الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها: إن الله رفعني إليه، ولم يصبني إلا الخير، وأمرها، فجمعت له الحواريين، فبعثهم في الأرض رسلاً عن الله، وأمرهم أن يبلغوا عنه ما أمره الله به، ثم رفعه الله إليه، وتفرق الحواريون حيث أمرهم.
وكان رفعُ المسيح لمضيِّ ثلاث مئة وست وثلاثين سنة من غلبة الإسكندر على دارا، وكان بين رفع المسيح ومولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسُ مئة وخمس وأربعون سنة تقريباً.
وعاش المسيح إلى أن رُفِعَ ثلاثاً وثلاثين سنة، ونزل عليه جبريل عليه السلام عشر مرات.
وأما أُمَّة عيسى، فهم النصارى.
وأما مريم أم عيسى، فإنها عاشت نحو ثلاث وخمسين سنة؛ لأنها حملت بالمسيح لما صار لها ثلاث عشرة سنة، وعاشت معه مجتمعة ثلاثًا وثلاثين سنة وكسراً، وبقيت بعد رفعه ست سنين.
* * *
21 - ذكر خراب بيت المقدس
الخراب الثاني، وهلاك اليهود، وزوال دولتهم زوالاً لا رجوع بعده.
قد تقدم ذكر عمارة سليمان بيت المقدس، وفراغه منه، وذكر غزو بختنصر القدس حتى خرَّبه، وشتت بني إسرائيل في البلاد، وأنه استمر خراباً سبعين سنة، ثم عُمِّر، فيكون ابتداء عمارته الثانية لمضي ألف وسبع
وستين، أعني: في ثمان وستين بعد الألف لوفاة موسى، ولمضي تسع وثمانين سنة من ابتداء ملك بختنصر، فتكون عمارته في سنة تسعين من مُلك المذكور.
ثم تراجع إليه بنو إسرائيل، وصاروا تحت حكم الفرس، ثم صاروا تحت حكم اليونان - كما تقدم بعد ذكر بختنصر -، واستمر بنو إسرائيل كذلك حتى قتلوا زكريا بعد ولادة المسيح - كما تقدم ذكره -، ثم لما ظهر المسيح، ودعا الناس بما أمره الله به، أراد هرودوس قتله، وكان اسم هرودوس: فيلاطوس، فرفع الله عيسى إليه، وكان منه ما تقدم.
ثم تولى جماعة من الملوك واحداً بعد واحدٍ إلى أن ملك طيطوس، وفي السنة الأولى من ملكه قصد بيت المقدس، وأوقع باليهود، وقتلهم وأسرهم عن آخرهم، إلا من اختفى، وخرب بيت المقدس، وأحرق الهيكل، وأحرق كتبهم، وخلا القدس من بني إسرائيل، كأنْ لم تَغْنَ بالأمس، ولم تعد لهم بعد ذلك رياسة ولا حكم، وكان ذلك بعد رفع عيسى المسيح بنحو أربعين سنة، وثلاث مئة وست وسبعين سنة مضت من غلبة الإسكندر، ولثماني مئة وإحدى عشرة سنة مضت لابتداء ملك بختنصر، فيكون لبثُ بيت المقدس على عمارته الأولى إلى حين خربه بختنصر أربع مئة وثلاثاً وخمسين سنة، ثم لبث على التخريب سبعين سنة، ثم عُمِّر، ولبث على عمارته الثانية إلى حين خربه طيطوس التخريب الثاني سبع مئة وإحدى وعشرين سنة، ثم بعد أن خربه طيطوس التخريب الثاني، تراجع إلى العمارة قليلاً قليلاً، وترمَّمَ شعثه، واستمر عامراً،
وهي عمارته الثالثة حتى سارت هيلانة أم قسطنطين إلى القدس في طلب خشبة المسيح التي زعم النصارى أن عيسى صلب عليها، ولما وصلت إلى القدس، بَنَتْ [كنيسة] قمامة على القبر الذي تزعُم النصارى أن عيسى دُفن به، وخربت هيكل بيت المقدس إلى الأرض، فأمرت أن يلقى في موضعه قمامات البلد وزيالاته، فصار موضع الصخرة مزبلة، وبقي الحال على ذلك حتى قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتح القدس في سنة خمس عشرة من الهجرة الشريفة، فدَلَّه بعضهم على موضع الهيكل، فنظفه عمر من الزبايل، وبنى به مسجداً، وبقي ذلك المسجد إلى أن تولى الوليد بن عبد الملك الأموي، فهدم ذلك المسجد، وبنى على الأساس القديم المسجدَ الأقصى، وقبةَ الصخرة وبنى هناك قبابا - أيضًا - يسمى بعضها: قبة الميزان، وبعضها: قبة المعراج، وبعضها: قبة السلسلة، والأمر على ذلك إلى يومنا هذا.
وخلاصة ما ذكر: أن هيكل بيت المقدس عمره سليمان بن داود، وبقي عامراً حتى خربه بختنصر، وهو التخريب الأول، ثم عمره كورش، وهي عمارته الثانية، وبقي حتى خربه طيطوس التخريب الثاني، ثم تراجع إلى العمارة قليلاً قليلاً حتى خربته هيلانة أم قسطنطين التخريب الثالث، ثم عمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي عمارته الرابعة، ثم خرب ذلك، وعمره الوليد بن عبد الملك، وهي عمارته الخامسة، وهو على ذلك إلى يومنا هذا.