكره أن أرى قريشًا صرعى.
ثم قُتل الزبير، وأتى قاتلُه برأسه إلى علي، فقال علي: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَشِّرُوا قاتِلَ الزُّبيرِ بِالنَّارِ"(1).
ثم أمر علي عائشةَ بالرجوع إلى المدينة، وأن تقرَّ في بيتها، فسارت في مستهل رجب، وشيَّعها الناس، وجهَّزها عليٌّ بما احتاجت إليه، وسَيَّر معها أولادَه مسيرة يوم، وتوجَّهت إلى مكة، وأقامت للحج تلك السنة، ثم رجحت إلى المدينة.
وقيل: كانت عدة القتلى يوم الجمل من الفريقين عشرة آلاف.
وسار علي إلى الكوفة، ونزلها، وانتظم له الأمرُ بالعراق، ومصر، واليمن، والحرمين، وخراسان، ولم يبق خارجًا عنه إلا الشام، وفيه معاوية، وأهلُ الشام مطيعون له، فأرسل إليهم جرير بن عبد الله البجلي؛ ليأخذ البيعة على معاوية، ويطلب منه الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار، وسار جرير إلى معاوية، فماطله، وكان عمرو بن العاص بفلسطين، فقدم عمرو على معاوية، واتفقا على قتال علي.
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(18/ 421)، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وروي عن علي موقوفًا بلفظ: "واللهِ ليَدخُلَنَّ قاتلُ ابنِ صفيةَ النارَ". رواه الطيالسي في "مسنده"(163)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 105)، والإمام أحمد في "المسند"(1/ 89)، عن زر بن حبيش.