الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم بُرْدَته، فلما كان زمنُ معاوية، أرسل إلى كعب: أن بِعْنا بردةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما كنتُ لأُوثرَ بثوبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، فلما مات كعب، اشتراها معاوية من أولاده بعشرة آلاف درهم.
ونقل صاحب حماة: أنه اشتراها بأربعين ألف درهم، ثم توارثها الخلفاء الأمويون والعباسيون حتى أخذها التتر (1).
*
ذكر غزوة تبوك:
وفي رجب سنة تسع، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتجهيز لغزو الروم، وأعلم الناسَ مقصدَهم؛ لبعد الطريق، وقوة العدو، وكان قبل ذلك إذا أراد غزوة، وَرَّى بغيرها، وكان الحر شديدًا، والبلاد مُجدبة، والناس في عُسرة، ولذلك سُمي ذلك الجيش: جيشَ العُسرة، وكانت الثمار قد طابت، فأحبَّ الناسُ المقامَ في ثمارهم، فتجهزوا على كُره، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالنفقة، فأنفق أبو بكر جميعَ ماله، وأنفق عثمان نفقة عظيمة، وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَضُرُّ عُثْمانَ ما صَنَعَ بعدَ اليومِ"(2).
وتخلف عبد الله بن أُبيٍّ المنافقُ، ومَنْ تبعه من أهل النفاق، وتخلف
(1) انظر: "المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء الحموي (1/ 148).
(2)
رواه الترمذي (3701)، عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه.
ثلاثة من (1) الأنصار، وهم: كعبُ بن مالك، ومُرارةُ بنُ الربيع، وهلالُ ابنُ أمية، واستخلف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أهله عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فأرجفَ به المنافقون، وقالوا: ما خفَفه إلَّا استثقالًا له، فلما سمع عليٌّ بذلك، أخذ سلاحه، ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما قال المنافقون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كَذَبوا، وإنما خَلَّفْتُكَ لِما ورائي، فارْجِعْ فاخْلُفْني في أَهْلي، أَما تَرْضَى أَنْ تَكونَ مِنِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى، إلَّا أَنَّهُ لا نبِيَّ بَعْدِي"(2).
وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثون ألفًا، فكانت الخيل عشرة آلاف فرس، ولَقُوا في الطريق شدة عظيمة من العطش والحر، ولما وصلوا إلى الحِجْر، وهي أرضُ ثمودَ، نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ورود ذلك الماء، وأمرهم أن يهريقوا ما استَقَوه من مائه، وأن يطعموا العجين الذي عُجن بذلك الماء الإبلَ.
ووصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوكَ، وأقام بها عشرين ليلة، وقَدِم عليه بها يوحنا صاحبُ أَيْلَة، فصالحه على الجزية، فبلغت جزيتُهم ثلاثَ مئةِ دينار، وصالح أهلَ أذرح على مئة دينار في كل رجب، وأرسل خالدَ بنَ الوليد إلى أُكيْدِر بنِ عبد الملك، صاحبِ دومة الجندل، وكان نصرانيًا من
(1) في الأصل زيادة: "غير".
(2)
رواه ابن هشام في "السيرة النبوية"(5/ 199)، والإمام أحمد في "فضائل الصحابة"(2/ 569)، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.