المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر المعراج * - التاريخ المعتبر في أنباء من غبر - جـ ١

[مجير الدين العليمي]

فهرس الكتاب

- ‌قَصَصُ الأنْبِياءِ وَالأُممِ السَّابِقَةِ

- ‌(1 - ذكر آدم عليه السلام

- ‌2 - ذكر نوح عليه السلام

- ‌(3 - ذكر هود وصالح عليهما السلام

- ‌(4 - ذكر إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه)

- ‌5 - ذكر لوط عليه السلام

- ‌6 - ذكر إسماعيل عليه السلام

- ‌7 - ذكر إسحاق عليه السلام

- ‌8 - ذكر أيوب عليه السلام

- ‌9 - ذكر يوسف عليه السلام

- ‌10 - ذكر شعيب عليه السلام

- ‌11 - ذكر موسى عليه السلام

- ‌12 - ذكر يوشع عليه السلام

- ‌13 - شَمْويل النبي عليه السلام

- ‌14 - داود عليه السلام

- ‌15 - سليمان عليه السلام

- ‌16 - بُخْتَنَصَّر

- ‌17 - ذكر يونس بن مَتَّى عليه السلام

- ‌18 - ذكر أرمياء عليه السلام

- ‌19 - ذكر زكريا وابنه يحيى عليهما السلام

- ‌20 - ذكر عيسى بن مريم عليه السلام

- ‌21 - ذكر خراب بيت المقدس

- ‌22 - ذكر أُمَّة اليهود

- ‌23 - ذكري أُمَّة النصارى

- ‌24 - ذكر أمم الهند

- ‌25 - ذكر أُمَّة السِّنْد

- ‌26 - ذكر أُمم السودان

- ‌27 - ذكر أمم الصين

- ‌28 - ذكر بني كنعان

- ‌29 - ذكر البربر

- ‌30 - ذكر العمالقة

- ‌31 - ذكر أمم العرب وأحوالهم قبل الإسلام

- ‌32 - ذكر بني حِمْيَرِ بن سبأ

- ‌33 - ذكر بني كهلان بن سبأ

- ‌34 - قصة الفيل

- ‌35 - ذكر التاريخ الإسلامي

- ‌السيرة النبوية الشريفة

- ‌ذكر سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين وحبيب ربِّ العالمين محمدٍ البشير النذير، الداعي إلى الله بإذنه السراج المنير

- ‌ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رضاع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر مبعثه صلى الله عليه وسلم وابتداء الوحي *

- ‌ ذكر رمي الشياطين بالشهب لمبعثه *

- ‌ ذكر الاختلاف في أول من أسلم *

- ‌ ذكري أمر الله تعالى نبيه بإظهار دعوته *

- ‌ ذكر تعذيب المستضعفين من المسلمين *

- ‌ ذكر المستهزئين، ومن كان شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسلام حمزة *

- ‌ ذكر إسلام عمر بن الخطاب *

- ‌ ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة *

- ‌ ذكر أمر الصحيفة

- ‌ ذكر نقض الصحيفة *

- ‌ ذكر المعراج *

- ‌ ذكر وفاة أبي طالب، وخديجة رضي الله عنها، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب *

- ‌ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشةَ رضي الله عنها

- ‌ ذكر ابتداء أمر الأنصار *

- ‌ ذكر بيعة العقبة الأولى *

- ‌ ذكر بيعة العقبة الثانية *

- ‌ذكر الهجرة الشريفة النبوية - على صاحبها أفضلُ الصلاة والسلام

- ‌ذكر ما بين الهجرة الشريفة والتواريخ القديمة

- ‌ ذكر الحوادث في السنة الأولى من الهجرة *

- ‌ السنة الثانية من الهجرة *

- ‌ السنة الثالثة من الهجرة *

- ‌ ذكر إرسال عمرو بن أمية لقتل أبي سفيان:

- ‌ ودخلت السنة الرابعة من الهجرة *

- ‌ وفيها: كانت غزوة بدر الثانية، وتسمى - أيضًا -: غزوة السَّويق

- ‌ السنة الخامسة من الهجرة *

- ‌ السنة السادسة من الهجرة *

- ‌ ذكر قصة الإفك:

- ‌ ذكر الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش:

- ‌ السنة السابعة من الهجرة *

- ‌ ذكر رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك:

- ‌ ذكر عُمْرة القضاء:

- ‌ السنة الثامنة من الهجرة *

- ‌ ذكر إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة:

- ‌ ذكر فتح مكة:

- ‌ إسلام فضالة:

- ‌ ذكر غزوة خالد بن الوليد رضي الله عنه بني جذيمة:

- ‌ ذكر غزوة هوازن بحنين:

- ‌ ذكر حصار الطائف:

- ‌ السنة التاسعة من الهجرة *

- ‌ ذكر غزوة تبوك:

- ‌ ذكر قصة كعب وصاحبيه:

- ‌ ذكر حَجِّ أبي بكر رضي الله عنه بالناس:

- ‌السنة العاشرة من الهجرة *

- ‌ ذكر حجة الوداع:

- ‌ السنة الحادية عشرة من الهجرة *

- ‌ ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته:

- ‌ فصل في ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ فصل في تفسير معاني الكلمات ومشكلها:

- ‌ ذكر أسمائه عليه الصلاة والسلام *

- ‌ذكر نَعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة

- ‌ ذكر معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر أوصافه وأخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر مَثَلِه ومَثَلِ الأنبياء من قبله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مَثَلهِ ومَثَلِ ما بُعِثَ به صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر عدد غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر حجته صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر أعمامه وعماته *

- ‌ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر خدمه ومواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر كُتَّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر حرَّاسه ومن كان يضرب الأعناق بين يديه

- ‌ ذكر العشرة من الأصحاب، والحواريين وأهل الصفَّة *

- ‌ذكر سلاحه وأثاثه

- ‌ذكر خيله وحميره وإبله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فيمن استغاث به صلى الله عليه وسلم فأغيث في القديم والحديث

- ‌ ذكر قصة الجمل المستجير بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر قصة رجل فقير من القراء استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره:

- ‌ذكر أخبار الأسود العَنْسي، ومُسَيلمة الكذَّاب، وسَجاحِ، وطلحةَ

- ‌مجلس في فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جاء في ذلك من الثواب والتقريب ورفع الدرجات

- ‌فصل في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الخلافة الراشدة

- ‌الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ ذكر نشأته:

- ‌خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌و[أما] فضائله رضي الله عنه

- ‌ كراماته:

- ‌ فضائله رضي الله عنه

- ‌خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ ذكر مسير علي رضي الله عنه إلى البصرة:

- ‌ وقعة الجمل:

- ‌ وقعة صِفِّين:

- ‌ ذكر صفاته رضي الله عنه

- ‌ وأما فضائل علي ومناقبه كثيرة، منها:

- ‌خْلَافَةُ الحَسَن بن عَليّ بن أَبي طَلِبْ رضي الله عنهما

- ‌ومن فضائل الحسن:

- ‌[الدَّوْلَةُ الأَمَوِيَّة]

- ‌(خلفاء بنى أمية)

- ‌(خلافة الناصر لدين الله معاوية بن أبي سفيان)

- ‌(خلافة يزيدَ بنِ معاويةَ، ) ولقَّبَ نفسَه: المستنصر على أهل الزيغ

- ‌ ذكر حصار عبد الله بن الزبير:

- ‌(خلافة الراجعِ إلى الله معاوية بنِ يزيدَ بنِ معاوية رضي الله عنه

- ‌(خلافة عائذ بيت الله عبد الله بن الزبير)

- ‌(خلافة المؤتمن بالله مروان بن الحكم)

- ‌(خلافة الموفق لأمر الله عبد الملك بن مروان)

- ‌ ذكر شيء مما اتفق في أيامه:

- ‌ ذكر غير ذلك:

- ‌وفي سنة سبع وسبعين:

- ‌(خلافة المنتقم لله الوليد بن عبد الملك)

- ‌(خلافة المهدي بالله الداعي إلى الله سليمان بن عبد الملك)

- ‌ خلافة المعصوم بالله عمر بن عبد العزيز

- ‌ومن أعظم حسناته:

- ‌ خلافة القادر بصنع الله يزيدَ بنِ عبد الملك *

- ‌ خلافة المنصور هشامِ بنِ عبد الملك بنِ مروان

- ‌ خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك *

- ‌خلافة الشاكر لأنعم الله يزيدَ بنِ الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ خلافة [. . . .] إبراهيم بن الوليد *

- ‌ خلافة [ .... ] مروان بن محمد *

- ‌الدَّولةُ العَبَاسيَة

- ‌ خلافة أبي العباس السفاح القائم بأمر الله *

- ‌ خلافة أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي المنصور *

- ‌ خلافة المهدي *

- ‌ خلافة موسى الهادي *

- ‌ خلافة هارون الرشيد *

- ‌ خلافة محمد الأمين بن هارون الرشيد *

- ‌ خلافة أمير المؤمنين المأمون بن هارون الرشيد *

- ‌ خلافة المعتصم بالله صاحب سُرَّ مَن رأى *

- ‌ خلافة الواثق بالله *

- ‌ خلافة أمير المؤمنين جعفر بن المعتصم المتوكل على الله *

- ‌خلافة المنتصر محمدِ بنِ جعفر

- ‌خلافة المعتزِّ بالله

- ‌خلافة المهتدي بالله

- ‌خلافة المعتمد على الله

- ‌خلافة المعتضد

- ‌خلافة المكتفي بالله

- ‌خلافة المقتدر بالله

- ‌خلافة القاهر بالله

- ‌خلافة الراضي بالله

- ‌خلافة المتقي لله

- ‌خلافة المستكفي بالله

- ‌خلافة المطيع لله

- ‌خلافة الطائع لله

- ‌خلافة القادر بالله

- ‌خلافة القائم بأمر الله

- ‌خلافة المقتدي بأمر الله

- ‌خلافة المستظهر بالله

- ‌خلافة المسترشد بالله

- ‌خلافة الراشد بالله

- ‌خلافة المقتفي لأمر الله

- ‌خلافة المستنجد بالله

- ‌خلافة المستضيء بأمر الله

- ‌خلافة الناصر لدين الله

- ‌خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌خلافة المستنصر بالله

- ‌خلافة المستعصم بالله، وهو آخرهم

- ‌ذكر استيلاء التتر على بغداد، وانقراض الدولة العباسية

الفصل: ‌ ذكر المعراج *

ما تعاهدوا عليه في الصحيفة؛ من قطيعة بني عبد المطلب.

* * *

*‌

‌ ذكر المعراج *

اختلف الناس في وقت المعراج، فقيل: كان قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بسنة واحدة.

واختلفوا في الموضع الذي أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فقيل: كان نائمًا في المسجد الحرام، فأُسري به منه.

وقيل: كان في بيت أم هانئ بنت أبي طالب.

وقد روى جماعة من الصحابة حديثَ المعراج بأسانيد صحيحة، قالوا:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتاني جبريلُ عليه السلام ومعه البُراقُ، وهي دابةٌ فوقَ الحمارِ ودونَ البَغْل، يضعُ خَطْوَهُ عندَ مُنتهى طَرْفه، فلما وضعتُ يدي عليه تَشَامَسَ، واستَصْعَبَ، فقال جبريل عليه السلام: يا بُراقُ! ما ركبكَ نبيٌّ أكرمُ على الله تعالى من محمد، فانصبَّ عَرَقًا، وانخفضَ لي حتى ركبتهُ، وسار بي جبريلُ نحوَ المسجدِ الأقصى، فأُتيت بإناءَيْنِ، أحدُهما لبنٌ، والآخرُ خمر، فقيل: اخترْ أحدَهما، فأخذتُ اللبنَ فشربتُه، فقال لي: أصبتَ الفطرة، أما إنَّك لو شربتَ الخمرَ، - لَغَوَتْ أمتك بعدَك، ثم سرْنا، فقال لي: انزلْ، فصلِّ، فصلَّيتُ، فقال لي: هذه طَيْبَةُ، وإليها المهاجَرُ، ثم سرْنا، فقال لي: أنزلْ فَصَلِّ، فنزلتُ فصلَّيت فقال لي: هذا

ص: 95

طورُ سيناءَ، حيثُ كلَّمَ الله موسى عليه السلام، ثم سرْنا، فقال لي: انزلْ فصلِّ، فنزلتُ فصلَّيت، فقال لي: هذا بيتُ لحم حيثُ وُلد عيسى عليه السلام، ثم سرنا حتى أتينا البيتَ المقدَّس، فلما انتهينا إلى باب المسجد، أنزلني جبريلُ، وربط البراقَ بالحَلْقة التي كانت تربط بها الأنبياءُ عليهم السلام، فلما دخلت المسجد، إذا أنا بالأنبياء - وقيل: بأرواح الأنبياء - الذين بعثهم الله تعالى قبلي، فسلَّموا عليَّ، فقلت: يا جبريلُ! من هؤلاء؟ قال: إخوتك من الأنبياء، زعمتْ قريشٌ أنّ لله شريكًا، وزعمتِ النصارى أن لله ولدًا، اسأل هؤلاء النبيين: هل كان لله عز وجل شريك؟ فذلك قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45]، فأقروا، بالوحدانية لله عز وجل، ثم جمعهم جبريل، وقدّمني، فصليت بهم ركعتين.

ثم انطلق بي جبريل إلى الصخرة، فصعِدَ بي عليها، فإذا معراجٌ إلى السماء، لا ينظر الناظرون إلى شيء أحسنَ منه، ومنه تعرجُ الملائكة، أصلُه في صخرة بيتِ المقدس، ورأسُه ملتصقٌ بالسماء، فاحتملني جبريل، ووضعني على جناحه، وصَعِدَ بي إلى سماء الدنيا، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، ونعم المجيء جاء، ففتح، فدخلنا.

فإذا أنا برجل تام الخَلْق، عن يمينه بابٌ يخرج منه ريحٌ طيبة، وعن شماله بابٌ تخرج منه ريحٌ خبيثة، فإذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه، ضحك، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله، بكى، فقلت: من هذا؟

ص: 96

وما هذان البابان؟ فقال: هذا أبوك آدم، والباب الذي عن يمينه الجنة، إذا نظر إلى من يدخلها من ذريته، ضحك، والباب الذي عن يساره جهنم، إذا نظر إلى من يدخلها من ذريته، بكى وحزن.

ثم صعد بي إلى السماء الثانية، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل: وقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا [به]، ونعم المجيء جاء، ففتح لنا، فدخلنا، فإذا بشابّين، قلت: يا جبريل! من هذان؟ قال: هذا عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا.

ثم صعد [بي] إلى السماء الثالثة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: مرحبا به، ونعم المجيء جاء، فدخلنا، فإذا برجل قد فَضَل الناسَ بالحسن، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك يوسف.

ثم صَعِدَ بي إلى السماء الرابعة، واستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، ونعم المجيء جاء، فدخلنا، فإذا برجل، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: أخوك إدريس، رفعه الله مكانًا عليًّا.

ثم صَعِدَ بي إلى السماء الخامسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، ونعم المجيء جاء، فدخلنا، وإذا رجل جالس، وحوله قومٌ يقصُّ عليهم، قلت: من هذا؟ قال: هارون، والذين حوله بنو إسرائيل.

ص: 97

قال: ثم صعد بي إلى السماء السادسة، فاستفتحَ، قيل: من هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: مرحبًا به، ونعمَ المجيءُ جاء، فدخلنا، فإذا برجل جالس، فلما جاوزناه، بكى، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا موسى، قلت: فما له يبكي؟ قال: تزعمُ بنو إسرائيل أنه أكرمُ على الله من آدم، وأنت من بني آدم قد خَلَّفته وراءك.

قال: ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، ونعم المجيء جاء، فدخلنا، فإذا برجل أشمطَ جالس على كرسيٍّ على باب الجنة، وحوله قوم بيضُ الوجوه، أمثال القراطيس، وقومٌ في الوانهم شيء، فقام الذين في ألوانهم شيء، فاغتسلوا في نهر، وخرجوا، وقد صارت وجوههم مثل وجوه أصحابهم، فقلت: من هذا؟ فقال: أبوك إبراهيم، وهؤلاء البِيضُ الوجوهِ قومٌ لم يَلْبِسوا إيمانهم بظلم، وأما الذين في ألوانهم شيء، فقوم خَلَطوا عملَا صالحًا وآخرَ سيئًا، وتابوا، فتاب الله عليهم.

وإذا إبراهيم مستند إلى بيت، فقال: هذا البيتُ المعمور، يدخلُه كلَّ يوم سبعون ألفًا من الملائكة، لا يعودون إليه.

وأخذني جبريل، فانتهينا إلى سِدرة المنتهى، وإذا نَبْقُها مثلُ قِلال هَجْر، يخرج من أصلها أربعةُ أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران. فأما الباطنان، ففي الجنة، وأما الظاهران، فالنيل والفرات، قال: وغشيَها من نور الله تعالى ما غشيَها، فقال جبريل: تقدم يا محمد، فتقدمت، وجبريل

ص: 98

معي إلى حجاب، فأخذني الملك، وتخلف عني جبريل، فقلت: إلى أين؟ فقال: وما منّا إلا له مقام معلوم، وهذا منتهى الخلائق.

فلم أزل كذلك، حتى وصلت إلى العرش، فاتّضع كلُّ شيء عند العرش، وكَلَّ لساني من هيبة السلطان، ثم أطلقَ الله لساني، فقلت: التحيات المباركات، والصلوات الطيبات لله.

وفرض الله عليَّ، وعلى أمتي في كل يوم وليلة خمسين صلاة.

ورجعت إلى جبريل، فأخذني وأدخلني الجنة، فرأيت القصور من الدرّ والياقوت والزبرجد، ورأيت نهرًا يخرج من أصله ماء أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، على رَضْراض من الدِّر والياقوت والمسك، فقال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك.

ثم عرض علي النار، فنظرت في أغلالها وسلاسلها، وحَيَّاتها وعقاربها، وما فيها من العذاب.

ثم أخرجني حتى أتينا على موسى عليه السلام، فقال: ماذا فرض عليك وعلى أمّتك؟ قلت: خمسين صلاة، فقال: إني قد بَلَوْتُ بني إسرائيل، وعالجتُهم أشدَّ معالجة، على أقلَّ من هذا، فلم يفعلوا. ارجعْ إلى ربك، فسَلْه التخفيف.

فرجعتُ إلى ربي، وسألته، فخفف عني عَشْرًا، فرجعتُ إلى موسى فأخبرتُه، فقال: ارجعْ وسلِ التخفيفَ، فرجعتُ، فخفف عني عشرًا، فلم أزلْ بين ربي وموسى حتى جعلَها خمسًا، فقال: ارجعْ، فقلتُ: إنني قد

ص: 99

استَحْييت من ربي، وما أنا براجع، فنوديت: إني فرضت عليك وعلى أمّتك خمسين صلاة، والخمسُ بخمسين، وقد أمضيتُ فريضتي، وخففت عن عبادي.

ثم انحدرتُ أنا وجبريل إلى مضجعي، وكان ذلك في بعض ليلة".

فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، علم أن الناس لا يصدقونه، فقعد في الحرم مغمومًا، فمر به أبو جهل، فقال له كالمُسْتهزِئِ: هل استفدت الليلة شيئًا؟ قال: "نعم، أُسري بي الليلةَ إلى البيت المقدَّس"، قال: ثم أصبحتَ بين أظهرنا؟ ! قال: "نعم"، فقال أبو جهل: يا معشر بني كعب ابن لؤي! هلمّوا، فأقبلوا، فحدثهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فمِنْ بينِ مصدّقٍ ومكذّبٍ واضعٍ يدَه على رأسه.

وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: إنّ صاحبك يزعم كذا وكذا، قال: إن كان قال ذلك، فقد صدق، وإني لأصدِّقه بما هو أبعدُ من ذلك، فسُمّي أبو بكر: الصدِّيق من يومئذ رضي الله عنه.

فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انعتْ لنا المسجد الأقصى، قال:"فذهبتُ أنعَتُ حتى التبسَ عليَّ الأمر"، قال:"فجيء بالمسجد الأقصى، وأنا أنظرُ إليه، فجعلتُ أنعته".

قالوا: فأَخْبِرْنا عن عِيرنا، قال: "نعم، مررتُ على عيرِ بني فلانٍ بالرَّوحاء، وقد أضلّوا بعيرًا لهم، وهم في طلبه، وأخذتُ قدحًا فيه ماء، فشربتُه، فسلوهم عن ذلك، ومررت بعيرِ بني فلانٍ، وفلانٌ وفلانٌ راكبان

ص: 100

قَعودًا، فنفر قَعودُهما مني، فسقطَ فلانٌ، فانكسرت يدُه، فاسألوهما، ومررتُ بعيرِكم بالتنعيم، يقدمُها جملٌ أَوْرَقُ، عليه غِرارتانِ، تطلُعُ عليكم معَ طلوع الشمس"، فخرجوا إلى الثنية، وجلسوا ينتظرون طلوعَ الشمس؛ ليُكذّبوه، إذ قال قائل: هذه الشمسُ قد طلعت، قال آخر: هذه العيرُ قد أقبلت، يقدَمُها بعير أَوْرَق كما قال، فقالوا: إن هذا إلا سحر مبين (1).

واختلف الناس في وقت المِعْرَاج، فقيل: كان ليلة السبت، لسبعَ عشرةَ ليلة خلت من رمضان، في السنة الثالثةَ عشرةَ للنبوة.

وقيل: كان في ربيع الأول.

وقيل: كان في رجب.

واختلف - أيضًا - أهل العلم فيه، هل كان بجسده، أم كان رؤيا صادقة؟

فالذي عليه الجمهور: أنه كان بجسده.

وذهب آخرون أنه كان رؤيا صادقة، ورووا عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تقول: ما فُقِد جسدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولكنَّ الله أسرى بروحه.

ونقلوا عن معاوية - أيضًا -: أنه كان يقول: إن الإسراء كان رؤيا صادقة (2).

(1) انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (1/ 578).

(2)

رواه الطبري في "تهذيب الآثار"(1/ 447).

ص: 101